من هم العشرة الذين لعنهم الله في الخمر؟،  سؤال أجاب عنه الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، حيث لفت إلى أن ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق بأن الله تعالى قد حرَّم عليهم محرمات لم يُحرمها في الأديان السابقة كهذا التحريم {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.

من هم العشرة الذين لعنهم الله في الخمر؟

وتابع علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك»: لذلك عندما جاءت المبادئ الشيوعية في بلاد المسلمين وكادت أن تطمس الهوية؛ لم يحافظ على هوية المسلمين إلا تحريم الخمر والخنزير، فترى المسلم فيهم لا يعرف شيئًا عن دينه فهو لم يُصلِّ لأمدٍ بعيد، ولم يهتم بصيام رمضان في كثيرٍ من الأحيان ؛ لأن كثيرًا منهم صلوا وصاموا وحفظوا القرآن وتعلموا العربية في الجبال.

واستطرد: لكن جمهور الناس منهم لا يدركوا ذلك إلا أنه لا يشرب خمرًا ولا يأكل خنزيرا حفاظًا على هويته، وهكذا الإسلام أبدا يُعلم أتباعه أشياء بسيطة قليلة فإذ بها هي مفاتيح الخير، وإذ بها تحافظ على هويته في العالمين، وعلى دينه بينه وبين ربه سبحانه وتعالى، وتحريم الخمر عند المسلمين أمرٌ أجمعوا عليه جميعا بجميع مذاهبهم من السلف ومن الخلف، من السنة والشيعة والإباضية والظاهرية وغيره كل المسلمين يُحرمون الخمر تحريمًا شديدًا. 

وبين أن جمهور العلماء على أن الخمر نجسة شأنها شأن النجاسات كالبول تمامًا، ولذلك هم يأنفون منها، بل ويأنفون من النظر إليها، ويقول الشيخ الدردير وهو يشرح على متن خليل في فقه المالكية حيث يقول الشيخ خليل : "والنظر إلى الحرام حرام"، النظر إلى الحرام أيضا هو حرام فيُمثل بالخمر؛ فالخمر ليس الحرمة فيها في شربها فقط، بل إن النبي ﷺ وسع الحرمة فيها، والفقهاء وسعوا أكثر وأكثر فحكموا بنجاستها، وحرَّموا النظر إليها من غير حاجة، أما النبي ﷺ فقد لعن في الخمرة عشرة : "لعن ذاتها، ولعن شاربها، ولعن الجالس في مجلسها، ولعن من أدارها على القوم –الساقي-، ولعن حاملها، ولعن عاصرها، ولعن من خمَّرها من عصير العنب مثلًا أو من كذا إلى كونها خمر، ولعن من زرع عنبتها، ولعن بائعها، ولعن مشتريها، فلعن فيها عشرة".

علي جمعة يوضح معنى قوله تعالى« وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا»

وشدد:«فالخمرة شديدة التحريم حتى قيل في شأنها "أم الخبائث" ويضربون لذلك قصة، قال سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه: «اجْتَنِبُوا الخمرَ ، فإنها أم الخبَائث ، إنه كان رجل مِمَّن خلا قَبْلَكم يَتَعَبَّدُ، فَعَلِقَتْهُ ( أَيْ عَشِقْته وَأَحَبَّتْهُ ) امرأة غَوِيَّةٌ (ضالة)، فأرسَلَتْ إليه جاريتها، فقالت له : إِنَّا نَدْعُوكَ لِشَهَادَةٍ ،فَدَخَلَ مَعَهَا ، فَطَفِقَتْ كُلَّمَا دَخَلَ بَابًا أَغْلَقَتْهُ دُونَهُ حَتَّى أَفْضَى إلى امرأة وضِيئَة (جميلة حسنة) عندها غُلام وباطيَةُ (إناء) خمْر، فقالت: إِنِّي وَاللَّهِ مَا دَعَوْتُكَ لِلشَّهَادَةِ، وَلَكِنْ دَعَوْتُكَ لِتَقَعَ عَلَيَّ، أَوْ تَشْرَبَ مِنْ هَذِهِ الْخَمْرَةِ كَأْسًا، أَوْ تَقْتُلَ هَذَا الْغُلَامَ، قَالَ: فَاسْقِينِي مِنْ هَذَا الْخَمْرِ كَأْسًا، فَسَقَتْهُ كَأْسًا، قَالَ: زِيدُونِي فَلَمْ يَرِمْ (لم يبرح) حَتَّى وَقَعَ عَلَيْهَا، وَقَتَلَ النَّفْسَ. فَاجْتَنِبُوا الْخَمْرَ، فَإِنَّهَا وَاللَّهِ لَا يَجْتَمِعُ الْإِيمَانُ، وَإِدْمَانُ الْخَمْرِ إِلَّا لَيُوشِكُ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ ». [أخرجه النسائى] فسموها أم الخبائث يعني كل ما يأنف منه العاقل، وكل ما لا يقع فيه العاقل ؛فإنه يفعله في أثناء غياب عقله، فالخمر أم الخبائث، والذي تعوَّد شرب الخمر يصل به الحال إلى الإدمان فلا يستطيع أن يمسك نفسه من ذلك الإدمان، والخمر مدمرة، وهي أشد دمارًا عند وصولها إلى مرحلة الإدمان من كل محرَّم كالمخدرات، ..... ككذا إلى آخره ،هي أشد دمارًا من كل محرَّم، ومن هنا نكتشف قوله تعالى: {فَاجْتَنِبُوهُ} ونعلم أن الاجتناب هو أشد من التحريم أو هو التحريم من كل جهة ،فيسد هذا اللفظ كل جهة توصل إلى شرب الخمر.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الخمر علي جمعة هيئة كبار العلماء الحرام الإدمان فی الخمر ال خ م ر

إقرأ أيضاً:

خطيب الجامع الأزهر: الأمانة قيمة عظيمة يجب الحفاظ عليها وعدم التفريط فيها

ألقى خطبة الجمعة اليوم في الجامع الأزهر فضيلة الدكتور حسن الصغير، المشرف العام على لجان الفتوى بالجامع الأزهر، والأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية للشئون العلمية والبحوث، والتى دار موضوعها حول حفظ الأمانة.

وقال د. حسن الصغير: إن للأمانة قيمة عظيمة في الإسلام، وفي كتاب الله عزّ وجلَّ وسنة النبي محمد ﷺ وسلم ما يدل على أن الأمانة هى حجر الزاوية في صلاح الدين والدنيا يقول تعالى ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا﴾، وقال ﷺ: (أدِّ الأمانةَ إلى من ائتمنَك، ولا تَخُنْ من خانَك).

وأوضح خطيب الجامع الأزهر، أن الشرع الحكيم جعل الأمانة حجر الزاوية في كل ما كلفنا به الشرع من تكاليف وتعاليم وأخلاق، فهى كلها أمانة، والحفاظ عليها أمانة، وتضييعها خيانة وحسرة وندامة وخسران، فعبادة الفرد أمانة، وإذا ما ضُيعت العقيدة وتم الإخلال بها، أو أُنكر ثابت من ثوابتها فَثمَّة الخيانة، وثم الضياع، فصلاة المرء وزكاته وصومه وحجه أمانة، حتى نفسه التي بين جنبيه أمانة يقول تعالى: ﴿وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾.

غدا.. انطلاق مؤتمر كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر حول "بناء الإنسان"شيخ الأزهر يعزي المستشار ناصر معلا نائب رئيس مجلس الدولة في وفاة والدهمرصد الأزهر يشارك في جولة المشاورات المصرية الصينية لمكافحة الإرهاب ببكينخالد الجندي: لازم نلتزم برأي الأزهر في الفتوى العامة التي تمس المجتمع

وتابع فضيلته بقوله: ما يعول الإنسان من زوجة وأولاد، هو أمانة، يجب الحفاظ عليها وعدم التفريط فيها، لأن في عدم الاهتمام بهم، وعدم القيام على شؤونهم وتربيتهم خيانة يقول تعالى:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾، فالله جل وعلا سوف يسأل كل راعٍ عما استرعاه، وكما يُسأل الرجل عن أهل بيته، فسوف يُسأل أيضاً عن عمره وشبابه وماله وعلمه، فهذا من الأمانات، يقول ﷺ: لا تَزولُ قَدَمَا عَبْدٍ يومَ القيامةِ، حتَّى يُسأَلَ عن عُمُرِه؛ فيمَ أفناه؟ وعن عِلْمِه؛ فيم فعَلَ فيه؟ وعن مالِه؛ من أين اكتسَبَه؟ وفيم أنفَقَه؟ وعن جِسمِه؛ فيمَ أبلاه؟)، فالتكليف برمته مجالٌ واسعٌ، والشريعة والدين أمانة في عنق كل مؤمن ومؤمنة، ولذا فليس بمستغرب أن يصور الحق سبحانه وتعالى كل ذلك في صورة في قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ﴾.

وخلال كلمته نَّوَه خطيب الجامع الأزهر، إلى أن عيد تحرير سيناء يذكرنا بنصر الله عزّ وجلَّ، ومن الأمانة أن نواكب هذا العيد، بأن ننصر الله عزّ وجلَّ، وأن ننصر دينه وشريعته، لكن نرى بين الحين والآخر من يخوضون في شريعة الله ويشككون في الثوابت ويوَلون وجوه الناس عن المهمات الحياتية التي تعيش فيها الأمة إلى وجهات أخرى مكررة منذ سنوات بنصها وتفصيلها، فكان من الواجب على من أثار الثائرة، أن يتقِي الله عزّ وجلَّ في إثارة الناس، فلا يعكر عليهم دينهم، ولا يعكر على الوطن، استقراره وأمنه والفكر والاجتماعي، ويخوض في ثوابت الدين ليشتت أفكار الناس وأذهانهم واهتماماتهم، ويجرهم إلى هذا الكلام الذي تستغربه عقولهم ولا تعيه أفئدتهم، وهذا ما نبه عليه النبي ﷺ بأن كتاب الله وسنة نبيه ﷺ ليست مضماراً لأغراض دنيوية، وفي القرآن الكريم ما يشير إلى ذلك، فعلينا الاستيقاظ حتى لا نؤخذ بجرتهم.

وختم د. الصغير حديثه بقوله: عند الاحتفال بعيد تحرير سيناء لابد أن نذكر بأسباب النصر، ولابد أن يندحر وينزوي أولئك المغدورون الذين يلحدون في آيات الله ويحرفون الكلم عن مواضعه، فكلامهم مردود عليه بنص الكتاب والسنة، وهذا الكلام يفتح بابا ومجالا كبيرا لتحكيم الناس بشرع الله، فالإدعاء بالمساواة بين البنين والبنات، والأخوات والأخوة، والأب والأم، والزوج والزوجة، ادعاء باطل، والزعم بأن الآيات تقرر حقاً وليس واجباً أمر مرفوض ولا يعقل، فهذه أنصبة مفروضة، وهي حدود الله عزّ وجلَّ، لا ينبغي علينا أن نتجاوزها أو نعتدي عليها، يقول تعالى: ﴿وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾. ففكرة وضع قانون يخالف شريعة القرآن المحكمة وطرحه للاستفتاء أكبر كذبة، ويرد عليها بقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا﴾.

ودعى خطيب الجامع الأزهر، الذين أسرفوا على أنفسهم بوجوب الرجوع ووجوب الاعتذار لجموع الناس وللوطن، فنحن في وقت أحوج ما نكون فيه بأن نذكر بأن نكون على قلب رجل واحد، وأن نثبت الناس على الحق، وأن ننبذ الفرقة بدل أن ننشرها يقول تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾، مذكراً إياهم بالتوبة والاستغفار، وتقدير الأمر بقدره، وبالعلم الذي سوف يسألون عنه يوم القيامة ماذا عملوا فيه؟

طباعة شارك الجامع الأزهر الأزهر خطبة الجمعة خطيب الجامع الأزهر

مقالات مشابهة

  • الجامع الأزهر: كتاب الله وسنة نبيه ليست مضماراً لأغراض دنيوية
  • هل يجوز قطع صلة الرحم مع الأقارب الذين يُكثرون من الإساءة إليّ ولأسرتي؟.. الأزهر للفتوى يجيب
  • علي جمعة: الرحمة أساس الحب فتراحموا..والله لا ينظر للقلوب القاسية
  • هل قراءة آية الكرسي بعد كل صلاة تجعل الله ينظر لقائلها ويغفر له؟
  • خطيب الجامع الأزهر: الأمانة قيمة عظيمة يجب الحفاظ عليها وعدم التفريط فيها
  • في ذكرى تحرير سيناء .. «أرض الفيروز» تجلى فيها نور المولى وعبر منها الأنبياء
  • خطيب الأوقاف: الله خصّ أرض سيناء بثمار لا تصلح في مكان غيرها
  • خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف
  • دعاء لصلاح الحال .. ردده بيقين وسترى العجب في حياتك
  • كلمة واحدة وصف بها رسول الله من يحافظ على صلاة الضحى.. اغتنمها ولا تتركها