معهد تيودور بلهارس ينظم المؤتمر العلمي لأمراض الجهاز الهضمي والكبد
تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT
نظم معهد "تيودور بلهارس للأبحاث"، بالتعاون مع كلية الطب جامعة القاهرة، ومستشفى بوجون الفرنسية، وجامعة باريس سيتيه، المؤتمر المصري الفرنسي الثاني عشر لأمراض الجهاز الهضمي والكبد.
وظائف متاحة في معهد تيودور بلهارس للأبحاث بروتوكول تعاون بين معهد "تيودور بلهارس" وجامعة الجلالة الأهليةجاء ذلك برعاية الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، وفي إطار تكثيف الاهتمام بالتعاون الدولي بين المؤسسات التعليمية والبحثية المصرية ونظيرتها الأجنبية بما يُساهم في رفع قدرات الباحثين المصريين وتحسين جودة مخرجات الأبحاث العلمية، والارتقاء بتصنيف الجامعات والمراكز البحثية في التصنيفات العالمية، وكذا الاهتمام بتطبيق مبدأ "المرجعية الدولية" ضمن الإستراتيجية الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي التي أطلقتها الوزارة في مارس 2023، بحضور إريك شوفالييه السفير الفرنسي بالقاهرة.
وأشار الدكتور محمد شميس مدير معهد تيودور بلهارس للأبحاث، إلى أن فعاليات المؤتمر شهدت مشاركة الجانب الفرنسي بعدد من المحاضرات حول "علاج أورام الغدد الصماء البنكرياسية"، و"كيفية متابعة حالة المريض بعد تعرضه لالتهاب البنكرياس"، وكذا "سرطان الكبد والتوجه للعلاج الجيني"، فيما جاءت مشاركة الجانب المصري بعدد من المحاضرات حول "دور التصوير المقطعي بالموجات فوق الصوتية في تشخيص وعلاج أورام البنكرياس العصبية"، و"دور منظار الكبسولة في التشخيص"، فضلًا عن محاضرة حول "الاستراتيجيات المتطورة في الرعاية الأولية لسرطان الكبد والآفاق المستقبلية"، ومحاضرة عن "زراعة الكبد - المؤشرات والنتائج"، و"العلاج بالمناظير لمرض الارتجاع المعدي المريئي"، و"عمليات زراعة الكبد".
وأوضح مدير معهد تيودور بلهارس أن التعاون بين معهد تيودور بلهارس للأبحاث ومستشفى بوجون بفرنسا يعود لعام 2007 من خلال توقيع اتفاقية تم تجديدها مرتين في عامي (2012، و2017)، ثم كانت النسخة الرابعة لهذه الاتفاقية في عام 2023، حيث شهدت انضمام كلية طب قصر العينى، وجامعة باريس سيتيه، مشيرًا إلى أن هذا التعاون يتضمن الأبحاث العلمية المشتركة، وتدريب الأطباء، وعقد المؤتمرات العلمية، وتنظيم الندوات المشتركة، وتبادل الباحثين بين مصر وفرنسا، كما توجه بالشكر للدكتور أحمد الراعي أستاذ أمراض الجهاز الهضمي والكبد بالمعهد لدوره كمنسق لهذه الاتفاقيات وكذلك للمؤتمر.
وأوضح مدير معهد تيودور بلهارس أن الاتفاقية تعُد من أنجح أشكال التعاون التي شهدها المجال البحثي العلمي والطبي بين مصر وفرنسا، حيث نتج عنها العديد من اللقاءات العلمية، وورش العمل في مجال استخدام التقنيات الحديثة فيما يتعلق بالجهاز الهضمي والكبد والمناظير، والتي اكتسبت بدورها موقعًا متميزًا وفريدًا في المؤتمرات العلمية وخاصة مؤتمرات الجهاز الهضمي والكبد بمصر، كما حققت الاتفاقية نجاحًا في تنفيذ العديد من الأبحاث المشتركة، فضلًا عن مشاركة الخبراء وأساتذة الجهاز الهضمي والكبد من الجانبين المصري والفرنسي.
ولفت مدير معهد تيودور بلهارس إلى أنه منذ توقيع الاتفاقية تم عقد 12 لقاءًا علميًا سنويًا بين مستشفى بوجون وقسم أمراض الجهاز الهضمي والكبد بمعهد تيودور بلهارس للأبحاث، حاضر فيها نخبة من الأساتذة في مجال أمراض الكبد والجهاز الهضمي من الجانبين الفرنسي والمصري، كما استقبلت مستشفى بوجون عددًا كبيرًا من الأطباء والباحثين من المعهد للتدريب في مجالات؛ (الأشعة والمناعة والبيولوجيا الجزيئية وعلم الأمراض، وأمراض الكبد، والجهاز الهضمي، وعلم الأحياء الدقيقة، والكيمياء الإكلينيكية)، بالإضافة إلى نشر الكثير من الأبحاث في دوريات عالمية بالتعاون مع الأقسام المختلفة في مستشفى بوجون، ومعهد تيودور بلهارس للأبحاث.
وأعرب السفير الفرنسي عن سعادته بحضور هذا المؤتمر الهام الذي يعكس التعاون بين الجانب المصري ونظيره الفرنسي، مشيرًا إلى برنامج "إمحوتب" للتبادل العلمي والثقافي بين مصر وفرنسا، والذي يضم جميع التخصصات العلمية، وكذا الاستعداد لإطلاق برنامج جديد للدرجات العلمية خاص بطلاب الماجستير والدكتوراه، والذي سيتم إطلاقه بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في عام 2026.
جدير بالذكر أن المؤتمر شهد حضورًا مميزًا من الأساتذة والمتخصصين من كلا الجانبين المصري والفرنسي، وشارك في المؤتمر لفيف من الخبراء في أمراض الجهاز الهضمي والكبد من كل من مصر وفرنسا من بينهم، د. حسين عكاشة أستاذ ورئيس شعبة أمراض الجهاز الهضمي والكبد بقسم الطب الباطني بكلية الطب جامعة القاهرة، ود. تامر الباز أستاذ أمراض الكبد والجهاز الهضمي وطب الأمراض المتوطنة بطب قصر العينى ومنسق عام المؤتمر، ود. محمد بوعطور رئيس وحدة الأورام الكبدية والابتكار العلاجي الوظيفي بقسم أمراض الكبد بجامعة بوجون، ود.صافي دقماق بقسم جراحة الكبد بمستشفى بوجون، ود. أيمن عبدالعزيز رئيس قسم الجهاز الهضمي والكبد بمعهد تيودور بلهارس للأبحاث، ود. أحمد نبيل أستاذ الجراحة العامة واستشاري جراحات البنكرياس والكبد بكلية الطب جامعة القاهرة، وحضر من الجانب الفرنسي، د. فينسيان ريبورس رئيس قسم أمراض الجهاز الهضمي والبنكرياس بمستشفى بوجون جامعة باريس سيتيه، ود. فاليري باراديس رئيس قسم الباثولوجي بكلية الطب جامعة باريس سيتيه ومستشفى بوجون، ود. فيليب روسزنيفسكي عميد كلية الطب بجامعة باريس سيتيه وأستاذ أمراض الجهاز الهضمي والبنكرياس.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: تيودور بلهارس تيودور بلهارس للأبحاث جامعة القاهرة كلية الطب الطب معهد تیودور بلهارس للأبحاث أمراض الجهاز الهضمی والکبد أمراض الکبد مصر وفرنسا الطب جامعة
إقرأ أيضاً:
مفارقة التقدم العلمي
في مقالنا السابق، عبرّتُ عن حاجتنا العاجلة إلى مراجعة علاقتنا بالأنظمة التقنية وآلية تفاعلنا معها بما تحمله من تأثيرات يمكن أن تخرجَ المجتمعات الإنسانية عن نمطها الإنساني السليم، ونستكمل في مقالنا الحالي شيئا من هذا التوجّس الرقمي الآخذ في التقدّم السريع الذي يطرق أبواب وعينا؛ لنعيد تحديد بُوصلتنا الإنسانية وفقَ أطرها العقلانية ومبادئها الأخلاقية؛ إذ ترسّخ في قاموس معارفنا أن التقدّم العلمي والتقني يمثّل تجسيدا لانتصار الإنسان على الجهل والمرض والعوز، ولكن مع هذا التقدم تتضاعف مشكلاتنا الوجودية بلباسها الجديد التي تهدد استقرار الإنسان النفسي والاجتماعي، وتنشأ تساؤلات تتعلق بالتقدم العلمي والتقني وضريبته التي تدفعها المجتمعات الإنسانية -رغم كل الفوائد الناتجة- فكيف يمكن أن يكون للتقدم العلمي وجه مظلم؟ ولماذا نشعر بالضياع والقلق كلما اقتربنا أكثر من تحقيق «الحلم التقني»؟
قبل عقود ماضية، كان الإنسان يرى في التقدّم وسيلةً للخلاص والتطوّر المحمود؛ حيثُ وضع آماله على التقدّم العلمي في إيجاد حلول لمشكلاته الكثيرة منها إطالة عمره، وتحسين صحته، وتخفيف أعباء العمل، وبات كثير من هذه الأمنيات حقيقةً واقعية؛ فأصبح متوسط عمر الإنسان أطول، والأمراض أقل فتكًا، وأصبحت الآلات تؤدي الكثير من المهام الشاقة. لكن في المقابل، زاد التقدمُ العلمي الفجوة النفسية والاجتماعية؛ فتقلصت مستويات السعادة، وزادت معدلات الاكتئاب والقلق والتوتر وفقدان المعنى والشغف؛ فارتفعت معدلات الجريمة والانتحار.
كان يفترض أن تمنحنا التقنية مزيدًا من الوقت للراحة والتأمل، ولكنها -في بعض حالاتها غير الموزونة- جعلتنا عالقين في دوامة لا تنتهي من الإدمان الرقمي، والمقارنات الاجتماعية، وانعدام المعنى؛ فبدلًا من تحقيق الراحة المنشودة، أصبحنا عبيدًا للهواتف الذكية، ووسائل التواصل الاجتماعي، والعمل المستمر دون انقطاع. كانت المجتمعاتُ الإنسانية التقليدية قائمةً على أنظمة اجتماعية وثقافية مستقرة تمنح الإنسان إحساسًا بالهوية والانتماء، ومع تطوراتنا العلمية، قادت العولمة الرقمية والتقدم التقني إلى تفكيك هذه البنى؛ لتجعل الفرد يشعر بالعزلة والاغتراب رغم تضاعف الارتباط بين المجتمعات الإنسانية في العالم بسبب النشاط التقني وانتشار وسائله التواصلية، ولكن في المقابل، باتت هذه المجتمعات وأفرادها أكثر تفككًا من الناحية العاطفية؛ فتهاوت القيم الأخلاقية وضعفت المكتسبات العقلية والمعرفية العميقة، وتحولت الحياة إلى سباق مفتوح من الاستهلاك والتطوّر المستمر بلا هوادة؛ ليفقد الإنسان أهم تساؤل فطري ينبغي للعقل البشري أن يثيره: لماذا؟
سبق أن وصفتُ الإنسانَ الحديث بالإنسانِ الرقمي؛ لاقترانه الكبير بالتقنيات الرقمية التي قرّبته من معارف كثيرة -رغم سطحيتها- لم يكن من السهل بلوغها مع زمن سابق يندر فيه مثل هذا الاقتران الرقمي، ورغم كل الوسائل التقنية المتاحة له، نجده يعاني من شعور دائم بأنه ضائع في متاهات الحياة التي تؤرقه بمستجداتها الفاتنة ذات المعايير المثالية، ولم تعد هناك حقائق مطلقة؛ إذ تراجعت الفلسفة أمام العلم مفتوح المصادر، وتحولت الأسئلة الوجودية العميقة إلى قضايا «لا عملية» لا تحظى بالاهتمام ولا تثير دهشة العقل، والأدهى أن يفقد الإنسان ذاته ومعنى وجوده؛ فكيف -حينها- يمكن لإنسان أن يعرف عن عالمه الفيزيائي المحيط فيما يكون عاجزًا عن فهم ذاته ومعنى وجوده؟
مع ظهور الذكاء الاصطناعي وتسارع تطويراته، اتسعت هذه المفارقة وضاقت حلولها؛ فبعد أن أخذت الظنونُ بالإنسان بأنه الكائن الأذكى في الوجود والأجدر في فهم قواعد الحياة -دون منافس- وحل ألغازها، يجد نفسَه الآن في مواجهةٍ مع كياناتٍ اصطناعية ذكية تتجاوزه في مستويات التفكير واتخاذ القرارات والإبداع؛ ليبرز السؤال المهم: أما زلنا مميزين؟ وهل سيفقد الإنسان قيمته في عالم تسيطر عليه الخوارزميات الذكية؟ تصل بنا حتمية واقعنا الحالي إلى نتيجة مفادها أن التقدّم في الذكاء الاصطناعي ومشتقاته مثل الروبوتات الذكية وأنظمة التواصل الرقمية ليس مجرد إنجاز علمي، ولكنه بمنزلة التحدي الوجودي الذي فرض واقعه علينا بكل ثقل؛ ليعيد الإنسانُ صياغةَ مفهوم المسائل الوجودية ومشكلاتها الجديدة؛ فسبق أن أسس الإنسانُ تقدمَه على فكرة تفرّده بالعقل ومركزيته الوجودية؛ فإذا فقد هذه المَيزة لصالح الذكاء الاصطناعي، فما الذي سيبقى له؟ مثل هذه الأسئلة، لم تكن تطرح إلا في الفلسفات القديمة على سبيل المنحى الفلسفي النظري الذي لا يعوّلُ على واقعٍ ملموس وقطعي؛ لتصبح اليوم قضايا عملية يمكن أن تحدد مصيرنا مجتمعاتٍ وأفرادًا.
كل ما سقناه في الأعلى من تأملات تخص مفارقة التقدّم العلمي؛ فإنها لا تسوّق حصر المشكلة في التقدم العلمي بحد ذاته، ولكن في آلية استعمالاتنا للتقنيات المصاحبة للتقدم العلمي واستيعابنا لضرورة تحقيق التوازن بين الممارسة الرقمية والممارسة الإنسانية بجميع أبعادها؛ فينبغي أن تكون التقنية أداةً لخدمة الإنسان، لا سجنًا يفرض عليه أنماطَ حياةٍ غير طبيعية. نحن بحاجة إلى فلسفة جديدة تواكب هذا التقدّم وتعيد التوازن بين العلم والروح المنسية في زحمة التطوّر العلمي غير المحكم والموزون وبين المادية والمعنى وبين الذكاء الاصطناعي والذكاء العاطفي. نحن بحاجة إلى إعادة تعريف النجاح والتقدّم؛ فلا يقاسان بمعدلات النمو الاقتصادي أو الاكتشافات العلمية فحسب، ولكن بمقدار ما يضيفانه إلى حياة الإنسان من سلام داخلي وتوازن نفسي. علينا أن نتريّث قليلا قبل كل خطوة نخطوها نحو التطور التقني؛ لنسأل أنفسنا: أهذا التقدم يجعلنا أكثر سعادةً، أم أنه سباقٌ مجهول النهاية؟ إن المفارقة الحقيقية ليست في التقدم ذاته، ولكن في عدم قدرتنا على استعماله بحكمة؛ فالتقنية، كما قال الفيلسوف الألماني «مارتن هايدغر» ليست مجرد أدوات، وإنما طريقة جديدة لرؤية العالم، وإن لم نتحكم في هذه الرؤية ومساراتها؛ فإننا نجد أنفسنا في عالم متقدم تقنيًا، لكنه خالٍ تمامًا من الروح والمعنى الذي سنفقد بسببه مغزى الوجود والتقدّم المفيد.
د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني