الصهيونية ووثيقة "كامبل"
تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT
◄ انتماء دول هذه المنطقة المُهمة إلى دين واحد، ولغة مشتركة، وعادات وتقاليد متشابهة، يشكل تهديدًا حقيقيًا لمصالحها
محمد بن رضا اللواتي
mohammed@alroya.net
"إن الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري".. هل نتذكر هذا القرار (رقم 3379) الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 10 من نوفمبر لعام 1975م، والذي نال تأييد 72 دولة حينها؟ لقد اعترف القرار بأن "النظام العنصري الحاكم في فلسطین المُحتلة والنظامین العنصریین الحاكمین فی زیمبابوي وجنوب أفریقیا ترجع إلى أصل استعماری مشترك، وتشكل كیانًا كلیًا، ولها هیكل عنصری واحد وترتبط ارتباطًا عضویًا في سیاستها الرامیة إلى إهدار كرامة الإنسان وحرمته".
الواقع أنَّ الأمر في حقيقته لم يكن لأجل إحياء السلام؛ بل لأجل إلغاء القرار رقم 3379 ليزول كل أثر لربط الصهيونية بالعنصرية! ذلك لأنَّ منع تحقيق سلام حقيقي في الشرق الأوسط قرار قد اتخذته وثيقة "كامبل بنرمان" عام 1907 والتي مهدت لنشوء "إسرائيل"، تلك الوثيقة المشؤمة كانت قد نصت بنودها على جعل الدول العربية والإسلامية مفككة، متخلفة لأجل ضمان مكاسب الدول الاستعمارية لأطول زمن ممكن.
فعندما أحست بريطانيا العظمى "أم الخبائث" بأنَّ الوطن العربي يشغل موقعًا استراتيجيًا يسيل له لُعاب الاستعمار؛ إذ يبدأ من المحيط الأطلسي غربًا وحتى الخليج العربي شرقًا، ومن بحر العرب جنوبًا وحتى تركيا والبحر الأبيض المتوسط شمالًا، وهو الضمان الذي تبحث عنه لأجل مصالحها. كما إن انتماء دول هذه المنطقة المُهمة إلى دين واحد، ولغة مشتركة، وعادات وتقاليد متشابهة، يشكل تهديدًا حقيقيًا لمصالحها، وقد عقدت اجتماعًا عام 1905 مع فرنسا وهولندا وبلجيكا وإيطاليا من أجل نبذ الخلافات فيما بينها، والتركيز على الاستفادة القصوى وطويلة المدى من تلك المنطقة، وظلت هذه الاجتماعات تتواصل حتى خرجت عام 1907 بوثيقة أسندتها على تقسيم العالم إلى 3 أجزاء:
الجزء الأول: العالم المسيحي والذي يضم الدول الغربية الاستعمارية مع الولايات المتحدة ودول شمال أمريكا وأستراليا.
الجزء الثاني: الدول التي ينبغي احتواؤها كاليابان وكوريا.
الجزء الثالث: الدول العربية، التي تتميز بتواجدها على رقعة استراتيجية تتمتع بالمواد الخام التي يمكن الاستفادة القصوى منها، ويربطها ببعضها دين واحد ولغة واحدة، هذه الدول التي يجب أن تبقى متخلفة ومفككة ومحتاجة إلى العالم المسيحي بشكل دائم، لضمان أقصى انتفاع الدول الاستعمارية من ثرواتها، ولضمان عدم اتحادها فيما بينها وقيامها تحت قيادة واحدة.
وتضمنت الوثيقة البنود التالية:
إبقاء هذه الشعوب في حالة مستمرة من الاحتياج للغرب المسيحي، احتياج يغذيه التفكك والجهل والتخلف؛ بل ومحاربة أي توجه يقودها إلى الوحدة. اتخاذ فلسطين أرضًا لزرع جسم غريب فيها يتمتع بالقوة والعدوانية، غايته فصل عرب آسيا عن عرب أفريقيا لضمان تفكك هذه الشعوب اقتصاديًا وثقافيًا وسياسيًا. والصهيونية متمثلة في إسرائيل هي التي يتم زرعها في فلسطين.وقد استجاب "وايزمان" لطلب رئيس وزراء بريطانيا "هنري كامبل" والذي خرجت الوثيقة باسمه، على أن يظل الغرب المسيحي وفيا للصهيونية ومدافعا شرسا عن إسرائيل، والتي ستكون أمل تلك الدول لإيجاد حالة من اللاتوازن واللاستقرار المستمر.
فهل هذا يُفسِّر شيئًا من صمت العالم على المذابح اليومية التي تنفذها الصهيوأمريكية على الأرض السليبة؟!
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
«صبر ترامب»!
حينما سألوا «آدم بوهلر» المبعوث الخاص الأمريكي لشؤون مفاوضات الرهائن عن «السقف الزمني» لتحقيق الشروط الأمريكية، أجاب إجابة مذهلة.
قال «بوهلر»، الخبير التفاوضي المعروف عنه خبرته وحنكته في هذا المجال: إن السقف الزمني المحدد الذي لا يمكن تجاوزه هو حينما ينفد صبر الرئيس ترامب.قال الرجل هذا التصريح أمام عدسات التلفزيون العالمية وهو يبتسم، وكأنه يريد أن يقول إن عملية التفاوض الخاصة بالرهائن، مثلها مثل أي عملية، وأي نوع من المفاوضات في هذا العهد، مرتبطة «برؤية ومزاج وأحكام وصبر» رجل واحد لا سواه، هو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
في تاريخ الولايات المتحدة منذ الرئيس جون آدامز (عام 1797 - 1801) حتى يومنا هذا، لم ينفرد رجل واحد في البيت الأبيض بإصدار قرارات مصيرية محلية ومثيرة للجدل مثل الرئيس ترامب.
وكأن هذا الرئيس ليس مقيداً بالدستور، وبالأعراف السياسية، وبالقانون العام، وبالمعاهدات الدولية الملزمة، وبالقانون الدولي، وبالنظام الدولي الذي تفرضه التوازنات الاستراتيجية.
وكأن هذا الرئيس ليس مرتبطاً بسياسة حزبه الجمهوري أو بالكونغرس أو المحكمة الدستورية أو النظام الفيدرالي.
منذ 20 يناير (كانون الثاني) 2025، وبعد أقل من 60 دقيقة من أدائه للقسم وتسلمه منصبه رسمياً، بدأ ترامب يصدر قرارات تنفيذية راديكالية من منطق أنه يفعل ما يشاء بالطريقة التي يراها، في الوقت الذي يشاء.
كثيرون في واشنطن والعالم لا يرون أن هذه السياسة يمكن أن تستمر هكذا.