مثل هذه التصريحات تخلق اصطفافات إثنية ومناطقية تخدم مشروع المؤتمر الوطني المحلول والحركة الإسلامية الساعي إلى حشد السودانيين والسودانياتِ وعسكرة الحياة المدنية والسياسية وتحويل الحرب الدائرة لحرب أهلية شاملة

التغيير: الخرطوم

أبدت تنسيقية القـوى الديمقراطية المـدنية «تقدم» رفضها لتصريحات ضباط جهاز الأمن والمخابرات العامة التي وجه فيها خطاب يحض على الكراهية وإثارة الفتن بين المجتمعات المحلية والمكونات الاجتماعية في شرق السودان.

وقالت في بيان صحفي، الاثنين، إنها تتأسف على ورود خطاب الكراهية على لسان الضابط الذي كان مديراً سابقا لجهاز الأمن والمخابرات العامة بولاية كسلا.

واعتبرت «تنسيقية تقدم» أن هذه التصريحات تدخل ضمن خطابِ الكراهية والعنصرية والتقسيم الإثني والمناطقي المسبب للفتنة في ولاية كسلا قبل الحرب والمُغذي لاستمرار حرب الخامس عشر من أبريل وتوسيع دائرتها.

ولفتت إلى أن مثل هذه التصريحات تخلق اصطفافات إثنية ومناطقية تخدم مشروع المؤتمر الوطني المحلول والحركة الإسلامية الساعي إلى حشد السودانيين والسودانياتِ وعسكرة الحياة المدنية والسياسيةِ وتحويل الحرب الدائرة لحرب أهلية شاملة.

وأوضحت أن التصريحات أكدت أيادي الأجهزة الأمنية والعسكرية عبر عناصر تنظيم الحركة الإسلامية كان ولا يزال لها الدور الأكبر في النزاعات والصراعات القبليةِ والمناطقية في شرق السودان تحديدا وأنحاء البلاد بصورة عامة.

وأشارت إلى أن ما ورد على لسان الضابط السابق، يخالف مبادئ المواطنة التي هي أساس للحقوق والواجبات.

وأكدت أن إرسال هذه النوعية من الرسائل عبر الإذاعة والتلفاز القومي يؤكد أنه يدار عن طريق منسوبي نظام المؤتمر الوطني المحلول، كما يؤكد استخدامه في بث الدعاية السياسية للحرب.

انهيار وتفكك

كما أكدت التنسيقية رفضها لخطاب الكراهية والعنصرية والتقسيم الإثني والمناطقي، والذي سيؤدي في حال عدم التصدي له إلى انهيار وتفكك السودان اجتماعيا وسياسياً واقتصاديا وأمنياً بشكل كامل.

ودعت طرفي الحرب إلى الاحتكام لصوتِ العقل والحكمةِ والسير بجديةٍ لإنهاء الحرب، والتي سيؤدي استمرارها لمدةٍ أطول إلى تأثيرات تصل إلى دول الجوار والمحيط الإقليمي ومنطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر.

كما دعت السودانيون وخصوصا في شرق السودان على وجه الخصوص لعدم الاستجابة أو الاستماع لخطاب الكراهية والعنصرية والتقسيم الإثني والمناطقي والتصدي لهذا الخطاب عبر مزيدٍ من المبادرات الاجتماعية والأهلية.

الوسومآثار الحرب في السودان تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية(تقدم) حرب الجيش و الدعم السريع

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية تقدم حرب الجيش و الدعم السريع خطاب الکراهیة

إقرأ أيضاً:

السودان: حكومات الحرب الموازية

ناصر السيد النور

إن طرح إقامة حكومات في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع لم يكن مشروعا سياسيا وراء اندلاع الحرب ولكن بالتسلسل المنطقي للأحداث نتيجة للأزمات التي خلفتها الحرب. وعلى ما أثاره هذا المقترح الانفصالي أو الذي يؤسس لانفصال كإحدى استحقاقات إن لم يكن ثمنا فادحا لحرب في البلاد. فقد جاء في الأخبار أن قوات الدعم السريع وقوى سياسية “مدنية” عقدت في العاصمة الكينية نيروبي بهدف مناقشة آلية تكوين حكومات في مناطق سيطرة الدعم أي المواقع التي اخرج منها الجيش أثناء الحرب الجارية بين الطرفين. وهي مناطق وأقاليم بالمعنى الجغرافي تشغلها مساحات واسعة من أقصى الغرب إلى وسط وجنوبي البلاد وعلى الرغم من أن هذه المناطق تعد نقاط انطلاق خاصة في دارفور لقوات الدعم السريع أو حواضن بالمفهوم الاجتماعي الجديد للحرب لتلك القوات بما يشمل الكيانات القبلية المنتمية إليها.

وإذا كانت الحكومات الموازية المزمع بحثها أو تطبيقها من قبل الدعم السريع تبدو للوهلة الأولى مشروعا سياسيا يعززه الموقف العسكري أكثر من دواعي شرعية أو قانونية وإدارية تستدعي إقامة حكومات مجهولة المهام والاختصاصات هذا إذا لم تعنِ غير إقامة كيانات مستقلة شبه دولة. ولعل الخلط بين مفهومي الحكومة والدولة في فكرة المشروع مع تداخل ما أفرزته الحرب من حالات استقطابات جهوية تطالب بفصل الأجزاء الغربية من البلاد على أسس عنصرية لها جذورها التاريخية والاجتماعية في البلاد يجعل من هذا الطرح مشروعا محتملا في المستقبل القريب. وقد زادت الحرب وبررت لهذه النزعات الانفصالية بما أحدثته من شروخات مجتمعية مفسحة المجال إلى بروز تيارات انفصالية أعلنت عن مسميات كياناتها المنفصلة عقيب اندلاع الحرب، وتستنسخ هذه الكيانات من تجارب الانفصال في التاريخ السياسي للبلد الذي لم يشهد استقرارا سياسيا يدعم من وحدته بين المكونات المتنافرة.

ومن ناحية أخرى يعد هذا الطرح تراجعاً في موقف وخطاب الدعم السريع السياسي الذي تكون على أسس عسكرية بحتة تبحث الآن وسط نيران المعارك عن تشكيل سياسي إلى جانب شعارات أخرى مختطفة عن قوى سياسية هامشية لم تكن ضمن أجندة قوات الدعم السريع، بل على النقيض من ذلك فقد عمل الدعم منذ تكوينه على محاربتها. فجاء تبنيه لها لجوء اضطراريا لملء فراغ سياسي في حاجة لتبرير حربه وإن تكن ما ينسب إليه من انتهاكات قد دحض أكثر هذه الشعارات وأفرغها من مضمونها.  وقد يتيح تمدد القوة العسكرية إعادة التشكيل الإداري في مناطق سيطرته ولكن يكمن التحدي في التوافق السكاني عليها. ومن سياق تطورات الأحداث فإن فكرة الحكومة الموازية ما هي إلا تطورا لفكرة إدارية سبق للدعم السريع تطبيقها في مناطق سيطرته ما عرف بالإدارة المدنية رحبت بها قوى سياسية أخرى على العكس مما يقابله مقترح الحكومة الموازية المطروح.

ولكن ما الذي يعنيه إقامة حكومة في تلك المناطق بعد مضي عشرين شهراً من الحرب؟ فالتوقيت أي تكن دلالته العسكرية لا يسعفه منطق بالمعنى السياسي حيث إن الفراغ الديمغرافي وانهيار بنية الدولة التحتية تجعل من قيام هذه الحكومات اشبه ما تكون بحكومات المنفى تبحث عن موضع وسط ركام خراب الحرب. وما حققته الحرب من سيطرة قد لا يحققه الإعلان عن اجسام إدارية لا تحمل من صفة الحكومة أكثر من اسمها وليس وظيفتها.  فإذا قامت قوات الدعم بتطبيق هذا المقترح فإنه سيظهر تقسيمات مجتمعية وقبلية حادة، فجّرتها الحرب وساعدت في ظل تنامي خطاب العنصرية والكراهية على تقبلها كحقائق أكثر منها حدودا جغرافية إدارية افتراضية. وهذا الطرح لم يكن جديدا من قبل الدعم فقد صرح من قبل قائده محمد حمدان دقلو بإعلان حكومة موازية في مناطق سيطرته إلا أن هذا الطرح الجديد في ظل التراجعات العسكرية التي تشهدها قوات الدعم السريع قد يفرض إن لم يكن بسبب شرعية الواقع فقد يكون بضرورة الظرف.

والمقارنة التي يركن إليها الدعم السريع في حكومة السودان القائمة بشرعية الأمر الواقع التي لجأت إلى مدنية بورتسودان الساحلية واتخذتها مقرا لمؤسساتها وسلطاتها السيادية لا تعني سهولة انتقال أجهزة الدولة بذات الطريقة كما يرغب فيها الدعم السريع، ولأن الفرق بين حكومة تقليدية ترسخت ومعترف بها عالميا يختلف عن أي تشكيل حكومة طارئ تفرضه قوة السلاح وتغيب فيها معطيات إدارة الدولة. والتجاء الحكومة إلى خارج عاصمتها شكل من جانبه فراغا للمرة الأولى في مركزية الدولة الرمزية، وفي الوقت نفسه منح الحكومة في “بورتسودان” تحكما في خدمات الدولة تفسيرا على الموقف من الحرب استخدم ضد المواطنين تمييزا على أساس الانتماء العرقي والجهوي.  وعلى الرغم من دعوات سابقة طالبت بها قوى سياسية من بينها الدعم السريع -بالضرورة- من نزع الشرعية عنها وبل عدم الاعتراف بها دوليا ولكن ظلت الحكومة قائمة تمارس سلطاتها السياسية والعسكرية والاقتصادية بما فيها استبدال العملة النقدية في مناطق سيطرتها أيضا. وبعض من تلك الممارسات التمييزية شكلت ضغطا على مواطني مناطق سيطرة الدعم السريع مما جعلها ينظر إليها كحكومة موازية لسيطرة الدعم السريع تعمل ضد مصالحهم.

وقد لاقى هذا المقترح اعتراضات وصلت إلى حد الانتقادات مما يشير إلى خطورة المشروع برمته على وحدة السودان كما يبرر المعترضون من داخل القوى المدنية تنسيقية القوة الديمقراطية (تقدم) بقيادة الدكتور عبد الله حمدوك التي تناوئ الحرب وضد الحكومة العسكرية القائمة في السودان بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان.  وهذه الاعتراضات السياسية قد لا توقف مبدأ هذا المشروع لأنه يقوم بالأساس على عوامل عسكرية لها نتائج متحققة سيطرة على مناطق بعينها ولا يعتقد بأن يأخذ الدعم السريع بالمخاوف التي يبديها السياسيون من القوى المدنية التي تتهم من قبل مشعلو الحرب بممالأتها للدعم السريع في ظل الخصومة السياسة قبل وبعد الحرب بين الأطراف السياسية المتنازعة. وما يبرر لهذه الاعتراضات على مشروع الحكومة الموازية ما يعقبها من واقع انفصالي سيكون من الصعب التعامل معه أو الحد من تداعياته ولأنه يعرض البلاد فيما تبقى من وحدتها الترابية إلى دويلات عدة وستستعد كل المكونات القبلية والجهوية على المضي على هذا الاتجاه مما يعني عمليا تحول السودان دولة وشعبا إلى انقسامات أكثر حدة مما هي عليه. ومن ثم فإن هذه المناطق التي تبسط قوات الدعم السريع سيطرتها عليها وبما أحدثه التحول في الموقف العسكري للجيش بدخول الحركات المسلحة الدارفورية بما يعرف بالقوات المشتركة والتي تقاسم اثنيا مجموعات الدعم السريع مناطق السيطرة نفسها لن تخضع لمقترح المشروع بتصور الدعم السريع.

والتحدي الأبرز الذي يواجه هذا الطرح (الحكومة الموازية) لا يتوقف عند المستوى السياسي وربما العسكري فتكوين إدارة مدنية كما حدث في ولاية الجزيرة عندما اجتاحتها قوات الدعم السريع ومناطق أخرى وما مثله من سيطرة مطلقة لهذه القوات وهي عسكرية بالأساس لا يمكن لأي إدارة مدنية أن تتمكن من تنفيذ مهامها تحت ظل واقع أمنى غير مستقر.  وكثيرة هي العوامل التي تحول دون تنفيذ هذا المقترح منها ما هو استراتيجي ولوجستي وغيرها مما يعد من الأمور التأسيسية في إدارة الدولة وخدماتها المدنية.  ولكن مع تمدد نطاق العمليات العسكرية بين الطرفين وغياب لحل تفاوضي مدني لإنهاء الحرب سيكون قيام كيانات موازية بقوة السيطرة واقعا ستفرضه الأحداث أكثر من مقترحات التصورات السياسية المطروحة على موائد التداول السياسي.

كاتب من السودان

نقلا عن القدس العربي اللندنية_26/12/2024م

الوسومناصر السيد النور

مقالات مشابهة

  • تنسيقية القوي المدنية الديمقراطية (تقدم) تسمي الأستاذ عبد الكريم صالح حسن ناطقًا رسميًا باسمها
  • السودان.. الكارثة المنسية
  • هواجس الشرعية هل تعصف بمقترح تشكيل حكومة جديدة في السودان؟
  • الحرب في السودان: مسار السلام، التعقيدات والتحديات
  • «تقدم» تسمي عبد الكريم صالح ناطقًا رسميًا جديدًا
  • نائب حمدوك يتمسك بـ«حكومة موازية» في السودان
  • السودان: حكومات الحرب الموازية
  • كم جيل نُضحي به لنواصل (حرب الكرامة)..؟!
  • تقدم الجيش السوداني في دارفور هل يغير معادلات الحرب في السودان؟ ؟
  • رمطان لعمامرة: أمد الحرب في السودان طال لما لا يقل عن عشرين شهراً