صحيفة التغيير السودانية:
2024-11-22@05:54:47 GMT

دور «الإخوان» في حرب السودان!

تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT

دور «الإخوان» في حرب السودان!

نجيب يماني 

«كيف تفهم الحرب في السودان؟».. تحت هذا العنوان المثير لكافة متعلّقات الاهتمام والفضول، استكناهًا لخبايا الحرب في السودان، جاء مقال الأستاذ الكاتب فيصل محمد صالح، في صحيفة الشرق الأوسط (16531)، فطالعته بلهفة الباحث عن الحقيقة، بخاصة وأن كاتبه فوق براعته الصحفية، كان وزيرًا للثقافة والإعلام في حكومة التكنوقراط، التي تولت الأمر عقب الإطاحة بنظام البشير، بما يعني بداهة أو افتراضًا، رسم صورة مدعومة بالمعلومات الموثقة لماهية هذه الحرب، ومن أطلق طلقتها الأولى، بوصفه السؤال الحائر الذي ظل طرفا النزاع يدحرجانه تجاه بعضهما على مدى سنة كاملة، لم يسكت فيها صوت الرصاص، وكانت الحصيلة هو دمار ماحق للبنية التحتية في السودان، وتشريد لمواطنيه من الأبرياء، ومراوحة مثيرة للاستغراب والدهشة في منابر البحث عن الحل، و«المراوغة» التي ظلت السمة الأبرز في هذه المفاوضات.

.

غير أني لم أجد بغيتي في المقال، وبدا لي أن الأستاذ فيصل استصحب الحذر في الرد على سائله، واكتفى بتزويده بروابط ليقرر بنفسه، ويفهم هذه الحرب على حقيقتها.

ومع حرصي على عدم التزيّد، بأن أكون سودانيًا أكثر من السودانيين، إلا أن أمر هذه الحرب أجلى وأوضح من أي محاولة للتحرز والاحتياط، والطرف الذي ما زال يذكي أوارها، ويعمل على استمرارها معروف ومكشوف، ودوره أكثر وضوحًا في نسف كل فرص الوصول إلى حل سواء في منبر جدة، أو المنامة، والذهاب بالملف إلى ليبيا.. ويستطيع أدنى متابع للشأن السوداني أن يشير بإصبع الاتهام الدامغ لـ«الإخوان» في هذه المأساة التي يعيشها الشعب السوداني. فاقرأ إن شئت ما كتبه الزميل مشاري الذايدي بقوله: «إنه وبعد عشرة أيام على اندلاع الحرب السودانية الداخلية لمست انحيازاً إخوانياً صريحاً مع البرهان ضد حميدتي يعزفون على شيطنته والثناء على البرهان وهذا الكلام موجود في مجلة التايمز البريطانية عندما اتهم حميدتي البرهان بانحيازه للإخوان الساعين لاستعادة السلطة، في حين نفى البرهان هذه الاتهامات وأن الادعاء بوجود كيزان في الجيش ادعاء كاذب».

كما أن صحيفة الشرق الأوسط في عددها رقم (16284) أشارت إلى أن مصادر عسكرية سودانية ذكرت أن «الإسلاميين» لهم دور خفي في الصراع، وأن الآلاف من الذين عملوا في جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني في عهد الرئيس البشير ولديهم صلات بالتيار الإسلامي يقاتلون حالياً إلى جانب الجيش. مؤكدة كذلك أن «إخوان السودان قدحوا شرارة الحرب وواصلوا تزويدها بالوقود»، مستدلين بغياب البرهان عن الاجتماع الذي رعته السعودية والإمارات وأمريكا لبحث الأزمة، فحضر الجميع بما فيهم قائد قوات الدعم السريع وغياب البرهان مما اعتبروه رفضاً للاتفاق. فيما يقول العالمون ببواطن الأمور أن تعليمات الحركة الإسلامية منعت البرهان من الحضور لتكون بداية الحرب التي يعيشها السودان اليوم في مشهد كارثي ومأساوي أقل ما يمكن أن يوصف به أنه «عبثي وسوريالي»، محصلته تدمير مستمر وماحق للسودان وتشريد لأهله واغتصاب لبناته وقتل وضحايا وجرائم تدور على ساحته وتصرفات لا مسؤولة وسلوكيات غير منضبطة، في مناظر يندى لها جبين الإنسانية التي ترفض مثل هذه الأعمال اللا إنسانية.

إن ما يدور في الساحة السودانية منذ انقلاب «الإخوان» في 30 يونيو 1989، وما تلا ذلك من متغيرات في الساحة السياسية والاقتصادية والاجتماعية السودانية، يؤكد أنه لا زالت هناك طائفة تنتمي لـ«الإخوان»، تتزيا بحلّة الجيش السوداني، وتعبث به، فجاء تحركها الأخير والسودان يتهيّأ للحظة الإمضاء على «الاتفاق الإطاري»، بعد مماطلات كثيرة، وتأجيلات بلا مبرر سوى التسويف، ومحاولة عرقلة الجهود الرامية لحل الأزمة السودانية بالحوار السلمي، والجهود التي تفضي إلى إنهاء «انقلاب 25 فبراير»، واسترداد الدولة من قبضة «الجبهة الإسلامية»، بتفكيك مفاصل سلطة حكمها التي امتدت لأكثر من ثلاثة عقود، أفقرت فيها السودان، وأدخلته في صراع مع المجتمع الدولي بتصرفات طائشة، وتوجّه «إخواني» دموي معروف للجميع.

وهناك شواهد تثبت تحرّك قيادات «الإخوان»، وتحريضهم على إفشال الاتفاق، والدفع بقواعدهم نحو المواجهة، التي بلغت قمة حماقتها بطلب أحدهم فتوى دينية لاستباحة دم المبعوث الأممي، كونه المتولّي لعملية الحل السياسي المتوّج بـ«الاتفاق الإطاري»، فيما ظهرت قيادات أخرى منهم، وهي تتوعّد – على العلن، وقبل انتهاء الحرب – بتصفية ناشطين سياسيين في الساحة السودانية، ومؤكدين عودتهم للسلطة بشكل مطلق ينهون به حالة السلطة المستترة بقيادة البرهان.

إن هذه «الحقيقة» باتت تتكشّف يومًا بعد يوم، ولعلّ أصدق تعبير لها، قد صاغه قلم الدكتور طارق الشيخ في مقال له به بعنوان: «ما هي القوى الحقيقية وراء المشهد الدموي؟!»، حيث كتب ما نصّه: [إن ما يحدث اليوم في السودان هو انقلاب عسكري بتدبير من الإخوان المسلمين لكي يزيحوا أكبر خطر عليهم يمثّله محمد حمدان حميدتي وقواته ويجرى بدعم (وقيادة) البرهان الذي يبدو أنه يبتعد عن الإعلام، إذ ستفضحه كلماته نفسها، عدا عن أنه سيكون في أي ظهور له محاطاً بقواتٍ منتمية للحركة الإسلامية].

وتأكيداً لهذا الطرح فقد فرضت عقوبات أمريكية على وزير الخارجية السوداني السابق، والأمين العام للحركة الإسلامية علي كرتي لاتهامه بعرقلة التسويات لوقف إطلاق النار، ووضع حد للنزاع المدمر في السودان.

وفي مقابل هذا الرؤية يرى آخرون أنها «حركة تصحيح» من الجيش السوداني حيال «الدعم السريع» بدعوى «التمرّد»، ولا يقدمون أي حجة تشي بهذا التمرد المزعوم، بل إن خطاب التناقض يحوط هذه الرؤية، كون الدعم السريع في الأصل صنيعة الجيش نفسه، ويأتمر بأمره، وملحق تحت لافتته، وثمة اجتماع كان مقررًا بين «البرهان» و«حميدتي» لحسم قضية «الإطاري» وهو اليوم الذي جرت فيه الأحداث الدامية، بما يشير بوضوح إلى أن هناك خطأ ما وأيدياً خفية سعت إلى تحريك هذا الصراع اللامبرر بين أصدقاء الأمس ليصل الحال إلى الصورة التي عليها السودان اليوم.

وكيف ما كان الوضع، فالحاجة باتت ماسة وعاجلة إلى تدخّل عربي وإقليمي وعالمي لوقف هذا الصراع العبثي الدائر الآن، ووقف نزيف الدم السوداني أولاً، وإمضاء عملية التحوّل السياسي وفق ما خُطط لها في الإتفاق الإطاري، بما يعيد هذا البلد الشقيق إلى وضعه الذي عرفناه به على مر الحقب والسنوات؛ مصدر خير، وليس منطلق فتنة، ولا مصدر شرور لشعبه والشعوب المجاورة.

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: فی السودان

إقرأ أيضاً:

السودان.. هبوط أول رحلة تجارية منذ اندلاع الحرب في مطار كسلا

أفاد مصدر سوداني بهبوط أول رحلة تجارية منذ اندلاع الحرب في مطار كسلا قادمة من مطار بورتسودان. 

وذكر المصدر لـ"الشرق" أن الرحلات من مطار كسلا شرق السودان تشمل رحلات أسبوعية لمطار بورتسودان. 

في سياق آخر؛ أكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، أنه لن يذهب باتجاه وقف إطلاق نار ما لم يصحبه انسحاب قوات الدعم السريع من المدن والقرى  وتجمعها في أماكن معلومة.

وقال البرهان، خلال مؤتمر في بورتسودان لمناقشة تداعيات الحرب على الاقتصاد، إن السودان لم يكن موافقا على مشروع القرار البريطاني أمام مجلس الأمن لأنه "معيب ويخدش السيادة" و"لم يلبِّ مطالب السودان".

وشدد قائد الجيش السوداني على "رفض أي تدخل خارجي أو فرض حلول مستجلبة إلى السودان وشدد على أن الحرب تمضي إلى نهاياتها".

وأضاف البرهان أن النظر في الشأن السياسي بالعودة للفترة الانتقالية وتشكيل حكومة من المستقلين بالتوافق مرهون بوقف الحرب في السودان.

وأكد أن "المقاتلين في الميدان لا ينتمون لأي جهة، لا المؤتمر الوطني ولا غيره، بعكس مزاعم بعض القوى السياسية".

وتابع: "يجب أن تتوقف الحرب أولا ثم ننظر في الشأن السياسي بالعودة للفترة الانتقالية، وتشكيل حكومة من المستقلين بالتوافق"، معتبرا أن "الوقت مبكر على خلط المسارين الأمني والسياسي، وبعد الحرب يجب الاتجاه لحوار سوداني حول كيفية إدارة البلاد".

كما استخدمت روسيا حق النقض "فيتو" ضد مشروع قرار لمجلس الأمن، يدعو الطرفين المتحاربين في السودان إلى وقف الأعمال القتالية على الفور وضمان توصيل المساعدات الإنسانية.

وصوتت كل الدول الأخرى في المجلس، الذي يضم 15 عضوًا، لصالح مشروع القرار الذي صاغته بريطانيا وسيراليون.

وكان البرهان قد وافق، على مقترحات قدمها المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان، توم بيرييلو، بشأن الأزمة السودانية، خلال لقاء جرى بينهما، في بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة للحكومة السودانية.

واندلعت الحرب في أبريل 2023 بسبب صراع على السلطة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، قبل انتقال كان مقررًا للحكم المدني، ما أدى إلى أكبر أزمة نزوح في العالم.

وتقول الأمم المتحدة إن نحو 25 مليون شخص، أي نصف عدد سكان السودان، يحتاجون إلى مساعدات مع انتشار الجوع في مخيمات النازحين، وفرار 11 مليون شخص من ديارهم، منهم أكثر من 3 ملايين غادروا إلى دول أخرى.

مقالات مشابهة

  • عمليات قتل تطال العشرات في ود عشيب السودانية.. واتهامات للدعم السريع بالوقوف وراءها
  • عشرات القتلى في ود عشيب السودانية.. واتهامات لـالدعم السريع بالوقوف وراءها
  • توم بيرييلو: تأهل المنتخب السوداني لأمم إفريقيا مثال آخر على الروح السودانية التي لا تقهر في مواجهة الشدائد
  • تقدم ملحوظ للجيش السوداني.. والبرهان: لا وقف لإطلاق النار إلا بانسحاب الدعم السريع
  • السودان.. هبوط أول رحلة تجارية منذ اندلاع الحرب في مطار كسلا
  • “بيرييلو” ومآلات الحرب السودانية
  • البرهان يضع شرطا لوقف إطلاق النار في السودان
  • منها تأهل المنتخب لأمم أفريقيا.. 4 أحداث بيوم واحد تشعل المنصات السودانية
  • البرهان يوافق على مقترحات المبعوث الأميركي لحل الأزمة السودانية .. بيريلو: الولايات المتحدة تدعم وضع حد للفظائع المرتكبة ضد الشعب السوداني
  • البرهان يوافق على مقترحات المبعوث الأميركي لحل الأزمة السودانية