موسكو– شكلت العقوبات الاقتصادية المتتالية التي فرضها الغرب على روسيا بسبب ضم شبه جزيرة القرم عام 2014 ومن ثم شن الحرب على أوكرانيا في 2022 أهم سلاح ضغط لدفع موسكو إلى التراجع عن خيار الحرب لحل أزماتها مع أوكرانيا.

أكبر عقوبات في التاريخ

بيد أن 14 حزمة تضمنت الكثير من العقوبات الغربية لم تتمكن من إضعاف قدرة الاقتصاد الروسي على تمويل الحرب مع أوكرانيا والتي دخلت عامها الثالث، وذلك ليس وفق تأكيدات المصادر الروسية وحسب، بل وحتى الأوروبية، ناهيك عن تقديرات صندوق النقد الدولي التي توقعت نمو الاقتصاد الروسي بمعدل 3.

2% خلال العام الجاري متجاوزا توقعات للنمو الاقتصادي في كل من الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا.

واللافت كذلك أن ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي جاءت رغم زيادة مقابلة في الإنفاق العسكري والأمني وتحول البلاد إلى ما يعرف باقتصاد الحرب على ضوء توقعات داخل روسيا بتخصيص نحو 40% من الميزانية لهذه الغايات.

ووفق توقعات وزارة المالية الروسية، سوف ينمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في العام الجاري لكنه سيكون أقل مما كان عليه في عام 2023.

كما سيبدأ سعر الفائدة الرئيسي في الانخفاض، ولكن ليس قبل الربع الثاني، أما التضخم فسيبدأ في التباطؤ، ولكن من غير المرجح أن يصل إلى هدف 4% في حين ستظل البطالة عند مستويات منخفضة غير مسبوقة، ولكن مع استمرار النقص في الأيدي العاملة.

بين العقوبات و"المسيرات"

وفيما يبدو محاولة لتعويض التأثير الطفيف للعقوبات الغربية على قطاع الطاقة الروسي، لجأت أوكرانيا إلى استهداف هذا القطاع بشكل مباشر، حيث هاجمت بالمسيرات 3 مصافي نفط ومحطة نفط والعديد من مستودعات تخزينه خلال فبراير/شباط الماضي، وتعرضت البنية التحتية التي جلبت لروسيا ثلث عائدات صادراتها العام الماضي لهجمات امتدت جغرافيتها من البحر الأسود إلى منابع نهر الفولغا.

وما زاد الأوضاع تعقيدا هو أن العقوبات الغربية جعلت من الصعب إصلاح المصافي التي بنيت بمساعدة شركات الهندسة الأميركية والأوروبية، وهذا بالذات ما دفع مصافي النفط الروسية إلى تخفيض إنتاج البنزين بنسبة 12% بحلول نهاية مارس/آذار الماضي مقارنة بالشهر الذي قبله.

خارج دائرة الخطر

واعتبر الخبير الاقتصادي فيكتور لاشون أن هذه النسبة ليست رقما حاسما للحديث عن نقص الوقود بسبب المعروض الكبير من البنزين والزيادة الكبيرة في إنتاج الديزل.

ويضيف في تصريح للجزيرة نت أنه لا يوجد حاليا أي تهديد بحدوث نقص فعلي في الوقود في روسيا، وأن ارتفاع الأسعار في البورصة ناجم عن مشاعر المضاربة (أو الذعر).
ويوضح المتحدث أن روسيا تنتج عادة كمية كبيرة من البنزين بحيث ترسل 90% منه إلى السوق المحلية وتصدر 10% فقط، واصفا الهجمات الأوكرانية المتكررة مؤخرا بأنها ذات طبيعة سياسية بحتة.

في ذات الوقت، يلفت إلى أن أوكرانيا تعمدت منذ بداية العام الجاري مهاجمة نظام تخزين الوقود ومصافي التكرير في توابسي وفولغوغراد ونيجني نوفغورود، على الرغم من أن هذه المصافي كانت قيد الإصلاح ولم تكن تعمل بكامل طاقتها، لكن أوكرانيا تعلم جيدا مدى أهمية هذا المشاريع من حيث توفير الوقود.

تفعيل القدرة التنافسية

بموازاة ذلك، قام صندوق النقد الدولي بتحسين توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي الروسي إلى 3.2% في عام 2024 بعد أن قدم في وقت سابق توقعات بأن الرقم سيكون 2.6%.

وبرأي الباحث في قضايا الاقتصاد الكلي، إيغور بلينكين، يكمن السبب الرئيسي لنمو الاقتصاد الروسي في تزايد قدرته التنافسية مقارنة بمنافسيه الأوروبيين، الذين أصبح كل شيء في بلدانهم أكثر تكلفة.

بالإضافة إلى ذلك، ووفقا له، فإن زيادة الاستثمار في البلاد كان لها تأثير أيضا بعد أن انسحبت الشركات الأجنبية من السوق وأخلته للمنتجين المحليين.

ويذهب بلينكين إلى حد القول إن صندوق النقد خفف من توقعاته إلى حد كبير، وذلك لعدة أسباب أبرزها كمية المعلومات المتعلقة بالاقتصاد الروسي التي تتلقاها المنظمات الدولية والتي أصبحت أقل حاليا إلى حد ما، إلى جانب حضور العامل السياسي في صياغة هذه التوقعات.

ويفسر ذلك بأنه بناء على نتائج الأشهر الأولى من عام 2024 ستكون هناك زيادة "جدية" في معدل النمو الاقتصادي، مما يعني – حسب قوله- أن كل الدلائل باتت تشير إلى أن الاقتصاد الروسي سيتجاوز توقعات صندوق النقد لهذا العام.

ووفقا له، فإن هذه العوامل لا تترك للاقتصاد الروسي أي خيار سوى النمو بوتيرة متسارعة، لأن الشركات من الدول غير الصديقة تقوم بإخلاء أسواقها للشركات الروسية، علاوة على أنه من المستحيل عزل الاقتصاد الروسي والسلع والخدمات عن روسيا، لأن البلاد تستطيع توريد الإمدادات إلى الدول الصديقة ومن خلالها إلى بقية بلدان العالم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات الاقتصاد الروسی صندوق النقد

إقرأ أيضاً:

أوكرانيا تعلن استهداف مصفاة نفط في عمق أراضي روسيا

أعلنت هيئة الأركان العامة الأوكرانية أن طائراتها المسيرة هاجمت مصفاة في كستوفو بمنطقة نيجيني نوفجورود الروسية، مما تسبب في اندلاع النيران في المصفاة، حسبما جاء في منشور على موقع فيسسبوك .

ونقلت وكالة "بلومبرغ" للأنباء عن هيئة الأركان في أوكرانيا القول إن "المصفاة تمد الجيش الروسي بالوقود".

وكانت وكالة "انترفاكس" الروسية قد أشارت في وقت سابق إلى أن وحدات الإطفاء تعمل في موقع حريق بمحطة سيبور-كستوفو للمنتجات البتروكيماوية في منطقة نيجيني نوفجورود.

Massive Ukrainian drone attack targets Russian power, oil facilities
➡️ https://t.co/JZjWYzsgwn pic.twitter.com/DTV9fWiFR8

— FRANCE 24 (@FRANCE24) January 29, 2025

وتبادلت موسكو وكييف الهجمات بالمسيرات أو الصواريخ بشكل يومي تقريباً على مدى الحرب المتواصلة منذ نحو 3 سنوات، إذ استهدفت كل منهما مواقع عسكرية وللطاقة في البلد الآخر.

وتكثفت الضربات بعدما فاز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية العام الماضي في وقت يسعى الرئيس الجمهوري لوضع حد للقتال في أسرع وقت.

وأفادت روسيا في وقت سابق بأن حطام المسيرة أدى إلى اندلاع حريق في المكان.

وقالت "سيبور"، وهي شركة بتروكيماويات تملك المنشأة، على تلغرام إن "الشظايا الناجمة عن صد هجوم بمسيرة سقطت على مشروع سيبور-كستوفو ما أدلى إلى اندلاع حريق".

وأكدت "سيبور" والحاكم الإقليمي عدم سقوط ضحايا فيما يعمل عناصر الإطفاء على إخماد الحريق.

Waves of Ukrainian drones target Russian power, oil facilities https://t.co/oVwxyWDbPd pic.twitter.com/KYdiSQb9eo

— Reuters (@Reuters) January 29, 2025

وقال حاكم منطقة سمولنسك الروسية فاسيلي أنوخين إنه تم إسقاط مسيّرة أوكرانية "أثناء محاولتها الهجوم على منشأة نووية"، مشيراً إلى عدم وقوع أضرار أو ضحايا.

ولم يحدد الحاكم عن أي منشأة يتحدث، لكن محطة الطاقة النووية في سمولنسك تقع قرب بلدة ديسنوغورسك.

مقالات مشابهة

  • أوكرانيا تكشف عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي منذ بداية الحرب
  • أوكرانيا تعلن استهداف مصفاة نفط في عمق أراضي روسيا
  • أوكرانيا تستهدف مصفاة نفط في عمق روسيا
  • ‏الجيش الروسي يعلن السيطرة على بلدة في شرق أوكرانيا
  • العقوبات الأمريكية تلقي بظلالها على تجارة النفط الروسي للصين والهند
  • المركزي الروسي يواصل تخفيض العملات الرئيسية مقابل الروبل
  • ‏السلطات الأوكرانية: عدة مناطق في أوكرانيا تعرضت لهجمات بطائرات مسيرة روسية خلال الليل
  • روسيا تحاول السيطرة على جزر بالقرب من خيرسون الأوكرانية
  • جولدمان ساكس: هذه العوامل تضمن استمرار تدفق النفط الروسي
  • روسيا تدعي السيطرة على بلدة جديدة شرق أوكرانيا.. وقرار أوروبي بتمديد العقوبات على موسكو