كييف- موسكو- بعد طول تحذير من احتمال خسارة أوكرانيا للحرب أمام روسيا، ومخاوف ونداءات كثيرة وجهتها كييف بهذا الشأن، تتجه الولايات المتحدة للموافقة على حزمة دعم عسكرية كبيرة لها، بنحو 61 مليار دولار.

دعم جديد ضخم، لكنه ليس كسابقيه، فهو يأتي على شكل قرض يوجه الأموال نحو مسارات معينة، أبرزها قرابة 23.2 مليارا لتجديد مخزونات الأسلحة والذخائر الأميركية لدى أوكرانيا، وعلى رأسها صواريخ النظم المدفعية والدفاعية، و13.

8 مليارا لشراء أسلحة ونظم دفاعية حديثة، من أميركا وغيرها.

وعلى سبيل المثال، قد يوضع مبلغ 7.85 مليارات دولار في الميزانية الأوكرانية؛ إلا أنه مشروط بعدم صرفه على المعاشات التقاعدية، لأن الدعم يأتي على شكل قرض لا مساعدات، وهذا يخالف التشريعات الأميركية.

واشنطن تعتزم تقديم حزمة مساعدات عسكرية لكييف بنحو 61 مليار دولار (غيتي) موافقة غير مشروطة

ويبدو أن الأمر لم يعد يهم أوكرانيا كثيرا في ظل الظروف الصعبة التي تواجهها عسكريا واقتصاديا، لاسيما وأنها تطالب بهذا الدعم الأميركي منذ شهر سبتمبر/أيلول 2023، ورأى رئيسها فولوديمير زيلينسكي أنه "إذا عُرضت على كييف مساعدة ائتمانية اليوم أو غدا مجانا، فإننا سنوافق على مساعدة اليوم".

يفسر الخبير في المعهد الأوكراني للمستقبل، إيهور تيشكيفيتش ذلك بالقول إنه سيكون من المربح لأوكرانيا أن تتلقى دعما غير مشروط، ولكن في ظل النقص الحاد الحالي، فإن كييف مستعدة للموافقة على أي شروط.

وإضافة إلى السرعة، يضيف تيشكيفيتش أن هذا الدعم يحيّد قليلا مخاطر نفاد المساعدات فجأة في حالة تغير المسار السياسي بواشنطن بعد الانتخابات الرئاسية، وبغض النظر عن الفائز، في إشارة إلى إمكانية فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب على الرئيس الحالي جو بايدن، الأمر الذي يقلق الأوكرانيين عموما.

ويوضح للجزيرة نت أن الدعم الجديد سيستمر حتى سبتمبر/أيلول 2025 (نهاية السنة المالية الأميركية)، وبفضله سيكون لديهم ما يكفي لتغطية نفقات الميزانية العسكرية المخطط لها، حتى وإن اضطروا لتخفيض النفقات في قطاعات أخرى.

ومع ذلك، يُلمّح بعض المسؤولين الأوكرانيين إلى احتمال شطب القرض جزئيا أو كليا، أو سده من خلال منح كييف حق التصرف ببعض الأصول الروسية المجمدة.

السفيرة الأوكرانية في واشنطن، أوكسانا ماركاروفا، لفتت إلى أن مشروع الوثيقة التي صوت عليها مجلس النواب الأميركي تشير إلى إمكانية شطب ما يصل إلى 50% من الدين بعد 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، كما يمكن شطب أي مبلغ آخر بعد 1 يناير/كانون الثاني 2026.

وتوضح السفيرة، في تصريح لوكالة "آر بي كيه" الأوكرانية وجود نقطة إيجابية أخرى، وهي أن الولايات المتحدة قد تعتمد أيضا قانونا يسمح للرئيس الأميركي بنقل الأصول الروسية المصادرة إلى أوكرانيا،  وتم بالفعل اقتراح مشروع القانون للمناقشة في مجلس النواب.

من جانبها، تقول نائبة وزير العدل الأوكرانية إيرينا مودرا إن كييف ترغب -حقا- أن تعتمد واشنطن هذين المشروعين كحزمة واحدة.

ورغم أن الأمر قد حُسم، وأوكرانيا تتنفس الصعداء بهذا القرض الكبير، فإن خبراء عسكريين لا يتوقعون أن ينعكس ذلك سريعا لصالحها على جبهات القتال.

إطالة أمد الأزمة

يتوقع المحلل العسكري دينيس بوبوفيتش للجزيرة نت بدء وصول المساعدات في النصف الثاني من شهر يونيو/حزيران المقبل، بعد الانتهاء من كل الإجراءات الروتينية والبيروقراطية، وأن هذا قد يسمح للروس بزيادة هجماتهم، واستغلال نافذة تأخر وصول المساعدة الأميركية.

وأوضح المحلل ذاته أن القوات الروسية تواصل في بعض المناطق تكثيف العمليات الهجومية وأن القوات الأوكرانية قد تعاني مزيدا من النكسات خلال الأسابيع القادمة قبل أن تتمكن من وقف الهجوم الروسي الحالي.

أما موسكو  فلم تتفاجأ من القرار، وسارعت إلى إدانته وجددت التأكيد على أن المساعدات التي يقدمها الغرب لن تؤدي إلا إلى إطالة أمد القتال وازدياد عدد الضحايا.

وقال رئيس مجلس الدوما فياتشيسلاف فولودين إن حزمة المساعدات الأميركية الجديدة لكييف بقيمة 61 مليار دولار ستدفن الاقتصاد الأوكراني وتحرم البلاد من مستقبلها، واصفا إياها بمحاولة فرض العبودية على كييف من خلال الديون.

وفق مراقبين روس، فإن قرار مجلس النواب الأميركي يسمح باستنتاج أن الديمقراطيين وجزءا كبيرا من الجمهوريين قد توصلوا إلى إجماع مؤقت حول مسألة مساعدة أوكرانيا، والتي سيتم تقديمها بشكل أساسي من خلال الائتمان ومصادرة الأصول الروسية المجمدة.

وفي الوقت نفسه -حسب هؤلاء- تمهد واشنطن إلى تحويل عبء دعم القوات المسلحة الأوكرانية إلى الاتحاد الأوروبي.
وبرأي محلل الشؤون العسكرية، ميخائيل سيميبراتوف، فإن القرار الذي تم اتخاذه يؤكد سعي الولايات المتحدة لإطالة النزاع ودفع الأوضاع في أوكرانيا نحو مزيد من التدهور.

ويقول سيميبراتوف للجزيرة نت إن الحرب الآن دخلت مرحلة جديدة لم تعد العواصم الغربية تراهن فيها على هجوم مضاد من قبل القوات الأوكرانية، بل على منح كييف القدرة على تنفيذ هجمات إرهابية على أهداف، بما في ذلك في عمق الأراضي الروسية.

وبرأيه، فإنه بعد الانتهاء من جميع المسائل الإجرائية، سيتم تقديم المساعدة العسكرية لأوكرانيا على الفور خلال الأسبوعين أو الأسابيع القليلة المقبلة.

 

تبعات

وأشار المحلل ميخائيل سيميبراتوف إلى أن زيلينسكي لا يقيّم بشكل كافٍ تبعات تقديم المزيد من الدعم لأوكرانيا، موضحا أنه بحسب مشروع القانون الذي وافق عليه مجلس النواب الأميركي، سيتم استخدام نحو 23 مليار دولار لاستعادة ترسانات الجيش الأميركي.

كما سيتم استخدام أكثر من 11 مليار دولار لتمويل العمليات العسكرية الحالية للقوات المسلحة الأميركية في المنطقة، و14 مليار دولار أخرى لشراء الأسلحة والمعدات العسكرية للقوات المسلحة الأوكرانية.

وبحسب محلل الشؤون العسكرية، فإن 61 مليار دولار هي مبلغ كبير إلى حد ما، لكن الأميركيين سينفقون أكثر من نصفه على أنفسهم، في حين أن كييف لن تتلقى سوى القليل جدا مما يسمى بحزمة المساعدات وعلى شكل ائتمان بشكل أساسي.

ووفقا لتقديراته، ستتلقى كييف أنظمة صواريخ " أتاكمز" المعدة بالفعل للنقل إلى أوكرانيا والتي تمت الموافقة عليها رسميا الآن، والتي تتمتع بمدى يسمح لها بضرب أهداف في عمق الأراضي الروسية، إضافة إلى أنواع أخرى من الأسلحة، منها معدات الاستطلاع، وأنظمة الدفاع الجوي والحرب الإلكترونية.

أما الباحث في الشؤون الدولية، دميتري كيم، فيرى أن جميع الأموال المخصصة "اسميا" لأوكرانيا -تقريبا- ستبقى في الاقتصاد الأميركي وفي المجمع الصناعي العسكري الأميركي، وأن شركات الأسلحة الأميركية ستكون المستفيدة من مشروع قانون الدعم العسكري لكييف.

ووفقا له، فإن حزمة المساعدات الأميركية لكييف سيكون ثمنها إرسال عشرات الآلاف الأوكرانيين إلى "مذبحة" جيوسياسية لا يمكن كبحها.

ويعتقد الخبير أن هذه الأسلحة من الممكن استخدامها ضد روسيا في بداية مايو/أيار القادم، مما يجعل مسألة الرد الروسي أكثر إلحاحا، سواء من خلال شن هجمات على مرافق النقل والخدمات اللوجستية في أوكرانيا، أو على مرافق البنية التحتية الحيوية التي تؤمن دعم وإسناد القوات الأوكرانية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات ملیار دولار مجلس النواب من خلال

إقرأ أيضاً:

دراسة أميركية تُحدّد الأماكن الصالحة لإنشاء المطارات في لبنان‎

كشف السفير الدكتور بسّام النعماني تفاصيل دراسة أميركية تتعلّق بتحديد الأماكن الصالحة لإنشاء المطارات في لبنان. وقد أصحبت هذه الدراسة التي قام بها الجيش الأميركي في العام 1958 بخريطة مفصّلة، عَمِل على بعض التعديلات عليها، بهدف توضيحها أكثر. ويوضح النعماني أنّها دراسة صادرة عن رئاسة سلاح المهندسين في فرع الجيولوجيا العسكرية في الجيش الأميركي. وتُحدّد الخريطة المصحوبة بها الأماكن الصالحة لإنشاء المطارات في لبنان وتوزعها على درجات ثلاث هي:   1- الأراضي التي تصلح لإنشاء المطارات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة الحجم (حُدّدت على الخريطة باللون الأخضر). 2- المناطق التي تصلح لإنشاء فقط المطارات متوسطة الحجم، وتقع بمناطق إنحدارية ووديان ضيقة. (باللون البنّي). 3- وأخيراً المناطق التي لا تصلح لإنشاء المطارات فيها (باللون الأحمر على الخريطة).   ولعلّ المدهش في هذه الدراسة، على ما أضاف النعماني، هو أنّ منطقة "الأوزاعي - خلدة" حيث مطار بيروت "رفيق الحريري" الدولي تعتبر ضمن المنطقة "الحمراء"، أي أنّها لا تصلح لإنشاء مطار كبير فيهما! والمبرر الذي يقدمه الجيش الأميركي هو أن المنطقة تسود فيها الكثبان الرملية التي تتحرّك دائماً، وتحتاج إلى درجة عالية من الصيانة. فهي غالباً ما تغطّي الممرات المفترضة ويقتضي بالتالي التنظيف المتواصل لها، وكونها أيضاً قريبة من البحر، فهذا يعني أنّ المياه ستتسرّب باستمرار الى داخل المطار، ولهذا لا بدّ من ضخّها الى الخارج بشكل متواصل. علماً بأنّ خريطة الجيش الأميركي قد صدرت في زمن جرى فيه بالفعل إنشاء مطار خلدة آنذاك! ففي الثلاثينات كان المطار في منطقة بئر حسن، وفي أواخر الأربعينات انتقل الى خلدة في موقعه الحالي. ولكن منطقة بيروت الكبرى المحيطة بـ "خلدة - الأوزاعي" ما بين بعبدا ونهر الكلب، فتعتبر في وقت رسم الخريطة صالحة بالنسبة للجيش الأميركي لإنشاء المطارات الكبيرة والمتوسطة الحجم (علماً بأن هذه المنطقة أصبحت عصية الآن نتيجة التمدّد العمراني الكثيف).   وبرأيه، إنّ الاميركيين ربما أرادوا من هذه الخريطة تحريك المطار للمرة الثالثة الى الداخل أو الى شمال بيروت لأسباب عسكرية تخصّهم. ولا بدّ للذين عاشوا في تلك الفترة أو عايشوها وكانوا في سدّة المسؤولية، أن يعرفوا الإجابة.   وتشير الدراسة، على ما أوضح النعماني، الى أنّ الأمر ذاته ينطبق على ساحل عكار حيث مطار القليعات (غير المشغّل بعد) وفي ساحل صور (في المنطقة الممتدة من الرشيدية إلى السكسكية)، فيعتبرهما الجيش الأميركي ضمن المنطقة "الحمراء". ولكن المناطق الداخلية المتاخمة لهما، سواءً سهل عكار أو سهل "الحمادية - العباسية" في صور، فيعتبران ضمن المنطقة "الخضراء" الصالحة للمطارات. ولذا يمكن اعتبار أن مطار القليعات قد أقيم على الحد الفاصل بين الساحل والسهل العكاري. أما المناطق "الخضراء" الأخرى في لبنان التي تصلح لإنشاء المطارات الكبيرة ومتوسطة الحجم، فهي تشمل: زغرتا، وأميون، وحنيدر وسهل البقيع في عكار، وسهل البقاع لا سيما في المنطقة الممتدة من القصير إلى القرعون. أما سهل الغازية جنوب مدينة صيدا، فيصلح لإقامة مطار كبير أو متوسّط فيه.   وثمّة "جيوب" متفرقة في خريطة لبنان تصلح لإقامة مطارات صغيرة صالحة للهيليكوبترات بموجب سلاح الهندسة الأميركي مثل بلدات الفريدس، وعين الزيت، وبينو، وعكروم في عكار، ومرج الطويل في الضنية، وعلى طول الساحل الطرابلسي من أميون إلى الميناء إلى القلمون، وفي البترون. وكذلك في سهل اليمونة، وعرسال، وأرض كشك، والطفيل في قضاء بعلبك، وفي المناطق المحيطة بدير العشائر في قضاء راشيا، وفي سهل مرجعيون، وفي يارون، وعيتا الشعب، وعلما الشعب على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة، وأخيراً ساحل الناعمة في قضاء الشوف.   ويقول السفير النعماني: "لا يظنن أحد أن الخريطة العسكرية الأميركية و "الجيوب" فيها حيث تصلح لإقامة المطارات قد رسمت بشكل اعتباطي، بل هي رسمت معتمدة معايير ومقاييس جيولوجية وهندسية لنوعية الأرض وتربتها وتوافر سهول ووديان مسطحة على ألّا يتجاوز إرتفاع الهضاب معدل الـ 2%. (جريدة الديار)    

مقالات مشابهة

  • بعد الحرب الطاحنة و السيطرة على بلدتين.. روسيا تعلن تدمير 11 مسيرة و5 مقاتلات أوكرانية وتكشف تفاصيل العملية
  • المالية الأوكرانية: تلقينا تمويلا بقيمة 20.2 مليار دولار خلال 6 أشهر
  • أوكرانيا: ارتفاع قتلى الجيش الروسي إلى 545 ألفا و90 جنديا منذ بدء العملية العسكرية
  • رئيس وزراء السويد السابق يحدد هوية دولة ستفر إليها سلطات كييف بعد انتصار روسيا
  • إحباط مخطط لانقلاب مزعوم في أوكرانيا
  • آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /30.06.2024/
  • قرار لصندوق النقد الدولي يثير الغضب في كييف
  • دراسة أميركية تُحدّد الأماكن الصالحة لإنشاء المطارات في لبنان‎
  • صندوق النقد يمنح أوكرانيا 2.2 مليار دولار لتعزيز موازنتها
  • الدفاع البيلاروسية: نظام كييف ينشر عدداً كبيراً من الجنود والمعدات على حدودنا