بناقص تعاطفهم.. ليتهم يتعاطفون مع إسرائيل!
تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT
يجلس أحدهم على أريكته، فلا يجد ما يتحدى به الملل، إلا أن يفرض وصايته على المقاومة!
وأحدهم هذا مثلي؛ لم يحدث أن تبرع للمقاومة بمليم واحد، ولم يقدم لها سوى التعاطف المجاني، لكنه يتصور بتعاطفه أنه ناضل، وضحّى، ووقف على خط النار، وتعاطفه يكفي لأن يقوم بدور الوصاية فيملي عليها إرادته، ويفرض عليها أن تتحرك في إطار حساباته هو البسيطة، وليس حساباتها هي المعقدة!
يقول قادة المقاومة إن إيران قدمت الدعم للمقاومة، وأنها منحازة لها، فيقرر أحدهم هذا من تلقاء نفسه أنه لا دعم، وأن عليها أن تنفض يدها من إيران الشيعية، ولا تتحالف إلا مع أهل السنة والجماعة، ولا تسأل أحدهم هذا: وأين زعماء الدول السنية؟ لأنك لن تسمع إلا استدعاء للتاريخ، والاعتصام بالجغرافيا، وإن كان معظم القادة هم إلى العدو أقرب منهم للمقاومة!
ينكر أحدهم هذا، وهو يتبوأ مقعد الوصي، زيارة هذا القائد أو ذاك لطهران، وما العمل لفك هذا الحصار الإقليمي عليها؟ لا رد، لأنهم يريدون حشر المقاومة في الزاوية كما فعلوا مع الرئيس محمد مرسي، الذي ألقى بكل ثقله على الدولة السنية الأم، فلما ضمنت أنه لا ناصر له، تآمرت عليه، تماما كما حدث مع حركة النهضة، التي كانت قد بدأت رحلتها بعد الثورة بالاقتراب من إيران، فتدخل المحور السني على الخط، انظر كيف انتهى الحال الآن؟!
المسرحية الإيرانية:
بالعقل والمنطق، أن المقاومة هي من تقرر خياراتها، وفق ظروفها، فهي أدرى بالتحديات التي تواجهها، لكن حزب أحدهم هذا، لا يتوقف عن القيام بدور الأستاذ المعلم، والوصي عليها، وكل ما قدمه هو هذا التعاطف المجاني!
المقاومة هي من تقرر خياراتها، وفق ظروفها، فهي أدرى بالتحديات التي تواجهها، لكن حزب أحدهم هذا، لا يتوقف عن القيام بدور الأستاذ المعلم، والوصي عليها، وكل ما قدمه هو هذا التعاطف المجاني
المقاومة تقول إنها تتلقى الدعم من إيران، وحزب أحدهم، الوصي على حركة الكون، يريد أن يطلع على تفاصيل هذا الدعم، ولو قدمت له قائمة بذلك، فسوف يستمر على موقفه!
يشكر أحد قيادات المقاومة الهجمات الإيرانية على تل أبيب، فينبري له أحدهم وحزبه رافضا أن يكون لهذه الهجمات أي أثر، فهي مجرد مسرحية تم الاتفاق عليها بين طهران، وواشنطن، وتل أبيب، بهدف إقناع سيادة أحدهم بأن إيران ضد أمريكا وإسرائيل!
على أيامنا كانت هناك أصوات نشاز، تصور إيران وثورتها على أنها حليف للولايات المتحدة الأمريكية، وهو تصور أفرزه العته العقلي، لكن القاعدة العامة كانت تعلم، وبدون توافر معلومات لديها، أن قطيعة القاهرة معها لم تكن منطلقة من إرادة مصرية، ففضلا عن أن الإقليم هو من كان يحدد سياسة مصر الخارجية في عهد مبارك، فإن مبارك في الشأن الإيراني كان يفعل هذا ترضية للجانب الأمريكي، ولا مانع بين الحين والآخر من الإعلان عن القبض على خلية شيعية، ولم يثبت في فترة أن تم إثبات تلقيها دعما ماليا من إيران!
لاحظ أن مصر أعلنت القبض على تنظيم "إنكار السنة" بقيادة الدكتور أحمد صبحي منصور، "عربون محبة" في وقت كانت تجري تفاهمات مع الجانب السعودي لعودة العلاقات بعد القطيعة في عهد السادات، ومال الأجهزة الأمنية بمن ينكر السنة، أو يأخذ بالأحاديث الضعيفة، أو الموضوعة، أو المنكورة؟!
وبعيدا عن التنجيم والتخمين، فقد ذكرت من قبل أن رئيس حزب الأحرار المصري مصطفى كامل مراد طلب من الرئيس مبارك السماح لقادة أحزاب المعارضة بالسفر لطهران، فليس من المنطق أن تقطع مصر علاقتها بدولة بحجمها، وكان جواب مبارك: "الأمريكان يزعلوا"، فلما أوجد له ثغرة، وهي أن يرد عليهم بأن السفر هو قرار الأحزاب، ولا سلطان له عليها.
بين الفارسية والشيعة:
ما علينا، فعندما ضاقت حلبة المناورة، وصار حديث المسرحية مردود عليه، تقدم أحدهم والذين معه خطوة للإمام في اتجاه الإفصاح عن أصل المشكلة! إن القادة في طهران يبحثون عن بعث مجد الإمبراطورية الفارسية. وماذا في هذا وأنت في المقابل تتحدث عن "الوحدة العربية".. وتاريخ العرب؟
البعض يتصور أن "العروبة" دين، ومن ثم فإن صح أن الإيرانيين يعتصمون بفارسيتهم فقد خرجوا على الدين، مع أن هذه عصبية وتلك عصبية، والإسلام فوق هذه العصبيات، ولا مانع من تعدد دوائر الانتماء، لكن الانتماء للإسلام يعلو على هذا كله ليكون الرابطة الجامعة للمسلمين، فلماذا تتحدث أنت عن العروبة، وتنكر عليهم الحديث عن دولة الفرس؟! وفي فخرك بصلاح الدين الأيوبي لا تعلم أنه كردي وليس عربيا.
وفي صدر الإسلام قال الرسول عن سلمان الفارسي "سلمان منا آل البيت"، وفي الوقت نفسه نزل قرآن يتلو ليوم القيامة يلعن الحسيب أبي لهب: "تبت يدا أبي لهب وتب".. ولم يستثن التوبيخ القرآني زوجته: "وامرأته حمالة الحطب"!
عندما ضاقت حلبة المناورة تماما، تم الإفصاح عن حقيقة الموقف، فتم التوقف عن دعاية إنها مسرحية إلى القول إنهم "شيعة".. هنا يمكننا القول إننا وصلنا لبيت القصيد!
وهو إعلان يلزمه دفوعا ثانوية هي أهم من الدفع الأصلي، فاستشعار العامة بخطورة المذهب الشيعي لا تتأتى إلا بذكر أنهم يسبون الصحابة: "عمر وأبي بكر وعثمان" رضوان الله عليهم.. وفي سياق آخر يتم التذكير بإباحة القوم لزواج المتعة.. وينهي الداعية السلفي المناظرة بالضربة القاضية مع الشيعي.. أريدك أن تزوجني زوجتك متعة، فيبتهج أنصاره!
ليس عندي دفاع عن زواج المتعة، لكن هذا إهانة لفترة كان مباحا فيها بإجماع أهل السنة، فهل كان الصحابة بمقتضى اباحته يتمتعون بزوجات بعض؟!
أما سب الصحابة رضوان الله عليهم، فلا يستطيع أحد أن يأتي بخطبة لقيادة إيرانية فعلت، فهناك منع لذلك، ولا أنكر أنها السياسة، لكني في الوقت ذاته لا أنسى أن عهدا بأكمله سبت فيه فاطمة الزهراء، وعلي كرم الله وجهه، والحسين سيد الشهداء، على أعواد المنابر الرسمية، وهذا لا يمنع من انحياز أحدهم هذا لهذا العهد!
ليس عندي دفاع عن إيران، ليس في اعتصامها بالمذهب الشيعي، ولكن في تمسك الدولة الإيرانية بأنها مرجعية المذهب، وسعيها لأن تهيمن به على المنطقة، كما هتف في وجهي شيعي مصر: "الدعم الإيراني لا يصل إلينا، إنهم يدعمون التشيع السياسي لا المذهبي"، وذلك عندما قلت له بعد الثورة مازحا: لقد انتهى نفوذ جهاز أمن الدولة، وصار من حقكم تلقي التمويل الإيراني!
فليس عندي إنكار، لأن إيران تريد أن تتوسع على حساب المنطقة، وليس عندي دفاع عن انحيازهم لغزو العراق، مع أن من أهل السنة من أيدوا ذلك، وليس عندي دفاع عن مساعدتهم لبشار الأسد في جرائمه ضد الشعب السوري بعد الثورة!
وليس عندي دفاع عن انحيازهم للانقلاب العسكري في مصر، ظنا منهم أنه سيوفر لهم موضع قدم مع السلطة الجديدة، فخابت حساباتهم، وفي الحقيقة أن حساباتهم في مصر كلها خائبة، وكثيرا ما وقعوا في حبائل نصابين وهم يسعون لأن يكون لهم حضور في قاهرة المعز!
المشروع الإيراني يكون الرد عليه بمشروع سني، والمشروع الصفوي (إن صح)، يكون الرد عليه بمشروع عربي، وما يستوجب على الحكام القيام به، لا يكون البديل له هو اندفاعات أحدهم وحزبه؛ حزب تحدي الملل
ومع هذا الموقف من التقارب مع العسكر في بداية انقلابهم، لم نجد هناك غضاضة في تقارب المقاومة مع النظام المصري، فهي صاحبة الحل والعقد، وهي من تحدد خياراتها في حرية تامة!
لكن المشروع الإيراني يكون الرد عليه بمشروع سني، والمشروع الصفوي (إن صح)، يكون الرد عليه بمشروع عربي، وما يستوجب على الحكام القيام به، لا يكون البديل له هو اندفاعات أحدهم وحزبه؛ حزب تحدي الملل!
وإن تجاهلت فلن أتجاهل هذه المذهبية البغيضة التي تجلت لنا بإعدام الرئيس صدام حسين في يوم عيد الأضحى للمسلمين السنة، وكان إعدامه وطريقته قرارا إيرانيا، لا تخطئ العين دلالته!
بيد أني مؤمن بأن المد الشيعي لن يأخذ من المنطقة إلا من يأخذه الريح من البلاط، وهو ما تؤكده دروس التاريخ ومؤمن أن الأنظمة العربية لن تسمح له بالتمدد ومرجعيته طهران، حفاظا على كراسيها، ومؤمن -كذلك- بأن حتى التشيع السياسي ليس له مستقبل، وهو ما كان في أوجه بعد انتصار حزب الله في 2006، لكن الحزب بدد هذا الحضور، وقد حضر المذهب في الغزو الأمريكي للعراق، الأمر نفسه ينطلق على الدولة الراعية للمذهب، فاذا بهذا الحضور المفتوح يتحول إلى عهن منفوش!
وقبل هذا وبعده، فأنا مع أي حجر يلقى على العدو، وإن ألقاه كافر لا يؤمن بالله واليوم الآخر، ومع حق المقاومة في اختيار حلفائها، فالتنوع هو ما جعل لها هذه القوة، في وقت انهارت مشروعات في المنطقة، لأن خصومها هم من حددوا لها حدود حلبة المصارعة.
وإذا كان أحدهم يعتقد أنه بمجرد التعاطف صار له حق الوصاية.. فبناقص!
ليتهم يتعاطفون مع إسرائيل!
twitter.com/selimazouz1
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المقاومة إيران مصرية إسرائيل إيران مصر إسرائيل فلسطين المقاومة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أحدهم هذا من إیران
إقرأ أيضاً:
التايمز: إيران "المكشوفة" تخشى الانتقام من إسرائيل
عندما نفذت إسرائيل غارتها الجوية الثانية على إيران الشهر الماضي، رداً على هجوم صاروخي إيراني، قللت طهران من أهمية الغارات الجوية التي استهدفت العاصمة ووصفتها بأنها "محدودة".
طهران حذرة من الرد بينما دفاعاتها الجوية معطلة
ومع ذلك، فقد توعدت طهران بالرد، وقالت هذا الأسبوع إن الانتقام سيكون "حاسماً".
وتقول صحيفة "التايمز" البريطانية إن هذا التهديد قد لا يتحقق في ظل تفكير إيران في موقفها الهش، فقد دمرت الغارات الجوية الإسرائيلية في 26 أكتوبر (تشرين الأول) جميع بطاريات الدفاع الجوي الروسية الصنع من طراز إس 300، والعديد من منشآت الرادار على طول ممر يترك البلاد تحت رحمة إسرائيل، وفقاً لمسؤول غربي مطلع على الأضرار.
وقال: "ستستغرق إعادة بناء الدفاعات الجوية عاماً كاملاً. وهذا سيجعلهم يفكرون مرتين قبل ضرب إسرائيل".
Tehran is wary of retaliation while its air defences are crippled — and unrest is growing among a population weary of hardline Islamist rulehttps://t.co/bJOjewhhJA
— The Times and The Sunday Times (@thetimes) November 21, 2024
وجاءت الغارات الجوية ردا على إطلاق إيران عدة مئات من الصواريخ الباليستية على منشآت عسكرية في إسرائيل، في أعقاب اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، إلى جانب مسؤول عسكري إيراني كبير. وتسببت هذه الاغتيالات، أثناء الهجوم الإسرائيلي الذي دمر الميليشيا المدعومة من إيران، في إحراج طهران بشدة، التي انتقدها أنصارها لعدم تدخلها.
ولكن إيران تدرك أن التفاوت لم يكن قط أكثر وضوحاً بين قوة مثل إسرائيل، وجيشها ضعيف التسليح ودفاعاته الجوية المتقادمة والميليشيات المتحالفة معها. ففي موجة واحدة من الغارات الجوية، نجحت إسرائيل في شل الدفاعات الجوية الإيرانية وعرقلة برنامج تصنيع الصواريخ لديها.
Systemic Failure of Israel’s Air Defense systems. Hebrew media had a black out on casualties right now.
In case of a response, Iran has vowed to send 1000 more… pic.twitter.com/lUnjSSeQIH
ولكن إيران تخشى أن تكون الضربة التالية أكثر تجرؤاً. فقد أشارت إسرائيل إلى أنها قد تضرب المنشآت النووية الإيرانية. وقال بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء، هذا الأسبوع إن أحد الأهداف في الضربات التي شنت في أكتوبر (تشرين الأول) أصاب "مكوناً" في البرنامج النووي الإيراني، في إشارة إلى منشأة بارشين. وقد نفت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تكون المنشأة نووية.
وتلفت الصحيفة إلى أن مخاوف إيران تمتد إلى ما هو أبعد من برنامجها النووي الضعيف. ففي خطابين مسجلين بالفيديو موجهين إلى الشعب الإيراني، شجع نتانياهو الإيرانيين على الانتفاضة ضد النظام غير الشعبي الذي يقوده المرشد الأعلى آية الله خامنئي، الذي يبلغ من العمر 85 عاماً، والذي ينشغل بمسألة خلافته.
ويفضل المرشد ابنه مجتبى لهذا المنصب بعد وفاة المرشح الآخر، الرئيس إبراهيم رئيسي، في حادث تحطم مروحية في وقت سابق من هذا العام. وأدى الصراع مع إسرائيل في خضم الاستعدادات الجارية للخلافة إلى مزيد من التوتر.
أدرك النظام الإيراني دائماً يدرك أنه يقاتل على جبهتين: جبهتان خارجيتان، في الأساس ضد إسرائيل من خلال وكلائها الضعفاء الآن، وحرب داخلية ضد غالبية مواطنيه، الذين يعارضون حكمه الإسلامي المتشدد.
اضطرابات اجتماعية
وسادت موجة من الاضطرابات الاجتماعية في البلاد في أعقاب وفاة مهسا أميني في عام 2022، التي توفيت في مركز احتجاز للشرطة بعد أن ألقت الشرطة الأخلاقية القبض عليها بزعم عدم ارتدائها الحجاب.
وفي الوقت نفسه، أجبرت إعادة فرض العقوبات الأمريكية في عام 2018 الحكومة على زيادة الضرائب على شعبها وإدارة عجز ميزانية متضخم، مما أبقى التضخم السنوي قريبًا من 40 في المائة. وسجلت انتخابات البرلمان والرئاسة هذا العام رقماً قياسياً في انخفاض نسبة المشاركة حيث دعت المعارضة إلى المقاطعة.