تستمر فعاليات ملتقى القاهرة الأدبي السادس في يومه الثاني والذي انقسم لندوتين هامتين، الأولى تحت عنوان "الكتابة على جدران المدن: كيف نكتشف ذواتنا بالفن والكتابة الإبداعية". والتي استضافت الكاتبة الهولندية كريستين أوتن، وهي مخرجة مسرحية وصحافية موسيقية، صدر لها عن دار صفصافة للنشر ترجمة لروايتها (الشعراء الأخيرون) بترجمة للكاتب والمترجم المصري عبد الرحيم يوسف وقد صدرت تلك الرواية بالهولندية عام 2004 ثم تُرجمت للإنجليزية بقلم الموسيقي والمترجم الأمريكي جوناثان ريدر عام 2016.

 والكاتبة المصرية بسمة عبد العزيز، وهي طبيبة نفسية ودارسة لعلم الاجتماع والنفس وفنانة تشكيلية، كما أنها ناشطة في مجال حقوق الإنسان وحاصلة على جائزة ساويرس الثقافية لشباب الادباء، ومن أهم رواياتها رواية (الطابور) ولها مجموعتان قصصيتان، والعديد من الدراسات النفسية والاجتماعية، وقد أدارت الندوة الكاتبة المصرية (رشا سنبل) وهي كاتبة روايات لليافعين والناشئة ومحاضرة في المدارس الابتدائية والإعدادية للتوعية بأهمية القراءة وآثار التنمر، وأسست وتدير الصالون الأدبي ( بيت الراوي) لمناقشة وتحليل الروايات. 

 

بدأت الندوة بالحديث عن أهمية التدوين والتي تعتبر كالكتابة والرسم على الجدران منذ الطفولة، فالتدوين هو ذاكرة الأمم، وقد تحدثت الكاتبة كريستين أوتن عن روايتها (الشعراء الأخيرون)، وعن تجربتها المختلفة بتدوين وتوثيق لحياة أربعة شعراء أفرو-أمريكيين كانوا من اشهر الشعراء في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وهم (عمر بن حسن، فيليب لوتشيانو، ديفيد نيلسون، أبيودون أويول). وقد أُطلق عليهم الشعراء الأخيرون، كما أنها ألقت الضوء على أعضاء هذه الجماعة الشعرية الموسيقية، وهم الآباء المؤسسون لأغاني الراب في الثمانينيات. وكيف غير الأدب من واقعهم المظلم، وتغيرت حياتهم للأفضل، وتأثير ذلك على من حولهم وتحول حالة الغضب التي تنتابهم، لحالة من الإبداع. 

وقد تحدثت الكاتبة والفنانة التشكيلية بسمة عبد العزيز عن كيفية تغيير الفن للواقع، إما أن يزيده إمعانًا في مساوئه أو العكس، فالفن قد يكون أداة لتزييف وتجميل الواقع، أو تنقله كما هو، كما أن دراستها للطب النفسي والفن التشكيلي وكافة العلوم الإنسانية، يجعلها تستوعب أي سلوك فردي أو جمعي، وهذا يؤدي إلى زيادة القدرة على التعبير والإبداع بشكل أفضل. وهذا تمثل في رواياتها. 

الندوة الثانية في فعاليات اليوم الثاني تحت عنوان (تقاطعات المدينة والنص: كيف تُعيد المدن تشكيل حكاياتنا) والتي حاضر فيها الكاتب الأمريكي ذات الأصول الإيرانية د.سالار عبده، والكاتبة المصرية والروائية ضحى عاصي وأدرات الندوة الكاتبة والمترجمة المصرية أميمة صبحي، وكانت الندوة سجال مثمر بين ثقافتين مختلفتين، د. سالار عبده الذي ترك طهران في بداية الثورة الإيرانية، واتجه لأمريكا، والكاتية ضحى عاصي التي سافرت وهي في سن السادسة عشر لروسيا لإكمال دراستها وهي ابنة مدينة صغيرة وهي المنصورة، وكيف أثرت المدن الكبيرة التي عاشوا ودرسوا فيها في تكوين إبداعهم، وشكلت تلك المدن حكاياتهم، وتمثل في الرواية المترجمة للعربية (طهران في الغسق) لسالار ورواية (غيوم فرنسية) و (104 القاهرة) للكاتبة ضحى عاصي. كما تحدث الكاتبين عن أهمية معرفتهم بأكثر من لغة وكيف أثر ذلك في معرفة الآخر، والتعرف على الثقافات الأخرى، وكيف أن المدن تتغير بعد الحروب، التي هي كاشفة للواقع المحيط بنا.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ملتقى القاهرة الأدبي

إقرأ أيضاً:

عُمان في «أوساكا».. عبور ناعم إلى الوجدان الإنساني

لا تبحث سلطنة عُمان عن حضور شكلي أو إداري حينما تبدأ مشاركتها في «إكسبو أوساكا 2025» الشهر القادم في اليابان، ولكنها تسعى بجهد كبير إلى ترسيخ صوتها الحضاري عبر استدعاء المنجز الإنساني الثقافي الذي أفرزته التجربة العمانية طوال القرون الماضية.. لتقول بصوت مسموع إن لديها من المنجزات ما يمكن أن يكون جسرا للتواصل بين الأمم والشعوب وما يمكن أن يكون أداة للترابط الحضاري والتبادل المعرفي.

لكن الصوت العماني الذي سيتردد في أوساكا بلغة عريقة محاطة بتاريخ طويل يملك أدوات العصر المعرفية والتكنولوجية ما يعني القدرة على التواصل بين مختلف الأجيال دون الحاجة للتفريط في الهُوية الثقافية أو في المبادئ والقيم.

وتكثف سلطنة عُمان جهودها قبل انطلاق المعرض العالمي الضخم الذي تستضيف اليابان نسخته الجديدة من أجل تقديم تجربة متكاملة تمزج بين التراث العريق والرؤية المستقبلية، مستفيدة من منصة المعرض التي يجتمع فيها العالم حول قيم الحوار والابتكار والإنسانية.

وتتميز التجربة العمانية في المعرض والتي كشف اليوم عن تفاصيلها بأنها تنحاز للطابع الثقافي الذي، يكاد، يحكم الرؤية العامة للجناح العماني، حيث رأت عُمان فتح نوافذ على العالم من خلال الفن، والإبداع، والتقنية المتقدمة، لتقدم للعالم سردية حضارية تليق بتاريخها ومكانتها، والتي من المنتظر أن تجد صدى واسعا لدى العالم التواق لسماع ورؤية تجارب الدول التي تنطلق من عراقتها ومن مبادئها وقيمها في لحظة تاريخية تبدو فيها هذه المفردات ضائعة وسط التحولات الكبرى والانكسارات المفجعة.

ويتضمن جناح السلطنة معارض بصرية وسمعية، ومسرحا افتراضيا، ومنصات للابتكار والتقنية، وكلها موجهة لتروي حكاية عُمان في مفردات يفهمها الجميع: حكاية الإنسان، والمكان، والإبداع. كما يشكل الحضور الإنساني للمبدع العماني بعدا مهما ينقل صورة عُمان كأرض تتنفس الفن وتحتضن الفكر وتحتفي بالإنسان.

ولعل المنصة الرقمية المصاحبة للجناح تمثل قفزة نوعية في كيفية تفاعل الدول مع العالم، إذ تتيح لسلطنة عُمان أن تواصل حضورها حتى بعد إسدال الستار على المعرض، وأن تحافظ على تواصلها مع الزوار عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي والواقع الممتد. وهكذا تتحول المشاركة من حدث مؤقت إلى حوار دائم، ومن عرض لحظي إلى جسر معرفي طويل الأمد.

ومن يتأمل تفاصيل مشاركة سلطنة عمان في المعرض وما يتضمنه جوهر المشاركة يدرك أنها نوع من الدبلوماسية الثقافية الراقية التي لا تفرض نفسها بالقوة ولكنها تتسلل إلى الوجدان العالمي بلغة الجمال والإبداع.. إنها بهذا المعنى رسالة سلام وفكر وهُوية، تؤكد مكانة سلطنة عمان في العالم والتي لا يشكلها الموقع الجغرافي بقدر ما تشكلها قدرتها على إلهام الآخرين وإبهارهم بثقافتها وبفكرها وقدرتها على بناء الثنائية التي تمزج بين الأصالة والمعاصرة، والتراث والتكنولوجيا والذهاب نحو المستقبل ولكن بمبادئ وروح القيم التاريخية التي أنتجها الفكر الإنساني عبر قرونه الطويلة.

وإذا كان العالم جادا في البحث عما يجمعه في هذه اللحظة الصعبة من تاريخه فسيجد في مشاركة سلطنة عُمان وما تحمله تلك المشاركة من مفردات صوت إنساني قوي يقول إن الثقافة هي الأرض التي يمكن أن يلتف حولها الجميع.. وأن المستقبل يصنعه من يمتلك الإرادة والرؤية... والروح.

مقالات مشابهة

  • عُمان في «أوساكا».. عبور ناعم إلى الوجدان الإنساني
  • القوات المشتركة والبراعة في التخطيط وخوض المعارك في حرب الاحراش وحرب المدن وحرب الصحراء وحرب الشوارع التي اذهلت العالم
  • نقابة الصحفيين تمنح الكاتبة الصحفية فاطمة الدسوقي جائزة الأم المثالية
  • قصور الثقافة تكرم الزميلة لولا عطا ضمن رموز العطاء والإبداع النسائي في احتفالية تكريم المرأة المصرية
  • معركة القصر الجمهوري.. كيف استعدت المليشيا وكيف احدث الجيش المعجزة
  • عبد المنعم السيد: تطور وتنامي مستمر في العلاقات المصرية الإماراتية
  • البغدادى ومحافظ القاهرة يتفقدان مطبخ المصرية بحي الأسمرات
  • قومي المرأة: مطبخ المصرية نموذج لتنمية مستدامة وتمكين اقتصادي للنساء
  • محافظ القاهرة يتفقد مبادرة «مطبخ المصرية بأيدى بناتها» بحى الأسمرات
  • صور.. محافظ القاهرة يتفقد مطبخ المصرية بأيدي بناتها