سواليف:
2025-03-10@23:22:31 GMT

برقيات في بريد الحرب

تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT

#برقيات في #بريد_الحرب _ #ماهر_أبوطير

وجهت إيران ضربات عسكرية لإسرائيل بشكل معلن مسبقا، وردت إسرائيل بضربات عسكرية، دون اعتراف رسمي، وبينهما تنزلت التساؤلات حول سيناريوهات التصعيد في المنطقة.

لا بد أن يقال أولا أن دور واشنطن كان أساسيا في تحديد سقوف لكل العمليات العسكرية من الجهتين، لأن واشنطن لا تريد حربا إقليمية الآن، ولا تريد جر المنطقة وحلفائها إلى حرب غير مخطط لأهدافها، ولا معروف مآلاتها، وهذا يعني أن واشنطن تضبط إيقاع المنطقة حتى الآن، لاعتبارات كثيرة من بينها ثروات المنطقة، وحرية الملاحة، والتنافس مع الروس والصينيين.

على جبهة إيران فإن الاشتباكات الإيرانية مع إسرائيل بدأت منذ بداية حرب السابع من أكتوبر من خلال جبهات فرعية تابعة لها في لبنان، العراق، سورية، اليمن، وكان لهذه الاشتباكات دوافع معلنة مثل التخفيف عن الفلسطينيين، ودوافع مستترة منها تصنيع حالة ردع بوجه إسرائيل تحوطا من توسع الحرب، ولرغبة إيران الإستراتيجية بالوصول إلى تسوية إقليمية دولية تسترضيها بدلا من تهديد إسرائيل، من خلال الاعتراف بمساحات النفوذ الإيراني السياسية والجغرافية والاقتصادية، والإقرار لها بمساحاتها، بما يعنيه ذلك من وقف استهدافها تحت عناوين دعمها للحركات المسلحة، أو السلاح النووي، أو الصواريخ البالستية، كما أن إيران قد تكون اقتربت من تصنيع سلاحها النووي ولا تريد عرقلة ذروة هذا التطور بحرب قبل وقتها، وهذا يفسر أن إيران في محطاتها الجغرافية المختلفة تستوعب الضربات، ولا تحاول التورط في رد لا تريده، ولا يحتمله الشعب الإيراني الذي يعاني من عقوبات مؤذية منذ سنوات طويلة، بحيث تغلق إيران كل بوابات الاستدراج لغايات محددة في التخطيط الإيراني، وليس عبثا.

مقالات ذات صلة خريطة اطماع إسرائيل 2024/04/21

على جبهة إسرائيل فإن الحرب التي يتم شنها على قطاع غزة، ليست متعلقة بحركات مسلحة كما تشيع إسرائيل، بل إن تل أبيب دخلت عبر هذا العنوان لتحقيق أهداف إستراتيجية من خلال تهجير الفلسطينيين، مجددا، وقسم القطاع إلى نصفين، وإعادة بناء بؤر عسكرية جديدة ثابتة على طول الخط الفاصل بين شمال القطاع وجنوبه، كما تستهدف إسرائيل بكل هذه المذابح تصنيع واقع ديموغرافي جديد، قد يمتد إلى الضفة الغربية والقدس، كما أن مخطط دخولها إلى رفح ما يزال قائما، وهي تعاني أيضا من ضربات لبنان، سورية، العراق، اليمن، وتراجعت كل قطاعاتها بشكل خطير يخفيه الإعلام، وهذه الأسباب مجتمعة جعلت إسرائيل مهتمة بعدم التصعيد مع إيران، مؤقتا، خصوصا، مع الضغط الأميركي عليها، وهذا يعني أن تل أبيب تجدول أيضا التصعيد الأعلى نحو مرحلة لاحقة، كونها تغرق أصلا في أزمات كثيرة، وغير قادرة على الخروج من وحل غزة، برغم كل المذابح الدموية بحق الأبرياء، فقط.

في الحالتين ومن ناحية تحليلية تقف المنطقة أمام 3 سيناريوهات فقط، الأول استمرار المشهد الحالي، دون حدوث حرب مباشرة بين إيران وإسرائيل، بذات ما نراه حاليا من اشتباكات، والثاني انفجار الوضع خارج المخططات ووقوع حرب إقليمية شاملة لا تبقي ولا تذر أمام أي خطأ إستراتيجي أو تكتيكي في إدارة ملف الحرب على مستوى المنطقة، ووقتها سيكون العالم أمام جهنم جديدة، والثالث اضطرار كل الأطراف للجلوس إلى مائدة تفاوض سرية، تجمع كل الأضداد، للوصول إلى تسوية سياسية في الإقليم، يتم فيها تقاسم النفوذ والثروات في المنطقة.

حرب قطاع غزة، ليست حرباً عادية، فهي على ما يبدو قد تأخذ كل المنطقة إلى إعادة التشكيل عبر السلم أو الحرب، وهذا أمر تثبته التفاصيل اليومية، والمفاجآت التي نراها يوميا، والبرقيات في بريد الحرب، ما زالت تتنزل في كل الإقليم، وسط حالة من المخاوف.

الغد

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: برقيات بريد الحرب

إقرأ أيضاً:

تركيا في النظام الإقليمي بين أمريكا و”إسرائيل”

 

 

قد تكون تركيا ـــــ على غرار إيران و”إسرائيل” ـــــ إحدى القوى الإقليمية الثلاث في المنطقة، ذات الحضور الإقليمي، والتي لديها مشروع إقليمي، في مقابل بقيّة الفاعلين الدوليين والإقليميين، على امتداد الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا.
وتبقى تركيا وإيران، كما بلدان وشعوب المنطقة، بخلاف “إسرائيل”، في صلب التكوين أو التركيب السوسيولوجي والديموغرافي للإقليم. لكنّ أنقرة ليست مطلقة اليدين في مواجهة واشنطن و”تل أبيب”، ولا سيما بمسألة سوريا والمسألة الكردية. فماذا عن تركيا في النظام الإقليمي بين أمريكا و”إسرائيل”؟ وما هي آفاقها وحدودها؟
في التمدّد أو التوسّع التركي في المنطقة
مع اندلاع الأحداث في سوريا، في غمار ما بات يُصطلَح على تسميته بـ “الربيع العربي”، لم تكن تركيا بعيدة عن خلفيّات ومجريات تلك المستجدّات وتلك المتغيّرات. هي لم تكن البتة بمنأى عن تطوّرات المشهد السوري، وهي لم تنأَ بنفسها عن مسار العمليات الأمنية والعسكرية على الساحة السورية. فتركيا ترى أنّ إقليم سوريا الطبيعي والجغرافي هو جزء لا يتجزأ من المجال الحيوي، الذي يشكّل الامتداد الخارجي للأمن القومي التركي في عمقه الاستراتيجي ضمن النطاق الداخلي.
هذا ما يفسّر ـــــ من وجهة النظر التركية ـــــ الوجود العسكري والحضور الأمني في سوريا منذ وقت مبكر، ولا سيما بين أنصار ومناصري الرئيس التركي والحزب الحاكم التركي. إن سوريا، بالنسبة إلى تركيا، تمثّل الممر الإلزامي لمشروع التمدّد أو التوسّع باتجاه الجنوب، ضمن المشرق العربي ونحو الجزيرة العربية والخليج. وهي كانت، ولا تزال، حتى حينه، تتطلّع إلى المزيد من التسلّل والتوغّل داخل سوريا لإثبات حضورها ودورها مع العثمانيين الجدد في إطار النظام الإقليمي.
إنّ ضلوع تركيا في الكثير من التطوّرات السياسية وغير السياسية التي طرأت على سوريا لا ينفصل عن انخراطها مبكراً في الكثير من الأحداث التي اندلعت سابقاً في العراق بصورة عامّة وإقليم كردستان شمالي العراق بصورة خاصة. هنا بالتحديد تبرز هواجس الأتراك بشأن قضية الكرد وحراكهم وتحرّكهم بالتنسيق والتعاون مع الأمريكيين والإسرائيليين. ثم عمدت تركيا إلى المضي قدماً والذهاب بعيداً على امتداد الإقليم، من غربي آسيا إلى شمالي أفريقيا، وحتى ليبيا على حدود مصر!
في الحسابات والتقديرات العربية في المنطقة
أثار الاتجاه السياسي والاستراتيجي لدى أنقرة نحو التوسّع والتمدّد ضمن المنطقة العربية، والمتنامي والمتصاعد طيلة حقبة الرئيس رجب طيب إردوغان على رأس السلطة ونظام الحكم في تركيا، حفيظة العرب، في إشارة إلى الأنظمة العربية، ولا سيما في المشرق العربي والخليج، بصرف النظر عن الخلاف أو الاختلاف بين العرب حول الاتجاهات والتموضعات والاصطفافات الإقليمية، حتى إنه أثار الشعور بالريبة، وكذلك الشعور بالقلق. وقد أصبح هذا الشعور المركّب مفهوماً ومبرّراً أكثر، بل مضاعفاً، مع سقوط سوريا ودور تركيا بالمعطى المستجدّ.
كان الحضور التركي والدور التركي ذو الصلة على حساب المصالح والحقوق والأدوار العربية. ثم جاء التوسّع والتمدّد في النفوذ التركي على أنقاض المشاريع والطموحات والتطلّعات العربية. مما يفسّر ردود الأفعال العربية، من جانب كلّ من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، كما مصر، والتي بدأنا نرصد الإرهاصات والمؤشرات لها بالحراك والتحرّك العربيّين، على الصعيد الإقليمي، ولا سيما الأوساط العربية، وعلى الصعيد الدولي، ولا سيما الأوساط الغربية، في محاولة للحدّ من سطوة، أو لنقل صعود، النفوذ والدور التركيين الإقليميين.
في المشاريع الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة
لقد قامت “إسرائيل” بعجالة ـــــ فور سقوط النظام قبل الدولة ـــــ بتدمير قوة سوريا العسكرية والأمنية والاستراتيجية. وهي تمعن في عملية تفكيك الدولة السورية وفي عملية تمزيق الوحدة الوطنية السورية، السياسية والاجتماعية. هي تريد – ومعها أيضاً أمريكا – تقسيم سوريا، على أسس طائفية ومذهبية وإثنية، وتقاسم الحصص ومناطق النفوذ فيها. لم يعد هذا المسار أو هذا المسير خافيين على أحد- أيّ أحد- في الإقليم وفي العالم بأسره. كما قامت “إسرائيل” بتوسيع احتلالها جنوبي البلاد، بينما قامت أمريكا بتثبيت وتكريس احتلالها شمالي البلاد.
هذا الكلام ليس بالجديد على الإطلاق. وقد عمدنا سابقاً إلى الإدلاء به وتدوينه مرات عديدة. أمريكا و”إسرائيل” تريدان تفتيت إقليم الشرق الأوسط عموماً وإقليم المشرق العربي خصوصاً، بقصد التمكّن منهما وإحكام السيطرة والهيمنة عليهما. قد لا تكون بقية الحكومات والأنظمة والجيوش والدول والبلدان العربية بمنأى عن مخاض التدمير والتقسيم والتفتيت، ومن بينها الجيش المصري والعرش الأردني.
بعد النيل من الجيش العراقي أولاً، ومن ثم الجيش السوري ثانياً، ثمة تصريحات وتسريبات تفيدان بنية “إسرائيل” تدمير قوة مصر لاحقاً، بل قريباً.
في الخيارات والرهانات التركية في المنطقة
لا يمكن تركيا أن تنتهج سياسة وضع اليد على سوريا برمّتها، بالنظر إلى وجود كلّ من الأمريكيين في منطقة الكرد شمال شرقي البلاد والإسرائيليين في منطقة الدروز وغير منطقة جنوبي البلاد. ستشهد الخارطة السياسية لسوريا تغيّرات أو تغييرات دراماتيكية وتراجيدية، إن عاجلاً أم آجلاً. أمّا بعد دخول تركيا عمق وقلب سوريا، فهي لن تستطيع أن تستحوذ عليها كلّها، حتى وإن كانت المخابرات التركية تجوب الأرجاء والأنحاء كافة، بحيث ستحتفظ فقط بالمنطقة الممتدة من حلب إلى حماة شمالي البلاد.
ويبقى على الروزنامة التركية لدى أنقرة الأولوية المتصلة بتقويض المشروع والحراك الكرديّين، ومنع تصديرهما من شمالي شرقي سوريا وشمالي العراق إلى جنوبي تركيا. وهو ما يفسّر خطوة الأتراك الأخيرة على صعيد المفاوضات السياسية على خط زعيم الكرد عبد الله أوجلان في سجنه. إنّ الحكومة التركية تريد التخلّص من الحالة الكردية، الثائرة أو الثورية، المتمردة على القرار التركي بأيّ شكل من الأشكال. وهي لا تعير أيّ اهتمام أو انتباه لقضية الكرد وحقهم بتقرير المصير.
يبدو الأفق السياسي لوجود وبقاء تركيا في سوريا محدوداً بالزمان والمكان، إن في المدى الزماني أو في النطاق المكاني. هي مقيّدة بالحسابات المتقاطعة والمتداخلة أو المتشابكة. وعليها التعامل والتعاطي مع الأمريكيين والإسرائيليين بإيجابية، فيكون لها ويبقى لديها ما تريد، مع الإشارة إلى أنّ أمريكا و”إسرائيل” تبديان الحزم والحسم في سوريا، كما في لبنان وفلسطين، بل ربما في مصر. وقد لا تكتفيان بتدجين الموقف السياسي المصري، بل قد تقومان بضرب القوة العسكرية المصرية!
أنقرة والإدارة الأمريكية
قد يكون لتركيا دور ومكانة في النظام الإقليمي، بالنظر إلى حجمها ووزنها ضمن الإقليم بميزان الجيوبوليتيك. وهي تحتفظ لنفسها بهامش خاصّ بها، وتتمايز، بطريقة أو بأخرى، عن بقية اللاعبين الدوليين والإقليميين في المنطقة، من حيث التموضع أو الاصطفاف السياسيان والاستراتيجيّان.
لكنّ أنقرة لا تستطيع الخروج عن الإرادة الأمريكية، الضابطة والناظمة لإيقاع الترتيبات الإقليمية، ولا تستطيع بالتبعية تحدّي الإرادة الإسرائيلية، ولا حتى استفزازها.
هكذا تغدو أنقرة محكومة، أو لنقل ملزمة، بهذه السقوف والضوابط في حراكها أو تحرّكها الإقليمي.
أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية.

مقالات مشابهة

  • إيران تنفي التدخل في الشأن السوري وترد على استبعادها من مؤتمر الأردن
  • هل بدأت إسرائيل بمخطط تقسيم دول المنطقة؟
  • ترامب يعلق على مناورات "خليج عمان" بين إيران وروسيا والصين
  • إيران ترفع مستوى التوتر.. تصعيد الدعم العسكري للميليشيات الإرهابية يهدد أمن واستقرار المنطقة
  • الحوثي الطلقة الأخيرة لمدفعية إيران
  • إيران تجري مناورات عسكرية بحرية بمشاركة روسيا والصين
  • هل تغيّر موقف إسرائيل من إيران بعد عودة ترامب؟
  • إسرائيل تدمّر "وسائل قتالية" في المنطقة العازلة بجنوب سوريا
  • هل تخلت إسرائيل عن ضرب منشآت إيران النووية بسبب ترامب؟
  • تركيا في النظام الإقليمي بين أمريكا و”إسرائيل”