رحل عن عالمنا الكثير من المبدعين والمثقفين والقامات، وكان آخرهم رحيل العمدة الفنان صلاح السعدنى، الذى كان له آثر كبير على الوطن، لما قدمه الفنان المبدع من أعمال أثرت فى وجدان الشعب، وأعمال كشفت لنا عن أنماط كثيرة فى المجتمع موجودة ولها بصمة كبيرة تعرفنا عليها من خلال أعمال درامية هامة قدمها المبدع الراحل صلاح السعدنى، حيث مزج من خلال تلك الأعمال بين التشويق وبين ثقافة مجتمع وعادات وتقاليد وموروثات متأصلة داخل كل شخصية جسدها الراحل.
والعمدة، من مواليد عام 1943 بمحافظة المنوفية إلتحق بكلية الزراعة ومع دراسته تميز بعشقه للتمثيل فبدأ من خلال عروض مسرحية على خشبة مسرح الجامعة، وإنطلق فى عالم الفن متخذ الطريق الصعب، وقدم لنا العمدة الكثير من الشخصيات المختلفة التى تحمل تركيبة معقدة كان يصعب على أى فنان أن يؤديها بمهارة وحرفية وإبداع، ومن أبرز أعماله: (حلم الجنوبى، أرابيسك، رجل فى زمن العولمة، سنوات الشقاء والحب، أبنائى الأعزاء شكرًا، ليالى الحلمية، الباطنية، وغيرهم الكثير)، والكثير من الإبداعات والشخصيات المختلفة التى تحدثت عن مهارة وإتقان فنان وصل إلى المتلقى بكل بساطة وجعل المشاهد يعيش داخل كل شخصية ويتأثر بها فدائماً ما يترك بصمة بين كل من يشاهده.
وكان رحيل الفنان صلاح السعدنى، عن عمر يناهز الواحد والثمانون عاماً ميلادية بعد مشوار حافل ومتنوع قدم خلاله مائتان وأحد عشر عملاً متميزاً بين الإذاعة والتليفزيون والمسرح والسينما، وبذلك يكون الفنان الراحل رحل عن عالمنا بجسده فقط، وبقى لنا ومعنا أعمال تاريخية حافلة، فالإنسان يرحل عن ذويه ولكن ذكراه العطرة وأعماله الفريدة هى الخالدة فى الأذهان.
ونجد فى رثاء المبدعين نفحات أمل وموعظة طيبة، فكل شخص قدم رسالة من خلال عمله وكان ضميره هو الحاضر معه دائماً فى كل عمل يقوم به موعظة ودروس لنا جميعاً نستفاد منها، فالنجاح لايأتى صدفه أو بسهولة أو فهلوه ولكن النجاح يأتى من الإنضباط والإلتزام والصبر، فلنأخذ من حياة كل مبدع متميز فى مجاله عبرة وعظة ودروس مستفادة، ويجب أن ندرك أن الإصرار والعمل بإتقان هما من أسباب النجاح الحقيقى، وليس من السهل أن تصبح أيقونة تتأثر وتؤثر.
وفى الختام رحم الله تبارك وتعالى كل شخص ترك بصمة وأثر فى المجتمع إيجابياً وعمل بكل شرف وأمانة ونشر الأمل والوعى فى المجتمع.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الفنان صلاح السعدني وفاة صلاح السعدني من خلال
إقرأ أيضاً:
التنمر السياسي في العراق: السلطة والمجتمع
16 مارس، 2025
بغداد/المسلة:
ليث شبر
غالبا ما تكون التعليقات على منشورات السياسيين وآراءهم وأفكارهم تعليقات مهينة ومسيئة بل تتعداها إلى التهديدات وهتك الأعراض واستعمال الكلمات النابية والبذيئة وغالبا مايتخفى أصحاب هذه التعليقات خلف أسماء وهمية وصفحات بديلة..
في ظل التحديات الكبيرة التي يواجهها العراق منذ سقوط النظام السابق في عام 2003، برزت ظاهرة خطيرة تهدد استقراره السياسي والاجتماعي، وهي ظاهرة التنمر السياسي. هذه الظاهرة ليست جديدة في التاريخ السياسي، لكنها اتخذت أشكالًا أكثر تعقيدًا في العراق بسبب التركيبة الاجتماعية والسياسية الهشة.
التنمر السياسي هنا لا يقتصر على الأفراد، بل يمتد ليشمل الأحزاب والجماعات المتنفذة التي تستخدم أساليب الترهيب والتشويه والتضليل لإسكات الأصوات المعارضة وتقويض مكانة الخصوم. وقد تعرضنا نحن لكم هائل من التنمر السياسي ولسنوات وغالبا ما كنت أقول أن هذه الظاهرة لابد من اكتشاف أسبابها ومظاهرها وآثارها وطرق مواجهتها ..
هذا المقال مخصص لذلك وهو خطوة ومحفز للآخرين لتطويره وتنفيذ خطواته..
أولا..أسباب تفشي التنمر السياسي في العراق
1. الاستقطاب السياسي الحاد :
العراق يعيش حالة من الاستقطاب السياسي الذي يقسم المجتمع إلى معسكرات متناحرة، كل منها يسعى لإقصاء الآخر. هذا الاستقطاب يخلق بيئة خصبة للتنمر، حيث تُستخدم كل الوسائل المتاحة، بما في ذلك التشويه الإعلامي وحتى العنف، لإضعاف الخصوم. على سبيل المثال، خلال الانتخابات الأخيرة، شهدنا حملات تشويه ممنهجة ضد مرشحين معينين، تم خلالها نشر معلومات مغلوطة واتهامات باطلة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.
2. ضعف المؤسسات القانونية :
المؤسسات القانونية في العراق تعاني من ضعف كبير، مما يسمح للمتنمرين بالإفلات من العقاب. غياب المحاسبة يشجع على استمرار هذه الممارسات، حيث يجد المتنمرون أنفسهم في مأمن من أي تبعات قانونية. قضية اغتيال الناشطين والصحفيين، مثل الشهيد هادي المهدي، تظل شاهدة على هذا الضعف، حيث لم يتم محاسبة الجناة بشكل كافٍ.
3. انتشار وسائل التواصل الاجتماعي :
أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي أداة رئيسية للتنمر السياسي. يتم استخدامها لنشر الشائعات والأخبار الكاذبة، مما يؤدي إلى تشويه سمعة الأفراد والمجموعات. على سبيل المثال، خلال احتجاجات تشرين 2019، تم تداول أخبار كاذبة عن بعض الناشطين بهدف تشويه صورتهم وإبعاد الجمهور عنهم.
4. التأثيرات الخارجية :
بعض القوى الإقليمية والدولية تلعب دورًا في تأجيج الصراعات الداخلية في العراق، مما يشجع على استخدام التنمر السياسي كأداة للصراع. هذه التأثيرات تزيد من تعقيد الوضع الداخلي وتجعل من الصعب تحقيق الاستقرار.
ثانيا..مظاهر التنمر السياسي في العراق
1. حملات التشويه الإعلامي :
تستخدم بعض القوى السياسية وسائل الإعلام، التقليدية والحديثة، لتشويه سمعة خصومها. على سبيل المثال، تم توجيه اتهامات باطلة لبعض السياسيين بالفساد أو التعاون مع جهات أجنبية دون أدلة كافية، مما أثر على صورتهم العامة.
2. التهديدات والترهيب :
يتعرض العديد من السياسيين والناشطين لتهديدات بالقتل أو الاعتداء. هذه التهديدات تهدف إلى إسكات الأصوات المعارضة وخلق جو من الخوف. حالة الناشطة سارة طالب سليمان، التي تعرضت لتهديدات بسبب مواقفها السياسية، هي مثال صارخ على ذلك.
3. التضليل والتلاعب بالرأي العام :
يتم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر أخبار كاذبة وتضليل الرأي العام. خلال الانتخابات الأخيرة، تم تداول معلومات مغلوطة عن بعض المرشحين بهدف التأثير على نتائج التصويت.
4. استخدام الخطاب الطائفي والمذهبي :
بعض القوى السياسية تستغل الانقسامات الطائفية والمذهبية لتأجيج الصراعات. هذا الخطاب يعمق الانقسامات ويجعل من الصعب تحقيق الوحدة الوطنية.
ثالثا..آثار التنمر السياسي على المجتمع العراقي
1. تقويض الديمقراطية :
التنمر السياسي يقوض الديمقراطية من خلال ترهيب المعارضين وإسكات الأصوات الحرة. هذا يحد من حرية التعبير ويضعف التعددية السياسية.
2. تأجيج الصراعات :
يؤدي التنمر السياسي إلى تأجيج الصراعات بين مكونات المجتمع، مما يزيد من الانقسام والاستقطاب.
3. تدهور الثقة بالمؤسسات :
يؤدي التنمر السياسي إلى تدهور الثقة بالمؤسسات الحكومية والقضائية، مما يزيد من الفوضى وعدم الاستقرار.
4. تأثير سلبي على الشباب :
الشباب العراقي يشعر بالإحباط واليأس من العملية السياسية بسبب التنمر السياسي، مما يدفعهم إلى العزوف عن المشاركة السياسية.
رابعا.. سبل مواجهة التنمر السياسي في العراق
1. تعزيز المؤسسات القانونية :
يجب تعزيز المؤسسات القانونية لضمان محاسبة المتنمرين. هذا يتطلب إصلاحات شاملة في النظام القضائي.
2. تفعيل دور الإعلام :
على وسائل الإعلام أن تلعب دورًا مسؤولًا في مكافحة التنمر السياسي من خلال نشر الأخبار الصحيحة والتصدي للشائعات.
3. توعية المجتمع :
يجب توعية المجتمع بمخاطر التنمر السياسي وتعزيز ثقافة الحوار والتسامح.
4. تفعيل دور المجتمع المدني :
منظمات المجتمع المدني يجب أن تلعب دورًا فعالًا في رصد وتوثيق حالات التنمر وتقديم الدعم للضحايا.
5. سن قوانين تجرم التنمر السياسي :
يجب على البرلمان العراقي سن قوانين تجرم التنمر السياسي وتحدد عقوبات رادعة للمتنمرين.
الخلاصة أن التنمر السياسي في العراق يمثل تهديدًا حقيقيًا للديمقراطية الناشئة وللحياة السياسية بشكل عام. ومواجهة هذه الظاهرة تتطلب جهودًا متضافرة من جميع الأطراف، بما في ذلك الحكومة والمجتمع المدني ووسائل الإعلام. إذ فقط من خلال العمل الجماعي يمكن للعراق أن يتغلب على هذه التحديات ويبني مستقبلًا أكثر استقرارًا وعدالة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts