صراع الهوية والتهميش في السودان: البني عامر
تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT
منذ نيل السودان استقلاله، واجهت قبيلة البني عامر سلسلة من التحديات بسبب سياسات الأنظمة المتعاقبة التي استندت إلى مخلفات استعمارية، مما أدى إلى شكوك حول انتمائهم الوطني وتصنيفهم كـ "غير سودانيين". الاستبعاد الممنهج الذي تعرضوا له لم يقتصر فقط على الإقصاء من الفرص الوظيفية الحكومية، بل امتد ليشمل التهميش الاجتماعي والثقافي.
مؤخرًا، أعاد اللواء المتقاعد بدر الدين عبد الحكم بتصريحات بائسة تفيض بالبغض العنصري، معيدًا إلى الأذهان ظلال التهميش والاستبعاد السابقين. وصف بشكل فج شخصيات بارزة من البني عامر، بما في ذلك الوزير السابق إبراهيم محمود، بأنهم "غير سودانيين". شكك في ولائهم ودعا إلى سحب الجنسية من هذا المكون الاجتماعي، مصنفًا إياهم كـ"لاجئين". وحذر من تجنيدهم في صفوف المستنفرين، مدعيًا أنهم يشكلون خطرًا يهدد الأمن القومي. الأسوأ من ذلك، أن هذه التصريحات تمت عبر قناة رسمية حكومية، إذاعة أم درمان، واستخدمت فيها عبارات عنصرية تمثل خطرًا حقيقيًا على النسيج الاجتماعي الوطني.
الدعوة إلى سحب الجنسية السودانية من البني عامر وحرمانهم من الدفاع عن أراضيهم ليست فقط محاولة لإضعافهم، بل تعد محاولة لمحو وجودهم. هذه النداءات لا تؤجج النزاعات فحسب، بل تزيد من توترات المنطقة الملتهبة أصلاً، وتطرح تساؤلات جدية حول الأجندات التي قد تخدمها هذه الرسائل الخطيرة.
يأتي هذا التصريح كإضافة مؤسفة لمسلسل طويل من الفتن والتحريض. بدلاً من التركيز على التحديات الحقيقية التي تواجه السودان، والتي تتمثل في تهديدات الميليشيات الغازية والتي تعبث بأمن واستقرار البلاد، يختار اللواء تجديد الهجمات اللفظية على قبيلة تسعى فقط للعيش بسلام على أرضها.
ولا يخفى على ذي بصيرة أن السودان، وخصوصًا منطقة شرقه، كانت ولا تزال مسرحًا لتأثيرات خارجية تسعى لزعزعة استقراره عبر استغلال التنوع القبلي والعرقي. التدخلات الأجنبية، وبخاصة من قبل بعض الأجهزة المخابراتية، تُمارس بشكل ممنهج من خلال تبني آراء ناشزة تُفضي إلى إثارة التحديات بين المكونات القبلية في الشرق، محاولةً إشعال فتن بينها.
من الضروري التأكيد، في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ السودان، على أن أرض البني عامر هي أرض أجدادهم والتي توارثوها منذ أمد التاريخ. على الرغم من أن المستعمر رسم الحدود وقسم تواصلهم الطبيعي عبر السودان وإريتريا، فإن الحقيقة التي يجب أن تسود هي أن البني عامر جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني السوداني. المحاولات لمحو هويتهم أو تشويهها تعد هجومًا على تاريخ السودان وتنوعه.
في هذه اللحظات الفارقة من تاريخنا، يجب التأكيد بحزم على إدانة هذه التصريحات سواء من قبل منظمات المجتمع المدني، السياسيين، الأحزاب، ورفض الأصوات العنصرية. يجب أن نعمل جنبًا إلى جنب لبناء مستقبل يقوم على التعايش والتفاهم المتبادل، حيث يجد كل مواطن مكانه في سودان يسوده السلام والاستقرار. إن الطريق إلى مستقبل مزدهر يمر عبر بوابة الوحدة والتضامن، وليس من خلال الانقسام والفرقة. فلنختار طريق الوحدة والسلام، فهو الطريق الوحيد لضمان مستقبل مزدهر لكل السودانيين.
الكاتب: محمد حامد
rw3ams@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: البنی عامر
إقرأ أيضاً:
صراع إعلامي أم حقيقة؟.. تحليل لأزمة راغب علامة والهجوم على مدرسته
الفنان اللبناني راغب علامة (وكالات)
في تطورات مثيرة للجدل، تعرضت مدرسة "سان جورج" المملوكة للفنان اللبناني راغب علامة لهجوم وتخريب من قبل مجهولين، وذلك على خلفية تسريب مكالمة هاتفية مزعومة نسبت للفنان تصريحات مسيئة لشخصية سياسية بارزة. هذا الحادث يسلط الضوء على خطورة انتشار الشائعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها المباشر على حياة الأفراد والمؤسسات.
اقرأ أيضاً الفنان مكسيم خليل يعود إلى وطنه: حلم تحقق بعد 12 عاماً (فيديو) 19 ديسمبر، 2024 سفر محظور.. فجر السعيد تفضح "سر" سفر نهى نبيل إلى السعودية 18 ديسمبر، 2024
ـ تفاصيل الحادث:
شهدت مدرسة "سان جورج" في الليلة الماضية أعمال تخريب واسعة، حيث قام المهاجمون بكتابة شعارات مسيئة على جدران المدرسة، الأمر الذي أثار حالة من الاستياء والاستنكار في الأوساط الفنية والاجتماعية. ويُعتقد أن دافع هذه الاعتداءات يعود إلى انتشار مقطع فيديو يزعم أنه يوثق مكالمة هاتفية بين راغب علامة وفنان آخر، تتضمن تصريحات مسيئة لشخصية سياسية لبنانية.
ـ نفي قاطع من راغب علامة:
سارع الفنان راغب علامة إلى نفي هذه الاتهامات بشكل قاطع، مؤكداً أن المكالمة المسربة مفبركة وأن صوته قد تم تقليده باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. كما قدم مكتبه الإعلامي بياناً توضيحياً أكد فيه أن هذه الشائعات تهدف إلى تشويه سمعة الفنان وإلحاق الضرر به.
ـ تحليل الأزمة:
يثير هذا الحادث العديد من التساؤلات حول دور وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الشائعات والأخبار الزائفة، وتأثيرها على حياة الأفراد والمجتمعات. كما يسلط الضوء على أهمية التحقق من صحة المعلومات قبل نشرها، وتجنب المشاركة في نشر الشائعات التي قد تؤدي إلى أضرار جسيمة.
ـ آراء الخبراء:
يرى خبراء الإعلام أن هذا الحادث هو مثال واضح على كيفية استغلال وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الكراهية والفتنة، وأن مثل هذه الحوادث تتطلب تضافر الجهود لمكافحة الشائعات والأخبار الزائفة. كما يشدد الخبراء على أهمية دور القضاء في محاسبة مرتكبي مثل هذه الجرائم، وحماية حقوق الأفراد في سمعتهم وكرامتهم.
ـ الخلاصة:
إن الهجوم على مدرسة راغب علامة هو حادثة مؤسفة تسلط الضوء على الجانب المظلم لوسائل التواصل الاجتماعي. وعلى الرغم من أن الفنان قد نفى هذه الاتهامات بشكل قاطع، إلا أن هذا الحادث يترك أثراً سلبياً على سمعته وعلى قطاع التعليم في لبنان.