إسطنبول – يزور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العراق اليوم الاثنين لأول مرة منذ 13 عاما، بعد أن كانت آخر زيارة له حين كان رئيسا للوزراء في مارس/آذار 2011، وذلك في وقت تمر فيه المنطقة بتوترات شديدة، إذ تشكل الصراعات المتصاعدة والتحديات الجغرافية السياسية في الشرق الأوسط تهديدات خطيرة لكلا البلدين، مما يمثل دافعا لضرورة العمل المشترك بشكل أكثر فاعلية من ذي قبل.

تأتي الزيارة في ظل تقارب إستراتيجي واسع النطاق بين تركيا و العراق بعد سلسلة من الاجتماعات الأمنية رفيعة المستوى، التي جرت بمشاركة وزراء الخارجية والدفاع ورؤساء أجهزة المخابرات ومسؤولين آخرين من تركيا والعراق، في 13 مارس/آذار الماضي في بغداد.

وتتصدر القضايا الاقتصادية، كزيادة حجم التجارة الثنائية وإدارة أزمة المياه في العراق والمساهمات المحتملة لتركيا بهذا الشأن، بجانب المطالب العراقية بشأن نقل الغاز الطبيعي والنفط عبر تركيا، جدول أعمال زيارة الرئيس التركي.

وقال وزير التجارة التركي، عمر بولات، إن حصة العراق من الصادرات التركية خلال السنوات العشر الماضية، بلغت أكثر من 5% من إجمالي صادرات تركيا، في حين بلغ حجم التجارة بين البلدين 24.2 مليار دولار في 2022، و19.9 مليار دولار العام الماضي.

وانخفضت الصادرات التركية إلى العراق بنسبة 7.2% مقارنة بالعام السابق لتصل إلى 12.8 مليار دولار، وفي الفترة نفسها انخفضت الواردات من العراق بنسبة 31.1% لتصل إلى ما يقارب 7.2 مليارات دولار خلال الفترة المشار إليها.

وأشار الوزير إلى أن حجم الصادرات التركية إلى العراق مرشح للوصول إلى 15 مليار دولار على المدى القريب، و20 مليار دولار في عام 2030، مع استكمال مشروع طريق التنمية.

ومن المتوقع أن تشهد الزيارة الإعلان المشترك بشأن إنشاء اللجنة الاقتصادية والتجارية المشتركة، والتوقيع على بروتوكول إنشاء آلية التشاور والتعاون في مجالات سلامة المنتجات والحواجز الفنية أمام التجارة الثنائية، ومذكرة تفاهم بين مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركي واتحاد غرف التجارة العراقية.

مشكلة المياه

تشكل السدود التركية على نهر الفرات، منها سد "إليسو" وسد "أتاتورك" وسد "كيسلي كايا"، محورا رئيسيا في الأزمة المائية التي يواجهها العراق، إذ تسهم في خفض تدفق المياه نحو العراق الذي يلقي باللوم على إيران وتركيا اللتين تواجهان بالأصل تحديات في إدارة مواردها المائية في عدة مناطق، بدعوى عدم التزامهما بالاتفاقيات الدولية الخاصة بحصص مياه الأنهار.

وتشير التقديرات إلى انخفاض حاد في حصة العراق من المياه، من حوالي 73 مليار متر مكعب في عام 2003 إلى 50 مليار متر مكعب في عام 2020، بسبب ملء السدود التركية.

وفي سعي لمعالجة هذه الأزمة، تجري الدول المعنية مفاوضات ومحادثات تمخضت عن توقيع "اتفاقية إطار للنهر الفرات" في عام 2014، والتي تستهدف تعزيز التعاون المائي بين تركيا والعراق وسوريا في مجال إدارة المياه وتوزيعها بشكل يضمن حقوق جميع الأطراف بطريقة عادلة.

وبحسب مراقبين، من المنتظر الإعلان عن اتفاقيات من شأنها زيادة تدفق المياه إلى العراق خلال الزيارة، لا سيما أن وفودا رسمية عراقية زارت تركيا مؤخرا وأجرت مباحثات حثيثة بهذا الشأن مع الجانب التركي في أنقرة.

الطاقة

وفي مارس/آذار 2023، توقف خط الأنابيب الذي يربط بين العراق وتركيا، والذي يمثل حوالي 0.5% من إجمالي إمدادات النفط العالمية، بعد أن قضت غرفة التجارة الدولية، بأن تركيا انتهكت بنود اتفاقية 1973 من خلال تسهيل صادرات النفط من إقليم كردستان العراق من دون موافقة الحكومة الاتحادية العراقية في بغداد.

وتسبب فقدان 450 ألف برميل يوميا خسارة تقدر بما يتراوح بين 11 و12 مليار دولار، مما يشكل ضغطا كبيرا على الحكومة العراقية لتمويل ميزانيتها لعام 2023 البالغة 150 مليار دولار ولمواجهة العجز المتوقع الذي يصل إلى 48 مليار دولار.

كما ألزمت المحكمة الجنائية الدولية تركيا بدفع تعويضات تبلغ 1.5 مليار دولار للعراق، بسبب الصادرات غير المصرح بها من قبل حكومة إقليم كردستان في الفترة بين عامي 2014 و2018.

وفي سياق متصل، يسعى العراق حاليا لإعادة تشغيل خط أنابيب كركوك-جيهان التركي، الذي توقف عن العمل منذ استيلاء تنظيم الدولة الإسلامية على أجزاء واسعة من العراق في عام 2014، والذي من شأنه أن يتيح ضخ 350 ألف برميل يوميا من النفط إلى تركيا بحلول نهاية أبريل/نيسان الجاري.

طريق التنمية

يعتبر مشروع "طريق التنمية" طريقا بريا وسكة حديدية تمتد من العراق إلى تركيا وموانئها، ويبلغ طول الطريق وسكة الحديد 1200 كيلومتر داخل العراق، بهدف نقل البضائع بين أوروبا ودول الخليج، في حين بلغت الميزانية الاستثمارية للمشروع نحو 17 مليار دولار، على أن يتم إنجازه على 3 مراحل، تنتهي الأولى عام 2028 والثانية في 2033 والثالثة في 2050.

وقال وزير النقل والبنية التحتية التركي، عبد القادر أورال أوغلو، الأسبوع الماضي "تم التوصل من خلال جولات من المباحثات الوزارية والفنية على مدى الأشهر الماضية إلى قرار تركي عراقي بإنشاء آلية مشتركة شبيهة بالمجلس الوزاري، لمتابعة المشروع"، معربا عن تطلعاته بأن تنضم الإمارات وقطر إلى هذه المبادرة.

وأشار رئيس جمعية الناقلين الدوليين في تركيا، شرف الدين أراس، إلى أن زيارة الرئيس أردوغان إلى العراق فرصة مهمة لفتح وإعلان ممر عبور بديل وآمن وسريع للعالم.

وأكد أراس أهمية إطلاق مشروع طريق التنمية، مشيرا إلى أن هذا الخط له أهمية بالغة لتطوير تجارة تركيا مع العراق ودول الخليج، وإلى أن أكثر من 200 ألف رحلة برية تتم سنويا إلى هذه الدول عبر العراق.

وفي حديثه لـ"الجزيرة نت"، وصف حقي إيرول جون، الباحث الاقتصادي في جامعة حجي بيرم، زيارة الرئيس التركي للعراق بالفرصة الاستثنائية لتحقيق المصالح المشتركة.

وأشار إلى أن العراق، الذي يعاني من تحديات الجفاف، يسعى للحصول على تسهيلات من تركيا لزيادة كميات المياه المتدفقة، في حين تحاول تركيا بلورة اتفاق يسمح بتبادل المياه مقابل النفط.

كما أكد جون أهمية مشروع طريق التنمية الذي أنشأت تركيا إطاره وقدمته، موضحا أنه يمثل عنصرا حيويا للتعاون الثنائي بين البلدين في ظل التوترات الراهنة بين روسيا وأوكرانيا، وإسرائيل وإيران، والتي تهدد بتقويض الاستقرار اللوجيستي العالمي.

وأضاف "من الواضح أن هذا المشروع لا يهدف إلى إنشاء جسر من الشرق الأوسط إلى أوروبا فحسب، بل إلى تعزيز ارتباط تركيا بدول الخليج، وعلى رأسهم السعودية والإمارات اللتان لم يمض كثيرا على فتح أنقرة صفحات جديدة معهم".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: ترجمات حريات طریق التنمیة ملیار دولار إلى العراق إلى أن فی عام

إقرأ أيضاً:

العراق يحسم نزاعاً تحكيمياً بقيمة مليار دولار ضد شركة ألمانية

الاقتصاد نيوز - بغداد

أعلنت وزارة العدل العراقية، اليوم الثلاثاء، عن حسم نزاع تحكيمي بقيمة مليار دولار لصالح العراق ضد الدعوى المقامة من شركة AHG الألمانية. تعود خلفية القضية إلى عام 2020، عندما قدمت شركة AHG دعوى لدى المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار (ICSID) تطالب فيها العراق بتعويض يتجاوز مليار دولار، مدعيةً مصادرة أعمال إنتاج مصنع أسمنت مرخص لها  

قدّمت شركة "AHG" الألمانية دعوى لدى المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار "ICSID" تطالب فيها العراق بدفع أكثر من مليار دولار، وذلك على إثر مزاعم بمصادرة أعمال إنتاج مصنع أسمنت كان مرخصاً لها.

وتحتج الدعوى التي قدمتها الشركة الألمانية يوم الأحد الماضي باتفاقية الترخيص بين الطرفين بالإضافة إلى قانون الاستثمار العراقي وعدد من اتفاقيات الاستثمار الأخرى، مبينة أن فريقاً مكوناً من شركة "K&L Gates" في نيويورك وبرلين والإمارات يعمل على متابعة هذه الشكوى، في حين لم يقم العراق حتى الآن بتعيين مستشار خارجي.

وعملياً لا تعد دعوى الشركة الألمانية لتسوية نزاعات استثمارية مع العراق واقعة النزاع الاستثماري الأجنبي الأولى، فقد سبق أن قدمت شركة أجيليتي طلب تحكيم أمام المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار في فبراير 2017 بعد أن أصدرت وزارة التجارة والصناعة - مديرية شركات أربيل في العراق مرسوماً إدارياً يقضي بنقل ملكية "أجيليتي" في شركة كورك تيليكوم العراق، والتي تساهم فيها أيضاً شركة فرانس تيلكوم المملوكة لحكومة فرنسا، إلى كل من سيروان صابر مصطفى، شاوشين حسن شاوشين وجكسي حامو مصطفى.

وساقت "أجيليتي" في موضوع الاتهام عدم احترام العراق لالتزاماتها وفق اتفاقية التشجيع المتبادلة للاستثمارات والموقعة بين البلدين كما ومخالفة البروتوكول الموقع بين البلدين بشأن تشجيع حركة رؤوس الأموال والاستثمارات بين كل من الدولتين من خلال مصادرة حكومة العراق لاستثمارات أجيليتي في قطاع الاتصالات العراقي. وبحسب "غلوبال أربتريشن ريفيو"، يتعلق النزاع باستثمارات "AHG" في مصنع أسمنت في محافظة كركوك العراقية، مبيناً أن المصنع الذي تم تصميمه في الثمانينات تعرّض للعطل ولم يكن يعمل سوى بـ25 في المئة من طاقته الإنتاجية عندما استحوذت الشركة ترخيصاً لإعادة تأهيل المنشأة في عام 2008.

وتعني جهود إعادة التأهيل هذه، إضافة إلى التكاليف التشغيلية لعمل المصنع، أن الشركة الألمانية استثمرت موارد كبيرة لأداء الأعمال الفنية وتكبدت تكاليف كبيرة من أموالها الخاصة منذ أغسطس 2008 فصاعداً.

واستناداً للتقرير، تقول الشركة إنها كانت من أوائل المستثمرين في العراق بعد عام 2003، وتم حثها على الاستثمار في مصنع أسمنت كركوك، وذلك بناءً على تعهدات وضمانات من الحكومة العراقية بأن الاستثمار الأجنبي سيحصل على الحماية المناسبة.

وبعد 3 أشهر فقط من منح هذا الترخيص، تقول الشركة إن المسؤولين الحكوميين العراقيين اشتكوا من عدم إحراز تقدم في المشروع، رغم أن الأطراف وافقت على فترة إعادة تأهيل مدتها 3 سنوات.

ووفقاً للموقع، فإنه في يناير 2009، وبعد 5 أشهر ونصف الشهر فقط من فترة إعادة التأهيل، منحت الحكومة العراقية للشركة الألمانية 11 يوماً فقط لعلاج جميع القضايا التي أثارتها، وإلا فستحصل الدولة على خطاب ائتمان للشركة بقيمة مليوني دولار، على أن توضع في القائمة السوداء وتمنع من القيام بأي أعمال أخرى في العراق. وبعد شهر، أنهت الحكومة العراقية ترخيص الشركة وبدأت التقاضي في محكمة محلية للوصول إلى خطابات الائتمان الأساسية.

ومع ذلك، وبعد معركة قانونية استمرت 6 سنوات، قضت محكمة استئناف عراقية بأن مزاعم الحكومة بشأن التأخير كانت غير مدعومة وأن جدول إعادة تأهيل المصنع الذي قدمته"" كان معقولاً.

وبناءً على هذا القرار، اتفق الطرفان على سحب إجراءات المحكمة المختلفة وتمديد الترخيص الأصلي لـ"AHG" لمواصلة إعادة تأهيل وتشغيل مصنع أسمنت كركوك.

وبحسب "AHG"، فشل الطرف العراقي مرة أخرى في الوفاء بوعوده. وتدّعي الشركة الألمانية أن عملية استيلاء مسلحة على المصنع وقعت في مارس 2017، وبعد ذلك تم إصدار أوامر اعتقال لكبار موظفيها.

وأوضح التقرير أن الشركة الألمانية أفادت بأنها اكتشفت في يناير 2018 أن حصتها البالغة 51 في المئة في شركة محلية، التي كانت ملزمة بإنشائها لأداء

عقد مصنع أسمنت كركوك، قد تمت مصادرتها بموجب أمر محكمة مزعوم، مع تغيير سجلات التسجيل لحذف "AHG" بصفتها المالك من تلك الشركة.

وتابع التقرير «بعد شهر، قامت فرقة من الجيش العراقي بالاستيلاء على المصنع، وفي أبريل من ذلك العام تم طرد "AHG" من المبنى، وتلا ذلك تقديم "AHG"  إخطاراً بالنزاع بشأن العراق في نوفمبر 2018. ورغم اجتماع ممثلين من كلا الطرفين في إسطنبول لكنهم لم يتمكنوا من التوصل إلى حل ودي».

وتطالب الشركة الألمانية بتعويض يربو على مليار دولار في مطالبتها للمركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار "ICSID" عن التكاليف والأرباح المفقودة التي سببها سلوك العراق.

وأضاف التقرير "على الرغم من وجود معاهدة استثمار ثنائية بين ألمانيا والعراق وتحتوي على بند تحكيم للمركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار "ICSID"، فإن الحكومة الألمانية لم تصدق على المعاهدة حتى الآن وتنتظر موافقة مفوضية الاتحاد الأوروبي على ذلك.

ومع ذلك، تقول شركة "AHG" إن العراق وافق على التحكيم الصادر عن "ICSID" بموجب قانون الاستثمار لعام 2006، والذي ينص على أن المستثمرين سيتمتعون بامتيازات إضافية وفقاً للاتفاقيات الدولية الموقعة بين العراق وبلدهم أو الاتفاقات الدولية المتعددة الأطراف التي انضم إليها العراق.

كما أفادت الشركة بأن العراق وافق أيضاً على الإجراءات الحالية في رخصة مصنع أسمنت كركوك، والتي نصّت على تسوية أي نزاع عن طريق التحكيم.


ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام

مقالات مشابهة

  • تركيا.. العجز الجاري يقترب من 4 مليار دولار
  • منذ بداية 2025.. مليار دولار قيمة صادرات معبر ايراني مع العراق
  • إيران: صادرات معبر برويزخان مع العراق بلغت مليار دولار منذ بداية 2025
  • وزارة العدل تحسم قضية بقيمة مليار دولار مع شركة المانية لصالح العراق
  • نائب يصف التظاهرات ضد مجزرة العلوين بـالأمر الوارد: لن تؤثر على العلاقات
  • نائب يصف التظاهرات ضد مجزرة العلوين بـالأمر الوارد: لن تؤثر على العلاقات - عاجل
  • بقيمة مليار دولار.. العدل تحسم نزاعًا تحكيميًا لصالح العراق
  • العراق يحسم نزاعاً تحكيمياً بقيمة مليار دولار ضد شركة ألمانية
  • العقوبات تضيق الخناق على إيران.. هل تُفسح الطريق أمام الخليج وتركيا في العراق؟
  • العقوبات تضيق الخناق على إيران.. هل تُفسح الطريق أمام الخليج وتركيا في العراق؟- عاجل