الجزيرة:
2024-06-27@11:19:43 GMT

حلم تطبيع المجتمع المقدسي

تاريخ النشر: 30th, July 2023 GMT

حلم تطبيع المجتمع المقدسي

لا شك أن أول ما كان يخطر في ذهن أي سياسي إسرائيلي عند إنشاء دولة الاحتلال كان الحلم بدولة صافية خالية من أية عناصر أخرى قد تخل بفكرة كون هذه الأرض وطنًا خالصًا للشعب اليهودي، وهو ما قامت عليه الدعاية التي أطلقتها الحركة الصهيونية خلال فترة التحضير لإقامة الدولة (أرض بلا شعب لشعب بلا أرض). هذا هو الأساس الذي قامت عليه عمليات التطهير العرقي التي نفذتها إسرائيل عشية النكبة، وتحدث عنها غير واحد من المؤرخين -حتى الإسرائيليين- كإيلان بابيه وغيره.

إلا أن التجربة أثبتت أن حلم الدولة الخالصة لا يعيش إلا في مخيلة أصحاب هذا الحلم فقط، ذلك أن الشعب الفلسطيني لم يختفِ من فلسطين ولم يتمكن الاحتلال الإسرائيلي من إزالته من الوجود أو تغييبه طوال 75 عامًا، وهذا ما يعيه كبار الساسة والمحللون والمفكرون الإسرائيليون.

إسرائيل في البداية عملت على محاولة استبعاد أكبر كمية ممكنة من المقدسيين من المدينة خلال حرب النكسة التي كانت تأمل فيها طرد الفلسطينيين إلى دول الجوار كما جرى في النكبة عام 1948، لتفاجأ ببقاء السكان في أراضيهم والتزامهم بعدم المغادرة

لعل هذا هو المنطلق الذي خرجت منه دعوات التعايش مع هذا الشعب ومحاولة احتوائه بعد فشل فكرة إزالته من الوجود، التي حملها تيار اليسار الإسرائيلي على مدى العقود الماضية، ليعود الأمر اليوم لنقطة حرجة مع صعود اليمين المتطرف بأفكاره الدينية المتطرفة. على أن فكرة احتواء الشعب الفلسطيني لا تزال موجودة وفعالة لدى أجهزة الدولة الإسرائيلية رغم سيطرة اليمين المتطرف على مفاصل الحكم في الحكومة الإسرائيلية، ولا يتوقع أن تزول هذه الرؤية قريبًا، خاصةً أن المؤسسة العسكرية والأمنية هي التي تحمل حاليا هذه الفكرة، وهي ما تشكل ما يمكن أن نسميه "الدولة العميقة" في إسرائيل.

الأمر نفسه ينطبق على واقع مدينة القدس؛ فإسرائيل التي أشعلت حرب عام 1967 وسيطرت على شرقي القدس بالكامل في تلك المرحلة، كانت تفكر جديا بداية في تغيير الطابع الديموغرافي في المدينة وطرد المقدسيين نهائيا منها عبر إعلانها ضم الأرض من دون السكان، واعتبار المقدسيين أجانب مقيمين في المدينة المقدسة مؤقتًا بسبب الظروف السياسية.

منذ ذلك الوقت، عملت إسرائيل في البداية على محاولة استبعاد أكبر كمية ممكنة من المقدسيين من المدينة ابتداءً خلال حرب النكسة التي كانت تأمل فيها طرد الفلسطينيين إلى دول الجوار كما جرى في النكبة عام 1948، لتفاجأ ببقاء السكان في أراضيهم والتزامهم بعدم المغادرة، مرورا بهدم أحياء كاملة وتهجير سكانها بالقوة كما جرى في حارة المغاربة عام 1967، وليس انتهاءً بسن قوانين الإقامة المعقدة في المدينة المقدسة، التي هدفت منها إسرائيل إلى إشعار الفلسطيني بأنه غريب في مدينة القدس ولا ينتمي لها بحال، وبالتالي دفعه إلى المغادرة بحثًا عن الهدوء.

المقدسيون زادت أعدادهم بدل أن تقل وزادت نسبتهم في القدس مقارنة باليهود (رويترز)

كان واضحًا منذ البداية فشل هذه الاتجاهات الثلاثة التي عملت عليها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة؛ فالمقدسيون زادت أعدادهم بدل أن تقل، وزادت نسبتهم في القدس مقارنة باليهود بدل أن تنخفض، مما دعا إسرائيل إلى إطلاق إستراتيجيتها المتمثلة في الحرص على ألا تزداد نسبة السكان الفلسطينيين في القدس، أي وقف الزيادة فقط، بعد الفشل في خفضها على المستوى العددي.

لكن أكبر ما واجهته إسرائيل من نتائج لسياساتها في القدس كان تحويل المقدسيين إلى طعنة في خاصرة الدولة، فهم ليسوا مواطنين فيها، ولا ينتمون إليها لا قانونًا ولا حكمًا، وهم مضطهدون في مدينتهم لا يشعرون بأن حياتهم فيها طبيعية بحالٍ من الأحوال، والاحتلال الذي يعيشونه يختلف في شكله عن الاحتلال العسكري المباشر في مناطق الضفة الغربية حولهم، ويختلف عما عليه الأحوال لدى فلسطينيي الخط الأخضر الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية ويعتبرون -رغما عنهم- مواطنين في هذه الدولة.

في الوقت نفسه، فإن كون المقدسيين يعيشون في القدس ويحملون بطاقة الهوية الإسرائيلية الزرقاء (رغم كونهم غير مواطنين في هذه الدولة)، يجعلهم يتمتعون بحرية الحركة بين الضفة الغربية ومناطق الخط الأخضر، وهو ما جعل استعداءهم واضطهادهم على مدار العقود الطويلة الماضية يأتي لإسرائيل بنتائج أقل ما يقال عنها إنها كارثية؛ فمن السذاجة أن يتوقع الساسة في دولة الاحتلال أن يعاملهم المقدسيون معاملة خاصة، أو ينظروا إليهم نظرة الانتماء أو حتى "الجيرة"، بينما يُمنَعون من البناء والتوسع في بيوتهم، وتُهدَم بيوتهم يوميا أمام أعينهم، ويُحرَمون من أقل حقوقهم البشرية في التنقل بحرية في مدينتهم والانتماء إليها كما كانوا على مدى آلاف السنين.

لعل أغرب ما تفتقت عنه الذهنية الإسرائيلية المتعجرفة في هذا الصدد هو ظن ساسة الاحتلال ومنظريه أن بإمكانهم الآن بعد عشرات السنين من الاضطهاد أن يقوموا بعملية "غسيل دماغ" سريعة للمقدسيين، حيث بدأت منذ فترة قصيرة تظهر بعض المظاهر التي تحاول من خلالها الحكومة الإسرائيلية "احتواء" المقدسيين وإجراء عملية "تطبيع" معهم.

فقد بدأت سلطات الاحتلال محاولة تخفيف إجراءات المراجعات الحكومية التي كانت على الدوام مصدر إرهاقٍ للمقدسيين، مثل عمليات وزارة الداخلية الإسرائيلية ومعاملات مؤسسة التأمين الوطني وغيرها، التي كانت إلى زمنٍ قريبٍ تعد مصدر تعبٍ وإرهاقٍ شديد للمقدسيين، فقد كان مجرد دخول مبنى وزارة الداخلية الإسرائيلية لإجراء أية معاملات تتعلق بالمقدسيين (مثل تجديد الهوية المقدسية أو تسجيل الأولاد أو غير ذلك) يعد إنجازا يتم التخطيط له على مدى أيام وربما أسابيع، وكان ذلك يتطلب من المقدسي الوقوف في صفوف طويلةٍ طوال الليل أمام بوابات مكاتب وزارة داخلية الاحتلال ليتمكن من الدخول، ليتغير ذلك كله حاليا وتصبح العملية ميسرة وسهلة نسبيا.

ثم يأتي إعلان سلطات الاحتلال مؤخرا تخصيص 450 مليون شيكل (نحو 126 مليون دولار) سنويا لتمويل منح دراسية للطلبة المقدسيين في مؤسسات التعليم العالي الإسرائيلية. وهذا الإعلان -للمفارقة- يثير جدلا حاليا داخل الحكومة الإسرائيلية نفسها، حيث يرفضه وزير المالية الإسرائيلية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش عن تيار الصهيونية الدينية، ويتعرض بسبب رفضه إلى ضغوط من الأجهزة الأمنية الإسرائيلية -وعلى رأسها الشاباك- للموافقة على البرنامج وعدم شطبه من الميزانية، بدعوى أهميته في "أسرلة التعليم" في القدس و"تخفيف محفزات العنف" في المدينة من المجتمع المقدسي.

ويدل هذا التوجه على أن سلطات الاحتلال -في شقها الأمني على الأقل- تعلم أن خطط التخلص من المقدسيين وإلغاء وجودهم تماما من القدس باءت بالفشل، وأن أملها الآن معقود على تغيير عقلية المقدسيين وغسل أدمغتهم وتطبيع العلاقات معهم.

على أن نظرة سريعة فاحصة لهذا التوجه تبين فشله كذلك، فحتى الآن لا يستطيع رئيس بلدية الاحتلال في القدس فرض نفسه على المقدسيين رغم كافة محاولاته، وآخر الأمثلة على ذلك ما حدث في مجمع مول "الدار" التجاري في القدس، حين حضر رئيس البلدية لافتتاح محل في المجمع بالتنسيق مع مالك المجمع، ليعلن المقدسيون رفضهم هذه الخطوة، وتتفاعل القضية على أعلى المستويات في القدس وخارجها، لدرجة سكب المقدسيين الزيت أمام باب المجمع للتعبير عن رفضهم التطبيع مع بلدية الاحتلال، ومقاطعتهم هذا الافتتاح والقائمين عليه من المطبعين مع البلدية الإسرائيلية.

لا شك أن هذه المحاولات الإسرائيلية لاحتواء المقدسيين وتغيير طبيعتهم ستبوء بالفشل كذلك، فإسرائيل التي تحاول التقرب الآن من المقدسيين ببعض إجراءاتٍ تخفيفية وإغداقِ بعض المال والمنح والزيارات البروتوكولية هنا وهناك تغفل عن حقيقة مهمة، وهي أن المجتمع المقدسي يراقب ولا ينسى.

فإسرائيل التي تحمل الجزرة للمقدسيين تحمل العصا كذلك، وهي تحرص على أن تعامل المقدسيين في هذه العمليات بأسلوب "المقدسي المهذب" و"المقدسي غير المهذب"؛ فتحتفي بالمطبعين معها الذي يعتبرون أنفسهم "مواطنين" في إسرائيل رغم أنهم ليسوا كذلك حتى في نظر القانون الإسرائيلي نفسه، وفي نفس الوقت تخترع إجراءات في غاية الشدة والعنجهية للتعامل مع أي شخص يرفع صوته ضد الاحتلال، سواء بالمنع من دخول المسجد الأقصى المبارك، أو بالسجن، أو بالمنع من الحق في السفر، أو حتى بالإبعاد عن مدينة القدس كلها، ولا زالت سياسة هدم المنازل وتسليم بعضها للمستوطنين تسير كما هي من دون تغيير، بل تزداد فعليا.

ما تغفل عنه إسرائيل هنا هو أن المجتمع المقدسي مجتمع صغير، فأصحاب البيت الذي تهدمه بلدية الاحتلال لهم أقرباء من الدرجة الأولى تحاول إسرائيل استقطابهم بمنحةٍ دراسيةٍ هنا أو بحفلٍ صغيرٍ هناك.

والشاب الذي تعتقله أو تقتله سلطات الاحتلال له أقرباء وأصدقاء، ويكفي المقدسي أن يسير في شوارع القدس نصف ساعة لينهار أمام عينيه نموذج "الدولة اللطيفة" التي تحاول إسرائيل إقناعه بوجوده، عندما يرى المستوطنين يعتدون عليه، أو يتعرض للتفتيش والمضايقة أو دفع غرامة كبيرة من دون سبب، أو يرى بيتا يهدم بالطريقة العنيفة التي نشهدها يوميا في شوارع القدس؛ وهو الأمر الذي يحتم في النهاية على إسرائيل أن تعلم أنه لا مستقبل لمشروعها في القدس، ولا أفق له لا بالعنف ولا بالقوة، ولا حتى بالتطبيع.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معناوظائف شاغرةترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: سلطات الاحتلال فی المدینة التی کانت فی القدس على أن

إقرأ أيضاً:

بيت عطاب.. قرية العطاء التي هجّرتها إسرائيل

قرية فلسطينية مهجّرة قامت فوق أحد جبال القدس إلى الجنوب الغربي منها، بُنيت معظم بيوتها من الحجر واللبن. خلال حرب 1948، استولى اليهود على بيت عطاب، وطردوا منها سكانها العرب، ودمروا بيوتها، ثم أقاموا مستوطنة "برجيورا" شرقيها، ومستوطنة "نس هاريم" شماليها.

الموقع

تقع قرية بيت عطاب إلى الغرب من مدينة القدس مع انحراف قليل إلى الجنوب، وهي على بعد 17 كيلومترا منها، وترتفع عن سطح البحر بمعدل 650 مترا.

كانت تؤدي إلى القرية عدّة طرق، منها طريق محطة سكة الحديد إلى قرية دير الشيخ وطريق بريّة تصل بيت عطاب بدير الشيخ ثم القدس، وأيضا الطريق الواصل إلى باب الواد والرابط بين يافا والقدس.

تحدها من الشمال أراضي قرى دير الشيخ وسفلى وجراش ودير الهوا، ومن الغرب أراضي قرى دير الهوا وسفلى وجراش، ومن الجنوب تحدها قرى علار وبيت نتيف، وتحدها من الشرق أراضي قرى دير الشيخ وعلار.

من بقايا قرية بيت عطاب المهجرة بالقدس (الجزيرة) السكان

قُدر عدد السكان -حسب وثائق الدولة العثمانية– في القرن السّادس عشر عام 1538 نحو70 نسمة، أما عام 1553 فبلغوا نحو 266 نسمة.

وفي عام 1596ـ1597، وصلوا إلى 500 نسمة تقريبا. أما عام 1838، فقد زارها إدوارد روبنسون وقدّر عدد سكّانها بنحو 600 نسمة.

عام 1870، وصل عدد البيوت المعمورة في بيت عطاب 89 بيتا وعدد السكان حوالي 450، وكان عددهم في عام 1922 نحو 504، وفي عام 1931، وصلوا إلى 606، منهم 300 من الذكور و306 إناث كلّهم مسلمون، ولهم 187 بيتا، وبلغ عدد سكانها عام 1945 حوالي 540 نسمة.

وخلال عام النكبة، كان عددهم 626 نسمة، وزاد عددهم حسب إحصائيات وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) عام 2008 إلى 5564 نسمة.

ويستقر في هذه القرية آل اللحام، وقد برزوا بروزا واضحا زمن الإقطاع في القرن الـ19 الميلادي.

من الأطلال المتبقية من قرية بيت عطاب المهجرة بالقدس (الجزيرة) التاريخ

يذكر سكان القرية أن اسمها الأصلي هو "بيت العطاء"، أي بيت الكرم وقد حُرف مع مرور الزمن إلى "بيت عطاب".

وفي بداية العهد العثماني، كان اسمها بيت عطاب السفلى والفوقا، ولكن تبين أنهما قريتان متجاورتان، وسميت بيت "عطاب الفوقا" لارتفاعها عن سطح البحر أكثر من بيت عطاب السفلى، ثم بدأ يطلق على بيت عطاب الفوقا بيت عطاب، وعلى بيت عطاب السفلى سفلى وذلك مع بداية القرن الـ18.

معالم القرية

كان في القرية مسجد قديم تقام فيه صلاة الجمعة وصلاة العيدين، وقبل النكبة كان أساتذة مدرسة القرية هم من يتولون الخطابة وصلاة الجمعة، إذ كانوا من خريجي الأزهر وكانت صلاة العيد تقام فوق المسجد أو ساحاته لكثرة المصلين.

كان يوجد في بيت عطاب عدد من المقامات اندثر أغلبها، ولم يبق منها إلا مقامان هما: "مقام الشّيخ معروف" وهو في غرب البلدة، و"مقام الشّيخ حسن" وهو في شرقها، ولم يبق من آثاره إلا القليل. وتوجد في القرية مقبرتان، الأولى في الشّرق والثانية في الغرب.

اعتنى أهالي بيت عطاب بالنّاحية الثقافيّة، فكان لديهم الكُتّاب في القرية قبل بناء المدرسة، وبنيت المدرسة قبل الانتداب البريطاني، وفي عام 1921م توسّعت وأصبح فيها حتّى الصّف السّادس، وكانت تقع غرب البلدة وبها ملعب كبير وحوله زرعت الأشجار، وكانت فيها مكتبة صغيرة.

ومن أعلام القرية الشيخ عثمان بدوان اللحّام، الذي كان شيخ ناحية العرقوب منذ بداية القرن الـ18 الميلادي.

قرية بيت عطاب بالقدس تم تهجيرها وتدمير بيوتها عام 1948 (الجزيرة) الاقتصاد

كانت بيت عطاب خصبة بمزروعاتها، وتصدرت الزراعة قائمة اقتصاديات القرية، تلتها تربية المواشي، وعدد من الوظائف.

تبلغ مساحة أراضي بيت عطاب 8757 دونما لا يملك اليهود منها شيئا. وكان سكان بيت عطاب يمتلكون إلى جانب أراضي قريتهم أراضي واسعة في المنطقة السهلية الساحلية، تستغل في زراعة الحبوب. في حين استثمروا أراضي قريتهم في زراعة الحبوب وأشجار الزيتون والعنب والفواكه الأخرى.

بقدر اهتمام أهالي بيت عطاب بزراعة الأرض، اهتموا بالثروة الحيوانيّة، وكان نمط معيشة المزارع أن يربي الأغنام والأبقار والجمال والخيل والحمير، واستعملوها في نقل وحراثة الأرض.

وكانت في البلدة كل أنواع الطيور الداجنة من دجاج وحمام وبط وحبش، وأكثر بيوت القرية كانت فيها خلايا النّحل، وكانت في البلدة عدد من الدكاكين ومحلات نجّارين وحدادين وحلاقين ولحامين.

دور آل اللحام في بيت عطاب

كانت عشيرة اللحام القيسية تحكم باسم السلطان العثماني ناحية العرقوب الممتدة من جنوب القدس حتى مشارف مدينة الخليل، وكانت قرية بيت عطاب مركز حكم عشيرة اللحام، حيث سميت "كرسي اللحام".

وكانت عشيرة اللحام تستطيع أن تحشد من 8 آلاف إلى 10 آلاف مقاتل توضع تحت تصرف العثمانيين عند الطلب، منهم الشيخ ملحم اللحام الذي وصفه المؤرخ البريطاني ألكسندر شولس بأنه من أقوى شيوخ وحكام ريف القدس.

وذكر شولس أن إبراهيم باشا عندما أراد احتلال بلاد الشام طلب الاجتماع مع 3 من زعماء ريف القدس في خيمته ليضمن أن يقفوا في صفه، فحضر الاجتماع الشيخ ملحم اللحام والشيخ إبراهيم أبو غوش والشيخ إسماعيل السمحان.

وتذكر المصادر التاريخية أن فرسان عشيرة اللحام (من معاني كلمة اللحام: الفارس الذي يلتحم بأعدائه بشدة) ساهموا في ضرب قوافل إمداد الجيش الفرنسي في أثناء حملة نابليون بونابرت على عكا وقدموا كثيرا من الشهداء.

وذكرت مصادر أخرى عن عشيرة اللحام أنهم زعماء قيس في الجنوب من مدينة القدس ومن زعمائهم آنذاك الشيخ عثمان بدوان اللحام وابن عمه محمد عطا الله اللحام، اللذان نُفيا إلى قبرص عام 1853 بعد خلاف مع ثريا باشا، متصرف القدس، ثم عادا من المنفى فيما بعد.

احتلال القرية وتهجير سكانها

كانت بيت عطاب واحدة من سلسلة قرى في ممر القدس احتلت بعد الهدنة الثانية في حرب 1948. ويقول المؤرخ الإسرائيلي بني موريس إنّها احتُلت يوم 21 أكتوبر/تشرين الأول 1948 في أثناء عملية "ههار" (الجبل). وكانت هذه العملية تتكامل مع عملية يوآف، وهي الهجوم المتزامن على الجبهة الجنوبية والرامي إلى الاندفاع نحو النقب.

المستوطنات على أراضي القرية

في سنة 1950، أنشأت دولة الاحتلال الإسرائيلي مستوطنة "نيس هريم" على أرض تابعة للقرية إلى الشمال من موقعها.

قرية بيت عطاب بعد التهجير

تغطي موقع القرية بعد تهجيرها كميات كبيرة من أنقاض منازلها المدمرة، وما زالت بقايا القلعة الصليبية بارزة هناك.

وثمة مقبرتان، واحدة غربي القرية والأخرى شرقيها، بعض قبورهما منبوشة.

وتنبت في موقع القرية السفلى أشجار اللوز والخروب والزيتون، كما ينبت الصبار عند طرفها الجنوبي. ويستغل المزارعون الإسرائيليون قسما من الأراضي الزراعية المحيطة بالموقع.

مقالات مشابهة

  • بيت عطاب.. قرية العطاء التي هجّرتها إسرائيل
  • الاحتلال يصدر لائحة اتهام بحق الشيخ عكرمة صبري بذريعة "الإرهاب"‏
  • الاحتلال يصدر لائحة اتهام بحق الشيخ عكرمة صبري بذريعة الإرهاب‏
  • «القاهرة الإخبارية»: حماس تطالب المجتمع الدولي بمنع إسرائيل هدم منازل غزة
  • قوات الاحتلال الإسرائيلية تهدم 17 منزلا في الضفة الغربية
  • ‏لافروف: على المجتمع الدولي لفت انتباه إسرائيل إلى مخاطر توسع الصراع وامتداده إلى لبنان
  • أمريكا تساعد إسرائيل على إبادة الفلسطينيين
  • القسام وسرايا القدس تستهدفان قوات الاحتلال بقذائف الهاون في رفح
  • وثاثق تكشف كيف شكّل الاحتلال الرواية الأمريكية بشأن غزة باستخدام المال
  • سؤال في الاندماج الاجتماعي