مكارثية على الطراز الفرنسي.. ميديا بارت: التضامن مع فلسطين أصبح جريمة
تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT
قال موقع "ميديا بارت" إن التضامن مع فلسطين أصبح جريمة، والرغبة في التعبير عنه بالكلام أو الكتابة أو التظاهر يعاقب عليه إما بالاستدعاء لدى الشرطة أو الإدانة الجنائية أو الحظر المسبق، مما ينذر بخطر على القيم الديمقراطية ومن مكارثية جديدة بدأت تترسخ في فرنسا.
وتعرف المكارثية بأنها سلوك يقوم على توجيه الاتهامات بالتآمر والخيانة للآخر دون الاهتمام بالأدلة.
وأوضح الموقع -في تقرير بقلم مديره السابق إدوي بلينيل- أن الحكومة الفرنسية أرسلت للمحافظين والمدعين العامين وضباط الشرطة رسالة مفادها أن إظهار التضامن مع فلسطين يعد جريمة محتملة.
وفي الوقت الذي تضج فيه الألتراس (الجماعات المتطرفة) المؤيدة لإسرائيل دون أدنى إزعاج، فإن مجرد الشك في تأييد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أو التشكيك في شرعية إسرائيل، يعد ذريعة لإسكات أو ترهيب أو وصم الأصوات المناضلة في القضية الفلسطينية، وهو تهمة جاهزة بالإرهاب أو معاداة السامية.
مجرد ذريعة
وبالفعل حُكم على عضو نقابي في الاتحاد العام للشغل بالسجن لمدة عام مع وقف التنفيذ بسبب منشور بسيط، كيَّفته المحكمة بأن صاحبه كان ينوي التنديد بهذه الدوامة القاتلة من العنف الاستعماري الذي يؤدي إلى العنف الإرهابي.
وذلك دون أي اعتبار لما أعربت عنه العديد من الشخصيات النقابية والجمعوية من قلق بشأن هذه الرغبة في "مساواة أي احتجاج سياسي أو اجتماعي بالإرهاب".
وفي نفس السياق، استدعيت المحامية الفرنسية الفلسطينية ريما حسن بسبب الاجتماع الخاص بفلسطين الذي كان من المقرر أن تعقده في ليل، مما جعل محاميها فينسان برينغارث يشعر بالقلق من تحريف جريمة تمجيد الإرهاب "لصالح تجريم واضح للفكر" مدينا "المناخ العام الذي يميل إلى إسكات الأصوات المطالبة بحماية حقوق الفلسطينيين وإدانة الانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة".
وفي اليوم نفسه، أعربت المحكمة الإدارية عن انزعاجها من "الاعتداء الخطير وغير القانوني الواضح على حرية التظاهر" وألغت قرار مدير شرطة باريس بحظر مسيرة "ضد العنصرية وكراهية الإسلام وحماية جميع الأطفال" بحجة أنها "تحمل في داخلها شعارات معادية للسامية" وأكدت في حكمها أن المنظمين خططوا "لمنع أي خطاب معاد للسامية".
وليست فلسطين في هذا السياق -حسب الكاتب- سوى ذريعة للتقليل من شأن المواضيع التمييزية، واستيراد صراع الحضارات إلى فرنسا، باعتبار أن إسرائيل تعد معقلا غربيا في مواجهة الخطر الإسلامي.
ولا يستطيع أي خلاف سياسي حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني -حسب الكاتب- أن يستوعب هذا الانجراف الذي لا يؤدي إلى تدمير الديمقراطية بانتهاك حرياتها الأساسية فحسب، بل ويلحق الضرر بفرنسا في المقام الأول، من خلال الإخلال بالتنوع الذي يتمتع به شعبها، وكأنها تعيش المكارثية الأميركية أوائل خمسينيات القرن العشرين.
سياسة الخوف
ووفقا للكاتب، فإن المكارثية لقبت "بالخوف الأحمر" وقد صيغ تعبير "سياسة الخوف" لوصف رد فعل الولايات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر، وهو يلخص رد فعل سياسي غرسه ذعر وجودي، ولم يؤد إلا إلى زيادة الاضطرابات التي تغذيه.
وقد انتهك هذا العمى الأميركي -حسب الكاتب- كل المبادئ والقيم والديمقراطية التي باسمها تم هذا الرد، من "قانون الوطنية" الاستثنائي، إلى غوانتانامو وهو سجن غير قانوني، مرورا بالسماح بالتعذيب أثناء الاستجوابات، وبالغزو العسكري للعراق استنادا إلى كذبة إعلامية، ليدفع العالم اليوم ثمن الوحشية الجامحة في العلاقات الدولية وكذلك السياسات الداخلية.
ولذلك يرى الكاتب أن أصوات الأقلية التي تحذر من هذا السباق إلى الكارثة، من خلال طلب المساعدة من القانون الدولي والدفاع عن ميثاق الأمم المتحدة، كانت على حق، رغم عجزها عن وقفها، تماما كما كان صوت الأمين العام للأمم المتحدة الذي يدين الاندفاع المتهور للحرب، الذي يحتمل أن يكون إبادة جماعية، حسب محكمة العدل الدولية.
وإذا كان هجوم حماس قد مثل 11 سبتمبر باعتباره تهديدا وجوديا لإسرائيل، فإن الجهاز السياسي العسكري الإسرائيلي أعاد إصدار "سياسة الخوف" من خلال إنزال عقاب جماعي رهيب بالشعب الفلسطيني، دون أن يضمن بذلك المستقبل الأمني لإسرائيل، بل زاد هشاشتها الجيوسياسية وأفقدها مصداقيتها الدبلوماسية، لأن الفيتو الأميركي هو الذي منع هذا الأسبوع الاعتراف بدولة فلسطين كعضو في الأمم المتحدة.
وخلص الكاتب إلى أن عدم حل القضية الفلسطينية هو السبب وراء هذا الوضع الخطير للغاية، مؤكدا أنه طالما لا توجد نهاية للظلم الدائم والطويل والمتكرر بحق الشعب الفلسطيني، وطالما منع حقه في العيش بدولة ذات سيادة، فلن يتمكن أي من الشعبين من العيش في أمان لنفسه، ناهيك عن العيش في هدوء مع الآخر.
وختم التقرير بأن التضامن مع فلسطين بتنوعه أمر مشروع، ولو لإنقاذ المبدأ الديمقراطي المتمثل في حرية الفكر والحق في النقد، وهو مسألة سياسية ضرورية في مواجهة الخطر الاستبدادي هنا في فرنسا، حسب تعبيره.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات ترجمات التضامن مع فلسطین
إقرأ أيضاً:
خامنئي بعد خطة ترامب بشأن غزة: فلسطين من النهر إلى البحر ملك للفلسطينيين
شدد المرشد الإيراني علي خامنئي، الخميس، على أن الأراضي الفلسطينية ملك للشعب الفلسطيني، وذلك بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطة لاستيلاء الولايات المتحدة على قطاع غزة وتهجير الفلسطينيين إلى دول أخرى.
وقال خامنئي في تدوينة عبر حسابيه باللغتين العربية والإنجليزية على منصة "إكس"، "إن كل فلسطين، من النهر إلى البحر، ملك للشعب الفلسطيني".
يأتي ذلك بالتزامن مع تأكيد وزارة الخارجية الإيرانية على رفض طهران القاطع للخطة التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي بشأن قطاع غزة.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، إن بلاده ترفض "بشكل قاطع خطة التطهير العرقي في غزة والسيطرة عليها من قبل الولايات المتحدة"، واصفا التعبير عن مثل هذه الفكرة بأنه "مثير للاستغراب ويتماشى مع مخطط الكيان الصهيوني لمحو الشعب الفلسطيني".
وأضاف في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" أن خطة ترامب "تعرّض غير مسبوق للمبادئ والركائز الأساسية للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة".
وشدد على أنه "لا شك أن الشعب الذي قاوم بكل وجوده أشد الجرائم والاعتداءات التي ارتكبها كيان الاحتلال على مدى السنوات الـ 76 الماضية ورفض مغادرة أرض أجداده لن يسمح لأمريكا والكيان الصهيوني بتدمير هويته الوطنية والتاريخية بوسائل أخرى".
وأردف بالقول إن "خطة التطهير العرقي في غزة ونقل الشعب الفلسطيني إلى الدول المجاورة تعتبر استمرارا لخطة الكيان الصهيوني الممنهجة للقضاء على الشعب الفلسطيني بشكل كامل، وهي مرفوضة ومدانة تماما نظرا لتناقضها الواضح مع المبادئ والقواعد الراسخة للقانون الدولي وحقوق الإنسان".
ومساء الثلاثاء، تحدث ترامب خلال مؤتمر صحفي مع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن عزم بلاده الاستيلاء على قطاع غزة، وذلك بعد أيام قليلة من دعوته إلى تهجير أهالي القطاع وإعادة توطينهم في دول أخرى مثل مصر والأردن.
وقال ترامب بعد محادثاته مع نتنياهو في البيت الأبيض إن "الولايات المتحدة ستتولى السيطرة على غزة، وسنقوم بمهمة فيه أيضا"، مضيفا: "سنطلق خطة تنمية اقتصادية (في القطاع) تهدف إلى توفير عدد غير محدود من الوظائف والمساكن لسكان المنطقة".
وزعم الرئيس الأمريكي أن غزة "يمكن أن تُصبح (بعد سيطرة بلاده عليها وتطويرها) ريفييرا الشرق الأوسط". كما لم يستبعد إمكانية نشر قوات أمريكية لدعم إعادة إعمار غزة، متوقعا أن تكون للولايات المتحدة "ملكية طويلة الأمد" في قطاع غزة.
وأثارت تصريحات ترامب بشأن قطاع غزة موجة واسعة من التنديد والرفض على الصعيدين الدولي والإقليمي، وسط دعوات للتراجع عنها والمضي قدما في مسار حل الدولتين.