ترفض صربيا أي تحركات أممية لتخليد ذكرى المذبحة الجماعية التي تعرض المسلمون البوسنيون في سربرنيتسا على يد قوات صربية عام 1995.

وتستعد الجمعية العامة للأمم المتحدة قريبا للتصويت على مشروع قرار يعلن يوم 11 تموز/ يوليو، يوما دولياً لذكرى جريمة الإبادة الجماعية في سربرنيتسا عام 1995.

لكن مشروع القرار يلقى معارضة شديدة من دولة صربيا وكذلك المنطقة ذات الأغلبية الصربية داخل جمهورية البوسنة والهرسك.



يذكر أن محكمة دولية مستقلة وجدت أن الإبادة الجماعية قد حدثت عام 1995 في يوغوسلافيا السابقة خلال حرب البوسنة.


وبحسب معلومات دبلوماسية في مقر الأمم المتحدة، فإن الرئيس الصربي، ألكسندر فوتشيتش، سيصل إلى مقر الأمم المتحدة ويشارك في اجتماعات يوم 22 و23 نيسان/ أبريل الحالي، بحسب صحيفة "القدس العربي".

 وبحسب الصحيفة، فإن حضور الرئيس الصربي يهدف أساسا إلى حشد التأييد لمعارضة القرار المقترح بشأن الإبادة الجماعية والتصويت المحتمل عليه في الجمعية العامة وليس في مجلس الأمن، حيث يمكن لحليف صربيا المهم، روسيا، استخدام حق النقض ضد النص.

ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن اجتماعا بشأن كوسوفو في 22 أبريل/ نيسان.

ويجري هذه الأيام توزيع مسودة النص الأساسي لمشروع القرار الرسمي الذي سيقرّ إحياء ذكرى سربرنيتسا من خلال التصويت في الجمعية العامة، والذي من المقرر أن يتم في أوائل شهر أيار/ مايو.  وتقود ألمانيا ورواندا، هذه الجهود. وقد بادرتا بفكرة إحياء وتكريم ذكرى الإبادة الجماعية رسمياً.

وسيكون الاحتفال الرسمي بهذه الذكرى، بمثابة سدّ الفجوة بين عمليتي الإبادة الجماعية اللتين تمت محاكمتهما -رواندا وسربرنيتسا- حيث جرى الاعتراف بمذبحة دون الأخرى.

ويحيي البوسنيون في الحادي عشر من شهر تموز من كل عام ذكرى المذبحة.

وتُعد أسوأ مذبحة شهدتها أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.

وحدثت المذبحة في مدينة سربرنيتسا وقُتل خلالها 8,372 من المُسلمين البوشناق مُعظمُهم من الرجال والشيوخ والأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 و77 سنة.

ونفذت المذبحة وحدات من جيش جمهورية صرب البوسنة كانت تحت قيادة راتكو ملاديتش، بمُشاركة وحدة العقارب شبه العسكرية الصربية. وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت منطقة سربرنيتسا المُحاذية لنهر درينا شمال شرق البوسنة والهرسك، منطقة آمنة تحت حماية القُوات الأُممية.


وفي نيسان/ أبريل 2013، اعتذر الرئيس الصربي توميسلاف نيكوليتش رسميًا عن المذبحة، لكنه تفادى وصف الواقعة بالإبادة الجماعية.

في تموز/ يوليو 2015، استخدمت روسيا حق النقض، بناء على طلب من جمهورية صرب البوسنة، للاعتراض على قرار للأمم المتحدة يعتبر مذبحة سربرنيتشا إبادة جماعية. وبعدها بيوم تبنى كل من البرلمان الأوروبي والكونغرس الأمريكي قرارات تُؤكد من جديد وصف المذبحة بأنها إبادة جماعية.

وفي 22 نوفمبر 2017، حكمت المحكمة الجنائية الدولية على الجنرال الصربي راتكو ملاديتش بالسجن المُؤبد، وأدانته بارتكاب جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية خلال حرب البوسنة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية صربيا البوسنة الأمم المتحدة الإبادة الجماعية الأمم المتحدة إبادة جماعية البوسنة صربيا مذبحة سريبرينيتسا المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإبادة الجماعیة

إقرأ أيضاً:

المذبحة كخطاب متكرر والمُشاهد قارئ بلا ذاكرة ولا اعتراض

إبراهيم برسي

30 يناير 2025

في المشهد الإنساني الأكثر قتامة، حيث تنطفئ الأنفس قبل أن يُزهق الجسد، تتجلى ثلاثة كيانات تتشابك في رقصة مروعة: القاتل، الضحية، والمشاهد.

إن ما يحدث الآن في السودان ليس مجرد دمٍ يُسفك، بل هو إعادة إنتاج مأساوية لسردية قديمة، حيث يصبح الموت بيانًا، ويُختزل الإنسان إلى مادة مرنة في أيدي سادة العنف.

هنا، لا يعود القتل فعلًا لحظيًا، بل يتحول إلى بنية، إلى نظام يعيد تشكيل العالم وفق منطقه الخاص، حيث يتساوى الجسد بالرماد، وحيث يتلاشى الفارق بين الحياة والموت، لأن العيش تحت سطوة الذبح ليس إلا موتًا مؤجلًا.

القاتل في هذا المسرح الكابوسي ليس مجرد فرد يحمل سكينًا، بل هو كائنٌ أُعيد تكوينه ليكون وسيلة، حلقةً في سلسلةٍ لا نهاية لها من الإبادة الرمزية والمادية.

لم يكن يولد كذلك، بل صُنع، جُرّد من شعوره بالآخر، وسُلب منه كل وعيٍ بالذات إلا بوصفها انعكاسًا لغايةٍ أكبر، تبرر الذبح بوصفه طقسًا تطهيريًا، وأداةً لإعادة ضبط العالم وفق تصور أيديولوجي مشوّه.

إن صناعة القاتل لا تتطلب فقط توفير سلاح، بل تحتاج إلى عملية تفكيكٍ ممنهجة لكل بقايا التعاطف بداخله. إنها عملية تحول تدريجية، تبدأ بالتجريد النفسي، ثم تمر عبر الأدلجة، لتنتهي باللحظة التي تتحول فيها اليد المرتجفة إلى يدٍ واثقة تُمسك السكين بلا تردد.

نيتشه كان يحذر من أن «من يحارب الوحوش عليه أن يحذر من أن يتحول إلى وحش»، لكن ماذا إن كان المرء قد خُلق داخل فم الوحش ذاته؟!

ماذا إن كانت كل معاييره، منذ البداية، قد بُنيت داخل تلك العتمة، بحيث لم يعد يرى النور إلا بوصفه خيانة؟

لكن، إن كان القاتل قد فقد صلته بجوهر الإنسانية، فإن الضحية تواجه المصير ذاته من الجهة الأخرى.

هنا، لا يكون الموت مجرد إعدامٍ لجسد، بل هو تدميرٌ لبنية المعنى.

في لحظة الذبح، لا تُقتل الأجساد فقط، بل يُقتل الزمن، يُمحى كل شيءٍ سابق، ويُعاد تشكيل الواقع على مقاس الرعب.

الضحية ليست فقط فردًا يُباد، بل هي رمزٌ يُراد تحطيمه، فكرةٌ يُراد إسكاتها، تاريخٌ يُراد شطبه. لهذا السبب، لا يكون القتل مجرد إنهاءٍ للحياة، بل تأكيدًا على أن الذابح هو من يحدد من يستحق البقاء ومن يُمحى من الوجود.

ما يميّز الجريمة المطلقة أنها لا تترك حتى للضحية حق الموت بمعناه الإنساني، بل تسلب منه هيبته، تحيله إلى مشهدٍ، إلى استعراض، حيث يتحول الجسد إلى نصٍّ مكتوبٍ بالدم، نصٍّ يُقرأ من قبل الجميع، لكنه في حقيقته صرخةٌ لا أحد يسمعها.

فيكتور فرانكل، حين كان في معسكرات النازي، لم يكن يرى المأساة في الموت ذاته، بل في الطريقة التي كان يتم بها محو الإنسان من داخله قبل أن يُقتل، حيث يتحول الضحية إلى شيءٍ، إلى كيانٍ فقد كل خصوصيته، ولم يعد يُعرف إلا بوصفه عددًا في قائمة الهلاك.

غير أن المشهد لا يكتمل إلا بذلك الطرف الذي يبدو الأكثر براءة، لكنه ربما يكون الأكثر خطورة: المشاهد.

المشاهد الذي يجلس هناك، سواء خلف شاشة هاتفه أو في قلب الحدث، يراقب كيف يُذبح الإنسان، كيف تُقطع أوصاله، كيف تُمحى ملامحه، ولا يدري أنه في تلك اللحظة، يتحول هو نفسه إلى جزءٍ من آلة العنف.

حين نرى الدم مرةً، نشعر بالفزع، لكن حين نراه ألف مرة، يصبح مجرد لونٍ آخر.

تتبلد الحواس، تنخفض العتبة الأخلاقية، ويتحول الرعب إلى عادة.

لكن، ماذا يحدث عندما تصبح العادة هي القاعدة؟ عندما لا يعود القتل استثناءً، بل مشهدًا يوميًا يمر أمام الأعين كما تمر الإعلانات على شاشة التلفاز؟ عندها، يصبح السؤال الأكثر رعبًا: متى نتوقف عن الإحساس أصلًا؟

الإنسان، بطبيعته، يملك قدرةً هائلةً على التكيف، لكن ماذا لو كان هذا التكيف هو عين السقوط؟!

فرويد تحدث عن هذه الظاهرة بوصفها «التكرار القهري»، حيث يعيد الإنسان إنتاج الصدمة حتى تفقد أثرها الأصلي، حتى يتماهى معها.

وحين يحدث ذلك، فإن العنف لا يعود استثناءً، بل يصبح جزءًا من النسيج النفسي للذات.

وماذا يحدث حين يتحول العنف إلى لغة؟ إلى نظام تواصلٍ غير معلن؟

عندها، لا يعود الموت هو المشكلة، بل الحياة في ظل هذا الموت المستمر.

المجتمعات التي تعتاد مشهد الذبح لا تبقى كما هي، بل تعيد تشكيل نفسها وفق منطقه.

هنا، يولد جيلٌ جديدٌ لا يعرف الحياة إلا كحالة طوارئ دائمة، حيث تُصاغ الأحلام وفق قوانين الخوف، وحيث لا يعود هناك فرقٌ كبيرٌ بين أن تكون قاتلًا أو ضحية، لأن الجميع يعيش داخل نفس المسلخ، فقط بدرجاتٍ متفاوتةٍ من الإدراك.

ليس غريبًا أن يكون السلاح المفضل في هذه المشاهد الدموية ليس الرصاص، بل السكين.

فالسكين ليس مجرد أداة قتل، بل هو سلاحٌ ذو رمزيةٍ خاصة في الحروب الأهلية والمذابح العرقية.

السكين، على عكس الرصاص، لا يقتل بسرعة. إنه يمنح الجريمة امتدادًا زمنيًا، يجعل الألم جزءًا لا يتجزأ من عملية الموت، ويحوّل القاتل إلى سيد اللحظة، حيث يُقرر كيف، ومتى، وبأي وتيرةٍ يمزّق أوصال الحياة.

حين نرى هذه المشاهد في السودان اليوم، حيث تستخدم قوات العمل الخاص ( كتائب الإسلاميين الارهابية ) السكاكين لشجِّ الرؤوس، وتقطيع الأيدي قبل الذبح، فإن الأمر يتجاوز مجرد القتل إلى صناعة مشهدٍ متكاملٍ للرعب، حيث يُراد للضحية أن تموت ببطء، وللمجتمع أن يشاهد، وللدم أن يتحول إلى الحبر الذي يُكتب به واقعٌ لا نهاية له من الرعب.

لكن، هل هناك مخرجٌ من هذا الحصار الوجودي؟! أم أن الأمر مجرد إعادة تدويرٍ لا نهائي للدم؟!

ربما يكون المخرج الوحيد هو في التمرد على بنية المشهد ذاته، في رفض اللعبة بكاملها، لا بممارسة العنف المضاد، بل بكسر المنطق الذي يجعل من العنف ضرورة، بكشف الخدعة الكبرى التي تجعل الإنسان يقبل أن يكون مجرد متفرجٍ على مذبحةٍ لا تنتهي.

لأن الخطر الحقيقي ليس في السكين الذي يقطع الجسد، بل في العين التي ترى ولا ترتعش، في الروح التي تشاهد ولا تسأل، في القلب الذي يتوقف عن الخفقان أمام مشهد الموت، ليس لأنه قد مات، بل لأنه لم يعد يرى فرقًا بين الحياة والموت.

 

zoolsaay@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • المذبحة كخطاب متكرر والمُشاهد قارئ بلا ذاكرة ولا اعتراض
  • تقرير روسي: الولايات المتحدة تحاول منع حرب أفريقية كبرى جديدة
  • تقرير روسي: الولايات المتحدة تحاول منع حرب إفريقية كبرى جديدة
  • الأمم المتحدة: الاحتلال الصهيوني خلّف دمارًا بغزة لم نشهده منذ الحرب العالمية الثانية
  • الأمم المتحدة : العدو الصهيوني خلف دمارًا بغزة لم نشهده منذ الحرب العالمية الثانية
  • الأمم المتحدة : العدو الصهيوني خلف دمارًا في غزة لم نشهد مثله منذ الحرب العالمية الثانية
  • الرئيس الكولومبي يرد على ترامب: سأعتذر لو كنت مشاركا في الإبادة الجماعية بغزة
  • منظمة حقوقية تطالب الأمم المتحدة بالدعوة إلى مؤتمر دولي لإعادة إعمار قطاع غزة
  • في ذكرى الكارثة.. ترامب مدعو لزيارة هيروشيما وناغازاكي
  • تصاعد العنف في الكونغو.. دعوات لتدخل دولي عاجل