حسم فريق بحثي بقيادة علماء من جامعة "هونغ كونغ" الصينية جدلا استمر عدة أعوام بين باحثي علوم الأعصاب عن قدرات القوارض على العدّ، وذلك عبر إثبات وجود "حس عددي" لدى الفئران، وهو ما يوفر نموذجا حيوانيا لدراسة الأساس العصبي للقدرة على تنفيذ العمليات العددية لدى البشر، الأمر الذي يمكن أن يساهم في إيجاد علاجات لبعض حالات الإعاقة.

ويشير مفهوم الحس العددي إلى القدرة على التعامل مع الأرقام، ويشمل ذلك مهارات مثل تقدير وعد الأرقام والكميات ومقارنتها والتعامل معها عقليا.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4خبير: الذكاء الاصطناعي أقرب لذكاء القطط والكلاب من ذكاء البشرlist 2 of 4أشباح خفية أم حواس فائقة.. ما الذي تراه القطط ولا يراه البشر؟list 3 of 4آفاق جديدة لتطوير أجهزة الاستنشاق والشم.. الكشف عن البنية المعقدة لأنف القططlist 4 of 4هل تفهم الكلاب حقًا بعض ما نقول؟end of list

وعند البشر، يمكن للأفراد ذوي الحس العددي القوي فهم المعلومات الرقمية، والتعرف على الأنماط الرقمية، وتطبيق المفاهيم الرياضية في سياقات مختلفة وبسهولة أكبر، وتعتبر هذه المهارة الأساسية ضرورية لحل الكثير من المشكلات في الحياة اليومية.

حس عددي كبير لدى كائن صغير

وللتوصل إلى تلك النتائج التي نشرت في دورية "ساينس أدفانسز"، طور هذا الفريق خوارزمية تولد محفزات صوتية تسمح للحيوانات بالتركيز على الأرقام فقط مع تقليل عوامل التشتيت الأخرى.

وجاءت النتائج لتوضح أن الفئران يمكنها تطوير حس عددي عند تدريبها بأصوات تمثل رقمين أو ثلاثة أرقام.

وبحسب الدراسة، فقد اكتشف الباحثون عندما حجبوا جزءا معينا من أدمغة الفئران يسمى القشرة الجدارية الخلفية، أن قدرة الفئران على فهم الأرقام تأثرت بوضوح، مما يعني أنها منطقة حاسمة للمعالجة العددية لدى الفئران.

باحثون طوروا خوارزمية تولد محفزات صوتية تسمح للحيوان بالتركيز على الأرقام وتقليل عوامل التشتيت الأخرى (شترستوك) الفئران في خدمة البشر

ويشير ذلك بحسب بيان صحفي أصدرته جامعة "هونغ كونغ" الصينية التي أشرفت على الدراسة، إلى وجود دائرة عصبية مخصصة للإحساس بالأرقام، ويعطي هذا الكشف للباحثين نموذجا جديدا لدراسة القدرات العددية والإعاقات لدى البشر.

ويأتي هذا بشكل خاص في سياق ما يسمى "عُسر الحساب"، وهو إعاقة تعليمية تؤثر في قدرة الشخص على فهم الأرقام والتعامل معها.

وقد يواجه الأفراد الذين يعانون من عسر الحساب صعوبة في العمليات الحسابية الأساسية مثل الجمع والطرح والضرب والقسمة، بالإضافة إلى مفاهيم مثل حجم العدد وتسلسل الأرقام وفهم الرموز الرياضية، ويصل الأمر إلى التأثير في الأنشطة اليومية التي تتضمن العمليات الحسابية بالتبعية.

وأوضح الباحثون أن دراسة هذه المنطقة بشكل موسع مستقبلا يمكن أن تؤثر في نطاقات الذكاء الاصطناعي، ويمكن نمذجة الشبكات العصبية الإلكترونية لتحاكي الشبكات العصبية الموجودة في تلك المنطقة من أدمغتنا.

الحيوان والأرقام.. علاقة معقدة

ربما من المفاجئ أن تعرف أن الغالبية العظمى من الحيوانات التي درسها العلماء يمكنها التمييز بين أعداد مختلفة من الأشياء ضمن مجموعة ما، ويَظهر ذلك في الكثير من الحشرات والطيور والثدييات والبرمائيات والزواحف.

وأشار الباحثون في هذا النطاق على مدى عقود من الفحص، إلى أن الحيوانات ليس لديها مجرد حس بالأكبر والأصغر، بل لديها إحساس تقريبي بالكمية، بمعنى أن 1 يختلف عن 2 الذي يختلف عن 3، وهكذا.

بل وأشارت دراسة صدرت في نفس الدورية السالف ذكرها عام 2019، إلى أن النحل تحديدا يمكنه إجراء عمليات جمع وطرح، إذ شفّر باحثون العمليات الحسابية إلى أشكال عبارة عن مربعات ودوائر، وللوصول إلى الغذاء كان على النحل حل مجموعة من المسائل التي تتطلب جمع أو طرح الرقمين 3 و1.

وعلى بساطة الأمر، فإن ذلك يعني أن النحل كان قادرا على فهم رياضيات ذات مستويات متعددة، فهو أولا كان قادرا على تعلّم العدد، ثم وضعه في الذاكرة، ثم -في مستوى جديد- إجراء عملية جمع أو طرح، وهو ما أدهش العلماء.

وفي دراسة أخرى سابقة تمكن العلماء من التأكيد أن النحل يمكنه إدراك أحد أعقد المفاهيم الرياضية المجردة، وهو "الصفر" الذي يُعد مفهوما مجردا تماما لا يعبر عن شيء موجود لنعدّه (مثل عدد من التفاحات أو الهواتف الذكية أو الكرات مثلا).

وبالنسبة لنا نحن البشر فإن الأمر يبدو سهلا، لكننا كائنات ذات عقول معقدة بها أكثر من 80 مليار خلية عصبية، وحتى مع كل تلك القدرات لم نتمكن من ابتكار الصفر إلا حديثا في تاريخنا عندما بدأ علماء الرياضيات الهنود في بلورته كرقم وليس مجرد تعبير عن عنصر غائب، الأمر الذي طوره علماء الرياضيات في العصر الذهبي للحضارة العربية الإسلامية فيما بعد في ثورة تعد الأساس للرياضيات المعاصرة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات

إقرأ أيضاً:

قيم إسلامية: العدالة المجتمعية

#قيم_إسلامية: #العدالة_المجتمعية

بقلم : د. #هاشم_غرايبه

مقال الاثنين: 24 / 3 / 2025
كعادة الغرب دائما في إرجاع أصول الحضارة الإنسانية لهم، يدعون أن الإغريق هم أول من بحث في صلاح المجتمعات واقترحوا لذلك حلولا، لكن الحقيقة أنهم سبقهم فلاسفة بلاد ما بين الرافدين، مثل “أبيقار” الذي يعتقد أنه لقمان الحكيم الذي ورد ذكره في القرآن الكريم، ووضعوا قواعد تنظم علاقات الأفراد في المجتمع.
لم تتوقف الى اليوم محاولات البشر لتصور المجتمع العادل، فما تصوره المعلم الأول “أرسطو” والمعلم الثاني “الفارابي” في تكوين المدينة الفاضلة، لم تكن مجرد مثاليات أو أحلام، بل هي أفكار ممكنة التطبيق، لكن تحتاج الى ظروف معيارية في اختيار الحكم الذي يطبق تلك المعايير بعدالة.
لما كانت النوازع الأنانية والميل الى الإستئثار هي من طباع النفس البشرية، فقد كان من الصعب الإعتماد على صلاحية هذه النفس في التحكيم بالخلافات بين أفراد المجتمع حول الحقوق والواجبات، بل لا بد من تشريع واضح وحازم يتم الإحتكام إليه بدل تحكيم الرأي الشخصي، بمعنى يجب أن يكون هنالك مرجعية نزيهة ثابتة، هي فوق كل الآراء، وهي أبعد ما يمكن عن التحيز والهوى.
لا ينطبق هذا التخصيص إلا على حالة واحدة محددة، وهي أن يكون صادرا عن الإله الخالق الحكيم العليم بدقائق مصالح البشر وخفايا دوافعهم، وتفصيل ذلك الأمر مبين في كتاب لا يطاله التحريف ولا التزوير، هو القرآن الكريم.
لدواعي الموضوعية سوف نضع المنهجين: الإجتهاد البشري والتشريع الإلهي أمامنا للمقارنة.
آخر ما توصلت له البشرية بالتجريب هي قيم الليبرالية الحديثة، وهي التي تحكم كل مناحي الحياة الآن وفي جميع المجتمعات بلا استثناء، وتتلخص بتقديس حرية الفرد ضمن إطار يحدده قانون، إذن فالحرية هنا مقيدة بضوابط يحددها نظام الحكم الذي يملك السلطة رغم أنه يكتسبها من نظام انتخابي يمتثل لرأي الأغلبية.
وهكذا فمصدر التتشريعات هو هذه الأغلبية التي يتبين بالتحليل الدقيق أنها تمثل 13 % من المجتمع فقط، بمعنى أن رأي هؤلاء هو الذي يحدد القوانين الحاكمة للجميع، والتي يفترض بها أن تمنع طغيان هذه الحرية على حقوق الآخرين، لكن بالتطبيق تبين أن تأثير مالكي الثروات على أصحاب النفوذ (السلطة) أقوى بكثير من رأي الأفراد، لذلك فإن التشريعات تغلّب مصالح هؤلاء مما يُخلُّ بالعدالة المجتمعية بشكل خطير.
التشريعات الإلهية (الدين)، جاءت مكتملة غير خاضعة لهوى أو مصلحة فئة بشرية، فهي تراعي مصالح كافة فئات المجتمع ، وتقوم مبادئها على ثلاثة ركائز: التحرر الوجداني المطلق، والمساواة الإنسانية الكاملة، والتكافل الإجتماعي الوثيق، وكل عنصر مبني على الآخر.
فالعبودية لله وحده تعني تحرير الإنسان من عبوديته لغير الله، فبذلك تتحقق المساواة بين البشر لأن إرادة الله تحكم الجميع على السواء، ومقياس التفاضل الوحيد في الإرتقاء في منزلة القرب من الله هو تقواه، والذي يتمثل بعمل الخير والإحسان الى الآخرين والإبتعاد عن ظلمهم، فتغدو اللحمة الإجتماعية بين البشر على اختلافاتهم قوية والأخوة بينهم متغلبة على العداء.
أما اختيار نظام الحكم الذي يضمن عدالة تطبيق التشريعات، فضوابطه الأساسية: الأهلية والحكمة والتمكن المعرفي، أما طبيعته فاختيارها متاح للمواطنين حسب اجتهادهم وتطور خبراتهم، وكذلك الأمر في تسمية الحاكم والهيئة الحاكمة، لكن لا خيار لهم في الخروج على المبادئ الشرعية الأساسية، والتي تكفل ضمان حقوق الجميع في الحياة الكريمة الحرة الخالية من الإكراه أو القسر ضمن مبدئين:
المبدأ الأول يتمثل بحفظ الحقوق لجميع الناس وليس فقط لمواطني الدولة، لذلك فهو يتفوق على تشريعات الليبرالية التي تميز بين المواطن والغير: “إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ” [النساء:58].
الثاني: تحقيق العدالة بغض النظر عن المكانة وحالة العداوة وخطورة الجرم: “وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا” [المائدة:8]، وهذا المبدأ مهم لتحقيق السلم المجتمعي وطمأنة المتعدى إلى حصوله على حقه القضائي بعدالة وبلا تحيز مسبق، وأقرب مثال على ذلك قوانين مكافحة الإرهاب التي سنتها الأنظمة الليبرالية التي تدعي التزامها بحقوق الإنسان، ففيها تحيز سافر ضد المنتمين للإسلام وتعدٍّ صارخٍ على كل حقوق من يتهمونه بالإرهاب، فيما لا يطبق ذلك على عتاة المجرمين والسفاحين، رغم أن بعضهم يمثل خطرا أعظم كثيرا على مجتمعهم من شخص يتعاطف مع من يرفض احتلال بلده.
ومع أنه لا يجوز أصلا أن نقارن بين العدالة الإلهية والعدالة البشرية، لكن ما أوردته كان بدافع الموضوعية.
فهل يتبقى شك في أن الإسلام هو خير ما يحقق العدالة الإجتماعية للبشر!؟.

مقالات ذات صلة اللاءات العسكرية الأميركية الاسرائيلية…وتشابه الردود الحمساوية الايرانية عليها..؟ 2025/03/24

مقالات مشابهة

  • مثل البشر.. الفئران تقدم الإسعافات الأولية لرفاقها الفاقدي الوعي
  • قيم إسلامية: العدالة المجتمعية
  • المفتي: التشاؤم من الأرقام والقطة السوداء عادات نهت عنها الشريعة
  • اختراق مفاجئ في علاج تساقط الشعر بواسطة “جل السكر”
  • الخضيري: لا تقم بأي تحليل دم أو غيره إلا بطلب من الطبيب
  • فضيحة الأرقام في مظاهرة إمام أوغلو
  • الوشق المصري أعجوبة الخلق الذي يخشى البشر فلِم عقر جنود إسرائيل؟
  • بتناول سم الفئران.. فتاة تنهي حياتها بقرية زراعية شمال ديالى
  • انتحار فتاة بـسم الفئران في ديالى
  • مختص: ضروري تحدث ⁧‫آيفون‬⁩ بسبب ثغرة تسمح بتسريب الأرقام السرية.. فيديو