أكد التقرير الشهري لبنك قطر الوطني QNB أن الأوضاع العالمية ستظل مشددة على المدى المتوسط.

وأوضح التقرير أنه منذ بداية جائحة كوفيد، شهد الاقتصاد العالمي سلسلة من الصدمات الاستثنائية التي دفعت معدلات التضخم إلى مستويات لم نشهدها منذ عقود. 

وبحلول منتصف عام 2022، بلغ التضخم 9.1% في الولايات المتحدة، وسجل رقماً مزدوجاً قياسياً وصل إلى 10.

7% في منطقة اليورو. 

وكانت هذه المستويات بعيدة عن المعدل المستهدف في السياسات النقدية البالغ 2%. 

في البداية، كانت البنوك المركزية مترددة في الاستجابة لارتفاع الأسعار، نظراً للظروف الاستثنائية التي فرضتها الجائحة العالمية، ومخاطر حدوث انهيار اقتصادي أعمق. 

لكن، أصبح من الواضح أن ارتفاع التضخم لم يكن ظاهرة قصيرة الأجل، وهو ما دفع صناع السياسات للرد بقوة لخفض معدلات التضخم نحو المستويات المستهدفة. 

في الولايات المتحدة، قام مجلس بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة الرسمية بمقدار 525 نقطة أساس إلى 5.5%. 

وشرع البنك المركزي الأوروبي في تنفيذ دورة تشديد قياسية برفع سعر إعادة التمويل الرئيسي بمقدار 450 نقطة أساس إلى 4.5%. 

بالإضافة إلى ذلك، بدأت البنوك المركزية في عكس مسار عمليات الشراء الكبيرة للأصول التي تم تنفيذها خلال جائحة كوفيد لضخ السيولة في النظام المالي.

 وأدت هذه السياسات النقدية إلى تشديد الأسواق المالية في الاقتصادات المتقدمة.

يُعد مؤشر الأوضاع المالية في الاقتصادات المتقدمة من بين المقاييس المفيدة ويوفر مؤشراً مجدياً من خلال الجمع بين المعلومات المتعلقة بأسعار الفائدة قصيرة وطويلة الأجل، فضلاً عن هوامش الائتمان وأسعار الأسهم.

ويُبين المؤشر أن الأسواق كانت في أعلى مستويات التشديد في أكتوبر 2023. 

ومع ذلك، في ظل تعزيز معدلات التضخم اتجاهاتها الهبوطية واطمئنان المحللين للمستويات الإيجابية المسجلة للتضخم، بدأت الأسواق في استيعاب نهاية دورات التشديد النقدي وتحسنت الأوضاع المالية. 

ويرى QNB أنه على الرغم من أن الأوضاع المالية ستستمر في التحسن هذا العام على خلفية تخفيضات أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي، إلا أنها ستظل في المنطقة المقيدة خلال الأرباع القليلة القادمة. 

وترجع ذلك إلي عاملين الأول: على الرغم من توقع بأن يبدأ البنوك المركزية الكبرى في خفض أسعار الفائدة في عام 2024، إلا أنها ستكون حذرة في وتيرة تخفيضات أسعار الفائدة. 

وقد انخفضت آخر المستويات المسجلة للتضخم الرئيسي من ذروتها البالغة 9.1% و10.7% على التوالي، في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو، إلى 3.5% و2.4%. 

علاوة على ذلك، من المتوقع أن تستمر معدلات التضخم في الاقتراب نحو مستوى 2% المستهدف في ظل ضعف النمو الاقتصادي. 

وسيسمح هذا الوضع لبنك الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس إلى 5.0% والبنك المركزي الأوروبي بمقدار 100 نقطة أساس إلى 3.5% بحلول نهاية العام. 

ومع ذلك، فإن وتيرة تخفيض أسعار الفائدة هذه تعني ضمناً أن أسعار الفائدة المرتفعة نسبياً ستظل كما هي خلال الأرباع القليلة القادمة.

وثاني العوامل وفقا للتقرير QNB أنه سيستمر البنك المركزي الأوروبي وبنك الاحتياطي الفيدرالي في استنزاف السيولة في الأنظمة المصرفية من خلال عكس مسار عمليات توسيع الميزانية العمومية التي تم تنفيذها خلال جائحة كوفيد.

وللتخفيف من عواقب الجائحة، كانت البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة قد قامت بشراء كميات كبيرة من الأصول المالية من الأسواق. 

وقد تم تنفيذ هذه الاستراتيجية، التي يطلق عليها "التيسير الكمي"، بهدف ضخ السيولة في النظام المالي، فضلاً عن المساهمة في خفض أسعار الفائدة طويلة الأجل.

من أجل تطبيع الحجم غير المسبوق لميزانيته العمومية الناتج عن التيسير الكمي، بدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي تخفيض الميزانية العمومية في يونيو 2022، وقد خفض حجمها حتى الآن بمقدار 1.3 تريليون دولار أمريكي من الذروة البالغة 8.9 تريليون دولار أمريكي. 

وبالمثل، انخفضت أصول النظام الأوروبي (البنك المركزي الأوروبي بالإضافة إلى البنوك المركزية الوطنية في منطقة اليورو) بمقدار 2 تريليون يورو من ذروتها البالغة 8.8 تريليون يورو. وستستمر عملية التطبيع هذه خلال عام 2024، مما سيقلل من السيولة الزائدة في النظام المالي.

ويؤدي ارتفاع أسعار الفائدة وانخفاض مستويات السيولة في النظام المالي إلى تقييد توافر الائتمان للقطاع الخاص. 

تظهر أحدث استطلاعات الإقراض المصرفي في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو أن البنوك التجارية مستمرة في تشديد معايير الإقراض الخاصة بها. علاوة على ذلك، تتقلص أحجام ائتمان القطاع الخاص في أكبر اقتصادين متقدمين.

وينتهي التقرير إلي التوقع بأن يؤدي انخفاض السيولة جراء تطبيع الميزانيات العمومية للبنوك المركزية وأسعار الفائدة المُقيّدة إلى الحفاظ على الأوضاع المالية المشددة خلال الأرباع القليلة القادمة. وهذا من شأنه أن يحد من توافر الائتمان للشركات والأسر، وسيساهم في تحقيق نمو اقتصادي أقل من الاتجاه السائد.

 

 

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الاحتیاطی الفیدرالی فی الولایات المتحدة المرکزی الأوروبی فی النظام المالی البنوک المرکزیة الأوضاع المالیة معدلات التضخم أسعار الفائدة نقطة أساس إلى السیولة فی

إقرأ أيضاً:

تراجعات في أسعار الذهب العالمية بسبب حذر المتداولين من المعادن

تراجعت أسعار الذهب عالميًا؛ لتكون أقل من المستويات الرئيسية في التعاملات الصباحية، اليوم، مع انحياز المتداولين نحو الدولار والحذر من المعادن قبل بيانات التضخم الرئيسية التي من المحتمل أن تؤثّر على أسعار الفائدة الفترة المقبلة.

وتكبدت أسعار المعادن خسائر قوية هذا الأسبوع وسط تدهور المعنويات تجاه طلب الصين أكبر مستورد للمعادن الصناعية في العالم، ويرتفع سعر الذهب الفوري بشكل طفيف إلى 2301 دولار للأونصة، في حين انخفض سعر عقود الذهب الآجلة لشهر أغسطس هامشيًا بنسبة 0.1% إلى 2311 دولارا للأونصة، وفق موقع «إنفيستينج».

قوة مؤشر الدولار أصبح هذا يضغط على الذهب

ومع ارتفاع وقوة مؤشر الدولار أصبح هذا يضغط على الذهب عالميا، مع ترقب بيانات نفقات الاستهلاك الشخصي، حيث ظلت أسعار المعادن تحت الضغط مع ارتفاع الدولار إلى أعلى مستوى في شهرين تقريبًا هذا الأسبوع.

كانت التدفقات إلى الدولار مدفوعة بشكل رئيسي بترقب بيانات الرقم القياسي لأسعار نفقات الاستهلاك الشخصي ، والتي من المقرر صدورها الجمعة، حيث تعد هذه القراءة مقياس التضخم المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي، ومن المتوقع على نطاق واسع أن تؤثر في موقف البنك المركزي بشأن أسعار الفائدة.

رفع الفائدة يضغط على أسعار الذهب

ويمنح التضخم الثابت الاحتياطي الفدرالي مجالاً أكبر للإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول، وهو ما يمثل ضغطا على أسعار الذهب، كما أنها عززت التعليقات المتشددة من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي التوقعات بارتفاع أسعار الفائدة في الجلسات الأخيرة.

وتؤدي أسعار الفائدة المرتفعة إلى زيادة تكلفة الفرصة البديلة للاستثمار في الأصول التي لا تدر عائدًا مثل الذهب، وترى المتداولين يتحولون أكثر انحيازًا نحو الدولار والديون الأمريكية.

مقالات مشابهة

  • انخفاض عقود شراء الذهب الآجلة من قبل الأفراد والصناديق والمؤسسات المالية
  • الذهب يتفوق على الدولار في الربع الثاني من 2024.. كم ربح خلال 3 أشهر؟
  • أسعار الذهب في الإمارات اليوم الجمعة بنهاية التعاملات
  • النفط يستقر بدعم آمال خفض الفائدة بعد بيانات التضخم بأميركا
  • أسواق الذهب تنتظر تصريحات البنك الفيدرالي الأمريكي.. تؤثر في الأسعار
  • المركزي التركي يبقي على أسعار الفائدة
  • تراجعات في أسعار الذهب العالمية بسبب حذر المتداولين من المعادن
  • أسعار الذهب مساء اليوم الأربعاء 26 يونيو 2024
  • بنك المغرب المركزي يتوقع تراجع نمو الاقتصاد إلى 2.8% في 2024
  • المركزي الأوروبي: توقعات خفض الفائدة مرتين هذا العام منطقية