أهل مصر .. فنون المسرح ومكانة المرأة في المجتمع البدوي ضمن أنشطة ملتقى المحافظات الحدودية بمطروح
تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT
أهل مصر .. ضمن فعاليات الملتقى الثقافي السادس عشر لثقافة وفنون الفتاة والمرأة الحدودية بمشروع "أهل مصر" المقام برعاية د. نيڤين الكيلاني وزيرة الثقافة، بمحافظة مطروح، أطلقت الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني، أولى فعاليات الورش الفنية للملتقى الذي يشارك به فتيات وسيدات محافظات الوادي الجديد وشمال وجنوب سيناء وأسوان ومطروح والأسمرات بالقاهرة، ويستمر حتى 28 أبريل الحالي.
واستقبلت قاعة النادي الاجتماعي الورش الفنية المتنوعة ومنها الورشة المسرحية للملتقى وبدأت فعالياتها مع المخرج والمدرب أشرف النوبي بالتعرف على فريق عمل الورشة وشرح وتفسير للمسرح ودوره التثقيفي والتنويري، كما تم طرح النص المسرحي "عيشة" للمؤلف والباحث المطروحي منعم العبيدي، حيث أشار "النوبي" أنه من خلال النص سيتم التدريب على فنون الأداء التمثيلي والتعريف بمفردات العمل المسرحي ودور المخرج في تضافر هذه المفردات وانصهارها معا للتأكيد على مضمون ما يطرحه النص الأدبي والصورة البصرية للعرض، مؤكدا ضرورة تحقيق توازن في الشكل والمضمون وألا يكون لأحدهما الغلبة على الآخر، وقام المخرج بقراءة النص المسرحي على المتدربات ومناقشتهم في ما يطرحه النص.
وفي ورشة الخيامية أوضح المدرب عماد عاشور تفاصيل الورشة معرفا الخيامية وأنواع القماش وطرق تثبيت الرسمة على القماش، وقامت أماني ثروت مدربة ورشة التطريز السيوي بتقسيم الشنطة بالطول والعرض والرسم عليها برموز معينة وأشكال متنوعة.
وتحدثت د. شيماء المهدي عن مكونات اللوحة الفنية في تيمة الورشة وعن المرأة المصرية في الفلكلور، وقامت بتقسيم اللوحة إلى مجموعة من الأجزاء مشيرة إلى أن الورشة تهدف الى التعرف على التراث والفلكلور فى مناطق مختلفة من مصر.
وفي ورشة الجلود الطبيعية أوضحت المدربة هبة فرح أن الورشة تركز على التعريف بصناعة الجلد الطبيعي، والتعرف على أنواعه المختلفة، والأدوات المستخدمة في عملية تصنيع الجلود.
وفى ورشة الحلي والإكسسوارات شرحت المدربة سماح فاروق فن الإكسسوارات والحلي، والخرز والأحجار المختلفة، وكيفية التعرف على أنواع الأحجار والسلوك المستخدمة لصناعة الأساور والعقد، بالإضافة إلى ورشة الدوبلاج للتعليق الصوتي للمدرب أحمد ماهر، والورشة الأدبية للتدريب على كتابة القصة والشعر بإشراف د. إسلام مساعد.
أعقب الورش محاضرة حكي شعبي عن "مكانة المرأة في المجتمع البدوي" شارك بها الباحث د. حمد شعيب مستشار محافظ مطروح ورئيس لجنة الحفاظ على التراث، أكد خلالها أن المرأة البدوية تاج القبائل وسيدة الخيمة ولقد لعبت دورا بارزا في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية، وهي محور الحياة لأسرتها وتساعد الرجل في الزراعة وتقوم بأعمال المنزل، وتساعده أيضا من خلال عملها في الحرف التراثية والتطريز.
وأضاف "شعيب" أن دستور البادية كفل للمرأة حقوقا داخل منظومة القضاء العرفي الذي يعد صارما، وأنها المعلمة الأولى حيث تنقل للأطفال الحكمة والمثل والألغاز الشعبية، وتناول في إيجاز القضاء العرفي لدى مختلف القبائل العربية، موضحا أن قانون البادية يعد بمثابة العدالة التى تفصل بين المتخاصمين ويرد الحق لأصحابه.
يقام الملتقى بإشراف الإدارة المركزية للدراسات والبحوث برئاسة د. حنان موسى، رئيس اللجنة التنفيذية لمشروع أهل مصر، وتنظمه الإدارة العامة لثقافة المرأة برئاسة د. دينا هويدي، بالتعاون مع إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي برئاسة أحمد درويش، وفرع ثقافة مطروح برئاسة محمد حمدي.
مشروع "أهل مصر" أحد أهم مشروعات وزارة الثقافة المقدمة لأبناء المحافظات الحدودية "المرأة والشباب والأطفال" وينفذ ضمن البرنامج الرئاسي، الذي يهدف لتشكيل الوعي، وتعزيز قيم الانتماء والولاء للوطن، ورعاية الموهوبين، وتحقيق العدالة الثقافية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أهل مصر فنون المسرح ملتقى المحافظات الحدودية بمطروح قصور الثقافة رعاية الموهوبين وزارة الثقافة أهل مصر
إقرأ أيضاً:
محمد بن عيسى، الأب الروحي والملهم الذي علمني أن الثقافة رسالة ومسؤولية
بقلم: ياسين ايصبويا / باحث
برحيل محمد بن عيسى، فقد المغرب رجل دولة محنكا، ودبلوماسيا بارعا، ومثقفا واسع الأفق، أما أصيلة، فقد فقدت روحها الملهمة، وعراب نهضتها الثقافية، وصوتها الذي جعلها منارة للحوار والسلام.
لم يكن مجرد مسؤول تقلد مناصب وزارية وبرلمانية واخرى، بل كان رجلا آمن بأن الثقافة ليست ترفا، بل قوة ناعمة قادرة على تغيير واقع المجتمعات. كان مؤمنا بأن الفكر قادر على بناء الجسور، وبأن المدن الصغيرة قادرة على صنع إشعاع عالمي إذا حملت مشروعا ثقافيا قويا.
لم تكن جنازة محمد بن عيسى مجرد حدث رسمي، بل كانت لحظة تاريخية ووداعا مهيبا اختزل حب المدينة وأهلها له. فقد خرجت ساكنة أصيلة بمختلف شرائحها، من العائلات الزيلاشية، وشباب المدينة، ونخبها الفكرية والثقافية، لتودع ابنها البار الذي منحها إشعاعا عالميا وجعلها منبرا للحوار والثقافة.
لكن الحضور لم يقتصر على سكان المدينة، فقد شهدت الجنازة أيضا قدوم شخصيات من دول مختلفة، من أصدقاء الفقيد، ومثقفين، ودبلوماسيين، ممن تتلمذوا على يديه أو شاركوه مسيرة بناء الحوار الثقافي. كما عاد إلى أصيلة شبابها المقيمون في الخارج، الذين لم يتمكنوا من البقاء بعيدا في هذه اللحظة المؤثرة، إذ كان محمد بن عيسى بالنسبة لهم أكثر من شخصية عامة، بل كان رمزا وأبا روحيا، ترك فيهم أثرا لن يمحى.
المشهد في جنازته كان شاهدا على حجم التأثير العميق الذي خلّفه الراحل في المشهد السياسي والثقافي المغربي والدولي. فقد شهدت الجنازة حضورا وازنا لأعضاء الحكومة الحالية والسابقة، وعلى رأسهم وزير الخارجية والتعاون، ووزير العدل، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات والأمين العام للحكومة، والأمناء العامين للأحزاب السياسية، ممثل وزير الشباب والثقافة والتواصل، ووالي جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، ورئيس الجهة، وعمدة طنجة، ورئيس مجلس عمالة طنجة-أصيلة،
الوزير الأول الأسبق، رئيس مجلس المنافسة الاسبق، إلى جانب عدد من رؤساء الجماعات الترابية بالجهة، وبرلمانيين والمؤسسات القضائية والامنية والمصالح الخارجية، وأعضاء المجلس الجماعي لأصيلة، وممثلي الأحزاب السياسية، ووجوه بارزة من عالم الفكر والأدب والفن والسياسة، وفعاليات المجتمع المدني ووسائل الإعلام.
لم يكن هذا الحضور الكبير مجرد بروتوكول رسمي، بل كان اعترافا جماعيا بمكانة رجل لم يكن يبحث عن الأضواء، بل كان يصنعها من خلال عمله، وإبداعه، ورؤيته البعيدة المدى، تاركا بصمة لا تمحى في مسيرة الدبلوماسية والثقافة والتنمية بالمغرب.
وفي حضن الزاوية العيساوية بالمدينة العتيقة لأصيلة، حيث اختار أن يوارى الثرى، كان الحزن عميقا، لكنه ممتزج بفخر الانتماء لهذه المدينة التي صنع لها إرثا ثقافيا عالميا.
في خضم هذا الرحيل المؤلم، جاءت البرقية الملكية السامية التي بعثها جلالة الملك محمد السادس إلى أسرة الفقيد، كأرفع تكريم لمسيرة رجل وهب حياته لخدمة وطنه، وملكه، ومدينته.
كلمات جلالة الملك كانت شهادة تاريخية على الدور الريادي الذي لعبه محمد بن عيسى، حيث وصفه بـ”رجل الدولة المقتدر والدبلوماسي المحنك”، الذي أبان عن كفاءة استثنائية في كل المهام التي تقلدها، سواء كوزير للخارجية، أو وزير للثقافة، أو سفير للمغرب في واشنطن، أو كمنتخب محلي وبرلماني.
لكن الأهم من ذلك، كما أكدت الرسالة الملكية، هو أنه كان رمزا ثقافيا بامتياز، أخذ على عاتقه هم الإشعاع الثقافي لمدينته أصيلة، التي سهر على تنميتها وفرض إشعاعها وطنيا ودوليا. فبفضل إيمانه العميق بأن الثقافة قوة دبلوماسية وتنموية، نجح في تأسيس “منتدى أصيلة”، الذي لم يكن مجرد تظاهرة ثقافية، بل مشروعا استراتيجيا جعل من أصيلة نموذجا عالميا لمدن الثقافة والفكر والفن.
بالنسبة لي، كان محمد بن عيسى أكثر من رجل سياسة أو مثقف مخضرم، كان مدرسة في الحياة. كل لحظة معه، كل حديث، كل خطوة مشيناها سويا، كانت درسا في الرؤية، في التواضع، في العمق الإنساني.
لم يكن فقط يشجعني على المبادرات الثقافية والشبابية التي كنت أؤمن بها، بل كان يحضر ويدعم ويشارك، ليس كراعي فعالية، بل كفكر يؤمن بأن الشباب هم الاستثمار الحقيقي للمستقبل، ويفتخر عندما يسمع شاب او شابة من اصيلة يصل الى هدفه بمجهوده ومتابرته واجتهاده، تكون فرحته كبيرة بالكفاءات الزيلاشية المتواجدة بالمغرب والخارج، يطلب منا دائما الاهتمام بالأطفال ودعم الشباب من أجل ان يهتموا بالعلم والمعرفة.
كان يتقاسم معي تجربته الملهمة بكل شفافية، ويقدم لي النصح بأسلوب يجعلك تشعر بالتقدير والاحترام، لا بفارق السن أو المنصب. كان دقيقا في التفاصيل الصغيرة، حريصا على كيفية التعامل مع الآخرين، وعلى احترام كل فئات المجتمع، مؤمنا أن العلاقات الإنسانية لا تبنى بالمصالح، بل بالاحترام المتبادل والإنصات الجيد.
يؤكد في كل لقائتنا الشبابية أن نفتخر بمغربيتنا وملكنا ومؤسساتنا الأمنية.