القدس المحتلة- حذرت فعاليات فلسطينية، تنشط داخل الحركة الأسيرة ومؤسسات حقوقية، من تداعيات التحريض المتواصل لوزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير على هذه الحركة.

كما حذرت من تصريحاته التي دعا من خلالها إلى تطبيق عقوبة الإعدام على الأسرى، وأجمعت على ضرورة أخذ هذا التحريض على محمل الجد، كونه يعكس موقف حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وخلال الحرب على غزة، صادقت لجنة شؤون الأمن القومي بالكنيست على قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين، الذي ينص على "فرض عقوبة الإعدام على من يرتكب أي عمليات قتل لإسرائيليين لدوافع قومية، ومخالفات تهدف للمساس بإسرائيل، وحق الشعب اليهودي في أرضه".

ويشمل القانون "كل من يثبت ضلوعه بالمخالفات أو التخطيط لها أو دفَع أشخاصا لارتكابها".

الأسير وليد دقة استُشهد بسجون إسرائيل جراء التعذيب ويحتجز الاحتلال جثمانه (الجزيرة) أساليب رهيبة

ويتعرض الأسرى في سجون الاحتلال منذ معركة "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 لأساليب تعذيب رهيبة، أبرزها سياسة التجويع حتى الموت، والإهمال الطبي المتعمد الذي يُعد وجها آخر للإعدام، وهي سياسات انتقامية من الأسرى تحظى بإجماع داخل المشهد السياسي الإسرائيلي.

وفي ظل تمادي المؤسسة الإسرائيلية في التحريض على الحركة الأسيرة والتنكيل بالأسرى، أصدر المركز القانوني لحماية حقوق الأقلية العربية في إسرائيل (عدالة) تقريرا، تلقت الجزيرة نت نسخة منه، استعرض من خلاله واقع الحركة الأسيرة بسجون الاحتلال منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وبحسب ما ورد في التقرير، فإن إسرائيل تحتجز قرابة 10 آلاف فلسطيني، تصنفهم على أنهم أسرى "أمنيون"، بزيادة قدرها أكثر من 4 آلاف أسير منذ بداية الحرب، بما في ذلك 3661 معتقلا إداريا يُحتجزون دون تهمة أو محاكمة، كما تحتجز جثامين 26 شهيدا من شهداء الحركة الأسيرة.

ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي يعاني الأسرى من تصعيد غير مسبوق في التعذيب والمعاملة القاسية في سجون الاحتلال، حيث استُشهد 17 أسيرا جراء أساليب التعذيب الممنهجة والإهمال الطبي وسياسة التجويع، ومن بينهم  الأسير وليد دقة من بلدة باقة الغربية بأراضي الـ48، الذي استُشهد في 7 أبريل/نيسان الحالي بعد أن أمضى 38 عاما بالأسر، حيث تواصل السلطات الإسرائيلية احتجاز جثمانه.

ولفت المركز الحقوقي إلى أن الأدلة المتوفرة حول العدد غير المسبوق من الوفيات بصفوف الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين تشير إلى أن المعاملة القاسية والتنكيل من قِبل سلطات سجون الاحتلال ربما كانت سبب الوفاة في العديد من هذه الحالات.

وتكشف شهادات الأسرى التي أوردها المركز، بحسب ما أفاد به مديره المحامي حسن جبارين، عن انتهاكات جسيمة لحظر التعذيب، والاعتداءات الجسدية، والتحرش الجنسي، والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والترهيب والتهديد، والاعتداء على الكرامة الشخصية من السجّانين بمصلحة سجون الاحتلال.

الباحث أمير مخول يرى أنه يجب التعامل بجدية مع تحريض بن غفير على الأسرى (الجزيرة) عنصري وشعبوي

وتعليقا على دعوات بن غفير إلى تنفيذ حكم الإعدام بحق الأسرى، قال الباحث في مركز التقدم العربي للسياسات والمختص بالشؤون الإسرائيلية أمير مخول إن ذلك ينسجم مع "الأجواء الإسرائيلية المتطرفة، التي هي سيد الموقف بالذهنية الجماعية الإسرائيلية باستمرار الحرب للقضاء على كل ما هو فلسطيني".

ويعبّر بن غفير عن عنصريته تجاه الشعب الفلسطيني لتحقيق مكاسب سياسية وانتخابية من وراء نهجه الشعبوي الذي يحظى بدعم الرأي العام الإسرائيلي، حسب الباحث نفسه، حيث "بات واضحا أنه كلما كانت تصريحاته خارجة عن سياق الموقف الرسمي، فهو يحقق مكاسب باستطلاعات الرأي".

ويتطلع بن غفير لتعزيز سلطته ونفوذه بمصلحة السجون الإسرائيلية للإمعان في تنفيذ سياساته الانتقامية والتنكيل بالأسرى، ولا يبحث عن الحلول بل منشغل بالكسب السياسي على حساب قضية الأسرى، يتابع أمير مخول، وأنه يريد توسيع السجون للزج بالمزيد من الفلسطينيين في الأسر، ويتطلع ليكون الإعدام نافذا.

ويوصي أمير مخول بضرورة التعامل بجدية مع تصريحات بن غفير وتحريضه المتواصل على الأسرى، معتبرا أن الحديث لا يدور عن أسرى الحرب من غزة الذين "يُقتلون دون الكشف عن ذلك ويتعرضون للإعدام وراء الكواليس"، بل عن الحركة الأسيرة برمتها.

وأوضح الباحث نفسه أن حكم الإعدام نُفذ سابقا بإسرائيل في قضية النازي أدولف أيخمان في مايو/أيار 1962، وكذلك صدر حكم بالإعدام بحق الأسيرين ماهر وكريم يونس، إلا أنه خُفف واستُبدل بالسجن المؤبد.

وقال إن الإعدام موجود بالقانون الإسرائيلي لكن لا يتم تنفيذه والعمل به بقرار من جهاز الأمن العام (الشاباك)، وهو ما يضع بن غفير أمام مواجهة المؤسسة الأمنية بحال إصراره على أن يكون القانون نافذا.

الأسير المحرر منير منصور يضع نهج بن غفير تجاه الأسرى ضمن خطة حكومة الاحتلال لتصفية النضال الفلسطيني (الجزيرة) تصفية

بدوره، أكد الأسير المحرر منير منصور، الناشط بالحركة الأسيرة بالداخل الفلسطيني (فلسطينيو الـ48)، للجزيرة نت، أن التحريض الدموي على الأسرى هو جزء من التحريض العام على الشعب الفلسطيني، ويندرج في سياق محاولات الحكومة الإسرائيلية تصفية القضية الفلسطينية وإنهاءها.

ويشكّل الأسرى طليعة نضال الشعب الفلسطيني للحرية والاستقلال، لأنهم في صلب المقاومة، ما يجعل التحريض والترويج مجددا لقانون الإعدام ينسجم مع الموقف العام للحكومة الإسرائيلية الراغبة في تصفية القضية الفلسطينية، لهذا تتمادى بالتحريض على الأسرى، حسب منير منصور، وهو ما ينعكس في حرب الإبادة الجماعية في غزة، والإعدامات الميدانية واعتداءات عصابات المستوطنين بالضفة الغربية.

وأشار منصور إلى أن موضوع إعدام الأسرى ليس بالجديد، لكن اللافت هو اتساع الحديث عنه من قِبل وزراء وأحزاب مشاركة بالائتلاف الحكومي، حيث تعمدت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة عدم طرحه بسبب تحفظ الأجهزة الأمنية، تحسبا لاشتعال الساحة الفلسطينية وفقدان السيطرة على الأحداث.

ووفق منصور، فإن الأمور تتجه نحو المزيد من التصعيد ضد الأسرى والشعب الفلسطيني، قائلا إنه من وجهة نظر اليمين المتطرف الحاكم بإسرائيل، فإن الأرضية خصبة لتنفيذ مخططاتهم، حيث ترى الحكومة الحالية أن إمكانية تطبيق حكم الإعدام متاحة وممكنة أكثر من أي وقت مضى.

ويعتقد الأسير المحرر منير منصور أن الموقف يتطلب مسؤولية وطنية فلسطينية عبر رأب الصدع وإنهاء حالة الانقسام، وبلورة رؤية وطنية فلسطينية واضحة لمواجهة المخططات والسياسات الإسرائيلية التي تستهدف الكل الفلسطيني.

 

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات الشعب الفلسطینی الحرکة الأسیرة سجون الاحتلال منیر منصور على الأسرى بن غفیر

إقرأ أيضاً:

بن غفير يقرر إغلاق مكاتب صندوق ووقفية القدس

 أصدر وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، اليوم الاثنين 28 أبريل 2025، قرارا بإغلاق مكاتب "صندوق ووقفية القدس " في القدس الشرقية، في انتهاك صارخ لكل الأعراف والقوانين الدولية، وفي خطوة عدوانية جديدة تستهدف الوجود الفلسطيني في القدس المحتلة.

وقالت محافظة القدس إن هذا القرار يأتي في إطار الحملة الممنهجة التي تقودها حكومة الاحتلال لتجفيف منابع العمل الأهلي الفلسطيني ومصادرة كل ما يساند المقدسيين ويساهم في تمكينهم اقتصاديا واجتماعيا.

وأضافت أن إقدام بن غفير، المعروف بتطرفه وعنصريته، على هذه الجريمة السياسية يؤكد مجددا أن الاحتلال يسير نحو تصعيد غير مسبوق يستهدف خنق الحياة الفلسطينية في القدس، وضرب مقومات صمود المقدسيين، معتبرة أن هذا القرار هو خطوة عدوانية تأتي ضمن سياسة الاحتلال الممنهجة لتقويض الوجود الفلسطيني في العاصمة المحتلة.

وأكدت محافظة القدس أن الادعاءات التي ساقها الاحتلال لتبرير هذا القرار الجائر، بزعم ممارسة الوقفية والصندوق لأعمال لصالح السلطة الوطنية الفلسطينية، هي ادعاءات باطلة وعارية تماما عن الصحة، إذ أن طبيعة عمل وقفية القدس وصندوقها تنحصر في إطار العمل الاجتماعي والإنساني والخيري فقط، ولا علاقة لها بأي نشاط سياسي، وتهدف إلى دعم صمود أهلنا المقدسيين، وتمكينهم من العيش بكرامة في مواجهة ممارسات الاحتلال اليومية من تضييق وانتهاكات مستمرة.

وأضافت أن "مثل هذه الاعتداءات السافرة لم تكن لتستمر وتتمادى لولا الصمت الدولي على كل ما تقوم به اسرائيل- القوة القائمة بالاحتلال- من انتهاكات خطيرة لكل الأعراف والمواثيق الدولية التي تكفل حرية العمل الأهلي والإنساني".

وأشارت إلى أن هذه الخطوة تعتبر جزءا من الحرب المفتوحة التي يشنها الاحتلال ضد المؤسسات المقدسية التي تشكل خطا دفاعيا أساسيا في معركة البقاء والثبات في القدس.

وأكدت محافظة القدس إدانتها لهذا القرار الظالم، ودعت المجتمع الدولي بكافة هيئاته ومنظماته الحقوقية والإنسانية إلى التحرك الفوري والجاد لوقف هذه الانتهاكات، ولحماية مؤسسات القدس وأهلها من تغول الاحتلال وإجراءاته العنصرية.

وأكدت أن القدس وأبناءها بكل مكوناتهم ومؤسساتهم، سيبقون أوفياء لرسالتهم الوطنية والإنسانية، متمسكين بحقهم في الدفاع عن مدينتهم ومؤسساتهم، رغم كل محاولات الاحتلال لإقصائهم وكسر إرادتهم.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية رئيس الشاباك يحدد موعد استقالته رسميا كاتس: سنمنع إيران من امتلاك سلاح نووي ومستعدون لقرارات حاسمة مصدر أمني إسرائيلي يدعي رغبة نتنياهو بإنهاء حرب غزة في أكتوبر الأكثر قراءة الإعلام الحكومي بغزة ينشر بيانا حول شائعات الهجرة من القطاع نتنياهو يعقب على إفادة رئيس الشاباك للمحكمة العليا مجندات ينظمن وقفة للمطالبة بإطلاق سراح الجندي إنغرست طقس فلسطين : أجواء خماسينية شديدة الحرارة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • الأسرى الذين أطلق سراحهم من السجون الإسرائيلية.. دورهم بقيادة النهضة الفكرية
  • منصور : الشعب الفلسطيني في قفص يُقتل ويُجَوَّع يومًا بعد يوم
  • غوتيريس: إسرائيل تستخدم المساعدات كأداة ضغط على الفلسطينيين
  • غوتيريس: إسرائيل تستغل المساعدات كأداة للضغط على الفلسطينيين
  • مصادر طبية في غزة: 50 قتيلا و113 إصابة نتيجة العمليات الإسرائيلية خلال الساعات الـ 24 الماضية
  • ماليزيا تؤكد أن القيود الإسرائيلية على “الأونروا” تهدف إلى تهجير الفلسطينيين قسرًا
  • القوات الإسرائيلية تعتقل الصحفي الفلسطيني علي السمودي في جنين
  • محافظة القدس: قرار بن غفير بإغلاق صندوق ووقفية القدس خطوة عدوانية جديدة لتقويض الوجود الفلسطيني
  • بن غفير يقرر إغلاق مكاتب صندوق ووقفية القدس
  • الأونروا: يجب أن تستمر خدمات الوكالة من دون عوائق حتى يتمّ التوصّل إلى حلّ عادل ودائم لـ "محنة" اللاجئين الفلسطينيين