أخبارنا المغربية - عبدالاله بوسحابة

أعلنت الرئاسة التونسية، أن الرئيس "قيس سعيد"، وجه دعوة لكل من الرئيس الجزائري ونظيره الليبي، من أجل المشاركة في "الاجتماع التشاوري الأول"، وهو اللقاء الذي سجل كما كان متوقعا تغييب كل من المغرب وموريتانيا.

وارتباطا بالموضوع، كان القادة الثلاثة قد اتفقوا على هامش قمة الغاز التي احتضنتها الجزائر بداية مارس الماضي، على عقد لقاءات مغاربية ثلاثية، مرة كل ثلاثة أشهر، يكون أولها بتونس، موضحين أن الهدف من هذه الخطوة هو بحث الأوضاع السائدة في المنطقة المغاربية وضرورة تكثيف الجهود وتوحيدها لمواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية بما يعود على شعوب البلدان الثلاثة بالإيجاب"، وفق بيان للرئاسة الجزائرية.

في مقابل ذلك، اعتبر مهتمون مغاربة، أن العزلة المهولة التي تعيشها الجزائر إقليميا ودوليا، دفعتها إلى الانخراط في هذا المخطط الجديد، مشيرين إلى أنها مناورة فاشلة يروم من خلالها الكابرانات إلى تشكيل تحالف جديد على أنقاض "اتحاد المغربي العربي"، الذي يعيش على وقع موت سريري، بسبب الصراع المفتعل بين الرباط والجزائر حول الصحراء المغربية.

ويرى ذات المهتمين أن هدف الجزائر من وراء خلق هذا التكتل الثلاثي، الجديد، هو جعل المغرب خارج المعادلة المغاربية، وذلك على خلفية نجاح الرباط دبلوماسيا في تطويق الجارة الشرقية من الجنوب والغرب، وأيضا هو رد فعل عشوائي على الحضور القوي للمغرب في غرب أفريقيا، يروم عرقلة المبادرة الأطلسية التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس نصره الله.

من جانبهم، عبر تونسيون عن تخوفهم الكبير من تبعات انضمام بلادهم إلى هذا "الثالوث" الجديد الذي تتزعمه الجزائر"، وتوجسهم من أن يزج بها الكابرانات في صراعهم الطويل مع المغرب حول في ملف الصحراء، مشيرين إلى أن هذه الخطوة قد تنسف مستقبل العلاقات مع الرباط، بعد سنوات طوال التزمت فيها تونس الحياد وعلى علاقات متينة مع جيران في المغرب.

أما فيما يتعلق بتغييب موريتانيا عن هذا الاجتماع، فيرى بعض المراقبين أن السبب يعود بالأساس إلى تمسك الرئيس "محمد ولد الشيخ الغزواني" باستمرار شرعية "اتحاد المغرب العربي"، وهو الموقف الذي يجمع عليه كل الساسة موريتانيين، أبرزهم رئيس البرلمان "محمد ولد مكت" الذي أكد عبر بيان مشترك مع نظيره المغربي "رشيد الطالبي العلمي" في فبراير الماضي، أن نواكشوط والرباط "تتمسكان باتحاد المغرب العربي لكونه خيارا إستراتيجيا ومكسبا هاما لا رجعة فيه".

وعن دعوة "محمد المنفي"، رئيس المجلس الرئاسي الليبي لهذا الاجتماع، رغم رفضه العلني لهذه المبادرة التي تقودها الجزائر، فيرى ذات المهتمين أن هذه الخطوة تبقى مجرد محاولة بئيسة تروم إيهام الجميع بوجود اتفاق بين الأطراف المشكلة لهذا الثالوث المغاربي، يهدف إلى تأسيس هذا الكيان "الهجين"، بدليل اللقاء الذي أجراه "المنفي" مطلع الشهر الحالي مع المكلف بتسيير أعمال وزارة الخارجية والتعاون الدولي في حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها "أحمد الدبيبة"، والذي تم خلاله استعراض تطور الوضع السياسي والمستجدات المتعلقة بدور الاتحاد الأفريقي والعمل على تفعيل دور الاتحاد المغاربي.

في سياق متصل، كانت الحكومة الليبية قد عبرت في وقت سابق عن تمسكها بالصيغة الخماسية للاتحاد المغاربي ورفضها لتأسيس أي كيان سياسي جديد يُقصي أي دولة من هذا التكتل، وهو ما يٌترجم إجماع مختلف الفرقاء الليبيين حول ضرورة إعادة إحياء اتحاد المغرب الكبير بما يخدم مصالح الشعوب المغاربية، بعيدا عن سياسة التقسيم أو المراهنة على إحداث شرخ آخر في المنطقة.

 وعلى ضوء ما جرى ذكره، يرى ذات المراقبين أن كل مكونات الدولة الليبية، ترفض الانخراط في أي لعبة سياسية جزائرية من شأنها تأزيم العلاقات المغاربية و إقبار حلم التكتل المغاربي الذي أنشئ قبل 35 سنة بمراكش، بهدف تعزيز الروابط السياسية والاقتصادية بين المغرب والجزائر وموريتانيا وتونس وليبيا، على غرار الاتحاد الأوروبي.

المصدر: أخبارنا

إقرأ أيضاً:

الصوت الذي لا يموت.. كيف أصبح محمد رفعت أيقونة التلاوة القرآنية؟

مع حلول شهر رمضان المبارك، تتزين الأجواء بنفحات روحانية خاصة، وتصبح الأصوات التي تعود عليها المسلمون جزءاً لا يتجزأ من ذكريات الشهر الفضيل. وبين تلك الأصوات، يبقى صوت الشيخ محمد رفعت حاضراً في وجدان الملايين، فهو الصوت الذي ارتبط بقدوم رمضان لعقود طويلة، وما زالت تلاوته تملأ البيوت والمساجد، حتى بعد أكثر من سبعين عاماً على رحيله.

البدايات والنشأة

في حي المغربلين بالعاصمة المصرية القاهرة، وتحديداً عام 1882، وُلد الشيخ محمد رفعت، ذلك الصوت الذي شقّ طريقه إلى القلوب قبل الآذان، فأبهر المستمعين بتلاوته العذبة التي امتزجت بالخشوع والجمال. إذ لم يكن مجرد قارئ للقرآن، بل كان حالة روحانية فريدة، تجاوزت أصداء صوته الحدود واللغات، حتى أصبح صوته رمزاً خالداً في سماء التلاوة.

في صغره، وُصف بأنه طفل جميل ذو عيون جذابة، لكن قيل إن سوء الحظ طاله بعد أن أصيب بعين الحسد، مما أدى إلى إصابته بداء في عينيه. وبعد محاولات علاجية لم تُجدِ نفعاً، خضع لعملية جراحية فقد على إثرها بصره تماماً وهو في الخامسة من عمره.
وكما كانت العادة في ذلك الوقت، وجّه والده وجهته نحو حفظ القرآن الكريم، فألحقه بكُتَّاب مسجد مصطفى فاضل باشا في السيدة زينب، وأظهر محمد رفعت موهبة استثنائية في التلاوة، إذ حفظ القرآن كاملًا وهو في العاشرة من عمره، قبل أن يُبحر في علوم التجويد والتفسير والمقامات الصوتية، التي أصبحت فيما بعد علامة مميزة لتلاوته.
ولم يكن فقدانه للبصر هو المحنة الوحيدة في حياته، إذ فقد والده وهو في التاسعة من عمره، ليجد نفسه فجأة مسؤولًا عن إعالة أسرته المكونة من والدته، وخالته، وأشقائه. وبإرادة صلبة، بدأ في إحياء الليالي القرآنية في المآتم، ليكسب قوت يومه ويؤمّن احتياجات عائلته.

صوت من السماء

لم يكن صوت الشيخ رفعت مجرد تلاوة عادية، بل كان يتغلغل في النفوس ويأسر القلوب، حتى بدأ الناس يطلبونه في مختلف أنحاء القاهرة، وأصبح اسمه يتردد في الأقاليم. وعندما بلغ الخامسة عشرة، تم تعيينه قارئاً ليوم الجمعة في مسجد فاضل باشا، حيث ازداد الإقبال على سماعه، لدرجة أن المصلين كانوا يتزاحمون في المسجد لسماع تلاوته.
وكانت أول مكافأة حصل عليها في حياته 25 قرشاً، بعدما قرأ في إحدى المناسبات، وكان هذا المبلغ يمثل له الكثير آنذاك، لكن مع مرور السنوات، ازداد الطلب عليه من قِبل الأثرياء والمحبين، ورغم ذلك، كان زاهداً في المال؛ ففي إحدى المرات، عندما قرأ في منزل أحد الأثرياء، أخطأ المضيف وأعطاه مليماً بدلًا من الجنيه الذهبي، لكنه لم يهتم بذلك، وحين جاء الرجل ليعتذر منه، أجابه بكل رضا: "هذا رزق ربي، والحمد لله على ما رزقني".

ثقافة موسيقية واسعة

لم يكن الشيخ رفعت مجرد قارئ للقرآن، بل كان مثقفاً واسع الاطلاع، إذ درس علوم التجويد والتفسير، إلى جانب دراسته الموسيقى والمقامات الصوتية، حيث تأثر بموسيقى بيتهوفن، موتزارت، وفاجنر. وكان يمتلك مكتبة تضم أشهر السيمفونيات العالمية.
كما كان يعقد صالونات ثقافية يحضرها كبار المثقفين والفنانين، مثل أحمد رامي، كامل الشناوي، صالح عبد الحي، زكريا أحمد، ومحمد عبد الوهاب، وحتى الفنانة ليلى مراد قبل إسلامها.

المحطة الفاصلة في حياته

في عام 1934، حقق الشيخ محمد رفعت نقلة نوعية عندما أصبح أول صوت يُفتتح به بث الإذاعة المصرية، حيث اختير لتلاوة سورة الفتح في افتتاح البث الرسمي، فكان مطلعها: "إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا".
ورغم شهرته الكبيرة، كان الشيخ في البداية متردداً في تلاوة القرآن عبر الإذاعة، خوفاً من عرضها للأغاني والموسيقى التي قد يراها البعض غير لائقة، لكنه استفتى شيخ الأزهر محمد الأحمدي الظواهري، الذي طمأنه بأن ذلك لا يتعارض مع قدسية القرآن، مما دفعه إلى قبول العرض، ليصبح صوته مرافقاً للشهر الفضيل وأذان الفجر في الإذاعة المصرية، وهو الصوت الذي لا يزال يُسمع حتى اليوم في رمضان.

سنوات المرض والاعتزال القسري

بعد مسيرة عامرة بالإنجازات، أصيب الشيخ رفعت بعدة أمراض أضعفت صوته، لكنه كان يعود للقراءة بين الحين والآخر حتى اشتد عليه المرض. وفي السنوات الثماني الأخيرة من حياته، أصيب بورم في الأحبال الصوتية، مما منعه من تلاوة القرآن نهائياً.
ورغم ظروفه الصعبة، رفض الشيخ رفعت أي مساعدة مالية، حتى عندما جمع محبوه مبلغ 50 ألف جنيه لعلاجه، رفض قائلاً: "الدنيا عرض زائل.. وقارئ القرآن لا يُهان ولا يُدان.. أراد الله أن يمنعني، ولا راد لقضائه.. فالحمد لله".
وفي نفس يوم ميلاده، الموافق عام 1950، رحل الشيخ محمد رفعت عن عمر ناهز 68 عاماً، تاركاً خلفه إرثاً خالداً من التلاوات العذبة، التي لا تزال تسكن قلوب المستمعين حتى اليوم. 

وعندما نعته الإذاعة المصرية، خاطبت المستمعين قائلة: "أيها المسلمون، فقدنا اليوم علماً من أعلام الإسلام"، كما نعتته إذاعة دمشق بقولها: "لقد مات المقرئ الذي وهب صوته للإسلام"... وحتى الآن لا يزال صوته رمزاً خالداً للتلاوة القرآنية، ويظل اسمه مرتبطاً بشهر رمضان في وجدان المسلمين حول العالم.



مقالات مشابهة

  • أبناء النوبة ينظمون لقاءً حاشداً لجمع الصف ومواجهة المؤامرات التي تحاك ضد منطقة جبال النوبة
  • تعرف على قطار TGV المستقبل الذي طلبه المغرب من فرنسا (صور)
  • معهد دولي يكشف انخفاض وتيرة التسليح بالمغرب و الجزائر
  • منتدى حقوقي يستنكر التراجعات الحقوقية التي شهدها المغرب
  • لقاء تشاوري مع مصنعي الحديد والبلاستيك للتعريف بفرص قانون الاستثمار وتوطين الصناعات المحلية
  • الصوت الذي لا يموت.. كيف أصبح محمد رفعت أيقونة التلاوة القرآنية؟
  • فرق برلمانية تتحرك لتشكيل لجنة تقصي الحقائق حول “دعم اللحوم” في عهد وزير الفلاحة السابق
  • محمد أبو هاشم: الإمام أبو حنيفة وضع أساس الاجتهاد الفقهي الذي يسر على المسلمين
  • تغيير ملعب لقاء الكأس بين بلوزداد والشاوية
  • هل تمثل التدريبات العسكرية “الفرنسية – المغربية” تهديدات للجزائر؟