كيان صهيوني بدل فاقد
تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT
علي بن مسعود المعشني
ali95312606@gmail.com
لا شك أن "طوفان الأقصى" شكّل زلزالًا استراتيجيًا كبيرًا للكيان الصهيوني ورعاته.. صحيحٌ أن الطوفان ليس المرة الأولى التي يشعر فيها الكيان الصهيوني بزواله، فقد عاش هذه المشاعر في تفاصيل ويوميات حرب أكتوبر 1973، لكن الفارق بين الطوفان وحرب أكتوبر، أن الطوفان وقع داخل جغرافية فلسطين، وحرب أكتوبر كانت خارج جغرافية فلسطين، كما إن حرب أكتوبر كانت حربا مرسومة ومتفقا على تفاصيلها وحجمها ومراحلها بين الرئيس أنور السادات وهنري كيسنجر، وأنها الحرب الضرورية لجني نصرٍ بلا حرب لاحقًا؛ حيث أفضت إلى اتفاقية "كامب ديفيد" وخروج مصر من معادلة القوة في الصراع العربي الصهيوني، بينما الطوفان حربٌ مباغتة، خططتها وفجرتها فصائل المقاومة بغزة، ولن تسمح بتسويق نتائجها إلى كامب ديفيد أخرى أو وعد بلفور جديد.
لأول مرة يشعر الأمريكي والغربي من خلفه بأن استثمارهم الاستراتيجي المتمثل في الكيان الصهيوني في خطرٍ وجودي كبير، ولأول مرة يفكرون في كيفية الاستعداد لتأهيل بدل فاقد لهذا الكيان ويقوم بوظيفته أو شيء منها.
"وحدة الساحات" وضراوة معارك الحرب والتصعيد التدريجي لها، مع وجود قيادة صهيونية رعناء تُقامر بكل شيء في سبيل الحفاظ على عرشها ومجدها الشخصي، يجعل الأمريكي والغربي من خلفه يفكرون بصوت عالٍ، فحواه وجوب التضحية بشيء من الكيان للحفاظ على المُمكِن منه.
إيران طلَّقت الصبر الإستراتيجي طلاقًا بائنًا وإلى غير رجعة، وهذا موقف آخر يُضاف إلى مخاوف الغرب حول مصير كيانهم، وتعدد جغرافيات المقاومة واتساعها تدريجيًا مع تفشّي ثقافة المقاومة بعقيدة دينية جهادية لتصبح عابرة للأجيال والحدود، وهذه حالة تقض مضاجع العدو ورعاته بشكل غير مسبوق.
الكيان الصهيوني ورعاته يبذلون كل جهدهم ومساعيهم لترميم نظرية "الخوف مقابل الكثرة"، والتي تستَّر خلفها 75 عامًا في صراعه مع العرب، وتسلل من خلالها لتمرير التطبيع القهري على النظام الرسمي العربي، والتي سقطت وهوت بفعل طوفان الأقصى بلا عودة.
سيبذل الكيان الصهيوني ورعاته في الغرب وأتباعه في المنطقة جهودًا لتسويق ضربة إيران للكيان الصهيوني على أنها تعبيرٌ عن مدى خطر إيران على السلام والوئام والتعايش بين شعوب المنطقة، وأن أجندة إيران ليست "احتلال" لعدد من العواصم العربية فحسب؛ بل بسط نفوذها الشيعي على الكيان والمكون السُني كذلك، وهذا ما يوجب حتمية قيام تحالف "إسرائيلي- سُني" لمواجهة "الأطماع والمخططات" الإيرانية للمنطقة وشعوبها!
طيف في الإدارة الأمريكية يعتقد أن قادة الكيان الصهيوني اليوم برئاسة بنيامين نتنياهو قد تجاوزهم الزمن، وبارت مساعيهم وخططهم لتسويق ما سُمي بـ"السلام الإبراهيمي"؛ بفعل ما أوغلوا بأيديهم في غزة من جرائم حرب موصوفة ومتكاملة الأركان؛ الأمر الذي سيوقع الرعاة لهم- وعلى رأسهم الراعي الأمريكي، وكذلك مسوقي التطبيع من عرب اليوم- في حرج وتناقض كبيريْن، بفعل الفجوة الفجّة بين سردية التطبيع وأفعال الكيان على الأرض. وبطبيعة الحال لا بُد للأمريكي اليوم- وتوابعه في الاتحاد الأوروبي- من تأهيل كيانٍ آخر جديد، كيان خالٍ من رموز الهزيمة والجريمة، وتزويده بسردية جديدة ألحن من التطبيع و"الإبراهيمية"، وعنوانها "الخطر الإيراني القادم"، والذي لن يستثني أحدًا.
ما لم ينتهي الكيان الصهيوني الحالي بفعل هزيمة عسكرية في الميدان، فسينتهي بلا شك بفعل التداعي الاستراتيجي لنتائج "طوفان الأقصى" والذي تسبب في تصدُّع بُنية الوعي لدى الكيان بصورة كبيرة، لن يستوعبها الجيل الحالي منهم؛ بل سيتجنبها الجيل القادم، ويحاول الانفكاك منها بشكل سلبي، ضريبته انهيار الكيان وتآكله من الداخل بالتدريج.
قبل اللقاء.. واقع حالنا وخيارنا يقول: "من لم يمت بالمقاومة، مات بالتطبيع".
وبالشكر تدوم النعم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الكيان الصهيوني يعترف لأول مرة بمسؤوليته عن اغتيال إسماعيل هنية
أفادت مصادر إعلام عبرية، أن يسرائيل كاتس، وزير جيش الاحتلال الصهيوني يعترف لأول مرة بمسؤولية الكيان الصهيوني عن اغتيال اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، في العاصمة الإيرانية طهران، جويلية الماضي.
وبحسب ما نقلته القناة الـ12 الصهيونية، فقد أدلى وزير الدفاع الصهيوني بتصريحات مساء اليوم الاثنين، قال فيها: “سنضرب الحوثيين بقوة، وسنستهدف البنى التحتية الاستراتيجية لهم، وسنقطع رؤوس قادتهم، تمامًا كما فعلنا مع هنية، والسنوار، ونصر الله في طهران، غزة، ولبنان، سنفعل ذلك في الحديدة وصنعاء”.
وللإشارة، اغتيل هنية بتاريخ 31 جويلية الماضي، في العاصمة الإيرانية طهران بعدما كان في زيارةٍ لها للمشاركة في مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان. كما استشهد إلى جانبِ هنية حارسه الشخصي القيادي الميداني في كتائب القسّام وسيم أبو شعبان.