يحاول رئيس حكومة إسرائيل، بنيامين نتنياهو، الاستفادة قدر الإمكان من التلويح باقتحام مدينة رفح، من واقع عمليات الابتزاز الإعلامي التي يقوم بها، منذ شهور، بهدف تحقيق مكاسب عدة، كون إطالة أمد الحرب، يبعده عن المحاكمات التي تنتظره في قضايا فساد دامغة، فضلا عن توظيف «ورقة رفح» في الضغط على أهالي غزة لدفعهم لترك القطاع، واللجوء لدول الجوار والعالم.

لا تضع حكومة إسرائيل (وحلفاؤها) بعين الاعتبار المذبحة الضخمة التي ستترتب على اقتحام إسرائيل للمدينة التي تزدحم بأكثر من مليون و500 ألف نازح من شمال ووسط غزة، هربا من آلة الحرب التي هدمت منازلهم وقتلت الالاف منهم في مناطق الوسط والشمال وأجبرت الأهالي هناك على الرحيل إلى الجنوب، بالتزامن مع مصرع وإصابة ما يقرب من 140 ألفا من أهالي القطاع.

المراقبون لا يعولون على دور فاعل من الولايات المتحدة لوقف المخطط الإسرائيلي، رغم الرفض الأمريكي المتكرر لاقتحام المدينة الفلسطينية، الواقعة جنوب القطاع، خاصة في التنسيق غير المعلن، والموافقة الضمنية بين واشنطن وتل أبيب على عملية الاقتحام، فيما يزعم نتنياهو أن اقتحام المدينة جزء من القضاء علي حركة حماس، بعد التغلب على الحركة شمال ووسط قطاع غزة.

تزعم إسرائيل أن ما تبقى من قيادات حماس في الداخل يتمركز في مدينة رفح، وأن عدم اقتحامها يعني هزيمة إسرائيل في حربها على غزة. وكشفت تقارير أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يستغل ورقة رفح للضغط بها نفسيا على الفلسطينيين وعلى الدول المجاورة التي ستتعرض للنزوح القسري لأبناء القطاع تحت تأثير الضربات المكثفة من جانب جيش الاحتلال الإسرائيلي.

رغم نصائح جيش الاحتلال في بداية الحرب لأبناء شمال ووسط القطاع بالنزوح للجنوب كي يكونوا بمأمن من الضربات المكثفة والقصف العنيف إلا أن أبناء الجنوب لم يسلموا من آلة القصف الإسرائيلية التي لم تتوقف في أي مكان في القطاع يتساوى في هذا شماله ووسطه وجنوبه فلم تسلم بقعة واحدة من القطاع من الضرب والهدم والقتل والتدمير العشوائي.

يبدو أن ورقة رفح لا تزال ورقة رابحة في يد نتنياهو يلوح بها للمساومة أمام دوا الغرب خاصة الأمريكان فقد أجاد نتنياهو استغلال ورقة رفح لكي يحصل منها على العديد من التسهيلات كان آخرها ما تم الإعلان عنه الجمعة الماضي من منح إسرائيل أسلحة بقيمة 10 مليارات دولار مقابل وقف الاستعدادات لاقتحام رفح.

أما الجانب الأهم الذي يحققه الضغط الدائم بورقة "اقتحام رفح" فهو الضغوط النفسية التي يمارسها جيش الاحتلال الإسرائيلي على أبناء قطاع غزة ليحقق الهدف الأول والأهم بالنسبة لدولة الاحتلال وهو تفريغ القطاع من سكانه.. فقد حرص نتنياهو على إجبار أبناء القطاع على التكدس في جنوب القطاع في مدينة رفح وعلى بعد أمتار قليلة من المعبر الذي يربط القطاع مع الحدود المصرية، كي يظل الفلسطينيون في محاولات دائمة للخروج من القطاع عبر المعبر الحدودي مع مصر.

ومن أجل تحقيق هذا الهدف الخبيث حرص نتنياهو على عدم إدارة معبر رفح من الجانب الفلسطيني على الرغم من قدرته على ذلك بسهولة وعلى الرغم من السيطرة العسكرية على كل محاور المعبر لكي تظل عملية الضغط على الجانب المصري وكي يستمر في الضغط على المواطن الغزّي سواء من خلال التجويع والتعطيش وانعدام الخدمات الطبية بهدم وتدمير المستشفيات والبنى التحتية الخاصة بمياه الشرب والاتصالات وغيرها بما يجعل الحياة في القطاع شبه مستحيلة وهو ما يضطر المواطن الفلسطيني في النهاية للخروج من القطاع للعلاج أو الهرب خوفا على حياته وحياة أسرته إلى مكان أكثر أمنا خارج حدود القطاع الذي لم يعد صالحا للحياة بشكل آدمي.

ومن خلال هذه الإجراءات وعلى رأسها الترهيب والتخويف باقتحام رفح ينجح نتنياهو في تحقيق الهدف الرئيسي الذي كان قد أعلنه في بداية الحرب وهو التغيير "الديمغرافي" للقطاع وتخفيف الكثافة السكانية فيه من خلال التهجير الطوعي لأبنائه بشكل غير مباشر وغير معلن حتى لا يثير غضب الدول العربية - خاصة مصر والأردن - التى رفضت تصفية القضية الفلسطينية وتفريغ القطاع من سكانه.

فعلي الرغم من قيام جيش الاحتلال بإغلاق جميع المعابر بينه وبين القطاع إلا أنه ترك معبر رفح لكي يظل مخرجا ليعبر منه الفلسطينيون الذين يعانون من جرائم الاحتلال إلى خارج القطاع وفي نفس الوقت يستمر في تكثيف الضغوط المختلفة على المواطن الغزّي العادي كي يضطر للخروج إلى خارج القطاع وبذلك تنجح خطة التهجير الإسرائيلية.

فقد مضى أكثر من أربعة أشهر على إعلان نتنياهو باقتحام مدينة رفح ومضي أكثر من شهر على إعلان مكتبه أنه تم وضع خطة اقتحام المدينة من جانب جيش الاحتلال واعتمدها رئيس الوزراء إلا أن شيئا من ذلك لم يتم بل شهدنا مناوشات جانبية مع إيران أحيانا ومع حزب الله في لبنان بشكل دائم، وهي مناوشات معظمها شكلية لإشغال الرأي العام الداخلي في إسرائيل لصرف انتباهه عن مطالباته بالتغيير او الانتخابات المبكرة أو محاكمة نتنياهو جنائيا عن الجرائم المالية التي ارتكبها أو محاكمته سياسيا بسبب اخفاقه استخباراتيا وعسكريا يوم 7 أكتوبر وكذلك فشله على مدى أكثر من 6 أشهر في الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين أو تحقيق الأهداف التي أعلنها لحربه على غزة.

وعلى الرغم من إرجاء الاقتحام لمدينة رفح الذي يتم التهديد به منذ عدة أشهر إلا أن المدينة لم تسلم من القصف الدائم والضربات الجوية المتتالية التي أوقعت عددا كبيرا من الضحايا.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: فلسطين إسرائيل رفح حماس نتنياهو جیش الاحتلال مدینة رفح ورقة رفح الرغم من أکثر من إلا أن

إقرأ أيضاً:

مكتب نتنياهو: وافقنا على مقترح أمريكي بوقف إطلاق نار مؤقت خلال شهر رمضان

قال مكتب رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إن "إسرائيل" ستتبنى مقترح المبعوث الأمريكي، ستيف ويتكوف، بوقف إطلاق نار مؤقت خلال شهر رمضان وعيد الفصح.

وأضاف مكتب نتنياهو أنه في اليوم الأول من المقترح الأمريكي بشأن وقف إطلاق النار في غزة سيجري تحرير نصف المحتجزين الإسرائيليين أحياء وأموات. 

وإذا تم التوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق نار دائم، سيتم إطلاق سراح المحتجزين المتبقين، الأحياء والأموات.

واقترح ويتكوف الخطوط العريضة لتمديد وقف إطلاق النار بعد أن أكد أنه في هذه المرحلة لم تكن هناك إمكانية لتقريب وجهات النظر بين الأطراف لإنهاء الحرب، وأن الأمر يتطلب وقتا إضافيا لإجراء محادثات بشأن وقف إطلاق نار دائم.

وفي حين وافقت "إسرائيل" على مخطط فيتكوف، تمسكت حماس حتى الآن برفضها قبول هذا المخطط، وفق مكتب نتنياهو الذي قال، إنه "إذا غيرت حماس موقفها، فإن إسرائيل ستدخل على الفور في مفاوضات حول كل تفاصيل خطة فيتكوف".

مقالات مشابهة

  • العطيشان يروي قصة قضية الفساد الكبرى التي اكتشفها والده في ميناء رأس تنورة.. فيديو
  • فلسطين تحذر من مخططات إسرائيلية ضم أجزاء واسعة من الضفة تحت مسمى "القدس الكبرى"
  • نتنياهو يهدد بـ"عواقب إضافية" لحماس إذا رفضت الخطة الأمريكية بشأن غزة
  • نتنياهو يهدد حماس بشأن الأسرى الإسرائيليين: ستكون هناك تبعات إضافية
  • حكومة غزة: منع إسرائيل إدخال مساعدات حرب إبادة لتجويع القطاع
  • 41 يوماً من العدوان..مخيم جنين يودع 27شهيداً وينتظر عودة أكثر من 20 ألف نازح
  • إسرائيل تُقرر وقف إدخال كافة البضائع والإمدادات إلى قطاع غزة
  • مكتب نتنياهو: وافقنا على مقترح أمريكي بوقف إطلاق نار مؤقت خلال شهر رمضان
  • إسرائيل تعلن موافقتها على مقترح أمريكي لوقف إطلاق نار في غزة خلال رمضان
  • مدون أمريكي يكشف معنى الكلمة البذيئة التي تلفظ بها زيلينسكي خلال مشادته مع ترامب / شاهد