محافظ المركزي العراقي يكشف خطة اصلاح النظام المصرفي ويتحدث عن "العقوبات"
تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT
الاقتصاد نيوز - بغداد
بين محافظ البنك المركزي العراقي، اليوم الاثنين، خطة إصلاح القطاع المصرفي في العراق، وفيما تطرق الى مسالة العقوبات على المصارف العراقية، أكد ان هذه الاجراءات لم تهدد الاقتصاد العراقي.
وقال محافظ البنك المركزي، علي العلاق، في لقاء متلفز تابعته "الاقتصاد نيوز"، إن "الحكومة العراقية الحالية تركز بشكل كبير جداً على البعد والنهضة الاقتصادي، والتوسع في البنى التحتية والخدمات"، مبيناً أن "هذا الامر يتطلب وجود قطاع مالي نشط وفعال يستطيع ان يواكب وينشط وينظم ويمول؛ لذلك يسير هذا الملف جنبا الى جنب لخطة الحكومة في إطار الاصلاح الاقتصادي".
وأضاف، أن "العراق يرتبط مع الولايات المتحدة الأمريكية بعلاقة مالية كبيرة جداً باعتبار ان الموارد النفطية التي تشكل العماد الأساس لموازنة الدولة العراقية أتية من تصدير النفط عبر الدولار وهذا ما متفق عليه عالمياً"، لافتاً الى أن "المحطة الاولى للاموال العراقية هي في الاحتياطي الفيدرالي، وبعدها يقوم البنك المركزي بالتعامل مع هذه الأموال باستثمارها في مجالات متعددة داخل الولايات المتحدة وخارجها في بنوك مركزية لدول أخرى".
وتابع محافظ البنك المركزي، ان "هناك تنوعا في طبيعة هذه الاحتياطيات كالتنوع الجغرافي والنوعي في هذه الاستثمارات والتي تكون على شكل سندات او ذهب او بضائع وغيره".
وبشأن مسألة الاصلاح المالي في العراق، اوضح العلاق، ان "العراق يمتلك برنامجا متعدد الجوانب في هذا الاطار، حيث أن الجانب الأول يتمثل بالتناغم والتكيف واعتماد المعايير الدولية في المعاملات المالية وتطبيق قواعد الامتثال والقوانين المتعلقة بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الارهاب"، مؤكداً "وجود اهتمام وتركيز دوللين كبيرين فيما يتعلق بخلو التعاملات من اي تجاوزات او مخالفات وقضايا تنطوي على شبهات ".
ويردف بالقول: "باعتبار ان العلاقة المالية مع الولايات المتحدة الامريكية واسعة وكبيرة؛ فلابد من حماية النظام المالي العراقي وكذلك النظام في أمريكا ومنع دخول من خلاله اي عمليات غسيل اموال أو تمويل الارهاب"، مشيراً الى أن "هناك تنسيقا وتفاهما مشتركا مستمرا، طيلة السنوات الماضية في سبيل تحقيق هذا الهدف، والذي يتضمن وجود خطط وبرامج واسعة بالاعتماد عل الاستشارات الدولية والتعاقد مع كبيرات المكاتب المتخصصة في هذا المجال، والتي يجري معها البنك المركزي تنظيما لهذه الامور بما يحقق الهدف الكبير والذي يعطي رسائل إيجابية لللمؤسسات المالية بكل العالم".
اما بخصوص الامر الثاني، بين، ان "هذا الامر يدور حول اصلاح القطاع المصرفي بنفسه، والتي تدور حوله تفاصيل كثيرة بوجود خطط يجري العمل عليها بدءا من المصارف الحكومية مثل الرشيد والرافدين والصناعي والزراعي والتي تشكل 80% من القطاع المصرفي العراقي"، مستدركا بالقول:"اذا اردنا التفكير بعملية الاصلاح، فعلينا ان نبدأ من الجزء الاكبر، حيث تم الاتفاق بالتنسيق المباشر مع رئيس الوزراء والحكومة والبنك الركزي على اصلاح هذه المصارف، من خلال خطة كبيرة تجري الان بالتعاقد مع إحدى كبيرات الشركات الدولية، والتي تتضمن إعادة الهيكلة".
وتابع حديثه، ان "هناك تركيزا كبيرا على استهداف الهيكلة للارتقاء بهذه المصارف من خلال ادخال شركاء استراتيجين من خارج العراق، والذين يملكون خبرة متراكمة بهذا المجال"، مؤكداً "وجود رغبات واضحة من بعض المصارف المعتمدة دوليا، بالمشاركة بهذ المجال، ولا نزال نتنظر دراسة الشركة المكلفة بهذا الامر لكي يتم استقطاب مستثمرين من داخل العراق باعتبارها ستكون مثل الشركات المساهمة العامة والتي تستوعب رؤوس أموال من داخل البلد، بالاضافة الى ضرورة وجود شريك استراتيجي لتحديث إدارات مصارف الحكومية بالشكل الذي يرقى للمستوى المتقدم".
وأشار الى، أن "المصارف الحكومية تأخرت كثيرا بسبب الظروف التي مر بها البلد، ومن الضروري أن تواكب عملية التغييرات الكبرى"، موضحاً ان "الدراسة التفصيلية لهذا المشروع ستقدم بالشهر الثامن، وعند ذلك سيكون هناك وضوح لخارطة الطريق والخطوات القادمة بما يمكن اتخاذ الاجراءات المناسبة بهذا الشأن ".
وبين العلاق، ان "هذه واحدة من الأشياء التي تمت مناقشتها خلال الاجتماع مع الخزانة الامريكية، وتلقى ترحابا كبيرا من قبل الاطراف كافة ليس في الولايات المتحدة فقط، باعتباره السؤال القائم والمستمر من قبل اطراف المؤسسات الدولية".
وبشان العقوبات الامريكية على المصارف العراقية، واستدرك بالقول: "لدينا علاقة وثيقة مع البنك الفيدرالي الامريكي، وما حصل هو ظهور قائمة بأسماء مصارف، حيث لم تكن المسالة فرض عقوبات على هذه المصارف، او ادراجها في قائمة العقوبات، بل حرمانها من التعامل بالدولار فقط"، مشيراً الى أن "البنك المركزي وقف بشكل جدي على حيثيات الموضوع، وكيفية الاجراءات المستقبلية، وهذا جزء من الحوار الذي حصل سواء كان بحضور رئيس الوزراء مع الخزانة الامريكية، او حتى خلال الاجتماعات التي قامها البنك المركزي مع الفيدرالي الأمريكي".
ونوه الى، أن "المخالفات بالقطاع المصرفي موجودة، ومن الممكن ان تحصل، وهذا عمل البنك المركزي باستمرار، حيث لدينا لجنة مختصة بالغرامات والعقوبات، وتتلقى تقارير المفتشين، وتوقع هذه الغرامات بشكل مستمر حسب قانون غسيل الاموال ومكافحة الارهاب".
وحول تداعيات هذا الايقاف على الاقتصاد العراقي، ذكر العلاق، ان "هذا الايقاف من المؤكد له أثار سلبية لكن لن تهدد الاقتصاد العراقي لاسيما ان عمليات التحويل الخارجي وسعر الصرف مستمرة بشكل طبيعي".
اما بشأن الشركات الوهمية التي تبيع الدولار، فقد بين محافظ البنك المركزي، ان "هذه الظواهر موجودة في دول أخرى ايضا، وبحكم التطورات التقينية والتعامل عبر المواقع، فتكون فرصة للتحايل بنفس الوقت، والبنك المركزي لديه متابعة دقيقة لهذه الامور ويتم الابلاغ عنها في القضاء، باعتبار ان استخدام هذه الوسائل للايقاع بالاخرين ونحذر منها".
وتطرق العلاق الى الديون الحكومية ، موضحاً: "الحكومة الحالية ركزت على الدين الخارجي والذي يبلغ في ادناه حيث وصل لـ9 مليار دولار لجهات متعددة وهو الأقل خلال السنوات الماضية بسبب التسديدات المستمرة، اما بشان الدين المحلي فقد بلغ قرابة 70 تريليون دينار".
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار محافظ البنک المرکزی الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
البنك المركزي يقف عاجزا عن وقف انهيار الريال.. ويتهم الصرافين
يبدو البنك المركزي اليمني عاجزاً أمام مسار انهيار الريال وكأنه يشاهد تدهوره متهماً الصرافين بالمسؤولية. فماذا في التفاصيل؟ ففي الوقت الذي وصل فيه اضطراب سوق الصرف إلى ذروته في عدن ومناطق إدارة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً مع انهيار سعر صرف الريال وتخطيه عتبة 2600 ريال مقابل الدولار، قررت "جمعية الصرافين" إيقاف صرف العملات الأجنبية، في محاولة منها لوقف هذا الانهيار غير المسبوق.
وأصدرت الجمعية تعميماً موجهاً لشركات ومنشآت الصرافة والشبكة الموحدة للأموال يقضي بوقف عمليات بيع وشراء العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني بصورة كاملة حتى إشعار آخر، إضافة إلى وقف أي تعاملات نقدية بالعملات الأجنبية تجاه الريال اليمني للمصلحة العامة، مثلما قالت الجمعية وتجنباً للعواقب كافة.
في السياق، يرى الباحث الاقتصادي والمالي وحيد الفودعي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "قرار جمعية الصرافين إيقاف التداول لا يُعد حلاً جذرياً بقدر ما هو انعكاس لحالة الارتباك في إدارة السوق، فمثل هذه القرارات المؤقتة قد تُخفف من حدة المضاربة آنياً، لكنها لا تُعالج جوهر المشكلة المتمثل في غياب السياسة النقدية الفاعلة والرقابة السيادية على السوق"، مضيفاً أن نجاح أي قرار يتوقف على ما إذا كان جزءاً من حزمة إصلاحات متكاملة أم مجرد ردة فعل. وإذا بقيت الإجراءات تُدار من خارج الإطار المؤسسي الرسمي، فإن أثرها سيكون مؤقتاً، وربما سلبياً على المدى المتوسط.
وتسارعت عملية انهيار العملة المحلية في اليمن خلال اليومين الماضيين، إذ وصل سعر الصرف في عدن إلى حدود 2600 ريال للدولار، ونحو 680 مقابل الريال السعودي. ويأتي التطور وسط توقعات تشير إلى استمرار الانهيار الذي قد يتجاوز الألف الثالث خلال 30 يوماً، في حال استمرت المؤسسات النقدية الحكومية في موضع المتفرج لما يحصل، وهو مؤشر واضح لعجزها التام عن التدخل لضبط سوق صرف العملة المحلية، ورمي الكرة في ملعب الصرافين الذين توجه لهم الانتقادات كثيراً بالمضاربة بالعملة المحلية، بدليل بيان الجمعية الممثلة لهم بوقف صرف العملات الأجنبية.
وقال مصرفيون ومراقبون وخبراء اقتصاد إن الوضع الحالي يؤكد أن الحكومة، ممثلة بالبنك المركزي في عدن، لم تعد عاجزة عن التدخل فقط، فقد رفعت الراية البيضاء بشكل رسمي وسلم الأمر لشركات ومنشآت الصرافة المتحكمة بشكل كلي بسوق الصرف وإدارة السياسة النقدية التي تعتبر من صلب ومهام البنك المركزي.
لكنّ للكاتب والمحلل الاقتصادي في عدن عبدالرحمن أنيس، رأياً آخر في هذا الخصوص، حيث يشير في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن البنك المركزي اليمني قد رمى الكرة قبل فترة في ملعب الصرافين منذ اتخاذ قرار التعويم الذي يعني ضبط سعر صرف العملة وفق احتياج السوق، وبالتالي توقف البنك عن التدخل لإنقاذ العملة وضخ الدولار في السوق.
ويعتبر قرار جمعية الصرافين في عدن التدخل الوحيد حتى الآن لمواجهة أكبر انهيار تشهده العملة المحلية في اليمن، مقابل صمت تام غير مسبوق من البنك المركزي اليمني والحكومة، علماً أن البنك الذي يرى خبراء اقتصاد ومصرفيون أن تدخله يتطلب ضخ الدولار في السوق كلما استدعى الأمر ذلك وارتفع سعر الصرف، وهذا ليس بإمكان البنك المركزي في الوقت الحالي نظراً للظروف الراهنة التي تشهدها البلاد.
بحسب أنيس، فإن سعر صرف الريال سيظل يتصاعد ما لم يكن هناك تدخل خارجي بتوفير شحنات وقود مجانية أو دعم البنك المركزي في عدن بمنحة مناسبة يمكن أن تعيد التوازن إلى سوق الصرف.
من جانبه، يبيّن الباحث وحيد الفودعي أن تخلّي البنك المركزي اليمني عن دوره، كما يرى البعض، فيه قدر من التبسيط؛ فإذا كان هناك تنسيق بينه وبين جمعية الصرافين لإيقاف التداول مؤقتاً بهدف كبح جماح المضاربات، فإن ذلك جزء من إدارة الأزمة، لا دليل على الانسحاب، فيما يكمن التحدي الحقيقي في تحويل هذه الإجراءات من ردات فعل مؤقتة إلى سياسة نقدية متماسكة تستعيد السيطرة المؤسسية على السوق.
ووفق الفودعي، "كل تراجع في سعر العملة يعني تآكلاً مباشراً في القدرة الشرائية للمواطن، وارتفاعاً في معدلات الفقر، واتساع فجوة الثقة بين الناس والحكومة، وكذا على مستوى التوافق الحكومي، فاستمرار الانهيار يُقوّض الشرعية الاقتصادية التي تُبقي الحكومة قائمة، ويُعزز مناخ السخط الاجتماعي".
وبينما يتهمه الكثيرون بجزء كبير من المسؤولية عن الوضع الحاصل في عدن ومحافظات أخرى في الجنوب اليمني، حمّل المجلس الانتقالي الجنوبي، الشريك في الائتلاف الحكومي الذي قال إنه يتابع الأوضاع عن كثب عقب تهاوي سعر صرف الريال بشكل غير مسبوق؛ رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي ورئيس الحكومة المعترف بها دولياً أحمد عوض بن مبارك، مسؤولية انهيار الأوضاع الخدمية والمعيشية للمواطنين، مؤكداً أن وزراء "الانتقالي" يعتزمون عقد مؤتمر صحافي في قادم الأيام، لتوضيح الأسباب الحقيقية لهذه الانهيارات المتواصلة.
ويؤكد المحلل الاقتصادي وفيق صالح، لـ"العربي الجديد"، أن الهبوط المستمر في قيمة العملة اليمنية ألقى بتداعيات سلبية على الوضع المعيشي للمواطنين، وأحدث اضطرابات في أسعار السلع والمواد الغذائية، علاوة على تأثيراته المختلفة على زعزعة الثقة بالاقتصاد الكلي وهروب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وتراجع الإنتاج المحلي.
وبالتالي، فإن الحلول الشاملة لأزمة الريال اليمني تبدأ بمعالجة الانقسام النقدي، ونقص الإيرادات وتعزيز الحوكمة في الجهاز المصرفي الرسمي، عبر إعادة الثقة لهذا القطاع ومكافحة السوق السوداء، وتنفيذ سياسات نقدية صارمة، تمنع حدوث أي تلاعب بالعملة من الكيانات الخارجة عن القانون، بحسب صالح الذي يتحدث عن أن وقف بيع وشراء العملات الأجنبية، إجراء يهدف إلى تقليل حدة المضاربة بالعملة وكبح عملية الطلب على شراء النقد الأجنبي من السوق المصرفية، خصوصاً بعدما اقترب سعر صرف الدولار الواحد من تجاوز حاجز 2600 ريال. فهذه الخطوة، صحيح أنها قد تنجح في وقف عملية التداول بالعملات الصعبة، بشكل مؤقت، مما يخفف الضغط على قيمة الريال اليمني، إلا أن هذا النجاح أيضاً مرهون بتنفيذ حزمة من الحلول الشاملة، مثل توفير احتياجات السوق من النقد الأجنبي، وتنفيذ سياسات صارمة للسيطرة على الأنشطة المصرفية والمالية، وتحجيم دور السوق السوداء.
أما من وجهة نظر الفودعي، فإن أهم حل هو استعادة تصدير النفط المتوقف بسبب هجمات الحوثيين، والذي أفقد الموازنة أكثر من 60% من الإيرادات بالعملة الصعبة كانت ستعزز من الاحتياطيات وتدعم البنك المركزي اليمني في تدخلاته النقدية في سوق الصرف وكبح جماح التضخم. ويردف أنه لا يمكن كسر حلقة الانهيار إلا عبر استعادة البنك المركزي وظيفته الأساسية في إدارة السوق، ووقف التوسع غير المنضبط في الكتلة النقدية، وربط السياسة المالية والنقدية بسياسات واقعية تتواءم مع هيكل الاقتصاد اليمني الهش.