بعض اللبنانيين المقيمين في باريس وهم على علاقة لصيقة بأكثر من مسؤول فرنسي، وعلى رأسهم الرئيس ايمانويل ماكرون،
يرون أن فرنسا اليوم هي غير فرنسا بالأمس القريب ، خصوصًا بالنسبة إلى نظرتها إلى قضايا لبنان، التي لا تزال تعتبر نفسها، كما يعتبرها كثيرون من اللبنانيين، تلك "الأم الحنون". فبعدما خاض ماكرون تجارب عدّة، وبعدما تأكد من أنه لا يصحّ إلاّ الصحيح، عاد إلى "قواعده سالمًا"، وهو الذي تفقد المتضررين من انفجار مرفأ بيروت قبل أي مسؤول لبناني آخر، وهو الذي وقف إلى جانب لبنان في محنه وصعوباته وملماته، وهو الذي حاول بكل الطرق، ومن خلال موفديه، أن قال للبنانيين ساعدوا أنفسكم ليساعدكم الآخرون، وهو الذي دعاهم إلى التوافق على إنقاذ بلدهم الغارق حتى أذنيه في كمّ هائل من المشاكل، التي لا تعدّ ولا تحصى، وهو الذي يرى أن المدخل الطبيعي لاستعادة لبنان عافيته لا يكون سوى بالتوافق على انتخاب رئيس لجمهوريتهم يكون للجميع وليس لطرف دون الآخرين، ويكون إصلاحيًا ورؤيويًا، وجسر عبور إلى إعادة إحياء الدولة وهي رميم.

  
وقد لمس هؤلاء اللبنانيون، والذين لديهم جنسية فرنسية أيضًا، أن الرئيس ماكرون عاد ليهتم شخصياً ومباشرة بالملف اللبناني، بعدما تركه في عهدة موفده الخاص جان إيف لودريان. ولم يكن الملف اللبناني غائبًا عن اهتمامات كاترين كولونا التي تسّلمت من لودريان حقيبة الخارجية، والتي انتقلت إلى ستيفان سيجورنيه. وكذلك عهد الرئيس الفرنسي إلى كل من مستشاره السفير إيمانويل بون، ومن مستشاره لشؤون الشرق الأوسط والعالم العربي باتريك دوريل، وبالتشارك مع برنار إيميه، السفير الأسبق لدى لبنان ومدير المخابرات الخارجية السابق، إيلاء الملف اللبناني عناية خاصة، لكنه اكتشف، على ما يقول هؤلاء اللبنانيون – الفرنسيون، أن لا بدّ له من التعاطي المباشر بهذا الملف الحسّاس والدقيق. وهذا ما أثبته في خلال الساعات الثلاث، التي أمضاها مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، والتي تخّللها البحث العملاني في كيفية مساعدة الجيش في حضور قائده العماد جوزاف عون.
والجديد في التوجّه الفرنسي، على ما يقول هؤلاء، أن ماكرون بات على قناعة تامة بأنه من دون التنسيق مع الجانب الأميركي فإن أي جهد في اتجاه لبنان سيكون مماثلًا للتجارب السابقة ولخيبات الأمل الكثيرة، فكان التوجّه في بداية الأمر إلى كل من واشنطن والرياض من خلال اللجنة الثلاثية، التي أصبحت في ما بعد خماسية بعدما انضمت إليها كل من مصر وقطر، وبالتوازي انتداب لودريان لمهمة جديدة مع الموفد الأميركي آموس هوكشتاين لتنسيق المواقف بين فرنسا والولايات المتحدة بشأن ملفين رئيسيين: الأول، "حرب المساندة" القائمة في جنوب لبنان بين "حزب الله" وإسرائيل، والثاني يتعلق بالانتخابات الرئاسية بعدما راجعت باريس مواقفها من مسألة دعم ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية، وبعدما ساءت علاقتها مع القوى المسيحية، لتصل إلى قناعة ثابتة، وهي أن لا بدّ من توافق اللبنانيين بعيدًا عن التأثيرات الخارجية، وبعيدًا من محاولات الربط بين الاستحقاق الرئاسي والحرب الغزاوية، لكي يخرجوا من عنق زجاجة الأزمات المتراكمة، ودعم الجهود التي تقوم بها "اللجنة الخماسية" انطلاقًا من ثوابت وأرضية مشتركة تكوّنت على أثر الجولات المكوكية، التي يقوم بها سفراء الدول الخمس.
أمّا في ما يتعلق بلقاء الساعات الثلاث في الاليزيه فإن فرنسا تتجه، كما فُهم، إلى إيجاد تسوية لملف "حرب المناوشات" بين "حزب الله" وإسرائيل واستباق أي منزلقات قد تحوّلها إلى حرب موسعة، على خلفية الردّ الإيراني ثم الردّ الإسرائيلي على الردّ الإيراني، مع خشية فرنسا بأن يكون لبنان مسرحًا للتصعيد الحاصل بين تل أبيب وطهران.  
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: وهو الذی

إقرأ أيضاً:

الخطيب حذر من التحريض على المقاومة: يفاقم من تعقيد الوضع اللبناني

حذر نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى العلامة الشيخ على الخطيب من "استمرار التحريض على المقاومة التي تتصدى للعدوان الصهيوني على لبنان ، وتدفع الثمن الباهظ من خيرة ابنائها شهداء في هذا السبيل".    وقال في تصريح له اليوم: "ان بعض المواقف التي نسمعها ونقرأها على اكثر من صعيد في هذا المجال تزيد من حدة الشرخ بين اللبنانيين، في وقت احوج ما تكون فيها الساحة الداخلية الى الوحدة والتضامن والتكاتف من اجل مواجهة العدوان ومعالجة المشاكل والازمات التي يعاني منها الوطن".      ولفت الى ان "المنطقة تمر في ظروف خطيرة للغاية تستدعي التنبه والحذر لما يحاك لها "، ورأى ان" ما يزعزع استقرار هذه المنطقة هو الارهاب الصهيوني وداعموه في الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة الاميركية التي تمد الكيان الصهيوني بكل انواع السلاح والذخيرة والدعم، للاستمرار في حرب الابادة التي يشنها على الشعب الفلسطيني في غزة منذ تسعة اشهر".   ورأى الخطيب ان "التحريض على المقاومة يفاقم من تعقيد الوضع اللبناني ،ويحول دون التفاهم الداخلي على معالجة الازمات، وفي طليعتها الشغور الرئاسي الذي يمنع انتظام المؤسسات الدستورية ويعكس مزيدا من الفوضى على الساحة الداخلية"، مضيفا: "ولذلك ندعو جميع الفئات والمرجعيات اللبنانية الى اعتماد تقوى الله في وطنهم الذي يعاني اهله من كل صنوف العذاب والقلق والا يزيدوا من معاناته الى جانب ما يرتكبه اعداء لبنان ويستمعوا لصوته الذي يقف في غالبيته خلف المقاومة دفاعا عنهم وعن سيادة بلدهم في وجه الارهاب الصهيوني".

مقالات مشابهة

  • الهجرة، أوكرانيا، الطاقة: ما هي أولويات اليمين المتطرف الفرنسي؟
  • أكليمندوس: ماكرون تسرع في قرار الانتخابات الفرنسية المبكرة.. شاهد
  • أكليمندوس: ماكرون تسرع في قرار الانتخابات الفرنسية المبكرة
  • أحدث ظهور للملكة رانيا برفقة الملك عبدالله في قصر الإليزيه
  • ماكرون يدلي بتصريح مثير للجدل حول "الحرب الأهلية"
  • موسم الهروب من الشمال.. المسلمون المتعلمون يفرِّون من فرنسا
  • ماكرون يهدد: خسارة الانتخابات ستؤدي إلى "حرب أهلية" في فرنسا
  • ماكرون يعلن استعداده لإجراء محادثات مع بوتين
  • تفاصيل لقاء ملك الأردن مع الرئيس الفرنسي ومطالب وقف الحرب على غزة
  • الخطيب حذر من التحريض على المقاومة: يفاقم من تعقيد الوضع اللبناني