صدى البلد:
2024-10-01@23:58:45 GMT

الهيدروجين محور "حوار برلين " بشأن تحولات الطاقة

تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT

ركز حوار برلين لتحول  الطاقة  على عدالة الوصول إلى الطاقة في نسخته العاشرة “حوار التحول الطاقي في برلين 19 - 20 من مارس الماضي”حيث  ركز المندوبون الأفارقة على أن نحو 600 مليون نسمة في القارة لا يحصلون على حاجاتهم من الكهرباء، وأن نحو نصف مليون امرأة في جنوب الصحراء الأفريقية يموتون سنوياً بسبب التلوث  الناتج عن حرق الأخشاب لطهي الطعام.

فكيف لهؤلاء الملايين من البشر أن يساهموا في عملية التحول في الطاقة، بينما هم لا يحصلون على حاجاتهم من الكهرباء ومعظمهم لم يعرفها طوال حياته.

 

تحول الطاقة

 

ليس هناك من شك أن الاستجابة لتغيرات  المناخ تتطلب تحولا  لتخفيض الانبعاثات الكربونية، يقوم على مزيج من مصادر الطاقة المتجددة وتقنيات التقاط الكربون من حرق الوقود، لتدويره أو تخزينه بأمان وهذا ما اتفق عليه مؤخراً في مؤتمر دبي، حيث وافقت 196 دولة على زيادة مساهمة الطاقات المتجددة بثلاثة أضعاف، وتحسين كفاءة الطاقة بضعفين، والتخلُّص التدريجي من استخدام الوقود بلا معالجة صحيحة.

ونظراً لارتباط الطاقة بكثير من أهداف التنمية المستدامة، بما في ذلك القضاء على الفقر وتحقيق الأمن الغذائي والصحة والتعليم وخلق الوظائف والنقل والمياه والصرف الصحي، فإن إدخال حلول الطاقة المأمونة لأولئك الذين يفتقرون إلى الكهرباء يمكن أن يوفر كثيراً من الخدمات الحيوية، مثل تحسين الرعاية الصحية والتعليم والمياه النظيفة واللحاق بثورة الاتصالات.

إلا أن ذلك ليس بالأمر السهل، نظراً للتفاوت الكبير في التقدم العلمي والتكنولوجي بين البلدان النامية والمتقدمة لذا يتطلب تحقيق التحول الطاقي العالمي المنشود تسهيل نقل التكنولوجيات المنخفضة الكربون إلى البلدان النامية، وإزالة كل المعوقات التي تعترض تدفق تلك التكنولوجيات من خلال الإصلاح اللازم للأطر القانونية والمؤسسية في البلدان النامية، بما يخلق بيئة تمكينية تفضي إلى نقل التكنولوجيا واجتذاب استثمارات القطاع الخاص.

وقد كانت قضية نقل التكنولوجيات النظيفة بنداً ثابتاً على جدول أعمال مؤتمرات الأطراف منذ توقيع الاتفاقية الإطارية لتغيُّر المناخ عام 1992.

وبالنسبة إلى البلدان التي تعاني فقر الطاقة، سيكون الحصول على الطاقة الكافية والمأمونة هو الأولوية الإنمائية العادلة، خاصة أنه رغم المساهمات الهامشية لتلك البلدان في انبعاثات غازات الدفيئة، فإن بعضها هي الأكثر عرضة للتهديدات المحتملة لتغيُّر المناخ. على سبيل المثال، كانت موزمبيق وزيمبابوي أكثر البلدان تضرراً على مستوى العالم من الظواهر الجوية المتطرفة في عام 2019.

إلا أنه على الجانب الآخر، فإن إمكانات الطاقة المتجددة في أفريقيا هائلة، حيث إن لديها فرصة ذهبية للتحول إلى مسار إنمائي منخفض الكربون، من خلال الاعتماد على أنظمة الطاقة النظيفة، خاصة المتجددة اللامركزية، على نحو مباشر بلا حاجة إلى مرحلة انتقالية ولذلك ينبغي على البلدان المتقدمة أن تفي بالتزاماتها بدعم مثل هذه التحولات من خلال تسهيل التمويل ونقل التكنولوجيا وبناء القدرات.

لكن التحول إلى اقتصاد قائم على الطاقات النظيفة والمتجددة ليس بالمهمة السهلة، لأنه لا توجد وصفة موحدة تناسب الجميع، بسبب اختلاف مستويات التنمية الاقتصادية وتوافر الموارد الطبيعية، والسياقات الوطنية، التي تعكس أولويات متباينة، وتستلزم مزيجاً من القدرات والتقنيات والسياسات وآليات التمويل. ولأن كل دولة تواجه تحدياتها الفريدة الخاصة بها، سيتعين عليها اتباع مسار مناسب لأوضاعها.

مسارات التحول العادل للطاقة ستختلف من أجل تقاسم الأعباء والفوائد على نحو عادل، تطبيقاً لمبدأ «المسؤوليات المشتركة، ولكن المتباينة» المنصوص عليه بوضوح في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ واتفاق باريس.

بدايات التحول الطاقي.. نجاحات وخيبات

 

أظهرت مناقشات الحوار في برلين أن طريق التحول الطاقي في بداياتها، إلا أن هناك كثيرا من النجاحات التي تحققت في كثير من بلدان العالم. حيث عرضت  في القاعات أرقام تستحق التمعن فقد نجحت ألمانيا في زيادة نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء بأكثر من 50 ‎%‎ منذ 2015، وهي تستهدف زيادتها إلى 80 ‎%‎بحلول 2030. كما أعلن وزير الطاقة في بريطانيا أنهم في الطريق إلى التخلص نهائياً من آخر محطات توليد الكهرباء من الفحم في ديسمبر من هذه السنة.

كما نجحت أوروجواي في توليد 98 ‎%‎ من احتياجاتها من الطاقة المتجددة وأعلنت الوكالة الدولية للطاقة أن واحدة من كل خمس سيارات بيعت في أوروبا عام 2022 كانت تعمل بالكهرباء، وأن الصين هي السوق الكبرى في العالم لهذا النوع من السيارات، إذ تمثل نحو 60 من حجم السوق العالمية، علماً أن شحن تلك السيارات بكهرباء مولدة  من مصادر نظيفة ومتجددة سوف يجعل منها وسيلة نقل منعدمة الانبعاثات.

احتلت صناعة الهيدروجين الأخضر جانباً كبيراً من المناقشات، باعتبارها من مسارات التحول الطاقي الواعدة ونظراً لموارد الطاقة النظيفة والمتجددة الهائلة المتاحة، تتمتع المنطقة العربية، ومن بينها مصر والسعودية والإمارات وعمان والجزائر والمغرب، بميزة تنافسية عالية في توليد الكهرباء الخالية من الانبعاثات والمنخفضة التكلفة، حيث وصلت التكلفة للكهرباء المتجددة في المنطقة إلى مستويات قياسية عالمياً تقترب من 10.4 دولار أميركي لكل ميجاوات ساعة في مشروع الشعيبة للطاقة الشمسية الفوتوفولطية بقدرة 1100 ميجاوات في السعودية.

 

نيوم أكبر المشروعات لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم

 

كما يعد الهيدروجين الأخضر فرصة كبيرة لتنويع الاقتصادات الخليجية وخلق فرص عمل جديدة. فوفقا  لتقديرات صندوق النقد الدولي، يمكن أن يسهم الهيدروجين الأخضر بنحو 7 ‎%‎ من الناتج الإجمالي للسعودية بحلول عام 2030، حيث تخطط المملكة لإنتاج 4 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر سنوياً في ذلك التاريخ، وذلك من خلال عدد من المشروعات مثل نيوم  الذي يهدف إلى إنشاء أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم، باستثمارات تبلغ 500 مليار دولار.

كما تخطط الحكومة المصرية إلى أن تصبح مركزاً إقليمياً لإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر من خلال استراتيجية وطنية تهدف إلى زيادة قدرة مصر على إنتاج الهيدروجين الأخضر إلى 8 ميجاوات بحلول 2030، وخفض تكلفة الإنتاج إلى دولارين للكيلوجرام  بحلول 2030، بالإضافة إلى خلق 30 ألف وظيفة جديدة وأعلنت الإمارات استراتيجية وطنية تهدف إلى زيادة قدرتها على إنتاج الهيدروجين الأخضر إلى 25 ميجاوات بحلول 2030، مع خفض تكلفة الإنتاج إلى 1.5 دولار للكيلو جرام  الواحد.

وفي جلسة خصصت للهيدروجين الأخضر في حوار برلين عرض وزير الطاقة العماني خطة لاستغلال مصادر بلاده الوفيرة من الشمس والرياح لإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته ومن المقرر أن يولد  المشروع ما يزيد على 4 ميجاوات  من الطاقة المتجددة لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتحويله إلى أمونيا خضراء للاستعمال المحلي، بالإضافة إلى التصدير. وتطمح سلطنة عمان  إلى أن تكون أحد أكبر منتجي الهيدروجين على مستوى العالم بحلول 2030. وكانت الحكومة العمانية  قد أعلنت الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين في فبراير 2020 بهدف إنتاج نحو 1.25 مليون طن سنوياً بحلول 2030، وزيادته إلى نحو 8 ملايين طن بحلول 2050، مع استثمارات قدرها 140 مليار دولار.

وبرزت خلال جلسة الحوار حول سوق الهيدروجين الواعدة قضية تعريف ما هو «الهيدروجين الأخضر»، نظراً لأهمية ذلك لنمو هذه السوق في العالم في إطار من الشفافية للمساهمة في الوفاء بهدف الحد من ارتفاع معدلات الحرارة بما دون 1.5 درجة فمن المعروف أن هناك أنواعاً مختلفة الألوان من الهيدروجين، وفقاً لأسلوب إنتاج كل منها، مثل الهيدروجين الرمادي المنتج من الوقود الأحفوري، والهيدروجين الأزرق الذي ينتج أيضاً من الوقود الأحفوري مع احتجاز ثاني أكسيد الكربون ومنع تصاعده للغلاف الجوي ثم هناك الهيدروجين الأخضر، وهو الناتج عن عملية التحليل الكهربائي للماء باستخدام كهرباء مولّدة من مصادر متجددة كالشمس والرياح، وهذا النوع الأخير هو الذي لا ينتج عند إنتاجه أو استخدامه أي انبعاثات كربونية.

 

اشتراطات وقياسات لتسهيل تصدير واستيراد الهيدروجين الاخضر


 صدرت المواصفات القياسية للهيدروجين الأخضر ومشتقاته لعام 2020 عن منظمة الهيدروجين الأخضر في سويسرا، التي حددت مجموعة من الاشتراطات، أهمها ألا تزيد انبعاثات الكربون أثناء عملية الإنتاج على كيلوجرام  واحد لكل كيلوجرام  من الهيدروجين المنتج وبطبيعة الحال فإن الحصول على هذه البطاقة سوف يكون جواز مرور لتسهيل عملية تصدير الهيدروجين الأخضر واستيراده، كما ستكون عاملاً هاماً في حسابات شهادات الكربون في أسواق الكربون العالمية، التي يزداد عددها يوماً بعد يوم.

ويساهم تعميم تقنيات احتجاز الكربون من حرق الوقود في توسيع نطاق إنتاج الهيدروجين الخالي من الانبعاثات كما صدرت عن الاتحاد الأوروبي مؤخراً مواصفات قياسية للهيدروجين ومشتقاته المنتج من مصادر متجددة، على المنتجين الأوروبيين والمصدرين لدول الاتحاد الأوروبي الالتزام بها وبرزت خلال الحوار أهمية الاتفاق عالمياً على تعريف موحد لما يُطلق عليه «الهيدروجين الأخضر».

في ختام يومين من المناقشات ودع المتحاورون برلين حاملين قناعة راسخة بأنه لا بديل عن التعاون الدولي على طريق التحول الطاقي حتى منتصف هذا القرن، لمجابهة التحديات المناخية.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: لإنتاج الهیدروجین الأخضر إنتاج الهیدروجین الأخضر الطاقة المتجددة التحول الطاقی فی العالم الأخضر فی من مصادر بحلول 2030 من خلال

إقرأ أيضاً:

وزير البترول: الدولة المصرية لديها خارطة طريق لتنفيذ مشروعات الهيدروجين الأخضر

أكد المهندس كريم بدوى وزير البترول والثروة المعدنية أن الدولة المصرية لديها خارطة طريق لتنفيذ مشروعات الهيدروجين الأخضر وأنها جادة فى التعاون مع الشركات العالمية لإنجاح تنفيذها، وأن وزارة البترول تعمل فى هذا الصدد على دعم الإسراع بإجراءات تنفيذ المشروعات الجديدة الجارية بالشراكة بين قطاع البترول وشركات عالمية رائدة وتوطين صناعات التكنولوجيا المتعلقة بهذا المجال محلياً لجذب المزيد من الاستثمارات، مشيرا إلى أن مصر تمتلك من المقومات ما يؤهلها لأن تصبح مصدراً موثوقاً للهيدروجين لأوروبا والعالم.

جاء ذلك خلال استقباله وفداً من رؤساء وممثلى شركات جون كوكريل وسكاتك وشلمبرجيه وتكنيب وريلى لاستعراض سبل التعاون مع قطاع البترول فى  تنفيذ مشروع إنتاج الأمونيا الخضراء من الهيدروجين والمزمع اقامته فى محافظ دمياط.

ورحب الوزير بدخول شركة جون كوكريل العالمية فى شراكة مع شركة سكاتك والشركات المشاركة فى تنفيذ مشروع انتاج الأمونيا الخضراء بمحافظة دمياط، مؤكداً أن دخول مثل هذه الشركات العالمية للعمل فى مصر يعد دليلاً واضحاً على مدى جاذبية المناخ الاستثمارى فى مصر فى ضوء ما تمتلكه من مقومات عديدة وباعتبارها بوابة للمنطقة ككل، كما لفت الوزير إلى أن هناك فرص هامة لتعظيم صناعات القيمة المضافة وإنتاج البتروكيماويات وأن العمل جار حالياً على تكثيف عمليات البحث والاستكشاف وزيادة الانتاج بهدف توفير فائض لمثل هذه المشروعات الاستراتيجية المهمة. 

الاتحاد الأوروبى: تعتبر مصر شريكا استراتيجيا فى التعاون فى مجال الطاقة الخضراء والهيدروجين

ومن جانبهم أشار ممثلوا الشركات العالمية إلى أن الإتحاد الأوروبى يعتبر مصر شريكاً استراتيجياً فى التعاون فى مجال الطاقة الخضراء والهيدروجين، معربين عن تطلعهم لتنفيذ العديد من  المشروعات الهامة فى هذا المجال فى مصر والاستفادة من الامكانات الهائلة التى تتمتع بها.

وقدمت شركة جون كوكريل عرضا خلال الاجتماع حول دور كل شركة فى التحالف فى تنفيذ المشروع وبعض المشروعات الأخرى المماثلة التى يتم تنفيذها فى دول أخرى.

مشروع الأمونيا الخضراء من المقرر إقامته فى محافظة دمياط باستخدام تسهيلات شركة موبكو وتكلفة استثمارية تزيد على 900 مليون دولار وسيضم المشروع إنشاء محطة لإنتاج الطاقة الشمسية وأخرى لانتاج طاقة الرياح بالإضافة إلى محلل كهربى للهيدروجين الأخضر الذى يتم انتاجه من خلال تكنولوجيا التحليل الكهربى بإستخدام الطاقة المتجددة وذلك لإنتاج 150 ألف طن سنوياً من الأمونيا الخضراء التى ستستخدم كوقود نظيف.

مقالات مشابهة

  • إطلاق الشبكة العربية للهيدروجين الأخضر الأسبوع المقبل
  • وزير الكهرباء يبحث مع تحالف جيلا - إنترو التعاون في مجال الهيدروجين الأخضر
  • السفير حسام زكي: غزة واجهت كارثة ستظل وصمة عار على جبين العالم الذي وقف عاجزاً أمامها
  • الإقليمي للطاقة المتجددة يؤكد ضرورة تحقيق أمن الطاقة عبر اقتصاد منخفض الكربون
  • "الدوسري": أمن الطاقة يتطلب تصرفًا شجاعًا واقتصادًا منخفض الكربون
  • «مدبولي»: نخطط لإنتاج مكونات المحللات الكهربائية لمشروعات الهيدروجين الأخضر
  • وزير الاقتصاد يُشارك في حوار برلين العالمي لمناقشة السياسات التي تدعم النمو الاقتصادي العالمي
  • وزير البترول: الدولة المصرية لديها خارطة طريق لتنفيذ مشروعات الهيدروجين الأخضر
  • «معلومات الوزراء»: توقعات بزيادة حصة الهيدروجين من الطاقة عالميا في 2050
  • الكاتب الأمريكي الشهير “والتر إيزاكسون”: السعودية تشهد ثورة تنموية في ابتكارات الطاقة المتجددة