وكيل الأزهر: الإسلام من أعدل المناهج لتحقيق التعارف والتواصل وخدمة الإنسانية
تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT
قال وكيل الأزهر فضيلة الأستاذ الدكتور محمد الضويني أن ثقافة السلام والتسامح التي تحيا بها بلادنا هي فضيلة إسلامة إنسانية بامتياز، حث عليها وحي السماء، وغرسها في نفوس البشر وضمائرهم من أجل التخلي عن الأمراض الاجتماعية، والنفسية والثقافية، كالكراهية والحقد والعنف وغيرها من الأمراض التي تترك آثارا هدامة في حياة الأفراد والمجتمعات.
ولفت إلى أن السلام والتسامح قد حظيا في الشرائع بقسط وافر من النصوص، فما من دين عرفته البشرية إلا ورسالته تحمل السلام والمحبة والعفو، ولو أن أتباع الوحي سلموا قوادهم لنصوصه الواضحة لما خشي أحد على نفسه ولو نام بين ترسانة سلاح، و ما خشي على ماله ولو كان ملقى في عرض الطريق، ولكن الواقع يشهد أن كثيرا من الناس ممن يدينون بدين سماوي، ومما لا يدينون بدين أيضا، يفتقدون الأمن والسلام، وتشوب حياتهم مظاهر خوف وفزع، وكأن أوامر السماء وتوجيهات الأنبياء والمرسلين والمصلحين، تتردد في عالم غير عالمنا, يخاطب بها غيرنا.
وأوضح وكيل الأزهر خلال كلمته بالجلسة الافتتاحية لمؤتمر «الثقافية الإعلامية والمعلوماتية»، بجامعة الدول العربية، أن السلام والتسامح ضمانة حقيقية لاستقرار الأمم والشعوب ورقي المجتمعات ونهضتها، وتكاد الشرائع السماوية تتفق في الدعوة إلى الأخلاق ورفض الأفكار والأفعال البشرية المنحرفة، ليس فقط في العناوين العامة، وإنما تكاد تتفق في الألفاظ، ولا غرابة في ذلك، فالله وحده هو الذي شرع القيم و الفضائل، وإن اختلفت ألسنة الأنبياء والمرسلين لا فتا أن الناظر بتأن فيما تضمنته تعاليم الملل الأخرى يجد بابا كبيرا للسلام والتسامح فيها، مما يؤكد أن السلام هو الأصل وأن التسامح بين البشرية مطلب ديني إنساني نبيل أرادته الحكمة الإلهية واقتضته الفطرة الإنسانية السوية، وأوجبته النشأة الاجتماعية وفرضته المجتمعات المتحضرة.
وثيقة المدينة كانت دستورا ينظم العلاقات بين مكونات المجتمع
وأشار وكيل الأهر ان في الإسلام فقد تعددت نصوص القرآن والسنة، مضيفا أن وثيقة المدينة قدمت دليلا عمليا يشرح كيف أقام النبي صلى الله عليه وسلم المجتمع الإسلامي الجديد على تأكيد السلام والتعايش السلمي والتسامح والتعاون بين أبناء المجتمع، فكانت وثيقة المدينة دستورا ينظم العلاقات بين مكونات المجتمع الجديد مع اختلاف أعراقهم وعقائدهم وتوجهاتهم، على أساس متين من المواطنة التي تقيم فيهم العدل وتحفظ عليهم الأمن وتحمي الدولة الجديدة من أي عدوان خارجي.
وبين فضيلة الدكتور محمد الضويني أن الإسلام الذي جاء به رسول الإنسانية محمد صلى الله عليه وسلم لم يقف بالسلام والتسامح عند حد التنظير، وإنما نقله إلى واقع حين دعا في آياته إلى العفو والصفح وجعل مكافئة أهل التسامح أن ينيلهم عفو الله مغفرته، قال تعالى: "إِن تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَن سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا"، وقال عز وجل: " وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم"، ونقله إلى واقع حين ربى أتباعه من خلال تعاليمه على قبول الخلاف والتعددية في الحراك العلمي، وهذه الجملة المأثورة عن العلماء والفقهاء ناطقة بذلك، فقد كانوا يقولون "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب"، مشددا أن الإسلام قد نقله إلى واقع حين جعل الإيمان بجميع الأنبياء السابقين ركنا من أركان العقيدة، قال تعالى: "قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم" بل دعا إلى التواصل الفعال مع أتباعهم ما دامت السماحة حاكمة، قال تعالى: "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين"، وبهذا السلام والتسامح البناء، يشهد التاريخ الإسلامي، فكم من دولة وخلافة وإمارة وحكومة عاش فيها جنبا إلى جنب مسلمون وغير مسلمين، والأمثلة كثيرة.
وأكد وكيل الأزهر ان من حق هذا البلد الطيب أن نصون أرضه وأن نسعى في ترجمة مبادراته الطيبة إلى واقع عملي، وأن نعمل على تعميمها ونشرها في كل ربوع العالم، فهذا هو المحك الحقيقي الذي يفرق به بين الصدق والكذب في حوار الحضارات والتقائها، في الوقت الذي تقوم فيه دول وأجهزة بتجزئة قيم التواصل والتعايش والتسامح، والكيل فيها لا بمكيال واحد ولا بمكيالين، بل بعدة مكاييل، فتمنح من حقوق الإنسان وتمنع منها بحسب اللون والجنسية وغير ذلك من معايير مصطنعة تأباها الفطر السليمة والعقول المستقيمة، فضلا عن الأديان، مشيرا إلا أننا وإذ نشكر هذه التوجهات التي تشتد حاجة العالم المعاصر إليها، فإننا نؤكد أن الإسلام من أعدل المناهج لتحقيق التعارف والتواصل، وأن الإسلام يدعم التعايش بين مكونات المجتمع ويهدف إلى خدمة الإنسانية وتحقيق مصالح البشرية ونؤكد في الوقت نفسه أن السلام والتسامح الحقيقي لا يعني أبدا التفريط في الحقوق ولا الاعتداء على الخصوصيات ولا مسخ الهويات ولا الإساءة إلى المعتقدات ولا انتهاك حقوق المستضعفين ولا تشويه التاريخ والحقائق، وأن التسامح يمشي على ساقين لا على ساق واحدة، ويرى بعينين لا بعين واحدة، والتسامح الذي نبذله لغيرنا لا بد أن يقابله تسامح يبذله غيره لنا، وإلا استحال الأمر تخاذلا وهوانا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: وكيل الأزهر ثقافة السلام السلام والمحبة الأمن والسلام الأنبياء السلام والتسامح وکیل الأزهر أن الإسلام أن السلام إلى واقع
إقرأ أيضاً:
ورشة عمل لمركز تهامة: آليات التحفيز السياسي لتحقيق السلام والتنمية المستدامة
شمسان بوست / مأرب:
ناقشت ورشة عمل عقدت، اليوم، بمأرب وسائل وآليات التحفيز السياسي لبناء سلام مستدام وتنمية شاملة في اليمن نظمها مركز تهامة للدراسات والتنمية ضمن برنامج التحفيز السياسي لانجاح مسارات السلام الذي يتبناه المركز.
وهدفت الورشة التي شاركت فيها نخب سياسية واكاديميون وقانونيون وحقوقيون واعلاميون ونساء قياديات، الى وضع رؤية اولية لوسائل وآليات التحفيز السياسي التي تدعم عملية الاستقرار والسلام المستدام والتنمية الشاملة بعد ان وصلت العملية السياسية في اليمن الى افق مسدود.
وتناولت الورشة ثلاثة محاول شملت، تحليل دراسة التحفيز السياسي التي اعدها المركز واستخلاص ابرز التحديات والفرص والتوصيات، وتحليل تأثير الاطراف الخارجية والمتغيرات الدولية والاقليمية على عملية السلام، وابرز برامج العمل والانشطة التي يجب ان تصمم لدعم التحفيز السياسي لصناعة سلام مستدام.
واوضح رئيس المركز مرزوق الغرباني، ان هذه الورشة هي باكورة مجموعة من الانشطة والفعاليات التي يتضمنها برنامج التحفيز السياسي القائم على دراسة ميدانية استمرت لمدة عام كامل واجرت مقابلات ولقاءات مع اكثر من 100عينة من مختلف القوى وشرائح المجتمع والفاعلين الدوليين والخروج بتوصيات ستناقشها الورشة على ضوء المتغيرات المحلية والاقليمية والدولية.
ولفت الغرباني الى ان برنامج التحفيز السياسي يقوم بجوهره على استثارة الدوافع الداخلية مثل الشعور بالمسؤولية الوطنية والانتماء المجتمعي وتقديم محفزات خارجية مثل المنافع الاجتماعية والاقتصادية، الى جانب تعزيز المشاركة الشعبية بما يساهم في ببناء المؤسسات السياسية والمؤسسات الحكومية، وتحقيق التغيير السياسي والاجتماعي في بيئة غير مستقرة الى جانب ضمان تمثيل جميع فئات المجتمع في العملية السياسية لتحقيق سلام دائم وتنمية شاملة.