تسبب بالحرب في أوكرانيا .. ناشر يرفع دعوى قضائية ضد ستولتنبرغ
تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT
رفع مدير وكالة Talma Editions باتريك باسين دعوى قضائية ضد الأمين العام لحلف "الناتو" ينس ستولتنبرغ، متهما إياه بالتسبب في "حرب أوكرانيا".
وفي حوار مع باسين أجراه موقع Kernews، قال الناشر إن روسيا لم تكن البادئة بـ "شن الحرب على أوكرانيا"، وإنما كان المسؤول عن ذلك الدول الضامنة لاتفاقيات مينسك ومن بينها فرنسا، وقال باسين إنه كتب لرئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه، الرجل الثاني في الدولة التي كان من المفترض أن تضمن اتفاقية مينسك، والتي كان هدفها ضمان السلام بين أوكرانيا والمناطق الانفصالية، وأوضح في رسالته أن "المعتدي الأول هو أوكرانيا وليست روسيا".
وتابع باسين، بشأن موضوع الشكوى التي تقدم بها، أن ستولتنبرغ أجرى مقابلة مع مجلة "دير شبيغل" الألمانية، نفى فيها التصريحات الروسية التي تقول إن "الناتو" التزم بعدم تجاوز ألمانيا عام 1990، وقال ستولتنبرغ إن هذا "غير صحيح" وأن ذلك "غير موجود" على الإطلاق. ويؤكد باسين أن هناك عددا من الوثائق التي تثبت هذه الالتزامات التي قطعها "الناتو" للروس، وتابع: "هذا موجود في نص شكواي، حتى أنني اكتشفت وثيقة بتاريخ 17 مايو 1990 على موقع (الناتو) يتعهد بموجبها الحلف عدم تجاوز ألمانيا".
وأشار باسين إلى ان هذه "الكذبة" هي موضوع الشكوى، مؤكدا أن "الناتو" واصل التصعيد واستفزاز روسيا، فيما لن تقبل روسيا "هذا النظام الأوكراني الانتقامي القادر على امتلاك أسلحة نووية".
وأشار باسين إلى أن التقارير اليومية الصادرة عن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا المسؤولة عن مراقبة وقف إطلاق النار بين أوكرانيا ودونباس تسجل زيادة ملحوظة في القصف الأوكراني ضد دونباس، ليصل إلى 2000 انتهاك في اليوم في الأيام الأربعة التي سبقت العملية العسكرية الروسية بأوكرانيا.
ويقول باسين إنه عندما حصل زيلينسكي على الضوء الأخضر من سفير الولايات المتحدة، سجلت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا تلك الانتهاكات، وكان هناك أكثر من 100 ألف جندي أوكراني محتشدين على حدود دونباس مستعدين للقتال.
ويؤكد باسين على أن قصف السكان المدنيين بكثافة لا يشير سوى إلى أن هناك تخطيطا وراء ذلك، وقال إن الأمين العام للأمم المتحدة لم يعبر حتى عن "شعوره بالقلق" إزاء ما كان يحدث للسكان المدنيين في دونباس، ولم ينبس أمين حلف "الناتو" ستولتنبرغ بشفه، ولم يتدخل الرئيس ماكرون، برغم أنه يفترض أنه ضامن لاتفاقيات السلام. وقال: "لم يتدخل المجتمع الدولي، وأعتقد أن الدولة الأوكرانية هي المعتدية، وتعين على الدولة المجاورة أن تتدخل لحماية السكان المدنيين".
وأعاد باسين إلى الذاكرة خطاب زيلينسكي في مؤتمر ميونيخ للأمن بينما أعرب عن رغبته في "كسر بروتوكول بودابست من أجل امتلاك أسلحة نووية على أراضيه"، وقال إن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا سجلت بعد ذلك، خلال عطلة نهاية الأسبوع، 3000 انتهاكا لوقف إطلاق النار. وتابع: "في هذه اللحظة كانت القوات الأوكرانية تطلق النار على دونباس، ودونباس تحاول جاهدة الدفاع عن نفسها".
وقال باسين: "لا أقول إن السيد ستولتنبرغ هو من بدأ الحرب، لكنه كذب وهذا ما عجّل بالحرب. بإمكاننا استخدام قانوننا الجنائي لأنه هاجم المصالح الأساسية للأمة بالكذب. هل رأيتم كم المليارات التي أرسلت إلى أوكرانيا. لقد قادنا كل هذا إلى وضع اقتصادي أكثر خطورة، لأننا بالفعل نعاني من الديون إلى حد كبير. لم تعد هناك أموال للمزارعين، ولا للمستشفيات، ولا لمعاشات التقاعد.. ولكن هناك أموال لأوكرانيا".
المصدر: Kernews
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: الأزمة الأوكرانية الاتحاد الأوروبي الجيش الروسي العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا حلف الناتو وزارة الدفاع الروسية ينس ستولتنبيرغ
إقرأ أيضاً:
مغامرة روسيا الاقتصادية.. التكاليف الخفية للنمو المدفوع بالحرب
نشر موقع مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي تقريرًا يشير إلى أنّ الاقتصاد الروسي يواجه تحديات هيكلية عميقة رغم النمو الذي يشهده منذ الغزو الكامل لأوكرانيا؛ حيث يفتقر نهج الإنفاق الحكومي الضخم الذي يدفع النمو إلى الاستدامة في ظل ازدهار القطاعات المرتبطة بالدفاع ومعاناة قطاعات أخرى مثل التعدين والزراعة.
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الاقتصاد الروسي خالف التوقعات بالانكماش منذ غزو أوكرانيا؛ فقد نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.6 بالمئة في 2023، وبنسبة متوقعة تبلغ 4 بالمئة في 2024؛ وهي معدلات قد لا تحققها الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، وقد أصبحت هذه المؤشرات الرئيسية أحد أوراق الرئيس فلاديمير بوتن الرابحة، فهو يستدل بها على عدم فعالية العقوبات الغربية، ويقدمها للشركاء في آسيا وأفريقيا كدليل على السياسات الاقتصادية السليمة لروسيا ومرونة نموذجها التنموي.
وبحسب الموقع فإن صورة المرونة هذه خادعة، فقد عمل الاقتصاد الروسي على مدى السنتين الماضيين مثل رياضي يتعاطى المنشطات المالية، وقد بدأ تأثير هذه المنشطات يتلاشى الآن، فالنمو آخذ في التباطؤ، والحجج التي تدعم مزاعم بوتن حول "المناعة" الاقتصادية آخذة في الانهيار، ويواجه الكرملين تحديًا في الحفاظ على المجهود الحربي وتمويل البرامج الاجتماعية وبرامج البنية التحتية، كما أن الحفاظ على انخفاض التضخم واستقرار الروبل أصبح أمرًا متزايد الصعوبة، وبدون تصحيحات كبيرة في المسار، قد تتحول التحديات المالية والاجتماعية التي تلوح في الأفق الآن إلى أزمة كاملة بحلول 2026-2027.
وذكر الموقع أن الاقتصاد الروسي اعتمد على مزيج فريد من العوامل منذ الغزو: عائدات قياسية من الصادرات الهيدروكربونية، وهيكل اقتصادي موجه نحو السوق، ونظام مصرفي قوي، وحوكمة مركزية صارمة، وهذه الظروف الاستثنائية تجعل النموذج الاقتصادي للكرملين حالة شاذة وليس نموذجًا قابلًا للتكرار.
دخان بلا نار
أشار الموقع إلى أن التوسع السريع في الإنفاق الحكومي كان هو المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي الروسي في الآونة الأخيرة، ففي الفترة من 2022 إلى 2024، بلغ التحفيز المالي أكثر من 10 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وأدى ذلك إلى جعل المجمع الصناعي العسكري هو المحرك الرئيسي للتوسع الاقتصادي، ولكن وبحلول الربع الثالث من 2024 تباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.1 بالمئة، منخفضًا من 4.1 بالمئة في الربع السابق، وبينما تستمر الصناعات المرتبطة بالإنتاج الدفاعي في النمو بوتيرة أقل من السنة الماضية، فإن القطاعات الأخرى تتعثر؛ حيث تواجه الصناعات الاستخراجية انخفاضًا في الإنتاج بسبب انخفاض أسعار صادرات المواد الهيدروكربونية وتخفيضات إنتاج أوبك+، في حين فقدت الزراعة أيضًا زخمها، وتظل تجارة التجزئة نقطة مضيئة نادرة، مدعومة بإنفاق المستهلكين. ومع ذلك، تشير الدراسات الاستقصائية إلى تباطؤ النشاط التجاري وارتفاع توقعات التضخم بين الشركات والأسر على حد سواء.
إن حدود الطاقة الإنتاجية لروسيا واضحة للعيان، فالمنشآت الصناعية تعمل بنسبة 81 بالمئة من طاقتها الإنتاجية، و73 بالمئة من الشركات أبلغت عن نقص في العمالة، وبلغت نسبة البطالة مستوى قياسيًا منخفضًا بلغ 2.3 بالمائة. ومن الناحية العملية، لا يمكن للاقتصاد المحلي تلبية الطلب المدفوع بالإنفاق الحكومي والأسري القوي، مما يستلزم زيادة الاعتماد على الواردات، وهذا بدوره يزيد من الطلب على العملات الأجنبية، مما يزيد من الضغط على الروبل ويزيد من التضخم.
وأفاد الموقع أن الشركات تتعرض أيضًا لضغوط متزايدة، فقد أدى انخفاض الأسعار العالمية للفحم والمعادن، بالإضافة إلى العقوبات، إلى تعرض قطاع الفحم لخسائر حقيقية، مما يجعل العاملين في القطاع مرشحين رئيسيين للحصول على الدعم الحكومي، لكن الصناعات المتعثرة الأخرى تصطف أيضاً للحصول على مساعدة الدولة. كما أن الموارد مستنزفة في ظل ركود عائدات النفط والغاز، إلى جانب العقوبات المفروضة على الطاقة، مما يحد من تدفقات الميزانية، وبحلول تشرين الثاني/نوفمبر 2024، بلغ الجزء السائل من صندوق الثروة الوطنية 31 مليار دولار فقط، وهو أدنى مستوى له منذ إنشاء الصندوق في 2008.
وفي نفس الوقت، يؤدي ضيق أسواق العمل إلى ارتفاع الأجور، مما يضغط على ربحية الشركات، كما أن نقص العمالة لا يزال يشكل عائقًا مستمرًا، ورغم أن المهاجرين من آسيا الوسطى قد يساعدون في سد الفجوة بالنسبة للوظائف التي لا تتطلب مهارات عالية، فإن كراهية الأجانب المتزايدة تحد من الهجرة، وقد أدى فشل موسكو في الاستثمار في تطوير القوى العاملة في جميع أنحاء منطقة ما بعد الاتحاد السوفيتي إلى تفاقم المشكلة.
وأكد الموقع أن أكبر الخاسرين في هذا الاقتصاد المحموم هم مؤيدو بوتين الأساسيون: عمال القطاع العام، بما في ذلك المعلمون والأطباء وموظفو إنفاذ القانون والمتقاعدون؛ حيث ترتبط أجورهم بمعدلات التضخم الرسمية التي تبلغ 9 بالمئة، ولكن التضخم الحقيقي يتجاوز 20 بالمئة، وفي الوقت نفسه، أرجأ البنك المركزي هدفه المتمثل في إعادة التضخم إلى 4 بالمئة إلى منتصف 2026؛ حيث تزاحم أولويات الإنفاق في الكرملين أهداف السياسة النقدية.
تفوق القوة النارية
ونوه الموقع إلى أن الكرملين لا زال يعطي الأولوية للحرب على الرغم من تكاليفها المتزايدة؛ حيث يهيمن الإنفاق العسكري على الميزانية الفيدرالية للسنة الثالثة على التوالي، لكن الجانب الفريد من نوعه هذه السنة هو التخصيص شبه الحصري لإيرادات الدولة الإضافية للدفاع، وسيتجاوز الإنفاق الدفاعي والأمني 8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وسيمثل 40 بالمئة من إجمالي الإنفاق الفيدرالي، وهو رقم قياسي لم يسبق له مثيل منذ حقبة الحرب الباردة.
ورغم أن الميزانية الفيدرالية تحدد تخفيضات متواضعة في الإنفاق الدفاعي للفترة 2026-2027، إلا أن النفقات العسكرية ستظل مرتفعة حتى لو انتهت حرب أوكرانيا في 2025، لأن تجديد الترسانات المستنفدة سيكون مكلفًا، كما أن القطاع الصناعي العسكري لن يقبل بتخفيضات الدعم الحكومي دون مقاومة.
وفي الوقت نفسه؛ تشهد مخصصات الميزانية "غير الدفاعية" ركودًا أو تقلصًا بالقيمة الحقيقية؛ حيث تواجه الخدمات الاجتماعية والبرامج الاقتصادية الوطنية وحتى الأمن الداخلي وإنفاذ القانون تخفيضات في التمويل، كما أن زيادة الإيرادات الضريبية - التي بلغت 73 بالمئة في 2025 - يتم توجيهها بالكامل تقريبًا نحو الاحتياجات العسكرية، مما يترك القليل للقطاعات الأخرى، وسيؤدي اختلال التوازن الناتج عن ذلك إلى استنزاف الاقتصاد المدني بشكل أكبر، مما يؤدي إلى تباطؤ النمو وتفاقم التفاوتات الاجتماعية.
وبين الموقع أن المدفوعات الضخمة للجنود والزيادة الكبيرة في الأجور قد خلقت وضعًا متناقضًا، ففي حين تعمق التفاوت الاقتصادي، يشعر الكثير من الروس أن مستوى معيشتهم قد تحسن. وتشير الاستطلاعات إلى تصورات مختلفة حول توزيع أكثر عدالة للدخل؛ حيث يرفض أكثر من 40 بالمئة من المستطلعين صراحة الحريات الشخصية أو حقوق الإنسان، ويساوون بين الكرامة والرواتب والمعاشات التقاعدية التي توفرها الدولة، وإذا استمر هذا الشعور فقد يرسخ سردية خطيرة: ربط قيادة بوتين في زمن الحرب بالازدهار والنمو الاقتصادي، والسلام بالتراجع والإذلال.
ولكن عندما تنتهي الحرب، سيتحمل خلفاء بوتين عواقب ذلك، وسيرثون اقتصاداً مثقلًا بالاختلالات الهيكلية وجمهورًا لا يرحب بالتضحية أو الإصلاح، وستنظر الشركات بشغف أيضًا إلى "الطلب الموسع" في زمن الحرب ونزوح المنافسين الذي خلّف ثغرات في السوق، غير أن سياسات اليوم ستؤدي في النهاية إلى اقتصاد متصدع تمت التضحية فيه باستقرار الاقتصاد الكلي الذي كانت تتباهى به روسيا كثيرًا قبل الحرب.
الاقتصاد الروسي على المحك
وأشار الموقع إلى مؤشرين هامين يسلطان الضوء على عدم استقرار الاقتصاد الروسي: التضخم، الذي وصل إلى ما يقرب من 9 بالمائة منذ بداية 2024، وسعر الفائدة الرئيسي البالغ 21 بالمئة، والذي لم يقدم شيئًا يذكر حتى الآن لتهدئة نمو الأسعار.
ويرجع الارتفاع في التضخم إلى زيادة الطلب المحلي بسبب الإنفاق الحكومي وارتفاع الأجور، ويكافح الإنتاج المحلي لتلبية هذا الطلب، مما يستلزم زيادة الواردات، وبالتالي زيادة الاعتماد على العملة الأجنبية، وقد أدت هذه الديناميكية إلى إضعاف الروبل، الذي عانى في أواخر تشرين الثاني/نوفمبر من أكبر انخفاض له؛ حيث انخفض بنسبة 25 بالمئة تقريبًا.
ولفت الموقع إلى أن خيارات الحكومة لتحقيق الاستقرار في الروبل محدودة، فلا يزال نصف احتياطيات روسيا من النقد الأجنبي مجمدًا بسبب العقوبات، والأصول السائلة في صندوق الثروة الوطنية لا تكاد تذكر، ويزيد غياب المستثمرين الأجانب منذ 2022 وضوابط رأس المال التي تم فرضها في عام 2023 من حجم هذا التحدي الذي يقوض فعالية السياسة النقدية لتحقيق استقرار في سعر الصرف.
ويكشف هذا الوضع عن القيود الهيكلية التي تفرضها العقوبات وطبيعة الاقتصاد الروسي القائمة على الموارد، ولا يُتوقع حدوث زيادة كبيرة في عائدات العملات الأجنبية، وخصوصًا مع القيود الجغرافية المفروضة على الصادرات بسبب العقوبات، والتي أدت إلى تضخم التكاليف التشغيلية للخدمات اللوجستية والمعاملات عبر الحدود، وهذا كله هذا الاقتصاد الروسي في حالة من عدم الاستقرار، دون وجود مسار واضح للخروج من نقاط ضعفه الهيكلية.
المكاسب الاستبدادية
وأفاد الموقع أن هيكل اقتصاد السوق في روسيا يفقد مرونته تحت وطأة الحرب والنظام المركزي لصنع القرار؛ حيث تتوسع سريعًا القطاعات المدعومة اقتصاديًا والمعزولة عن تقلبات أسعار، فإلى جانب المجمع الصناعي العسكري، تدعم القروض الحكومية الآن الزراعة والتنمية العقارية أيضًا. وفي الوقت نفسه، أدى ارتفاع سعر الفائدة الرئيسي إلى انخفاض كبير في أرباح الشركات بسبب زيادة تكاليف الاقتراض، حيث تواجه الشركات المدينة خطر الإفلاس بشكل كبير.
إن التكاليف الإدارية لتنفيذ القرارات السياسة منخفضة في روسيا؛ فبدون نقاش عام أو معارضة، يمكن للحكومة فرض ضرائب جديدة على الأفراد والشركات بأقل قدر من المقاومة، وقد تعرضت شركات الموارد الكبرى بالفعل لفرض ضرائب استثنائية على الأرباح، مثل شركة غازبروم في 2022 وشركة ترانس نفط في 2024.
ولا يشترط التوافق في الآراء داخل الكتلة الاقتصادية للحكومة، فبوتين وحده هو من يحدد مسار العمل، لكن هذا النظام المركزي ينطوي على تكاليف خفية؛ فكثرة التدابير الطارئة يعطل ممارسات الإدارة التقليدية. وقد أصبحت القرارات الطارئة هي القاعدة حتى في المجالات التي يمكن أن تكفي فيها الحلول المؤسسية، كما تعطي السياسات أولوية متزايدة للمكاسب الفورية على حساب الإستراتيجية طويلة الأجل، ويؤدي نقص المعلومات الموثوقة بسبب الرقابة والتقارير الانتقائية إلى تقويض عملية صنع القرار على جميع مستويات الحكم.
وقد ضاعف الكرملين من أوجه القصور هذه من خلال بناء واقع اصطناعي؛ حيث تتجنب الحكومة تسليط الضوء على الاضطرابات في الحياة اليومية، وبدلاً من ذلك تعرض صورة "العمل كالمعتاد" أو حتى التحسن، ويمتد هذا القمع إلى ما هو أبعد من المحللين والجمهور؛ حيث يواجه المسؤولون أنفسهم قيودًا على الوصول إلى المعلومات الدقيقة، ومع مرور الوقت تصبح هذه الرواية المفبركة أساسًا للحكم.
المستقبل ما بعد 2025
وختم الموقع التقرير بأن مستقبل روسيا الاقتصادي لما بعد 2025 يبدو مقلقًا؛ حيث يخلق النمو الاقتصادي وانخفاض معدلات البطالة وهمًا باستقرار النموذج الاقتصادي الجديد للبلاد، لكن هذا النموذج يواجه بالفعل ثلاثة معوقات أساسية: نقص العمالة، والقدرات الإنتاجية المنهكة، وركود عائدات التصدير بسبب العقوبات، ورغم أن عاصفة الإنفاق الحكومي تساهم في الحفاظ على الوضع الراهن، لكنها لا تستطيع معالجة المشاكل المزمنة التي يعاني منها الاقتصاد الروسي.
ورغم أنه من المستبعد حدوث انهيار مفاجئ على غرار ما حدث في التسعينيات، فالحكومة لا تزال لديها الموارد اللازمة للحفاظ على الحد الأدنى من النظام والسيطرة، إلا أننا نشهد بالفعل تحولاً لا رجعة فيه إلى نحو الركود الاقتصادي، واستمرار الاعتماد على القطاع العسكري والنموذج القائم على التعبئة سيوقع روسيا في "فخ الركود" الذي يتسم بانخفاض النمو والاختلالات الداخلية المزمنة.
المصدر: مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)