إبراهيم نصر الله وحمور زيادة يحكيان عن مدن غيرتها الحرب في التحرير الثقافي
تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT
أقيمت ندوة «القاهرة تحكي مدنًا»، بمشاركة الكاتب الفلسطيني نصر الله إبراهيم، والكاتب السوداني حمور زيادة، ضمن مهرجان التحرير الثقافي، الذي تنظمه الجامعة الأمريكية بالقاهرة.
نظمت الندوة ضمن فعاليات المهرجان بالتعاون مع «تنمية»، مساء أمس الأحد الموافق 21 إبريل الجاري. وأدار الندوة مصطفى الطيب.
قال إبراهيم نصر الله إن كل شيء يؤثر فينا ككتاب وكبشر، تؤثر فينا مدن وشخصيات وعلاقتنا مع هذه الشخصيات وما نسمع ونرى ونقرأ، كل هذا إن لم يختلط بالخيال لن يكون عملا إبداعيًا وإنما وقائع.
وأشار نصر الله إلى أن السفر أثّر فيه كثيرًا، وساهم في كتابة مجموعة من كتبه سواء شعرية أو الروائية، فلفت إلى أن السفر ساهم في كتابة سبعة أعمال أدبية على الأقل، كما أن روايته الأولى كانت بفعل السفر. وأضاف: "كنت أعتقد أنني سأتخفف من التجربة عندما كتبت الرواية لكن اكتشفت أنها تعود مرة أخرى". وذكر أن كتاب «السيرة الطائرة» كُتِّب متكأ على الرواية فلو نزع اسمه منه لكانت رواية عن فلسطيني ينتقل إلى مدن العالم يحاور مدينته ومدن العالم ويفتقد مدينته.
فيما قال حمور زيادة: "كلنا أبناء الفجيعة نلتقي هنا نحن القادمون الجدد إلى هذه الهاوية التي سقط فيها الكثير من أبناء العرب أن نصبح بلا أن نصبح مسافرين، صرت مطرودا ومحبوسا، أنا آمن لكني لست في بلدي، الغريب أن في القاهرة عندما جئت في منفى سياسي اختياري عشت 10 سنوات كانت تبدو أهون من هذه الأيام". وأضاف: "لا أعلم الآن إن كنت سأعود إلى أم درمان مرة أخرى لكني أعلم أني سأظل أكتب عنها. فأنا أشعر أني أريد أن أجعل هذه المدينة حية إلى أخر لحظة تُقرأ فيها كتاباتي".
وعن الحرب الحالية في قطاع غزة قال إبراهيم نصر الله إن ما يحدث في فلسطين هو محو البشر لجعلهم أقلية، حتى حينما كانوا يسمون الفلسطينيين العرب وليس الفلسطينين، يرى أن هذا إقصاء لأنهم يقصدون بالعرب أن لهم مدن وبلاد أخرى، فقد كانوا دائما يصورون الأماكن الفلسطينية خالية من السكان وهو ما كتبه في احدى رواياته إذ إن المحو دائمًا قائمًا في حياتنا وما نشاهده في غزة ذروة بحسب رأيه.
وأضاف نصر الله: "في 1948 اذا عثرنا على بعض الصور تلك الصور لا تمثل ما حدث، اليوم نحن نرى كل شيء وكل إنسان يرى ولذلك تأتي الكتابة وفعلها على درجة كبيرة من الأهمية والخطورة فأنت عمليا تعيد بالكتاب بناء مدنك من جديد حين تكتب عنها عليك أن تكتب بصورة جيدة وهذه مسؤولية كبرى
فلسطين امتحان يومي لضمير العالم، حين تكتب عن مكان عليك أن تكتب بجودة حتى لا تتيح لهم أن يدمروا ذلك المكان مرة أخرى"
وعن كيفية صمود الشعوب وقت الحروب والأزمات الكبرى قال زيادة إن لا يعرف كيف يقاومون ويصمدون ربما لأنه لا يوجد لا شئ آخر يمكن فعله. فلا يمكن التوقف عن الفن ولا يمكن أن تستغنى البشرية عن الفن، وهذا الفن يساعد على المقاومة.
وأضاف: " تجربتي في الخروج من مديتني هم تجربتين مختلفتين، المنفى السياسي الاختياري كان هناك دائما الإحساس بالأمل ساعود يوما ما، لكن هذا العام أصبح الأمر مختلف لم تعد هناك مدينة، ولم أعد أعرف إن كنت سأعود هناك، هذا ما يجعلني اغرق في تفاصيل المدينة والكتابة عنها، نحن القادمون الجدد إلى هذه الفجيعة، الواحد مازال في مرحلة الصدمة، يعيش يومه يحاول تذكر المدينة وروائحها سيأتي وقت تجمع تلك الأوراق معا وتكتب منها تغريبة سودانية".
في كتاب السيرة الطائرة كتبت سيرتي في السفر، وقد بني متكئا على فن الرواية وبالتالي لو وضعت اسمي منه ووضعت اي اسم اخر ستكون رواية عن فلسطيني يتجول في العالم وكيف يتعامل معه.
وعن العودة إلى المدينة قال نصر الله: " الفلسطيني ليس بحاجة إلى تشجيع للعودة الى وطنه، على العكس هو يريد أن يرجع والعالم كله يمنعه من العودة للوطن، فهو يسير خطوة خطوة تجاه الوطن. السؤال كيفية العودة وليس إذا كنا نريد او لا. النكبة مستمرة لكن العودة كذلك مستمرة".
يذكر أن مهرجان التحرير الثقافي (إيه يو سي تحرير كلتشر فست 2024) هو حدث ثقافي على مدار أسبوع تنظمه الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وتمتد أنشطته حتى يوم الاثنين الموافق 22 أبريل 2024، حيث يتضمن معرضاً للكتب بالتعاون مع مكتبات تنمية ومعرضًا فنياً تاريخيا لمحفوظات الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وورش للحرف اليدوية القاهرية، ومجموعة مختارة من العروض الفنية وسلسلة من حلقات النقاش وورش العمل التي تضم متحدثين من الخبراء والمتخصصين في موضوعات مختلفة عن القاهرة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: مهرجان التحرير الثقافي الجامعة الامريكية بالقاهرة نصر الله
إقرأ أيضاً:
مخاوف إسرائيلية من زيادة تسلح الجيش المصري.. ما علاقة ذلك بفضيحة الغواصات؟
كشف تحقيق أجراه الصحفي رافيف دراكر في برنامجه "هامكور" في 2016 ما أصبح يُعرف بـ"فضيحة بيع الغواصات"، المعروف بالملف 3000 الذي يتم التحقيق فيه مع بنيامين نتنياهو في قضايا الفساد، وتتعلق بشراء الغواصات والطرادات وسفن الصواريخ متوسطة الدفع من شركة "تيسنكروب" الألمانية، ومن الأحداث المرتبطة بها، ولا يُخطط لمناقشتها في المحكمة، الموافقة التي منحها نتنياهو في 2014 على بناء سفينة شحن إسرائيلية في ميناء "كيب تاون".
هاغاي أولشنيتسكي، باحث التاريخ العسكري والسياسي، ويعمل محاضرًا بجامعة وارسو، أكد أن "المستشارة الألمانية آنذاك، أنغيلا ميركل، طلبت من شركة تيسن كروب توريد أربع غواصات متطورة إلى مصر، وطلبت الموافقة الإسرائيلية، لأنه بعد الهولوكوست، لم ترغب ألمانيا بخلق توازن قوى من شأنه أن يعرض دولة الاحتلال للخطر، وبما أن الغواصات المذكورة تشبه في نوعها ما تستخدمها البحرية الإسرائيلية، فإن الموافقة التي أعطاها نتنياهو خطيرة، لأنها صدرت دون موافقة المؤسسة الأمنية، بما في وزير الحرب".
موافقة أم خيانة؟
وأضاف في مقال نشره موقع "زمن إسرائيل"، وترجمته "عربي21" أنه "في تلك الأثناء كان موشيه يعلون على علم بالأمر، وفي المظاهرات ضد حكومة نتنياهو، قرأ كثيرون وحملوا لافتات تزعم أن تلك الموافقة بمثابة خيانة، لكن قضية الغواصات المصرية تحتاج لدراسة في سياق أوسع، سواء من حيث تسليح القاهرة، أو أهميتها للعلاقات الإسرائيلية المصرية الألمانية، خاصة فيما يتعلق بصفقات الأسلحة واسعة النطاق التي تمت في السنوات الأخيرة، وليس من الواضح ما إذا كانت إسرائيل أعطت موافقة على تنفيذها".
وأوضح أن "أهم ما في الأمر عملية تجهيز الجيش المصري منذ سبعينيات القرن العشرين، ففي 1973 قرر أنور السادات خوض الحرب ضد الاحتلال، رغم أن صفقات الأسلحة المهمة بين مصر والاتحاد السوفييتي لم تكتمل بعد، وبالنسبة له، كان النجاح السياسي سيتحقق حتى بدون تحقيق نصر عسكري كامل في ساحة المعركة، وهكذا قرر التحرك دون الحصول على أسلحة إضافية، وانتهت الحرب بهزيمة عسكرية، لكنها تحولت نصرا سياسيا عبر اتفاق السلام 1979، ووفق تعريفات الحرب للمفكر العسكري كارل فون كلاوزفيتس فإن هذا انتصار مصري، لأن استخدام الأسلحة هدف لتحقيق إنجاز سياسي، وتغيير طويل الأمد في الوضع".
وأشار إلى أن "مصر بعد الحرب استعادت السيطرة على سيناء، وانتقلت من النفوذ السوفييتي للشراكة مع الولايات المتحدة، وتلقت مساعدات عسكرية كبيرة منها، رغم أنها نصف المبلغ الممنوح لإسرائيل، لكنها تمتنع عن تزويد مصر بأسلحة حاسمة، خاصة الطائرات والصواريخ جو-جو المتطورة، ورغم الالتزام الوارد في اتفاق كامب ديفيد بنزع السلاح في سيناء بالكامل، فقد سعت مصر باستمرار لإدخال قوات هناك، فيما ظل الاحتلال صامت بوجه عام في مواجهة ذلك".
نزع سلاح سيناء
وأوضح أن "مصر بنت طرقا سريعة تحت قناة السويس لنقل القوات بسرعة لسيناء، ونشرت البنية الأساسية لأنابيب الوقود والمياه تمتد لعمق ألف متر، وكل ذلك في نهاية المطاف يمكن أن يؤول لصالح قواتها في حالة الحرب، مع الإشارة إلى أن نموّ الجيش المصري في عهد الرئيس مبارك كان كبيراً، دون أن يكون عاملاً حاسماً في تحديد المنتصر في أي حرب قد تندلع، لأن قوة المناورة التي امتلكها جيش الاحتلال كانت هائلة أواخر الثمانينيات وأوائل تسعينيات القرن العشرين، ولكن منذ ذلك الحين، طرأ تقليص مستمر في حجم قواته، وبات جيش المشاة اليوم ظلّ باهت لماضيه".
واستدرك أنه "عندما تولى عبد الفتاح السيسي السلطة في 2013، كان الجيش المصري أكبر حجماً وأفضل تجهيزاً بكثير، صحيح أن الفارق لصالحه كان ضئيلا، لكن السيسي لم يكتف بذلك، فبدأ حملة شراء عسكرية عالمية من ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية وروسيا والصين، واشترت في العقد الماضي أسلحة أكثر مما اشترته خلال الأربعين سنة الماضية، وتم تضمين الصفقات الألمانية الثلاث محور هذه المناقشة في هذه المشتريات".
وأضاف أن "مشتريات مصر العسكرية متنوعة للغاية، وعلى الصعيد البحري، بنت أسطولاً بحرياً ضخماً ينافس أكبر الأساطيل البحرية في البحر المتوسط: التركية والفرنسية والإيطالية، ومن بين المعدات التي حصلت عليها من صفقات الأسلحة الفرقاطات الإيطالية العملاقة، واستلام 6700 طن من حاملات الطائرات المروحية الفرنسية".
حرب أكتوبر 73
وزعم أن "وتيرة التسليح المصرية المتسارعة تثير مخاوف من أن يؤدي ذلك لتفاقم الأزمة مع الاحتلال، وإثارة تساؤلات حول نواياها، لأن تبرير بناء أسطول كبير، وشراء مئات الطائرات من فرنسا والصين وروسيا بالحاجة المحتملة للتحرك ضد إثيوبيا عقب انقطاع إمدادات مياه النيل بسبب بناء سد النهضة، فإنه على النقيض من ذلك، فإن الكثير من المشتريات الأخرى، والحاجة لاستخدامها، مثيرة للجدل".
ونقل عن أوساط عسكرية إسرائيلية تساؤلاتها بشأن "السبب وراء امتلاك مصر لهذا الكمّ من المعدات الأرضية والأسلحة المضادة للطائرات، رغم أن جيوش جيرانها في السودان وليبيا فقيرة جدًا في الحجم والقدرات، ولماذا تحتاج لمئات المدافع ذاتية الحركة، وما الهدف من الإنفاق الضخم على هذه الأسلحة، ولماذا يفوق عدد دباباتها عدد كل الذي بحوزة جيرانها مجتمعين، بما فيها إسرائيل، بثلاثة أضعاف؟".
وأشار إلى أن "مصر تمتلك أسلحة مضادة للدبابات لتسليح مائتي مروحية هجومية، وهو أسطول مصري أكبر بأربع مرات من أسطول كل جيرانها مجتمعين، وظهرت في الأسابيع الأخيرة صور لبعض البطاريات الألمانية المضادة للطائرات المتقدمة التي اشترتها مصر قبل سنوات متوقفة على الطريق الرئيسي في سيناء، مع العلم أنه بعد صفقة الغواصات وقعت القاهرة عدة صفقات شراء إضافية مع برلين، أكبرها صفقة شراء أربع غواصات على الأقل، و16 بطارية".
ووصل إلى القول إلى أن "الفساد الفاضح في صفقة الغواصات يطرح تساؤلات عن حقيقة موافقة نتنياهو عليها، وفي مثل هذه الحالة، فإن السؤال الواضح موجه لكبار المسؤولين في أجهزة الدولة وفروع الخارجية والأمن، ونصّه: هل كانت الموافقة على التسليح المصري، الذي قد يشكل في المستقبل خطراً وجودياً على أمن دولة الاحتلال، نابعة من اعتبارات عملية عسكرية، أم دوافع شخصية وخارجية".