من صهوات الجياد إلى مقاعد الطيور الحديدية.. قصة أشهر الطيارين الأوائل
تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT
بعد عام من الخدمة في سلاح الفرسان، تخلى مانفرد فون ريشتهوفن عن ركوب صهوات الجياد، وتحول إلى ركوب الطيور الحديدية، وأصبح أسطورة في فنون الانقضاض على الطائرات المعادية وإسقاطها.
إقرأ المزيدحدث ذلك أثناء الحرب العالمية الأولى. حينها كانت الطائرات اختراعا جديدا نسبيا، إلا أن السباق على التفوق الجوي بدأ منذ ذلك الحين يراود عديدين من بينهم الألماني مانفرد فون ريشتهوفن.
في فترة هيمنة حرب الخنادق على القتال في الحرب العالمية الأولى، انتقل مانفرد فون ريشتهوفن من سلاح الفرسان إلى المشاة، وفي عام 1915 تحول على الخدمة في سلاح الجو التابع للإمبراطورية الألمانية، وبدأ نجمه يسطع.
مانفريد ألبريشت فرايهر فون ريشتهوفن كان ولد عام 1892، لعائلة بروسية أرستقراطية في بريسلاو، الواقعة الآن في بولندا وتسمى "فروك إرماو".
تلقى تعليمه في سلسلة من المدارس والأكاديميات العسكرية، وكان رياضيا وفارسا متميزا وقد خدم برتبة ضابط في سلاح الفرسان في عام 1914 على الجبهتين الغربية والشرقية.
بعد التحاقه بالخدمة الجوية للجيش الإمبراطوري الألماني، درس التكتيكات الجوية تحت إشراف الخبير الاستراتيجي الألماني الرئيسي، هاوبتمان أوزوالد بويلك، وتذكر تقارير أنه نفذ أول مهمة قتالية له بعد أقل من ثلاثين ساعة من التدريبات على الطيران.
بدايته توصف بأنها لم تكن قوية، لكنه سرعان ما برع في القتال الجوي، وخاصة من خلال تمتيك هجومي يتضمن الاقتراب من الخصم من أعلى والشمس من الوراء، وإطلاق النار فقط من مسافة قريبة، مع إبقاء العينين مفتوحتين على الهدف، والهجوم في سرب ما بين أربع إلى ست طائرات.
كان لقاء الطيار مانفرد فون ريشتهوفن بالطيار المقاتل الألماني الشهير أوزوالد بويلك، لحظة هامة في حياته، حيث ضمه إلى سرب مقاتل جديد أطلق عليه اسم "جاستا 2"، وتحت إشراف بويلك، طوّر ريشتهوفن مهاراته ليصبح طيارا مقاتلا متمرسا.
مانفرد فون ريشتهوفن كان سجل أول انتصار جوي له في 17 سبتمبر 1916، بإسقاط طائرة بريطانية فوق فرنسا، وسرعان ما نجح في أربع عمليات قتل جوي أخرى ليحصل على لقب "الطائر الآس".
ترقى بسرعة في سلاح الجو، وأصبح في عام 1917 قائدا لجناح مقاتل، وهو تشكيل مكون من أربعة أسراب. هذه الوحدة الجوية الألمانية التي قادها ريشتهوفن، أصبحت تعرف في الصحافة باسم "السيرك الطائر"، بسبب طائراتها ذات اللون الأحمر الزاهي، وحركاتها البهلوانية فوق جبهات القتال.
في وقت لاحق من صيف ذلك العام، زود بطائرة من طراز ثلاثية الأجنحة. هذه الطائرة أصبحت لاحقا أشهر الطائرات التي قادها ريشتهوفن، الذي ذاع صيته واشتهر بلقب "البارون الأحمر".
البارون الأحمر تعرض لعدة حوادث خطيرة خلال مسيرته كطيار حربي مقاتل، وقد أصيب بأول جرح خطير في 6 يوليو عام 1917 خلال مواجهة مع طيار بريطاني يدعى دونالد كونيل. تعرض لكسر في الجمجمة زاغ بصره، وكان يفقد وعيه، إلا أن البارون الأحمر تمكن من الهبوط بطائرته.
أجريت له عدة عمليات جراحية لإزالة شظايا انغرست في رأسه، وفي تلك الفترة كان يطير بين الحين والآخر. كان يوصف بأنه شجاع إلى حد التهور.
في أكتوبر وخلافا لنصائح الأطباء، عاد إلى التشكيل الجوي الذي يقوده، ونفذ عمليات اعتراض جوي تمكن خلالها في بقية عام 1917 من إسقاط 18 طائرة معادية. مجموع الطائرات التي أسقطها في تلك الحرب المدمرة والوحشية بلغ 80 طائرة. وهو رقم قياسي لم ستمكن من تحطيمه أي طيار في تلك الحقبة.
مصرع البارون الأحمر:
الطلعة القتالية الأخيرة للبارون الأحمر جرت في 21 ابريل عام 1918. اشتبك مع مجموعة من الطائرات البريطانية في أجواء منطقة سوم في فرنسا. كان يطارد خصومه على ارتفاع منخفض في منطقة يتمركز فيها جنود استراليون. أطلق الجنود نيران مدافعهم على الطائرة الحمراء، وفي نفس الوقت هاجمه طيار كندي يدعى آرثر روي براون.
أصيب ريشتهوفن برصاصة في جذعه وتوفى بعد هبوطه قاس في أحد الحقول. هرع الجنود الأستراليون إلى الطائرة. نقل الطيار وكان جثة هامدة، فيما انهمك الجنود في فك أجزاء الطائرة للاحتفاظ بها للذكرى.
قوات الحلفاء استعادت جثة البارون الأحمر، ودفن مع مرتبة الشرف العسكرية الكاملة. لم يتجاوز عمره حينها 26 عاما، وقد حقق 80 انتصارا جويا في فترة عامين، فيما تنازع الجنود الأستراليون والطيار الكندي شرف القضاء على البارون الأحمر.
حياته القصيرة المليئة بالانتصارات الجوية ومقتله الغامض، جعل من البارون الأحمر أسطورة في الثقافة الشعبية الألمانية بعد الحرب. الفت عنه كتب كثيرة، وجرى استعادة حياته في عدة أفلام وبرامج وثائقية، ورددت اسمه الأغاني والأناشيد.
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أرشيف الحرب العالمية الأولى فی سلاح
إقرأ أيضاً:
إفطارهم فى الجنة.. أحمد عبد الفتاح شهيدٌ سقط بصحراء أبوتشت ليحيا فى قلوبنا
في شهر رمضان، حيث تتجمع العائلات حول موائد الإفطار في لحظات من الألفة، هناك مقاعد شاغرة على تلك الموائد، مقاعد كانت تحتضن أصحابها في أيام مضت، واليوم يفطرون في الجنة، شهيدين في سبيل الوطن.
من بين هؤلاء، رائد أحمد عبد الفتاح، الذي لم يكن مجرد ضابط في الداخلية، بل كان أسطورة شجاعة وتضحية، استشهد أثناء ملاحقته للإرهابيين الذين استهدفوا الكنائس والأكمنة في صحراء أبوتشت.
أحمد عبد الفتاح، الذي وُلد في عام 1983، كان رمزًا للوطنية، وفقده الوطن في وقت كان فيه يواجه الإرهاب بصدور مفتوحة، قُتل على أرض مصرية غالية، مدافعًا عن الأمن والسلام، متحديًا الموت بأعظم وأسمى سبب.
كانت لحظة استشهاده كإشارة لفصل جديد من التضحية، فقد كانت الأسر على موعد مع الألم، ولكن في الوقت نفسه مع الفخر.
في ذكرى استشهاده، كرّم الرئيس عبدالفتاح السيسي أسرة الشهيد في احتفالات عيد الشرطة، حيث تسلمت زوجته، الدكتورة يسرا العمري عفيفي، وسام الاستحقاق نيابة عن زوجها، ليحضر الحزن والفخر معًا في لحظة مؤثرة، خاصة عندما حمل الرئيس السيسي طفلة الشهيد "خديجة" واحتضنها، في مشهد لاقى تصفيقًا حادًا من الحضور.
مشاركة