ليبيا/ وليد عبد الله/ الأناضول مع دخول شهر محرم في التقويم الهجري، تستعد مدينة غات، في أقصى الجنوب الغربي لليبيا، لإحياء ذكرى يوم عاشوراء، والتي تسمى بلغة الطوارق، الذين يمثلون غالبية سكانها، “تاليت إن السبيباي”، أي “شهر محرم”، حيث أضحت جزءا من عاداتهم وتقاليدهم التي يحافظون عليها. وتتخذ احتفالات “السبيباي”، أشكالا تعبيرية مختلفة، حيث يرتدي الطوارق ملابسهم التقليدية، ويؤدون رقصات جماعية، منها ما يعبر عن الفرح والرقص، وأخرى ترمز للحزن والأسى.
ومع ليلة العاشر من شهر محرم، تكتظ ساحة “أهنسوا”، وسط المدينة، بالفرق الشعبية المشاركة من غات نفسها ومن قريتي الفيوت والبركت، التابعتين لها، ويمارسون عاداتهم وتقاليدهم المرتبطة بيوم عاشوراء، وفق الباحث في التاريخ المهدي محمد موسى. ـ بين غات الليبية وجانت الجزائرية وفي حديثه للأناضول، يقول موسى، وهو أحد سكان المدينة، إن “احتفالات السبيباي، تبدأ في غات، ليلة العاشر من محرم، وتستمر لخمسة أيام، بخلاف مدينة جانت الجزائرية (المقابلة لغات من الطرف الآخر للحدود) والتي تبدأ فيها الاحتفالات منذ بداية محرم، وتستمر لـ10 أيام، وبنفس العادات والتقاليد، مع وجود بعض الاختلافات”. وأضاف “الاحتفالات في غات تتخذ أشكالاً مختلفة، منها ما يحمل طابع الحزن لمقتل الحسين (في موقعة كربلاء) ويسمونها بليلة أيلاليس، وهي اختصار لكلمة أيلالي يوضا، وتعني بلغة الطوارق سقوط الشريف، أي الحسين، ومنها ما يحمل طابع الفرح، وذلك احتفالاً بنجاة سيدنا (النبي) موسى وهلاك فرعون”. وأوضح موسى، أن “الأيام الخمسة من شهر محرم، أو تاليت ان السبيبياي، بلغة الطوارق، لديها مراسم تشبه إلى حد كبير أجواء العيد، حيث تقام الولائم الجماعية، واجتماع الأسر في بيت الجد لتناول وجبة العشاء، ومن ثم الانتقال للمدينة القديمة، والتي تسمى آغرام، لبدء المراسم الرسمية للاحتفالات”. وأشار إلى أن “الليلة الأولى للاحتفالات، والتي تحمل طابع الحزن تبدأ بالطواف حول المدينة القديمة بسبعة أشواط في خارجها، وشوطين في داخلها عن طريق مواكب من النسوة، اللائي يتغنين بكلمات تأبين للحسين (حفيد النبي محمد عليه الصلاة والسلام)، ويقوم الراقصون بإشعال النيران في الأغصان وضربها في بعضها لتحدث الشرارة”. وقتل الحسين بن علي، في العاشر من محرم 61 هجرية في معركة كربلاء جنوبي العراق. ولفت موسى، إلى أن هذه الطقوس كان الفاطميون يمارسونها قديما، ومن ثم انتشرت في شمال إفريقيا وبالأخص للطوارق، حيث يحتفل بها طوارق ليبيا بعادات وتقاليد مختلفة تماما، وهذا يمكن مشاهدته حتى في بعض المدن الليبية، والتي تحتفل بيوم عاشوراء. وأسس الفاطميون خلافة شيعية إسماعلية (909-1171م) انطلقت من المنطقة المغاربية، ثم توسعت نحو مصر، وضمت في أقصى توسعها الشام والحجاز. وتابع “الاحتفال بأيام السبيباي في غات أضحى من التراث الذي يحافظ عليه الطوارق، ومن المفترض الاهتمام بهذا الموروث لكي يتم اعتماد كتراث عالمي، أسوة بمدينة جانت الجزائرية، والذي اعتمدته كتراث عالمي في اليونسكو أو على الأقل تراث ليبي”. ـ حفلة تنكرية وفي السياق ذاته، يقول الصحفي مصطفى خليفة، للأناضول، “لدي ذكريات خاصة مع احتفالات السبيباي، حيث نقوم خلال الليلة العاشرة من محرم، بالبحث مع رفاقي عن أغصان شجرة البرمبخ، حتى نوقد النيران فيها بعد صلاة المغرب، حيث ندقها ببعضها البعض حتى تصدر منها شرارة تيمسمسين”. وتابع خليفة، “لم نكن نعرف لها أي معنى سوى أننا نستمتع جدا بوقتنا حتى يحين وقت العشاء، الذي يقام في بيت كبير العائلة، وتقام وليمة كبيرة بهذه المناسبة، حيث يحتفظ البعض بجزء من أضحيته لهذه الليلة من اللحم المجفف، والذي يسمى بالقديد”. واستطرد “بعد وليمة العشاء نتجهز ونرتدي ملابس غريبة، فيما يشبه الحفلة التنكرية، حتى لا يتعرف عليك أحد، ونجوب ونطوف المدينة القديمة عدة مرات من الداخل والخارج”. وأشار خليفة، إلى أن “السبيباي، فقدَ بريقه، خلال السنوات الماضية، ولكن مؤخرا بدأت العديد من الفرق الشعبية ومؤسسات المجتمع المدني في إحياء أيام السبيباي من جديد”. ودعا وزارة الثقافة الليبية للاهتمام بهذا الموروث، وإضافته للمهرجانات الثقافية السنوية. والطوارق قبائل غير عربية من المسلمين السُنة، ويقطن أغلبهم في الجنوب، خاصة مناطق أوباري وسبها وغات ودرج وأوال وغدامس وأدري، ويبلغ عددهم في ليبيا، وفق تقديرات غير رسمية، نحو 15 ألف نسمة من أصل قرابة 5 ملايين نسمة، بحسب آخر إحصاء، عام 2006.
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
شهر محرم
إقرأ أيضاً:
الحوار الوطني يناقش التطورات المتسارعة إقليمياً والتي تتماس مع الأمن القومي المصري
عقد مجلس أمناء الحوار الوطني اجتماعًا، أمس الشبت، في مقر الأكاديمية الوطنية للتدريب، لمناقشة عدد من القضايا المهمة والعاجلة التي تحيط ببلدنا الحبيب.
واستعرض المجلس خلال اجتماعه، التطورات المهمة المتسارعة إقليمياً والتي تتماس مباشرة مع الأمن القومي المصري.
وأكد على مساندته التامة لكل مواقف القيادة السياسية المصرية المبدئية والثابتة تجاهها، والتي تهدف لحماية المقدرات والمصالح العليا لمصر وشعبها، وصون دعائم الأمن القومي العربي.
وقرر المجلس في إطار دعم الحوار الوطني المتواصل لدولته الوطنية، توجيه الدعوة للسيد وزير الخارجية الدكتور بدر عبد العاطي لعقد لقاء مع مجلس أمناء الحوار، ليطلع فيها المجلس على التطورات الأخيرة والرئيسية لما يدور حالياً في الإقليم المحيط بنا، والمحددات والمسارات العامة التي تتعامل بها الدولة معها في الأجلين القصير والمتوسط.
واستعرض مجلس الأمناء كذلك موقف مناقشة جلسات الحوار الوطني لقضية الدعم، بعد استكمال تلقي الأمانة الفنية مقترحات القوى السياسية والأهلية والخبراء والمواطنين حولها، مؤكداً على أن جلسات الحوار الوطني حول تفاصيل هذه القضية المحورية لغالبية الشعب المصري في طور الإعدادات النهائية، لتبدأ فور اكتمالها جلسات الحوار حولها، العامة والعلنية، والمتخصصة والفنية، بمشاركة مختلف القوى السياسية والأهلية والنقابيّة والشبابية. وأهاب مجلس الأمناء بالحكومة في ظل أهمية هذه القضية، والحرص المعلن والمتكرر لدولة رئيس مجلس الوزراء دكتور مصطفى مدبولي على استفادة الحكومة بما سينتهي إليه الحوار الوطني بشأنها، التمهل في اتخاذ أي إجراءات بخصوصها، حتى ينتهي الحوار من مناقشتها وصياغة التوصيات النهائية لها، في موعد سيعلن عنه لاحقاً وقريباً.