ماذا يعني خفض وكالة ستاندرد آند بورز تصنيف إسرائيل الائتماني؟
تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT
خفضت وكالة ستاندرد آند بورز الأميركية تصنيف إسرائيل الائتماني الطويل المدى، في مراجعة مجدولة الخميس الماضي، من "إيه إيه-" (AA-) إلى "إيه+" (A+) بعد تصاعد المواجهة مع إيران الأسبوع الماضي.
وكان من المتوقع إصدار الوكالة تصنيفها الشهر المقبل، لكنها خرجت عن جدولها الزمني بسبب الزيادة الكبيرة في المخاطر الجيوسياسية والأمنية في إسرائيل وتأثيرها على ملف المخاطر، وفق صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية.
يأتي الخفض الأحدث بعد قرار وكالة "فيتش" في أبريل/نيسان الجاري إبقاء تصنيف إسرائيل عند "إيه+" وإزالة المراقبة السلبية مع إضافة نظرة مستقبلية سلبية، وقد خفضت وكالة موديز تصنيف إسرائيل في فبراير/شباط الماضي.
ومن شأن الخفض الأخير في تصنيف إسرائيل الائتماني (إضافة إلى التخفيضات السابقة) التأثير على الاقتصاد الإسرائيلي بعدة طرق؛ فالتصنيف الائتماني لدولة ما، أو التصنيف الائتماني السيادي، هو درجة تُمنح لبلد ما بناء على كيفية إدراك وكالة التصنيف قدرته على سداد ديونه.
يمكن أن يعطي هذا التصنيف للمستثمرين فكرة عن المخاطر التي ينطوي عليها الاستثمار في بلد معين مثل شراء سندات بلد ما، وعند تحديد التصنيف تقيّم الوكالات عددا من العوامل التي تؤثر على اقتصاد الدولة، فضلا عن الأحداث المستقبلية المتوقعة.
ويشير تراجع التصنيف بالنسبة للمستثمرين إلى أن الاستثمار في السندات الإسرائيلية أكثر خطورة، مما يعني أن إسرائيل قد تحتاج تقديم فائدة أعلى لتعويض المستثمرين عن المخاطر، وهذا قد يجعل ديون إسرائيل أكثر كلفة لأنها ستحتاج إلى دفع المزيد مقابل الأموال التي تقترضها، وفق الصحيفة.
تأثير الحربوقالت وزارة المالية الإسرائيلية، الأسبوع الماضي، إن الحرب على قطاع غزة أدت إلى مضاعفة الاقتراض، وجمعت إسرائيل ديونا بقيمة 160 مليار شيكل (43 مليار دولار) في عام 2023، نصفها تقريبا منذ اندلاع الحرب في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفق الوزارة.
وبلغ إجمالي الدين 62.1% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023 ارتفاعا من 60.5% في 2022 بسبب زيادة الإنفاق الحربي، ومن المتوقع أن يبلغ 67% في 2024.
وبالتالي، فإن الدين الذي ستجمعه سيكون أكثر كلفة نظرا لانخفاض التصنيف، وفي سياق التصنيفات الأخيرة الأخرى، وفق الصحيفة.
وثمة تأثير إضافي وربما مهم لانخفاض التصنيف، وفق جيروزاليم بوست، وهو الإشارة التي يرسلها بأن الأمور قد تسوء قبل أن تتحسن، إذا أشارت ستاندرد آند بورز إلى أن تصنيف إسرائيل قد ينخفض أكثر إذا تصاعدت وتيرة الصراع، أو امتد إلى عدم الاستقرار الإقليمي، أو كان له تأثير كبير على المعايير الاقتصادية لإسرائيل.
واستند التصنيف الأخير على افتراض أنه لن يكون هناك صراع إقليمي أوسع نطاقا، وأنه إذا حدث مثل هذا الصراع فمن الممكن خفض تصنيف إسرائيل مرة أخرى.
رسالة
يبعث هذا الأمر برسالة إلى أولئك الذين يفكرون في الاستثمار في إسرائيل مفادها أن الأمور قد تتفاقم، مما يجعل المستثمرين مترددين في استثمار أموالهم، إما لأن المخاطر تبدو كبيرة للغاية وإما لأنهم يفضلون الانتظار لمعرفة كيفية تطور معايير المخاطر قبل شراء السندات الإسرائيلية، حسب الصحيفة.
وربما يكون هذا التصريح السلبي حول الحاضر والمستقبل بمثابة إشارة لأولئك الذين يستثمرون في القطاع الخاص الإسرائيلي بأن إسرائيل ليست مكانا مستقرا لممارسة الأعمال التجارية، ليس فقط مع حكومتها ولكن بشكل عام.
ومن المحتمل أن يؤثر التصنيف، كذلك، على قرار بنك إسرائيل بشأن تغيير سعر الفائدة؛ فأحد أدوار البنك المركزي الإسرائيلي هو الحفاظ على الاستقرار في الأسواق المالية.
ونقلت صحيفة "ذا ماركر"، الملحق الاقتصادي لصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، عن كبير الاقتصاديين في "آي بي آي إنفيست" رافائيل جوزلان قوله إن هدف الحفاظ على الاستقرار قد يكون له وزن أكبر في اتخاذ القرار النقدي للبنك، إذ يشير خفض التصنيف إلى عدم الاستقرار، مما يدفع بنك إسرائيل إلى الإشارة إلى الاستقرار من خلال إبقاء معدلات الفائدة بلا تغيير.
وأوضحت الصحيفة أن وصول إسرائيل إلى أسواق رأس المال وقدرتها على جمع المال قد يصبحان أكثر أهمية لأن تكاليف الحرب تجبر الدولة على زيادة موازنتها الدفاعية ورعاية المتضررين وإعادة بناء البنية التحتية الحيوية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات تصنیف إسرائیل
إقرأ أيضاً:
ماذا وراء تهديد إسرائيل بـضغط عسكري حقيقي في غزة؟
رغم مرور 22 شهرا على الحرب، فإن إسرائيل صعّدت على المستويين السياسي والعسكري من نبرة تهديدها لقطاع غزة، بعد تمسك المقاومة بمطالبها لإبرام صفقة تفضي إلى وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
وفي وقت كثفت فيه المقاومة عملياتها وكمائنها المركبة على الأرض، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي إيفي دفرين إن المؤسسة العسكرية ستقدم خططا للمستوى السياسي لاستمرار القتال في غزة.
ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصادر أن العملية العسكرية في غزة ستنتقل إلى مرحلة "أكثر تصعيدا إذا لم يحدث تقدم في المفاوضات".
كما نقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله إن الجيش سيعمل على إيجاد "تهديد عسكري حقيقي في مناطق معينة، أملا أن يدفع ذلك نحو التوصل إلى صفقة جزئية".
وأشارت الصحيفة إلى أنه من المحتمل أن التنسيق يجري حاليا وراء الكواليس بين إسرائيل والولايات المتحدة بهدف زيادة الضغط على حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
مأزق مزدوجويخفي هذا التوجه الجديد مأزقا سياسيا وعسكريا إسرائيليا في قطاع غزة يترجم بتعميق التجويع وزيادة وتيرة القتل، وفق الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى.
وحسب حديث مصطفى لبرنامج "مسار الأحداث"، فإنه لا يوجد في جعبة جيش الاحتلال من الناحية الإستراتيجية ما يمكن استخدامه لإجبار حركة حماس على القبول بالشروط الإسرائيلية في المفاوضات.
وشكلت عملية "عربات جدعون" -التي أطلقها جيش الاحتلال في مايو/أيار الماضي- أقصى تهديد عسكري حقيقي لحماس، إذ كانت ذروة عمليات جيش الاحتلال خلال الحرب، التي ينظر إليها المجتمع الإسرائيلي بأنها أصبحت عبثية.
واستبعد الباحث في الشؤون السياسية سعيد زياد نجاح إسرائيل في إخضاع المقاومة عبر أي تهديد عسكري جديد، مستدلا بالكمائن ضد جيش الاحتلال في بيت حانون شمالا ورفح جنوبا.
وحسب زياد، فإن استمرار سقوط القتلى والجرحى الإسرائيليين في رفح وبيت حانون "دلالة راسخة على استعصاء العمل العسكري في هزيمة قطاع غزة".
إعلانوبناء على ذلك، فإن انتهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية الكبرى قاب قوسين أو أدنى، في حين يبقى الهدف الإسرائيلي الأسمى تصفية القضية الفلسطينية عبر رفع شعار القضاء على المقاومة ونزع سلاحها وفرض حكم عسكري على القطاع ثم تهجير سكانه.
ضوء أخضر أميركيلكن المقاومة بدأت قراءة المتغيرات الميدانية، بعدما بات جيش الاحتلال يميل للاندفاع أكثر بما يحقق له احتلالا مباشرا للأرض وفرض حصار مطبق، كما يقول الخبير العسكري أحمد الشريفي.
وتحاول إسرائيل فرض واقعين على المقاومة الأول: "تفاوض تحت النار"، والآخر: "تفاوض تحت الحصار" عبر عمليات استطلاع متقدم -حسب الشريفي- ضمن هدف لم يعد تكتيكيا، وإنما في إطار إستراتيجية إدارة الأزمة.
وبناء على هذا الوضع الميداني، بات واضحا ارتفاع وتيرة عمليات المقاومة إثر تغير في الأهداف تبناه جيش الاحتلال، الذي يريد السيطرة على محاور متعددة لإسكات قدرة حماس على المشاغلة والمواجهة.
لكن استهداف المقاومة وحدات الاستطلاع يعني أنها "لم تؤمّن قاعدة بيانات وبنك أهداف جديدا"، مرجحا إطاحة عمليات المقاومة بإستراتيجية إسرائيل القائمة على الاحتلال والحصار.
وأعرب الشريفي عن قناعته بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعطى الضوء الأخضر لإنعاش جيش الاحتلال -الذي يعاني ضعفا وانهيار معنويا- من قبل الولايات المتحدة لإدامة زخم المعركة حتى تحقيق الأهداف الإسرائيلية والأميركية في غزة.
في المقابل، رأى المحلل الإستراتيجي في الحزب الجمهوري الأميركي أدولفو فرانكو في الهجمات الفلسطينية على القوات الإسرائيلية أنها بمنزلة "تقوية لحكومة بنيامين نتنياهو"، إذ تظهر أن هناك حربا لم تنتهِ، وضرورة القضاء على حماس وطرد قياداتها إلى الخارج.
وحسب فرانكو، فإن حماس تريد تجميع عناصرها وترتيب صفوفها والعودة إلى الحرب، مرجحا في نهاية المطاف التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار مع ضمانات أمنية إسرائيلية.
وكان ترامب قال -في أحدث تصريحاته- إنه "لا يعلم ما الذي سيحدث في غزة"، مطالبا إسرائيل باتخاذ قرار بشأن الخطوات التالية، في حين قال نتنياهو -المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب إبادة جماعية في غزة- إنه سيواصل التفاوض ويتقدم في القتال من أجل القضاء على حماس وتحرير الأسرى.