#حابس_المجالي : سنبقى هنا . . سنطلق خمس #رصاصات على #العدو . . والسادسة على أنفسنا . . !
#موسى_العدوان
في مثل هذا اليوم، الثاني والعشرين من شهر نيسان كل عام، تطل علينا ذكرى رحيل فقيد الوطن والأمّة، معالي المشير حابس المجالي، الذي أنتقل إلى الرفيق الأعلى عام 2001. ذلك المجاهد الذي كان مع رفاقه من رجال الجيش الأردني، مشاريع شهادة في حرب عام 1948، فمنهم من نالها ومنهم من انتظر حتى وافاه الأجل بصورة طبيعية.


أولئك الرجال قدموا أرواحهم رخيصة في الدفاع عن المسجد الأقصى مسرى الرسول، وما حوله من الأراضي المباركة. فخاضوا المعارك الهجومية والدفاعية ضد اليهود، في مدينة القدس، وعلى جبال اللطرون وباب الواد، وغيرها من المواقع الهامة، وأوقعوا به خسائر بليغة بالأرواح والمعدات، رغم قلة عددهم وضعف تسليحهم.
حابس . . ذلك الرمز الوطني الكبير، الذي سجل دينا وطنيا حملناه في أعناقنا أردنيين وفلسطينيين، دون قدرتنا على تسديده لفاعله خلال حياته أو بعد وفاته. وخير ما نحيي به ذكراه، ونسدد جزءا بسيطا من دينه هو، أن نقدم للجيل الذي لم يعرفه أو يتناساه، أحد مواقفه البطولية في الدفاع عن فلسطين، التي أضاعها في وقت لاحق، من سمّون أنفسهم زورا بالقادة الوطنيين.
كان حابس قائدا شجاعا، ونموذجا للرجولة والتضحية والإخلاص للوطن، أثبتها عمليا في الحروب التي مرّت على الأردن وفلسطين في عامي، 1948، 1967 وما بينهما من اشتباكات متفرقة مع العدو الإسرائيلي. وكذلك ما قام به في الأحداث الداخلية المؤسفة عامي 1956 و 1970، وفي مختلف الظروف العسيرة التي مر ّبها الأردن، مسهما بسلامته واستقراره.
لقد نذر حابس نفسه للجندية الاحترافية، ولم يعرف غيرها من أعمال مدنية، فكان أول ضابط أردني يتولى قيادة كتيبة في الجيش الأردني خلال تولي قيادته ضباط بريطانيون. وقد واجه القوات اليهودية في ساحات القتال بفلسطين، وردهم على أعقابهم خاسرين، في العديد من المعارك، ومن أهمها معارك اللطرون وباب الواد. تلك المعارك التي شهد العدو قبل الصديق، ببسالة قادتها وشجاعة جنودها، في الدفاع عن فلسطين.
ففي ليلة 8 / 9 حزيران 1948، زحفت قوات العدو تحت ستر الظلام، وتمكنت بعد قتال عنيف من الوصول إلى تلة معاذ بن جبل، وعلى مسافة 70 ياردة عن مركز قيادة الكتيبة الرابعة في مرتفعات اللطرون. فأمر قائد الكتيبة حابس المجالي بتجميع آخر قوة متوفرة لديه، للقيام بهجوم معاكس على العدو، وطرده من الموقع الحيوي، الذي لو وصل إليه العدو، لأصبح الدفاع عن موقع الكتيبة مستحيلا. فتطلّب الموقف طرد العدو من الموقع ومنعه من احتلاله تجنبا للهزيمة.
وفي ذلك الموقف العصيب . . وعلى مسافة قريبة من المقدم حابس، كان يقف طبيب الكتيبة يعقوب أبو غوش، فسأله حابس : كم رصاصة في مسدسك ؟ أجاب الطبيب 6 رصاصات، فقال حابس : في مسدسي أيضا 6 رصاصات، وصمتْ لحظة . . ثم قال : سنبقى هنا . . وإذا وصل جنود العدو إلينا . . سيطلق كل واحد منا 5 رصاصات عليهم . . أما السادسة فسنطلقها على أنفسنا . . !
وعندما قام الملك عبد الله الأول بزيارة تفقدية لموقع المعركة في اللطرون، واستمع إلى شرح تفاصيلها، التفت إلى المقدم حابس المجالي قائد الكتيبة الرابعة آنذاك قائلا : ” إنك وجنودك تدافعون عن أرض سبقكم للدفاع عنها قادة عظام، من أمثال عمرو بن العاص وصلاح الدين. ومن سماك حابس ما أخطأ، لأنك حبست العدو وحلْتَ دون تقدمه “. إن كتيبتك الرابعة هي ( الكتيبة الرابحة ) بإذن الله. وهكذا اكتسبت الكتيبة هذا الاسم الجديد، وأصبح عنوانا لها حتى اليوم.
في هذه الأثناء فُرضت اتفاقية الهدنة الأولى بين العرب واليهود، ليسري مفعولها ابتداء من تاريخ 11 حزيران 1948 ولكن حابس لم يقتنع بها، فطلب من رئيس الأركان الجنرال كلوب رفضها، بهذه الأبيات الشعرية البليغة :
ما اريد أنـا هدـنة يا كلوب * * خلّي البواريد رجــاّدة
بيــوم قيضٍ بـحرّ الشـوب * * والنار بالجــو وقّـتـادة
خلـهم يحسبوا لنا محسوب * * إنّـا على المـوت ورّادة
صهيون اترك لنا المغصوب * * وابعد عن القدس وبلاده
النــصــــر لنـــا مــكـــــتوب * * والخوف ما هو لنا عاد
وما موقفه المشرّف في احتفال التوقيع على معاهدة وادي عربة قابل للنسيان، حين رفض حضور الاحتفال الذي أقيم في العقبة، ولم يستجب لطلب بعض القادة الإسرائيليين الذين حضروا الاحتفال واللقاء معهم، باعتبارهم ما زالوا اعداءا يحتلون أراضي فلسطين، رغم الاتفاقيات الرسمية الموقعة بين البلدين.
واليوم وبعد كل هذه التضحيات وتقديم آلاف الشهداء من رفاقه الذي دفنوا في الأرض المقدسة، وما زالت الجرافات الإسرائيلية تكشف عن رفاتهم بين حين وآخر، إلا أن أدعياء الوطنية – مع الأسف – لم يحافظوا على ما ضحى من أجله أولئك الرجال، بل تاجروا وفرّطوا به ببساطة خلافا لما فعل حابس.
سيدي المشير حابس المجالي : لقد قاتلت وزملاؤك في حينه العدو الإسرائيلي، دفاعا عن المسجد الأقصى والأراضي الفلسطينية المباركة، إرضاءا لوجه لله وأيمانا بالواجب الديني والوطني، ولم يكن ذلك دفاعا عن مكتسباتك وأملاكك الخاصة، ثم غادرت الدنيا وأنت تحمل الديون المالية، لتلاقي وجه ربك نظيف اليد ونقي التاريخ والسريرة.
أيها الغائب الحاضر، الغائب عنا جسميا والحاضر فينا روحيا، أناجيك اليوم . . داعيا الله أن يبعثك حيا بين ظهرانينا، لعلّك تعيد لنا ما أضعنا من أمجاد حافظت عليها في زمن فائت، بعد أن أقفرت الساحة من فرسانها، وأصبحت ” الخيانة وجهة نظر”، يتفاخر بها بعض المسؤولين العرب، بالارتماء في أحضان العدو الإسرائيلي الماكر بكل تذلّل وإذعان.
وأكاد أجزم أنك لو بُعثت حيا في هذه الدنيا، وشاهدت ما تعانيه أمتنا العربية هذا اليوم، من نكسات وخذلان في غزة وفلسطين، وما يجري في سواها من أقطار أمتنا العربية، لأشهرت مسدسك، وأطلقت الرصاصة التي احتفظت بها في معركة اللطرون على نفسك، لتعود إلى مرقدك الطاهر في باطن الأرض، إقتداءا بقول الشاعر:
فباطنُ الأرض ِ للأحرارِ ِ أكرمُ منْ * * كل ِّ الذي فوقَ ظهر ِ الأرض ِ من عَفـَن ِ
رحمك الله يا حابس، ورحم رفاقك المقاتلين البواسل، ورحم كل من دافع عن المسجد الأقصى والأراضي الفلسطين على مر التاريخ، وأسكنكم جميعا جنات الفردوس الأعلى، جزاء ما قدمتموه من تضحيات عظيمة، نيابة عن الأمتين العربية والإسلامية، امتثالا لوعد الله تعالى : ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ). صدق الله العظيم.
المرجع : كتاب أيام لا تُنسى / للمؤرخ الأردني سليمان موسى.
التاريخ : 22 / 4 / 2022

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: رصاصات العدو موسى العدوان الدفاع عن

إقرأ أيضاً:

أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان.. المهاجرة التي زوّجها النجاشي لرسول الله

زوجة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام وابنة عمه وأقرب أزواجه إليه نسبا وأكثرهن مهرا وأبعدهن عنه حين خطبها، ومن أوائل من أسلم في مكة. هاجرت إلى الحبشة وتوفي زوجها هناك، فأرسل النبي لملك الحبشة النجاشي يريد الزواج منها، فزوّجها منه وجهزها وأعطاها مهرا ثم أرسلها للمدينة.

المولد والنشأة

ولدت رملة بنت صخر المكنى بأبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، قبل بعثة الرسول بـ17 عاما، وأمها صفية بنت أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، الزوجة الأولى لأبي سفيان، وأخوها من أبيها معاوية كاتب وحي رسول الله، وعتبة والي عمر بن الخطاب على الطائف.

عمتها هي أروى بنت حرب (أم جميل) زوجة عبد العزى بن عبد المطلب (أبو لهب)، وفيهما نزلت سورة المسد في القرآن الكريم تنذرهما بالنار. وعمها ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان رضي الله عنه.

وكنيّت أم حبيبة نسبة لابنتها من زوجها الأول عبيد الله بن جحش الأسدي، وتزوج ابنتها حبيبة داود بن عروة بن مسعود الثقفي.

وعرفت أم المؤمنين (أم حبيبة) رضي الله عنها بذكائها ودهائها وفطنتها وحصافتها وسداد رأيها.

صورة بالذكاء الاصطناعي تحاكي أرض الحبشة زمن الهجرة (الجزيرة-ميدجورني) زواجها

تزوجت رملة بنت أبي سفيان من عبيد الله بن جحش الأسدي، وأسلمت معه مبكرا في بدايات الدعوة المكية، وهاجرت معه إلى الحبشة في الهجرة الثانية.

وحلمت بزوجها حلما سيئا ظهر فيه "بأسوأ صورة"، فلما أصبحت جاءها يقول "يا أم حبيبة، إني نظرت في الدين قبل إسلامي، فلم أر دينا خيرا من النصرانية، وكنت قد دنت بها، ثم أسلمتُ ودخلتُ في دين محمد، ولكني الآن أرجع إلى النصرانية"، ففزعت مما قال ونهرته، وأخبرته بما رأت، لكنه بقي على شركه، فتركته حتى مات على النصرانية.

إعلان

وتقول أم حبيبة إنها حزنت مما آل إليه زوجها، حتى حلمت بشخص يناديها "أم المؤمنين"، فأوّلتها بزواجها من ابن عمها رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام.

وفور انتهاء عدتها، جاءتها جارية أرسلها النجاشي لتخبرها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إليه ليزوجها له، ففرحت أم حبيبة وقالت "بشّرك الله بخير"، فردت عليها الجارية "يقول لك الملك وكّلي من يزوّجك"، فأرسلت إلى خالد بن سعيد العاص فوكّلته، وأعطت الجارية ما عندها من حليّ وجواهر مكافأة لها على ما بشّرتها به.

وأمر النجاشي بعدها بحضور جعفر بن أبي طالب ومن معه من المسلمين، وخطب فيهم، ثم قال "إن رسول الله كتب إليّ أن أزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان، فأجبته إلى ما دعا إليه، وقد أصدقتها 400 دينار".

ثم سكب النجاشي الدنانير بين يدي قومها، فتكلم خالد بن سعيد وقال بعدما خطب "فقد أجبتُ إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزوّجته أم حبيبة ابنة أبي سفيان، فبارك الله لرسوله"، ثم قام ودفع لأم حبيبة مهرها، ولمّا هموا بالانصراف قال النجاشي "اجلسوا؛ فإنّ سنّة الأنبياء إذا تزوجوا أن يؤكل طعام على الزواج".

وبعد انقضاء الجمع نادت أم حبيبة بالجارية التي بشرتها، فلما جاءتها أعطتها 50 درهما جزاء نقلها للبشرى، لكن الجارية رفضت، وأعادت لها المال وكل ما أعطته إياها سابقا، وقالت إن الملك أمرها ألا تأخذ شيئا منها، وطلبت من أم المؤمنين أن تنقل لرسول الله سلامها وتخبره بإسلامها.

وأُرسلت أم حبيبة مع شرحبيل بن حسنة عام 7 للهجرة، وعمرها 36 عاما، ومع عمرو بن أمية الضمري مبعوث رسول الله إلى النجاشي، ويقول بعض المفسرين إن زواجها هذا من نبي الله هو سبب نزول قوله تعالى: (عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة) (سورة الممتحنة-7).

فرح خالها عثمان بن عفان بقدومها المدينة زوجة لرسول الله فأقام لها وليمة كبيرة، طعم منها الناس في أجواء فرح عامرة، خاصة وأن ذلك صادف زمنا قريبا من فتح خيبر.

إعلان

صلح الحديبية

تضمن صلح الحديبية -الذي وقّع في السنة السادسة للهجرة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبيلة قريش- بندا يمنح القبائل حرية الانضمام إلى أحد الطرفين والتحالف معه، فاختارت قبيلة خزاعة التحالف مع النبي، بينما انضمت بنو بكر إلى قريش، وهما قبيلتان كانت بينهما عداوة قديمة.

استغل بنو بكر الفرصة لمهاجمة خزاعة وأخذ ثأر قديم، فهجموا عليها ليلا وقتلوا عددا من رجالها، وقدمت قريش الدعم سرا لبني بكر بالسلاح والرجال، وكان ذلك خرقا واضحا لشروط الصلح مع النبي.

وبناء على ذلك أمر النبي المسلمين بالاستعداد للتحرك نحو مكة نصرة لحلفائهم، وأوصى بأن يحاط الأمر بالكتمان حتى لا تتهيأ قريش لمواجهة جيش المسلمين.

وعندما أدركت قريش خطورة الموقف، سارع زعيمها أبو سفيان إلى المدينة المنورة في محاولة للصلح وتمديد الهدنة مع المسلمين، لكن كان الأوان قد فات، وعزم النبي على المسير إلى مكة وأصدر أمره بالتجهيز للحملة، فذهب أبو سفيان لمنزل ابنته خلسة، ليعرض عليها مطلب قريش لعلها تتوسط له عند رسول الله.

تفاجأت أم حبيبة بأبيها في منزلها، وكان لم يرها منذ هجرتها إلى الحبشة، ولمّا همّ ليجلس على فراش النبي، اختطفته من تحته وطوته، فسألها مستفهما "يا بنية، أرغبت بهذا الفراش عني، أم بي عنه؟" قالت "بل هو فراش رسول الله، وأنت امرؤ نجس مشرك"، فقال "يا بنية، لقد أصابك بعدي شر" وانصرف.

الوفاة

عندما شعرت بقرب أجلها، دعت أم حبيبة أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهم، وقالت لها "قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر، فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك"، فأجابتها عائشة "غفر الله لك ذلك كله وحللك منه" فردت عليها "سررتني سرك الله"، ثم أرسلت إلى أم سلمة وفعلت معها الأمر ذاته.

توفيت أم حبيبة سنة 44 للهجرة زمن خلافة أخيها معاوية، كما يذكر الواقدي وأبو عبيد والفسوي، وقيل سنة 42 للهجرة كما يورد المفضل الغلابي، وتفرّد أحمد بن زهير فقال توفيت قبل معاوية بسنة أي عام 59 للهجرة.

إعلان

وروت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم 65 حديثا، صحح البخاري منهما حديثين ومسلم مثلهما، وحدث عنها أخواها معاوية وعتبة، وابن أخيها عبد الله بن عتبة، والصحابي عروة بن الزبير وأبو صالح السمان وصفية بن شيبة وينبت بنت أبي سلمة، وغيرهم.

مقالات مشابهة

  • ما الذي منحه الإسلام للمرأة وكيف حالها في ظلِّه؟
  • مدير أمن محافظة اللاذقية لـ سانا: المجموعات المسلحة التي تشتبك معها قواتنا الأمنية في ريف اللاذقية كانت تتبع لمجرم الحرب “سهيل الحسن” الذي ارتكب أبشع المجازر بحق الشعب السوري
  • إصابة برصاص العدو الصهيوني في رام الله
  • بين جحيم ترامب، وتهديد حميدتی!!
  • حماس: سياسة التجويع هي امتداد لحرب الإبادة التي شنها العدو ضد غزة
  • في اليمن.. التجربة تختلف!
  • من هو ملك الجن الأحمر الذي يحارب صابر في مسلسل المداح؟ 5 آيات تحفظك من شره
  • الوحش الذي أرعب العالم: من هو محمد شريف الله الذي أعلن ترامب عن اعتقاله أمس
  • بطولات من ورق
  • أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان.. المهاجرة التي زوّجها النجاشي لرسول الله