بابكر فيصل بابكر

تتواتر الأنباء عن موافقة طرفي الحرب الدائرة في السودان: القوات المسلحة والدعم السريع، على الدعوة التي قدمتها الوساطة لاستئناف المفاوضات في منبر جدة خلال الأسبوع الأول من الشهر القادم (مايو).

وتأتي هذه الموافقة بعد تصاعد الضغوط من قبل المجتمع الدولي (خاصة الولايات المتحدة الأمريكية)، فضلاً عن الدور الكبير الذي لعبته أطرافٌ في المجتمع الإقليمي ذات نفوذ وتأثير مباشر على الجهتين المتصارعتين لحثهما على العودة إلى طاولة التفاوض من أجل الوصول لاتفاق وقف العدائيات.

وإذ يأمل الشعب السوداني في نجاح جولة التفاوض القادمة في التوصل لاتفاق يوقف القتال، ويؤدي إلى فتح المسارات من أجل وصول المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين ورجوعهم إلى منازلهم تمهيداً لانطلاق العملية السياسية، فإنَّ تعقيدات كثيرة تعترض طريق الوصول لذلك الاتفاق واستئناف المرحلة الانتقالية في البلاد.

لا شك في أن الجهة التي أشعلت الحرب، وتعمل على استمرارها (المؤتمر الوطني/الحركة الإسلامية) ستكون أكبر متضرر من وقف القتال واستئناف مسار الانتقال السياسي، ولذا فإنها ستعمل كل ما في وسعها لمنع الوصول لاتفاق بين الطرفين المتصارعين، وإذا تحقق الاتفاق، فإنها ستسعى بالسبل كلهم لإفشال تطبيقه على الأرض عن طريق كتائبها المسلحة، وحلقتها الصلبة داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية.

ومن ناحية أخرى، إذا سار الاتفاق على هوى الخاسر الأكبر من الحرب وهو المواطن السوداني، والتزمت الأطراف المتقاتلة بتطبيقه واحترام تعهداتها المتعلقة به، فلن يكون هناك من سبيل أمام دعاة استمرار الحرب (المؤتمر الوطني/الحركة الإسلامية) إلا السعي لإيجاد موطئ قدم في العملية السياسية بذريعة أن تكون تلك العملية “شاملة” ولا “تستثني أحداً”.

أمَّا في حال فشل الخيارين المذكورين، فإنَّ الحيلة الثالثة التي سيستخدمها المؤتمر الوطني وحلفاؤه في معسكر استمرار الحرب ستكون هي “إغراق” العملية السياسية عن طريق تحالفات مصنوعة ولافتات تُخْلَق خصيصاً من أجل إجهاض الأهداف الرئيسية التي من المؤمل أن تحققها تلك العملية والمتمثلة في تحقيق شعارات ثورة ديسمبر ووضع البلاد في طريق التحول المدني الديمقراطي.

ستشكل معركة أطراف العملية السياسية “جوهر الصراع” القادم بين قوى الثورة الساعية لوضع البلاد في طريق المدنية والديمقراطية والمؤتمر الوطني وحلفائه الذين يعملون على العودة إلى السلطة بأي ثمن، ولن تكون هذه المعركة بالسهولة التي يتوقعها البعض خصوصا أن أطرافاً إقليمية وأخرى دولية تسعى لتحقيق سيناريو الإغراق، وليس حوار “السلام روتانا” ببعيد عن الأذهان.

مقاومة هذا السيناريو بالشكل الأمثل تتمثل في توحيد وتقوية الصف المدني، وإذا تعذر جمع كافة القوى المدنية الداعية لوقف الحرب والمُطالبة بتحقيق شعارات ثورة ديسمبر في جبهة واحدة، فلا بد من التنسيق المُحكم بين هذه القوى بالاتفاق على الحد الأدنى من الوسائل والأهداف التي من شأنها إجهاض سيناريو إغراق العملية السياسية، ذلك أن نجاح هذا السيناريو ستتضرر منه كافة قوى الثورة بدون استثناء.

إنَّ تصميم العملية السياسية القادمة وتحديد أطرافها يجب أن يتم وفقاً لمعايير صارمة ودقيقة يكون لقوى الثورة الدور المركزي في وضعها بحيث لا يسمح فيها بالمشاركة لأية كيانات مصنوعة أو تحالفات، بل تتم بمشاركة أحزاب سياسية وحركات مسلحة ولجان مقاومة ومنظمات مجتمع مدني وتنظيمات نقابية ومهنية وشخصيات وطنية معروفة ولها وجود حقيقي وفاعل في الساحة السياسية.

لن تتوقف القوى المضادة للثورة عن مساعيها المتصلة الهادفة لعودة عقارب الساعة للوراء باستعادة نظام حكم المؤتمر الوطني تحت ذريعة عدم الإقصاء، وستشكل خطوة تحديد أطراف العملية السياسية إحدى الأدوات التي يعملون من خلالها لتحقيق تلك المساعي عبر مشروع الإغراق الذي يضمن لهم التحكم في مخرجات تلك العملية وتحطيم الهدف الأهم المتمثل في وضع البلاد في المسار الصحيح للتحول المدني الديمقراطي.

الوسومبابكر فيصل بابكر

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: بابكر فيصل بابكر العملیة السیاسیة المؤتمر الوطنی

إقرأ أيضاً:

رئيس حزب الإصلاح يجتمع بأعضاء المؤتمر العام ويضع توصيات المرحلة المُقبلة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

اجتمع رئيس حزب الإصلاح والنهضة مع أعضاء المؤتمر العام للحزب لمناقشة التحديات المقبلة واستعراض خطط الحزب المستقبلية، خاصة فيما يتعلق بالانتخابات وبرامج دعم الشباب وتدريبهم.

وخلال الاجتماع، أكد رئيس الحزب على أهمية مواجهة التحديات الراهنة التي تشهدها الساحة السياسية والاجتماعية، مشددًا على ضرورة العمل الجماعي لتعزيز دور الحزب في تحقيق تطلعات المواطنين والمساهمة الفعّالة في حل المشكلات الوطنية.

كما ناقش الاجتماع خطط الحزب المتعلقة بالاستعداد للانتخابات القادمة، موضحًا أهمية التخطيط الجيد وتوحيد الجهود لضمان تمثيل قوي للحزب يعكس رؤيته وبرامجه. وشدد على ضرورة تبني استراتيجيات انتخابية فعّالة تقوم على القرب من المواطنين والاستماع إلى احتياجاتهم.

وفي إطار دعم الكوادر الشبابية، أوصى رئيس الحزب بإطلاق برامج تدريب وتطوير تستهدف الشباب، لتعزيز قدراتهم وتأهيلهم للقيادة والمشاركة الفعّالة في العمل السياسي والاجتماعي، بما يعزز دور الحزب في تمكين الأجيال القادمة.

واختتم الاجتماع بالتأكيد على التزام الحزب بمواصلة العمل الجاد لتحقيق أهدافه الوطنية، داعيًا جميع الأعضاء إلى الالتفاف حول رؤية الحزب والعمل على تحقيقها بكل السبل الممكنة.

مقالات مشابهة

  • الموساد وتفجيرات البيجر.. عميلان سابقان يكشفان تفاصيل جديدة عن العملية التي هزت حزب الله
  • مدفوعة الثمن لـتخويف الناس وافشال العملية السياسية.. من ينشر كتابات داعش؟
  • مدفوعة الثمن لـتخويف الناس وافشال العملية السياسية.. من ينشر كتابات داعش؟ - عاجل
  • خبير عسكري يكشف عن الجهة الحقيقية التي أسقطت الطائرة الأمريكية إف18
  • رئيس حزب الإصلاح يجتمع بأعضاء المؤتمر العام ويضع توصيات المرحلة المُقبلة
  • “اللافي” يبحث مع سفير جمهورية ألمانيا مستجدات العملية السياسية في ليبيا
  • بنغازي | مبادرة “الشباب يشارك”: خطوات نحو الحد من خطاب الكراهية وتعزيز العملية السياسية
  • علي الحاج: قادة الجيش والدعم السريع من أشعلوا الحرب ورئيس المؤتمر الوطني ونائبه ممن كانوا معي في السجن قالا ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة
  • تقدم: ندعو أطراف الحرب لاتخاذ قرار شجاع بوقفها
  • دبلوماسي تركي: مستعدون لدعم العملية السياسية في السودان