موقع النيلين:
2025-03-16@23:22:53 GMT

التصور الإسلامي للاجتماع الإنساني

تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT


الإنسان هو الوحدة الأساسية التي تقوم عليها الحياة البشرية في كوكب الارض. وهو العنصر الذي تلقى تكليفه المباشر من خالقه اذ علمه العلوم ومصادرها ومنحه العقل القادر على استنباط المعارف وتطويرها وترك له مطلق الحرية في الانتظام مع مخلوقات الكون الأخرى وسخر له مخلوقات الارض ليسخرها وفقا للنواميس التي أودعها المولى فيها فيتبارك سعيه وتنمو عمارته للأرض ويصبح اثره his foot print نماء وحضارة.

– ومن بين قواعد الانتظام مع نواميس مخلوقات الارض والكون حوله، فصل المولى الهدي في علاقة الإنسان باخيه الإنسان وأوضح له قواعد علاقته مع الوحدات البشرية التي قد يجد نفسه فيها او تلك التي يدرك حاجته إلى تطويرها لتعظيم كسبه.

– فالإنسان يولد في وحدة بشرية هي الاسرة والده ووالدته ( وان جاهداك على ان تشرك بي شيئا …). والانسان يولد في عائلة ( آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون ايهم اقرب إليكم رحما ) والانسان يجد نفسه منتسبا إلى قبيلة ( أنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم ).

– وخلال هذه الوحدات البشرية بين المولى للإنسان قواعد التوالي والانتظام في علاقة لا تمس أصول تكليفه فلا تنتقص من حريته وحقوقه ولا تلغي شيئا من واجباته وتكاليفه الممنوحة له او المكلف بها من خالقه. بل جعل الانتظام في هذه العلاقات الرحمية سبيلا إلى تعزيز الإنسان كوحدة اساسية مستقلة مكتملة الخصائص.

– وبذات الخصائص والحقوق والحريات والواجبات ينتقل الإنسان إلى الانتظام في علاقة اوسع هي علاقته باخيه الإنسان الذي لا تربطه به علاقة رحمية قريبة. وبالطبع فان الجغرافيا تلعب دورا في تقريب الإنسان إلى أخيه الإنسان الاخر لكنها ليست العامل الحاسم المطلق او كما عبر الشاعر :
– على ان قرب الدار ليس بنافع
– إذا كان من تهواه ليس بذي ود

– او كما عبر القران ( يا ايها الذين آمنوا ان من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم )

– فخلال جميع هذه الدرجات من وشائج العلاقة الإنسانية، حرص المولى على صيانة استقلالية الانسان كوحدة اساس للاجتماع البشري. ذلك لان سلامة هذه الوحدة الأساسية في بناء الاجتماع البشري تجعل البنيان كله سليما مثل قطع الطوب السليمة تجعل البناء كله سليم.

– والقاعدة الأساسية هنا أن جميع وحدات الاجتماع البشري التي تبدا بالاسرة وتنتهي بالامة والبشرية لا تقوم فوق الإنسان كسقف يحجب عنه خالقه ويقطع عنه مصدر تكاليفه او حقوقه او حرياته. واذا حدث ذلك فالإنسان مامور بهجران كيان الاجتماع البشري هذا هجرة إلى الله ( فلا تطعهما ..) ( الم تكن ارض الله واسعة فتهاجروا فيها )

– وكما انه لا يجوز للإنسان التنازل عن حقوقه وحرياته او نقل تكاليفه إلى والديه او ابنائه او ترجيح علاقته بقبيلته وعشيرته على علاقته المباشرة مع ربه، فانه لا يجوز للإنسان التنازل عن حرياته وحقوقه وتكاليفه لسلطة اعلى من الاسرة والقبيلة والعشيرة تقوم فوقه فتحتكر دونه بعض وظايف الحياة التي كلفه المولى بأدائها من ذروة الجهاد ( حتى لا تكون فتنة) اي حتى لا تقوم قوة او سلطة تمنع أخيه الانسآن في اي مكان يستطيع هو الوصول اليه من التمتع بحرياته او القيام بواجباته. فالقتال ليس فقط دفاعا عن ارض او عرض او مال وان كانت هذه كلها مقدمة بالطبع ، ولكن القتال والجهاد في الإسلام دفعا لفتنة الانسان عن فطرته التي فطره الله عليها.

– ولا يجوز للإنسان كذلك التنازل عن واجباته في الرعاية الاجتماعية لاخيه الانسان لصالح سلطة اسرية او عشائرية او سياسية، فالقوانين والنظم التي تحكم تكليف الانسان بالرعاية الاجتماعية دقيقة جدا وبعضها مفصل تفصيل شديد من الخالق نفسه ولا سبيل إلى نقلها إلى جهة اخرى.

– بهذا المفهوم فان الانسان كوحدة اساس يشارك في تاسيس وجوده داخل كيانات الاجتماع الانساني والبشري مشاركة متساوية حرة كاملة. وأيما كيان من هذه الكيانات يتاسس بمعزل عن مساهمة الانسان فيه بحرية كاملة فهو كيان باطل. وأيما كيان من كيانات الاجتماع البشري يدعي الحق في احتكار حريات او حقوق او تكاليف الانسان ومن ثم منحه منها ما يراه ذلك الكيان ، فهو كيان باطل !!

– فالأسرة ليست مستودع الحقوق الذي يحتاج الانسان إلى تصاديق ليصرف منها حقوقه ، والعشيرة ليست مخزن الحريات الذي يشتري منه الانسان حرياته ، والدولة ليست الكيان الذي ينوب عن الانسان في اداء تكاليفه إلا بالقدر الذي تسمح به تعاليم التكاليف كما اصدرتها الجهة صاحبة التكليف وهي الخالق.

– هذا هو النظام الذي تتاسس عليه قواعد واصول التعاقد الاجتماعي في الإسلام وكما هو معلوم فهو نظام سابق بملايين السنين والقرون لجان جاك روسو وجون لوك وهوبز وغيرهم من الذين نقلوا في كثير من عناصر فكرهم من مساهمات علماء العالم العربي والإسلامي.
– التاريخ البشري لم يبدا حينما انتبهت أوروبا من غفوتها على طريقة ( قام من نومه لقى كومه) فوجدت ان الإسلام قد اكمل للناس دينهم واتم عليهم نعمته فانطلقت جحافلهم تعمر الارض بالمعرفة والعلوم وتخرج الناس من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة .

صديق محمد عثمان

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

وما أدراك ما صيدنايا.. وثائقي يكشف خبايا مسلخ نظام الأسد البشري

ويكشف الفيلم الوثائقي "وما أدراك ما صيدنايا"، الذي يبث عبر منصة "الجزيرة 360" والذي يمكن مشاهدته عبر هذا الرابط، تفاصيل مروعة تكشف لأول مرة عن هذا السجن الذي كان يوصف بـ"المسلخ البشري"، ويتتبع خصوصيته وسبب اكتساب شهرته الأسوأ عالميا بممارسات التعذيب.

وسجن صيدنايا، الذي دخل الخدمة رسميا عام 1987، كان في البداية مركزا لاحتجاز المعتقلين السياسيين والعسكريين، لكن مع مرور الوقت تحوّل إلى سجن مركزي للتعذيب والإعدامات الجماعية، خاصة بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4صيدنايا: السجن الذي فضح عجز الطغاة عن سجن الأفكارlist 2 of 4القبض على "عزرائيل صيدنايا" خطوة نحو العدالة في سورياlist 3 of 4جراح لا تندمل.. كيف حطمت سجون الأسد أرواح معتقلين رغم الحرية؟list 4 of 4"رابطة معتقلي الثورة السورية" هيئة أسسها ناجون من صيدنايا للدفاع عن معتقلي نظام الأسدend of list

وفي زنزانة ضيقة تحت الأرض حيث لا ضوء ولا هواء، يروي محمد علي عيسى -أحد الناجين من سجن صيدنايا العسكري- تفاصيل 19 عاما قضاها بين جدران هذا السجن، في حين يصف مدير الدفاع المدني السوري رائد الصالح السجن في شهادة ضمن الوثائقي بـ"الهولوكوست".

ويوثق الفيلم، من خلال استكشاف سجن صيدنايا من زوايا مختلفة، المنظومة التي قامت عليها إدارة السجون في التعامل مع المعتقلين داخل سوريا، وتفاصيل دقيقة -يرويها المعتقلون- خاصة بجميع مراحل رحلة السجين من لحظة الاعتقال وصولا إلى الحرية أو الترحيل إلى المستشفيات أو القتل.

وتم تصميم سجن صيدنايا بهندسة معقدة، حيث يتكون من طوابق فوق الأرض وأخرى تحتها، تربطها ممرات متداخلة، وجعلت هذه التصميمات من السجن متاهة يصعب الهروب منها.

إعلان

ووفقا لشهادات الناجين، فإن السجن يحتوي على زنازين ضيقة ومظلمة، وغرف إعدام مجهزة بمشانق وآلات تعذيب، وكان السجناء يُحشرون في زنازين لا تتجاوز مساحتها مترين مربعين، مع حرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية.

تعذيب ممنهج

وتكشف شهادات الناجين أن التعذيب في صيدنايا كان ممنهجا ومنتظما، حيث كان السجناء يُعذبون بالضرب المبرح والصعق بالكهرباء والحرمان من الطعام والماء لفترات طويلة، كما تم استخدام أساليب تعذيب نفسي مثل إجبار السجناء على مشاهدة إعدام زملائهم.

ووفقا لشهادة أحد الناجين، "كانوا يختارون 5 سجناء كل يوم ويعذبونهم حتى الموت، وكان هذا جزءا من الروتين اليومي".

ومن أحد أكثر الجوانب إثارة للرعب في سجن صيدنايا هو الإعدامات الجماعية، ووفقا لشهادة أحد الناجين، "كانوا يعدموا ما بين 100 و150 سجينا يوميا، وكانت الجثث تُنقل إلى مقابر جماعية دون أي إجراءات قانونية".

وتكشف شهادات الناجين من سجن صيدنايا حجم المعاناة التي عاشوها، ومنهم علي الزوابعة، الذي قال إنه قضى 4 سنوات في زنزانة مظلمة، حيث كان يُعذب يوميا، وقال "كانوا يضربوننا حتى نفقد الوعي، ثم يتركوننا نستيقظ لنكرر العملية مرة أخرى".

ومع تصاعد الاحتجاجات عام 2011، تحوّل صيدنايا إلى مقبرة جماعية للثوار، حيث يُقدَّر عدد من أُعدم فيه بين عامي 2011 و2014 بنحو 30 ألفا، وفقا لشهادات ناجين، في حين يصف منير الفقير -وهو سجين سابق- غرف الإعدام بأنها "منصات إسمنتية تتسع لسبعة أشخاص.. كانوا يعلقون الحبال على عوارض حديدية، ويتركون الجثث أياما قبل نقلها".

ولم يقتصر الأمر على الرجال، ففي مشهد صادم، عُثر داخل غرف الإعدام على ملابس نسائية وأحذية أطفال، رغم عدم وجود معتقلات نساء رسميا، ويُرجّح الفيلم أن النظام كان ينقل المعتقلات من سجون أخرى لتنفيذ الأحكام، ثم يُخفي أدلة الجريمة بحرق الغرف.

إعلان

أوامر مباشرة

ويسلط الفيلم الضوء على دور النظام السوري في إدارة هذه الآلة القاتلة، فوفقا للوثائق التي تم الحصول عليها، فإن الإعدامات والتعذيب كانت تتم بأوامر مباشرة من قيادات أمنية وعسكرية، ومع ذلك فإن معظم المسؤولين عن هذه الجرائم ما زالوا طلقاء، دون أن يحاسبوا على أفعالهم.

ولم تكن جرائم صيدنايا تنتهي بالإعدام. فالجثث كانت تُنقل إلى مشفى المجتهد في دمشق، حيث يُزوّر سبب الوفاة، ثم تُدفن بمقابر جماعية، يكشف نايف الحسن -وهو مشرف برادات الموتى بالمشفى- تفاصيل في هذا السياق قائلا "كانوا يجلبون 6 جثث يوميا.. شهادات الوفاة تُكتب بأسباب وهمية".

أما المقابر، فكانت تُحفر بطريقة ممنهجة، حيث يروي أحد الحفّارين "كل خندق طوله 200 متر، ويُدفن فيه 4-5 أشخاص.. كنا نرتدي كمامات بسبب روائح الجثث المتعفنة"، مضيفا أنه دُفن في مقبرة القطيفة وحدها آلاف الضحايا، بينهم نساء وأطفال، دون أي طقوس جنائزية.

ورغم سقوط النظام عام 2024، لم ينل الجلادون عقابهم، حسب المعتقل المحرر علي الزوابعة، الذي يقول "السجانون فروا.. لكننا لن نسامحهم"، في حين يطالب فوزي الحمادة بمحاكمات دولية وضرورة معرفة مصير المفقودين ومحاسبة كل من سفك دماء السوريين.

ويختم الفيلم بمطالبة لتحويل السجن إلى متحف، كما تقول منار شخاشيرو زوجة معتقل مفقود "هذا المكان يجب أن يبقى شاهدا على الجريمة.. كي لا تتكرر المأساة".

14/3/2025

مقالات مشابهة

  • إيلون ماسك يخطط لإرسال الروبوت البشري Optimus إلى المريخ
  • ندوة تستعرض دور سلطنة عُمان الإنساني وجهود تأمين إمدادات الغذاء
  • المجلس الوطني لحقوق الإنسان يدعو إلى مواجهة التحديات التي تعاني منها فئة ذوي الاحتياجات الخاصة
  • «الوطنية لحقوق الإنسان» تشارك باجتماع المؤسسات الوطنية في جنيف
  • “الوطنية لحقوق الإنسان” تشارك في الاجتماع السنوي للمؤسسات الوطنية بجنيف
  • وما أدراك ما صيدنايا.. وثائقي يكشف خبايا مسلخ نظام الأسد البشري
  • صالون بورسعيد الثقافي يناقش ظاهرة التنمر والعنف لطلاب المدارس
  • "الوطنية لحقوق الإنسان" تشارك بصفة "مراقب" في اجتماع المؤسسات الوطنية بجنيف
  • ضرورة إبادة الجنس البشري
  • تحذيرات من تقنية جديدة قادرة على التنبؤ بموعد وفاة الانسان