حاولوا «أخونة حرب أكتوبر» وفشلوا.. «مصريون» لا يحتفلون بذكرى النصر وتحرير سيناء!
تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT
في مطلع شهر أكتوبر عام 2012، زعم الإرهابي المتحالف مع جماعة الإخوان، صفوت حجازى، الذي يحاكم منذ سنوات، لتورطه في أنشطة إجرامية، أن «الإخوان، شاركوا فى نصر أكتوبر 1973، وأنهم كانوا من أكبر الأسباب التى حققت النصر».. تسببت تلك المزاعم، حينها، في عاصفة من السخرية، داخل مصر وخارجها، عبر تفاعلات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعى، لاسيما أن سيناء - محور الحرب، وسببها المباشر، التي نحتفل، حاليا، بذكرى تحريرها، من إسرائيل، ولاحقا من البؤر الإرهابية- كانت وقت تصريحات، صفوت حجازي، تعيش أسوأ حالاتها، أمنيًا واجتماعيًا، نتيجة التوأمة الإرهابية بين جماعة الإخوان وكيانات متشددة، راحت تنشط بقوة في أرض الفيروز، تعكر صفوها، وتبدد استقرارها!
السخرية الكبيرة من مزاعم، صفوت حجازي، آنذاك، كانت متعددة الأسباب، كون جماعة الإخوان، التي حاول إقحامها في تحقيق مكاسب وطنية، لم تشارك في الحرب، أو أي جُهد وطني، منذ نشأتها عام 1928، كما أن الجماعة تشكك في «القرار العسكري» الصادر عن الرئيس الراحل محمد أنور السادات، عام 1973، فضلًا عن جملة الفضائح التي تلاحق التنظيم، بدليل أنه عندما تحدث أحد قيادييها، صبحي صالح، عام 2012، عبر لقاء تليفزيوني، عن ذكرى النصر، فقد ورط جماعته في موجة أخرى من السخرية، بعدما قال: «يوم 6 أكتوبر 1973، كنت قاعد بتغدى مع صديق.
في ذكرى «تحرير سيناء» تتعدد التساؤلات: لماذا تواصل جماعة الإخوان ترويج مغالطات سياسية، على عكس الجموع الوطنية المصرية، التي تفخر ببطولات القوات المسلحة وجهود المؤسسات في الحرب والتحرير؟.. لماذا توظيف الجماعة وسائل الإعلام الجديدة، كالسوشيال ميديا، في مخطط التأثير السلبي و«الاغتيال المعنوي» لفرحة المصريين؟.. لماذا تتعقب الجماعة الذاكرة الوطنية المصرية؟ لماذا يزايد خطاب الجماعة على الدوائر المعادية لمصر، وعلى إسرائيل نفسها، التي اعترفت بالهزيمة العسكرية؟
مؤامرة سنوية
طرفان، يجمعهما العداء لحرب السادس من أكتوبر عام 1973: «إسرائيل» وجماعة «الإخوان».. الأولى، لأنها تجرعت الهزيمة النكراء، من واقع وثائق لجنة «أجرانات» الإسرائيلية، المكلفة في 21 نوفمبر 1973، بالتحقيق في فضيحة الإخفاق الإسرائيلي، عسكريًا، وأمنيًا، في توقُّع موعد الحرب، وبعد أكثر من 140 جلسة، استمعت خلالها اللجنة الإسرائيلية لعشرات الشهود، وتسلمت مئات الوثائق المكتوبة، أصدرت قرارها، في 30 يناير 1975، عبر 1500 صفحة، لاتزال 1458 صفحة منها محاطة بالسرية التامة، فيما كشفت التحقيقات عن براعة القوات المسلحة المصرية، وإجهاضها لنظرية الأمن الإسرائيلية، وحجم الخلل العسكري الكبير لجيش الاحتلال، وكوارث عدة تسببت قيادات جيش الاحتلال وأجهزة المعلومات الإسرائيلية، ومسئوليتها عن الهزيمة.
اللجنة المنسوبة لرئيسها «شمعون أجرانات»، حمَّلت رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، ديفيد أليعازر، مسئولية الهزيمة، نتيجة دوره السلبي في تقييم الوضع واستعدادات الجيش، وأنه كان يجب أن يوصي بالاستنفار الجزئي مطلع شهر أكتوبر 1973، وألا يتأخر لليوم الخامس منه، مع إعفاء كل من رئيس الأركان، ورئيس قسم الاستخبارات، إلياهو زعيرا، من منصبه، وألا يُعهد للقائد العام لجبهة سيناء خلال حرب أكتوبر، شموئيل جونين، بأي دور فعّال في الجيش، مع إنهاء خدمات قيادات عسكرية أخرى، ولأن قرارات لجنة «أجرانات» لم تُرضِ الإسرائيليين، فقد انطلقت الاحتجاجات، آنذاك، انتهت باستقالة رئيسة الحكومة، جولدا مائير، القائد الأعلى للقوات المسلحة الإسرائيلية، ووزير الدفاع، موشيه ديان.
العدو الثاني
هذا عن إسرائيل.. أما الإخوان، فلأن الجماعة تعيش حالة عداء دائمة مع محيطها، منذ تأسيسها بمعرفة الاحتلال البريطاني، لشق الصف الوطني بـ«ثنائية الانتماء: الوطني، والديني» قبل أن تبالغ في عدائها لمؤسسات الدولة المصرية، خاصة القوات المسلحة، منذ ثورة 23 يوليو عام 1952.. فشلت محاولات تآمر الإخوان على ثورة يوليو.. تبدّى عداء الجماعة خلال العدوان الثلاثي، الذي نفذته: بريطانيا، فرنسا، وإسرائيل ضد مصر، عام 1956، عندما وقفت الجماعة على الحياد، الأقرب لتمني الهزيمة لمصر.. رفض جناحهم المسلح، المشاركة في المقاومة الشعبية في بورسعيد ومدن القناة.. قبلها بعام، حاولت الجماعة اغتيال زعيم الثورة، الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، عبر حادثة إطلاق النار عليه، في 26 أكتوبر 1954، أثناء إلقاء خطاب في ميدان المنشية بالإسكندرية.. خلال العدوان الإسرائيلي، 5 يونيو عام 1967، عبرت الجماعة عن فرحتها بما حدث.. بيانات الجماعة تؤكد هذا النهج: «كان انتقاما إلهيا، فعقب اعتقالات 54 كانت هزيمة 56، وبعد اعتقالات 65 كانت الهزيمة الساحقة في 67»!!
كانت الجماعة خارج المعادلة خلال حربي الاستنزاف، وأكتوبر عام 1973، وتحرير سيناء -بالحرب والتفاوض- خلال احتفال الشعب المصري والعالم العربي بما حققته القوات المسلحة المصرية، في حرب أكتوبر عام 1973، كانت الجماعة «استثناء»، حيث لم تشارك، ولم تصدر بيانا رسميا يعبر عن تقديرها للانتصار الأكبر على إسرائيل منذ نشأتها، أولا، للقناعات التنظيمية الواهية التي تربت عليها أجيال الجماعة، وثانيا، للأفكار والكتابات المتطرفة لمنظّرها، سيد قطب، التي تعادي المؤسسات الوطنية وتقلل من جهودها، وثالثا، حتى لا تغضب الجماعة إسرائيل وحلفاءها في الغرب، لاسيما الولايات المتحدة، وبريطانيا.
تناقض إخواني
عندما كانت الجماعة على «وفاق» مع الرئيس الراحل، محمد أنور السادات، خلال النصف الثاني من سبعينيات القرن الماضي، تحدثت بـ«تحفظ» عن النصر، مع ترويج «خطاب مغاير» بين أنصارها.. خطاب يزعم أن، السادات -الذي فتح كل الأبواب أمام الإخوان، وجماعات الإسلام السياسي- «سبب مصائب مصر والعرب، وأن إفساحه المجال أمام التيار الإسلامي، لم يكن لوجه الله، والوطن، بل لتلافي الخطر على نظامه، بسبب انتشار التيار، وأزمة الشرعية التي كان يعيشها، في ظل عدم تحرير سيناء وحاجته لمواصلة الصراع مع إسرائيل، وفي ظل صراعه مع الماركسيين والناصريين على الحكم، وانتشار قيادات جماعة الإخوان حول العالم، وضغطهم عليه إعلاميًا وسياسيًا، ومن ثم اتفق مع المرشد العام للإخوان، حينها، عمر التلمساني، على طبيعة المرحلة الجديدة» وبنفس لغة الإنكار، تروج الجماعة بين أعضائها أن «السادات، أجبر على الحرب، للوصول للتفاوض»!!
تسير الجماعة في الاتجاه المعاكس، ارتباطا بظروف «النشأة المشبوهة» التي تدفعها، على الدوام، للدخول في مواجهة مفتوحة مع المؤسسات الوطنية.. بعد 6 أشهر على انتصار أكتوبر عام 1973، نفذت مجموعة إرهابية محسوبة عليها، في 18 ابريل عام 1974، جريمة «الكلية الفنية العسكرية» بقيادة طلال الأنصاري، عضو جناحها المسلح.. لم تكد تمر 5 أعوام على الانتصار نفسه، حتى نفذ فرع الجماعة في سوريا مجزرة «كلية ضباط المدفعية» بمدينة، حلب، السورية.. تقاطعت مع عملية اغتيال الرئيس الراحل، محمد أنور السادات، ولم تكن بعيدة عن الأحداث الإرهابية، الممتدة من 2004 حتى 2018 في شبه جزيرة سيناء.
تواصلت مؤامرات الجماعة، وتحالفاتها السياسية والحزبية، منذ مطلع الثمانينيات من القرن الماضي.. حاولت قبل «الثلاثية السوداء»، من شتاء 2011 إلى صيف 2013، «تبييض صورتها» وتقديم نفسها للعالم.. بادرت في ذكرى تحرير سيناء، أبريل عام 2010، بالحديث عن «فريضة السلام في الإسلام» وفق الرسالة الأسبوعية، لمرشدها، محمد بديع، وتأكيده على «احترام العهود» والاستشهاد بقوله تعالي «.. إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ.. ».. كانت رسالة طمأنة استباقية موجهة لإسرائيل، وللغرب الأوروبي- الأمريكي، قبل قيادة الجماعة لعملية الانفلات الشاملة في مصر، منذ 28 يناير 2011، وسنوات لاحقة.
تحولات إخوانية
خلال هيمنة الجماعة على المشهد العام في مصر، تحديدا، في ذكرى تحرير سيناء، أبريل 2012، اعتقد، مرشد الجماعة، أن بمقدروه تحييد القوات المسلحة المصرية، بقوله: «المصريون جندوا كل طاقاتهم المادية والمعنوية وقدموا آلاف الشهداء والضحايا من أجل تحرير هذه الأرض المقدسة، واستمروا سنين في حرب استنزاف لقوى العدو، حتى حان الوقت المحتوم لخوض أشرف حرب في العصر الحديث حرب أكتوبر- رمضان، حيث أبلى الجيش المصري العظيم أعظم البلاء، وقام بمعجزات عسكرية لعبور القناة وتدمير الحصون وأسر ضباط وجنود العدو الصهيوني بعد إلقاء الرعب في قلوبهم، فعل ذلك جنودنا وضباطنا العظام في ملحمة رائعة لا تزال تدرس في كثير من كليات الحرب وأكاديمياتها حول العالم، واستعدنا سيناء كاملة».
في العام نفسه، وفي الذكرى الـ39 لنصر السادس من أكتوبر عام 1973، كان المشهد غريبا.. مريبا، من واقع المنصة الرئيسية للاحتفال في استاد القاهرة الدولي، 6 أكتوبر 2012.. كان احتفال الإخوان بالذكرى أحد أشكال استعراض القوة التنظيمية للجماعة، وليس تخليدا لأكبر انتصار عسكري مصري، خلال العصر الحديث.. جلست قيادات إرهابية، متورطة في عمليات قتل واغتيال، على المنصة، على حساب قادة القوات المسلحة.. انتقل الشعور المريب من الاستاد إلى عموم المصررين، والجوار العربي، عبر شاشات القنوات التليفزيونية، التي راحت تنقل ما يحدث.. كان لسان حال الجميع يقول: هذا ليس احتفالا بالنصر، بل «تكريم إخواني» للقتلة والإرهابيين، حلفاء الجماعة في حكم مصر، آنذاك.
عودة السموم
في العام التالي، السادس من أكتوبر عام 2013، تعمدت الجماعة «تعبئة» الحشود للتظاهر ضد المؤسسات الوطنية، التي كانت تحتفل بالذكرى الـ40 للنصر، الممهد لتحرير سيناء، بدت الجماعة، كمن يتضامن، بشكل غير مباشر مع الحزن الإسرائيلي، عبر توسيع دائرة العنف في أحياء القاهرة لـ«العكننة» على المصريين، والوقوف خلف أحداث دامية، سقط خلالها العديد من شهداء القوات المسلحة والشرطة والمدنيين، وأعداد مضاعفة من المصابين.. حينها، تعمدت الجماعة تشتيت جهود المؤسسات الأمنية عما يحدث في القاهرة، عبر فتح جبهات أخرى في سيناء، والوادي، ترتب عليها تنفيذ هجمات على أكمنة ومنشآت حيوية بجنوب سيناء، الإسماعيلية، منطقة الهرم بالجيزة، ومركز الأقمار الصناعية والاتصالات بالمعادي، أوقعت جميعها نحو 51 قتيلا و375 جريحا.
في التوقيت نفسه، كان الرئيس المصري، المؤقت، عدلي منصور، يزف عبر كلمة رسمية أخبارا سارة للمصريين، من بينها تدشين مشروعين قوميين عملاقين -بدء مشروع إنشاء المشروع النووي السلمي، بمنطقة الضبعة، والشروع في تنمية منطقة قناة السويس.. من واقع البيانات الرسمية للجماعة - في الذكرى الـ41 لحرب أكتوبر عام 2014، والـ42، عام 2015، والـ45 عام 2018- حاولت الجماعة -التي أطاح بها الشعب المصري من السلطة- الحط من قدر القوات المسلحة المصرية.. حاولت الوقيعة بين القوات المسلحة وقبائل وعواقل سيناء، لكنها فشلت بسبب العلاقة المتينة، التي كانت أحد أسباب القضاء على البؤر الإرهابية، المتعاونة مع جماعة الإخوان، في سيناء.
المعركة العميقة
لم تكن جماعة الإخوان جزءًا من الحركة الوطنية، ولا من الذاكرة الوطنية المصرية، في أي مرحلة، وعليه، تحاول تمييع المشتركات التاريخية، والبطولات الوطنية، والذكريات العامة، كحرب أكتوبر وتحرير سيناء، جزء من «الذاكرة الوطنية» التي تعزز عوامل قوة المجتمع، وقدرته على مواجهة التحديات.. على توحيد خطاب الأمة، من هنا، تتعدد المحاولات التآمرية على «الذاكرة الوطنية» خاصة عبر أدوات الإعلام الجديد - البديل- التي تمجد الشر، وتشوه الخير، التي تحتفي بالتخريب، وتسطح التنمية الشاملة، على النحو الذي تقوم به جماعة الإخوان، وحلفائها، في عموم منطقة الشرق الأوسط، من خلال تضخيم الأزمات، ترسيخ الانهزامية، تسويق الفشل، تحطيم الآمال.. والأهم، تفخيخ الهوية الوطنية، التي هي أحد أشكال الوعي بالذّات الثقافيّة والاجتماعيّة.. هي سمات تُميّز مجتمع عن غيره، عبر مكونات عدة: الموقع الجغرافي، الذاكرة التاريخيّة والوطنية المشتركة، الثقافة الشعبيّة الموحّدة، والحقوقٌ والواجبات المشتركة، والاقتصاد المشترك.
نهج جماعة الإخوان المتواصل لا ينفصل عن محاولات اختراق - أخونة- المؤسسات المصرية، وصناعة «مؤسسات موازية» خلال هيمنة الجماعة على السلطة، 2011-2013، خاصة الأجهزة الأمنية السيادية ومؤسسات الضبط الاجتماعي - القوات المسلحة، الشرطة المدنية، وزارة العدل-، لكنها فشلت، نتيجة المناعة الوطنية المصرية، التي تسهم في تماسك المجتمع، تبدد صراعاته وانقساماته، تحد من النزاعات الداخلية، والأجندات الفئوية.. فشل الجماعة، يعود أيضا، لتصدي الشعب ومؤسساته للإرهاب.. ترى الجماعة في القضاء على الإرهاب «نكسة تعيشها مصر» ومزاعم أخرى «معلبة» تروجها للتغرير بأعضائها، ومن يصدقون خطابها الإعلامي والسياسي، الذي يتعمد خلط الأوراق، داخليا وإقليميا.
حالة دائمة
توظف جماعة الإخوان، الإرهاب الفكرى، تستهدف «الذاكرة الوطنية» و«هوية الدولة» تمهيدا لخلخلة أركانها، مدعومة بالأدوار المشبوهة للتنظيم الدولي للجماعة، الذي ينتشر في نحو 72 دولة - وفق اعترافات قادة الجماعة في تحقيقات أمنية، سابقة- ودول وكيانات إقليمية وعالمية، تصطف فى خندق العداء للدولة المصرية، وشعبها.. .ما يقرب من 96 عاما، والإخوان في حالة «عداء دائم» للأنظمة المتعاقبة، ترفض الجماعة أن تكون جزءًا من المشهد العام.. تفضل احتكاره، تشوه التاريخ الوطني، كونها ليست جزءًا منه.. تتعمد شطب أي إنجاز تحقق - أو يتحقق- على أرض الواقع، كونه يظهر «هامشية» الجماعة وحلفائها.. وجدوا فرصتهم في مؤامرة «الربيع العربي» التي تم خلالها التغرير بشعوب مستهدفة، سقط معظمها في «فخ اللاعودة» قبل أن يتأكد الشعب المصري من حقيقة «الإخوان».. كانت تجربة «عملية- دموية» أسقطت أقنعة الجماعة، وأزالت أوهام التنظيم «المهوس بالسلطة» فقط.
من هنا، نفهم لماذا تستهدف جماعة الإخوان «الذاكرة الوطنية» المصرية، بمحاولات الدس، التزييف التشويه، والتحريف، التمييع، التخريب، والعبث بثوابت وهوية المجتمع، وتعمد طمس ذاكرة الأمة، إرثها التاريخي في مواجهة المتغيرات العاتية التي يشهدها الإقليم والعالم؟ تعرف الجماعة، جيدًا، أن للذاكرة الوطنية قيمة معنوية مهمة، يعززها تاريخ حافل بالبطولات الشخصية والجماعية، والانتصارات المؤزرة، ومجابهة التحديات.. ذاكرة، تخلد التضحيات، تنمي الشعور الوطني، يعزز الاصطفاف الشعبي، يجيش الطاقات لتفعيل خطط التنمية، ومن ثم، تكثف الجماعة مخططاتها، تعمل على كتابة تاريخ بديل- مشوه، يخدم المؤامرة الكبرى، التي تستهدف مناعة الوطن.
لا تتوقف الجماعة عن محاولات العبث بالهوية الوطنية، التآمر على استقرار المجتمع، واستهداف تماسكه، والمساس بوحدته، وتمزيق لُحمته، ضمن مخطط استنزاف وتفكيك وتفتيت المجتمع، يقوده الجناح القيادي المتشدد داخل الجماعة، الذي رفع، قبل سنوات، الشعار الهدام «الشعب يريد إسقاط النظام» على أمل إعادة بناء نظام جديد، على مقاييس الجماعة وتوجهاتها وتحالفاتها المشبوهة، لكن في المقابل، تبقى الملاحم الوطنية المصرية، المتعلقة بـ«تحرير سيناء»: حروب الاستنزاف، أكتوبر 1973، مكافحة الإرهاب، مرورًا بالماراثون التفاوضي، 1982-1989، حتى عودة طابا، تبقى راسخة في الذاكرة الوطنية، بتحدياتها الكبيرة، وبطولاتها المؤزّرة، وتضحياتها الخالدة!
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: تحرير سيناء حرب أكتوبر ذكرى النصر عيد تحرير سيناء القوات المسلحة المصریة الوطنیة المصریة الذاکرة الوطنیة الرئیس الراحل جماعة الإخوان أکتوبر عام 1973 تحریر سیناء الجماعة على حرب أکتوبر الجماعة فی أکتوبر 1973
إقرأ أيضاً:
ندوة لـ«تريندز» في مجلس اللوردات البريطاني: التصدي للتطرف مفتاح الاستقرار العالمي
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةأكدت ندوة علمية نظمها مركز تريندز للبحوث والاستشارات، في مجلس اللوردات البريطاني ضرورة مكافحة التطرف كخطوة أساسية لضمان الأمن والاستقرار على المستويين المحلي والدولي، مشددة على أهمية تصحيح الأيديولوجيات المتطرفة، وتوفير بدائل تعليمية واقتصادية واجتماعية تمنع انتشار الفكر المتشدد، لا سيما بين الشباب، الذين يعدون الفئة الأكثر استهدافاً من قبل الجماعات المتطرفة.
ودعا المشاركون في الندوة، إلى ضرورة تصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية في بريطانيا، أسوةً ببعض الدول الأوروبية التي اتخذت إجراءات حازمة لمواجهة خطر الجماعات المتطرفة.
وأكدوا أن هذا التصنيف من شأنه أن يحدّ من أنشطة الجماعة، ويمنعها من الاستفادة من التمويلات العامة أو العمل تحت غطاء المنظمات الخيرية، محذرين من أن التهاون في هذا الملف يؤثر على المجتمعات والاستقرار العالمي.
وأكدت الندوة، أن مواجهة التطرف تحتاج إلى نهج شامل يجمع بين الحلول الأمنية، والفكرية، والتكنولوجية؛ لضمان مستقبل أكثر أماناً واستقراراً للجميع.
واستضاف مجلس اللوردات البريطاني الندوة التي تُعد الثانية خلال أقل من شهرين، تحت عنوان «تعزيز الشراكة بين الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وبريطانيا في مواجهة التطرف وتعزيز الرخاء»، برعاية فخرية من اللورد والني (Lord Walney)، وبحضور نخبة من أعضاء المجلس والباحثين والخبراء في مكافحة التطرف.
وأدار الندوة اللورد والني، الذي أكد في كلمته أن التطرف يشكل تهديداً عالمياً يتطلب استراتيجية دولية موحدة لمواجهته، كما ألقى اللورد دونالد أندرسون، عضو مجلس اللوردات، كلمة رئيسة شدّد فيها على أهمية تعزيز التعاون بين بريطانيا ودول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمجابهة التطرف، مشيراً إلى الدور الفاعل لمراكز الأبحاث في تحليل وفهم التحديات التي تواجه المجتمعات الغربية نتيجة انتشار الفكر المتطرف.
الحوار والمعرفة
في كلمته الرئيسة، أكد الدكتور محمد العلي، الرئيس التنفيذي لمركز تريندز، أن التعاون الدولي هو المفتاح الأساسي لمواجهة التطرف وتعزيز قيم التسامح. وأوضح أن مركز تريندز يعمل بجدية على تفكيك خطاب الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين، من خلال تحليل علمي دقيق لمفاهيم وأيديولوجيات هذه التنظيمات.
وأشار إلى أن جماعة الإخوان تمثل المظلة الفكرية للتنظيمات الإرهابية، مؤكداً أن مركز تريندز كشف زيف أطروحاتها من خلال إصدار «موسوعة جماعة الإخوان المسلمين»، التي تتألف من 35 كتاباً تُرجم بعضها إلى 15 لغة عالمية، لتوفير المعرفة لأوسع شريحة من الباحثين والمتخصصين حول العالم.
وشدد الدكتور العلي على أن أوروبا بدأت في تشديد الرقابة على أنشطة الإخوان، لكنها لم تصل بعد إلى حظرها بالكامل، مما يستدعي تحركاً أوروبياً مشتركاً أكثر صرامة.
وقدم مجموعة من التوصيات، أبرزها، الكشف عن خطورة الخطاب الإخواني وتأثيره على استقرار المجتمعات، ومحاصرة مصادر تمويل الجماعة وتجفيفها لمنع استغلالها في دعم الأنشطة المتطرفة، واتخاذ إجراءات قانونية أكثر صرامة للحد من أنشطة التنظيم داخل أوروبا.
المشاركون
شارك في الندوة كل من السير ليام فوكس، رئيس مجموعة اتفاقيات أبراهام البريطانية، والليدي أولغا ميتلاند، النائبة السابقة في البرلمان البريطاني، وهانا بالدوك، المحررة بمجلة «التركيز على الإسلام السياسي الغربي»، وآنا ستانلي، الباحثة في منتدى الشرق الأوسط، وتوم توغندهات، عضو المجموعة البرلمانية لمكافحة التطرف، ودانيال كافتشينسكي، عضو البرلمان البريطاني، وأفيرام بيلايشي، رئيس مشروع مكافحة التطرف، والباحث الرئيسي عوّض البريكي، رئيس قطاع «تريندز جلوبال، والباحث الرئيسي عبدالعزيز الشحي، نائب رئيس قطاع البحوث في «تريندز»، والباحثين في «تريندز» شما القطبة، وزايد الظاهري.
التطرف وأيديولوجيات العنف
تناولت المناقشات استغلال الجماعات المتطرفة، مثل الإخوان المسلمين، لحالة السخط والإحباط لدى بعض الفئات المجتمعية، مستشهدين بأفكار سيد قطب، الذي منح الشرعية لاستخدام العنف تحت مفهوم «التكفير». وأكد المشاركون أن مواجهة هذه الأفكار تتطلب تقديم خطاب مضاد قائم على الأمل، الفرص، والكرامة، بدلاً من الاقتصار على الحلول الأمنية.
دور الاقتصاد
وأكد السير ليام فوكس، رئيس مجموعة اتفاقيات أبراهام في المملكة المتحدة، أن تعزيز التعاون الاقتصادي يمكن أن يساهم في الحد من التطرف، مشيراً إلى أن «صندوق ازدهار اتفاقيات أبراهام»، المقرر إطلاقه في أبريل المقبل، سيعمل على تمويل الشباب من مختلف الخلفيات على أساس الجدارة والاستحقاق، مما يوفر لهم فرصاً اقتصادية تقلل من احتمالية استقطابهم من قبل الجماعات المتطرفة.
وشهدت الندوة، نقاشاً حول اتفاقية درملانريغ، التي كان من المفترض أن تمثل لحظة تاريخية للتعاون بين المسلمين واليهود، حيث تم توقيعها بحضور الملك تشارلز، وتهدف إلى تعزيز التفاهم بين الأديان، لكن سرعان ما تعرضت الاتفاقية لضربة قوية بسبب المتطرفين.
موسوعة توثّق أنشطة الإخوان المسلمين
وتطرق باحثو «تريندز» في مداخلاتهم بالندوة إلى «موسوعة الإخوان المسلمين»، التي يقوم بإعدادها «تريندز للبحوث والاستشارات»، وهي عمل موسوعي ضخم مكوّن من 35 مجلداً يوثق أنشطة الجماعة وتأثيرها على المجتمعات المختلفة. وقد صدر منها حتى الآن 15 كتاباً تمت ترجمتها إلى الإنجليزية لجعلها متاحة للجمهور الغربي.
التوصيات
أوصى المشاركون في الندوة بضرورة التمييز بين الإسلام كدين والإسلاموية كأيديولوجية سياسية، مشيرين إلى أن هذا التمييز ضروري لمنع استغلال الدين كغطاء لنشر الأفكار المتطرفة. كما شددوا على ضرورة التعامل مع الإرهاب والتطرف كتهديد عالمي مشترك، من دون ربطه بدين معين أو جنسية محددة، بل باعتباره خطراً على المجتمعات كافة.
كما أوصى المشاركون بضرورة تشديد القيود المالية والتنظيمية على الجماعات المتطرفة في أوروبا، حيث الكشف عن تمويلات عامة تتلقاها منظمات تابعة للإخوان المسلمين داخل المملكة المتحدة، ما يجعل تعقب أنشطتها أو محاسبتها قانونياً أمراً معقداً. كما دعا اللوردات والخبراء والباحثون إلى الكشف عن المعلومات حول هذه الجماعات، على غرار ما قامت به بعض الدول الأوروبية، لتعزيز قدرة الحكومات على اتخاذ إجراءات أكثر صرامة.
وشدد المشاركون في الندوة على أن الاستقرار لا يتحقق إلا من خلال استراتيجية متكاملة تجمع بين المواجهة الفكرية، والإصلاحات الاقتصادية، والسياسات الاجتماعية، لضمان مكافحة التطرف بشكل فعّال. كما شدّد المشاركون على ضرورة التحرك السريع لتطبيق إجراءات مشددة ضد الجماعات التي تستغل الأزمات الاجتماعية والسياسية لنشر أيديولوجياتها المتطرفة.