علماء الفلك يحسبون وقت بدء هجرة المشتري في النظام الشمسي
تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT
يمن مونيتور/قسم الأخبار
استخدم علماء الكواكب التركيب المداري والكيميائي في أسرة “أثور” للكويكبات لحساب الوقت الذي بدأ فيه كوكب المشتري والعمالقة الغازية الأخرى بالهجرة نحو مداراتهم الحالية.
ووفقا لتقييمات جديدة لعلماء الفلك، فإن هذه “الهجرات” بدأت بعد 60 -100 مليون سنة من تكوين النظام الشمسي، وقد نشر العلماء نتائج دراستهم في مجلة Science العلمية.
وجاء في الدراسة أن تحليل المدارات وتاريخ تكوين الكويكبات من أسرة “أثور” أظهر أن مصدرها (جرم سماوي أنتجها بعد تفككه) تحطم بعد 59 مليون سنة من تكوين النظام الشمسي، وتقول الدراسة، مع الأخذ في الاعتبار كذلك نتائج رصد كويكبات “طروادة” في محيط المشتري، إن كل ذلك يشير إلى أن مدارات الكواكب العملاقة أصبحت غير مستقرة بعد حوالي 60 -100 مليون سنة من تكوين النظام الشمسي.
وقد توصلت إلى هذا الاستنتاج مجموعة من علماء الكواكب الأوروبيين والأمريكيين والبريطانيين بقيادة ألساندرو موربيديلي، الأستاذ في مرصد “كوت دازور” في نيس.
وقد ظل العلماء يدرسون منذ عدة عقود كيفية تشكل النظام الشمسي في المراحل الأولى من تطوره، ويحللون كيف يمكن لهذه العمليات أن تؤثر على المظهر الحالي والتركيب الكيميائي للأرض والكواكب الأخرى.
وكانت الحسابات السابقة التي أجراها هذا الفريق من العلماء، والتي نُشرت في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، هي الأولى التي تشير إلى أن كوكب المشتري وغيره من الكواكب الغازية العملاقة شهدت سلسلة من “الهجرات” في العصور المبكرة للنظام الشمسي. وقد أدى هذا الاكتشاف إلى اهتمام كبير بدراسة الموعد الذي بدأت فيه هذه الحركات الكوكبية بالضبط وما هي الآثار المادية لـ”الهجرات” التي كان من الممكن الحفاظ عليها في النظام الشمسي.
وتمكن العلماء من الحصول على هذه المعلومات من خلال دراسة النيازك والكويكبات من أسرة “أثور”، التي نشأ “مصدرها الأول” بالقرب من المريخ في أول 2-3 مليون سنة من عمر النظام الشمسي وتم تدميره نتيجة اصطدامه بجسم كوكبي أولي آخر في الوقت الذي بدأت فيه الكواكب العملاقة بالهجرة. واستغل العلماء هذه الميزة للكويكبات من أسرة” أثور” لتحديد وقت بدء هذه “الهجرات”.
المصدر: تاس
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: اليمن علماء الفلك النظام الشمسی ملیون سنة من
إقرأ أيضاً:
قتل العلماء أو قتل القوة؟
إن ظاهرة قتل العلماء ليست جديدة، والبلدان العربية التي راهنت مبكراً على العلم، خصوصاً تلك التي تعلّقت همتها بالتعمق في مجال الفيزياء النووية، مثل مصر والعراق -ومن غير العربية نذكر إيران- فقد كان مصير غالبية العلماء الكبار الاغتيال والتصفية في ظروف غامضة، مع إغلاق ملفات موتهم الغامض بالعبارة الشهيرة: ضد مجهول.
في العقود الماضية كان خبر اغتيال العالم يدور في نطاق ضيق؛ لذلك يظل الحدث ضيقاً، وفي دوائر قريبة، كما يظل فاعل الجريمة غير معروف حتى لو بدا في منطق تحليل الجرائم معروفاً، وهو ما يجعل من الاتهامات مجرد فرضيات.
أما اليوم فالملاحظ أن الأمور تغيّرت: إسرائيل تُعلن تأكيد اغتيالها عدداً من العلماء النوويين في إيران، وتكشف طوع إرادتها حتى عن بعض ملابسات الاغتيال كالتوقيت، بل أيضاً تتباهى بأنها قتلتهم وهم نيام في أسرّتهم. وطبعاً في الحروب لا يعترف طرف الحرب إلا بما يخدم صورته، ويمثل استعراضاً لقوته وانتصاراته. المشكل الآخر أن الأخبار تناقلتها وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي كأي خبر عادي. لا شيء يوحي بخصوصية في المعالجة الإعلامية لأخبار القتلى الذين يوصفون بأنهم: علماء.
ماذا يعني هذا: هل أن قتل العلماء أمر مباح؟ أم أن أي حرب تهدف إلى إيقاف مشروع امتلاك النووي تشترط اغتيال علماء النووي بوصفه جزءاً أساسياً ومركزياً من الحرب؟
منهجياً، الأمر مفهوم جداً باعتبار أن هدف الحرب وسببها ورهاناتها وتحدياتها تحدد الفئة المستهدفة بالتّصفية. ولنتذكر جيداً أن حرب إسرائيل ضد أهالي غزة حددت الفئة المستهدفة بالقتل بدقة: قتل الأطفال والنساء، وعدم الاكتراث بأصوات المدافعين عن حقوق الإنسان والمدافعين عن الطفولة؛ لأن الحرب ضد شعب يتميز بمعدل خصوبة يبلغ قرابة 3.7 في المائة (هذا الرقم قاله لي وزير الشؤون الاجتماعية في فلسطين منذ ثلاث سنوات تقريباً أثناء زيارته تونس)، ناهيك بأنها حرب ضد مستقبل الفلسطينيين والأجيال القادمة والوجود الفلسطيني ذاته، الأمر الذي استوجب تكتيكاً يقوم على التصفية الديموغرافية، بالتركيز على الطفل لأنه المستقبل، والمرأة لأنها الكائن الذي يضطلع بمهمة الإنجاب.
أما حرب إسرائيل على إيران فإن همها ليس الشعب الإيراني، ولا الطفل الإيراني، ولا النساء الإيرانيات، ولا حتى النظام الإيراني كما رأينا، بل هي حرب قياس القوة، وكسر الحاجز النفسي، وبعثرة المشروع النووي الإيراني بإرباكه، واغتيال أكثر ما يمكن من علمائه، وضرب منشآته.
لنأتِ الآن إلى الرسائل المفضوحة من استعراض قتل العلماء: أولاً، من المهم التذكير -حتى لو كان لا وزن أخلاقياً أو قانونياً دولياً لذلك- بأن قتل العلماء يُعد جريمة مضاعفة؛ لأنها تستهدف العالم المغدور به أولاً، وتستهدف العقل البشري والعلم ثانياً.
كما أن ما نعلمه أن العلم غير محدود، ولا يعرف حدوداً، ومنطقياً لا يمكن أن يكون اختيار العَالِم البحث أو الطموح في مجال ما سبباً في قتله، فالمشكلة في الجانب الرمزي الذي يجب ألا يستبيح قتل العلماء، وأن يجعل من العلم سبباً للقتل والتصفية.
كذلك هناك تفصيل آخر يتعلق بأن المشكلة ليست في الفيزياء النووية بوصفها طريقاً لامتلاك القوة، بدليل أن علماء الدول القوية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، ليسوا مهددين بالقتل بقدر ما يُمثلون طموح أميركا وقوتها.
إذن الإشكال في الانتماء الحضاري، وفي جنسية العالم الذي نبغ في الفيزياء النووية أو في أي مجال له صلة بالقوة. فالرسالة التي نسوقها بعيداً عن ذهنية المؤامرة أو حتى التخمين لأننا نكتفي بمجرد التوصيف والتأويل الأولي: ممنوع على الدول غير المنتمية لنادي الكبار امتلاك القوة والطموح علمياً.
الأجدر بالإنسانية اليوم محاربة المشروع النووي من جذوره؛ ممنوع على الجميع امتلاكه، بل إن استئثار عدد من الدول به من دون غيرها هو ما يحرض البقية على القيام بمحاولات لامتلاكه، بصفته أكبر دليل على اختلال الفرص والحقوق في موازين القوى.
فالمشكلة ليست في معارضة المشروع النووي الإيراني، بل في عدم معارضة المشروع الإسرائيلي، وفي دعم إسرائيل. ولا شك في أن هذه الوضعية الملتبسة من المنع لطرف والسماح لعدوه هي التي جعلت منطقة الشرق الأوسط بؤرة توتر دائمة من منطلق أن وجود مشروع نووي لا يمكن أن يبعث على الشعور بالراحة والأمن والاستقرار؛ لأن في لحظة امتلاكه يصبح القوة الوحيدة، ومن حوله في حالة تهديد على الدوام.
بيت القصيد: منع امتلاك النووي في منطقة الشرق الأوسط لن يكون إلا إذا شمل الجميع، وعلى رأسهم إسرائيل. ومن دون ذلك ستظل المنطقة في اشتعال، ودوران في حلقة مفرغة من تراكم المشروع ثم افتعال حرب لإرباكه وقتل العلماء، مع ما يعنيه ذلك من معانٍ أخلاقية وقانونية وعلمية محبطة.
وعلى الدول المالكة للسلاح النووي أن تبدأ بنفسها كي تشق طريق السلام على أسس سليمة.
الشرق الأوسط