بايدن ونتنياهو… ديمومة الحرب من أجل السلطة
تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT
ثمة تخمينات وترجيحات متعددة حول ما إذا كانت «إسرائيل» سترد على قيام إيران في 14 أبريل الجاري، بالردّ على هجمة الكيان الصهيوني على القنصلية الإيرانية في دمشق واغتيالها مجموعة من كبار القادة العسكريين الإيرانيين الموجودين فيها. مصادر سياسية وإعلامية نافذة في أمريكا وأوروبا اعتبرت بعض تصريحات الرئيس جو بايدن، وغيره من كبار المسؤولين في دول أوروبا الغربية، أدلةً واضحة على استبعاد قيام «إسرائيل» بالردّ على الردّ الانتقامي الإيراني،، فيما أشار آخرون إلى تصريحات لبنيامين نتنياهو أكّد فيها اعتزام حكومته الردّ على الردّ الإيراني.
في غمرة هذه التخمينات والترجيحات بدا لافتاً استطلاع للرأي العام، أجراه فريق من الباحثين في الجامعة العبرية بالقدس المحتلة نُشر بتاريخ 2024/4/16 وأظهر أن أغلبية الجمهور في «إسرائيل» تعارض القيام بشنّ هجوم على إيران ردّاً على الهجوم الذي قامت به الجمهورية الإسلامية ضد الكيان الصهيوني ليلةَ 14 أبريل الجاري.
وفقاً للاستطلاع، قال 74 في المئة من الإسرائيليين، إنهم يعارضون هجوماً إسرائيلياً على إيران، لأنه سيتسبّب بتقويض الحلف الأمني القائم بين «إسرائيل» ودول حليفة لها كانت قد شاركت في اعتراض الصواريخ البالستية والمسيّرات الإيرانية التي أطلقتها طهران على الكيان الصهيوني، فيما رأى 52 في المئة منهم إنه من غير المجدي الردّ على الهجوم الإيراني بهدف إنهاء الجولة القتالية الحاليّة، بينما أكد 48 في المئة منهم أنه يتوجّب على «إسرائيل» الردّ حتى لو بثمن إطالة الجولة القتالية الحاليّة بين الجانبين. وأعرب أكثر من نصف المستطلَعين عن تأييدهم لضرورة استجابة «إسرائيل» لمطالب أمنية تطرحها دول حليفة لها، بينما عارض 12 في المئة ذلك، وشدّد نحو 60 في المئة، على أن المساعدات التي قدمتها الولايات المتحدة من اجل صدّ الهجوم الإيراني يُلزم «إسرائيل» بإجراء تنسيق أمني معها (أي الولايات المتحدة). على صعيد آخر، ذكر تقرير بثته قناة التلفزيون الإسرائيلية 12 في 2024/4/16، أن «إسرائيل» تتحسب لإمكان تعزيز التعاون العسكري بين إيران وروسيا في حال باعت طهران آلاف الطائرات المسيّرة إلى موسكو، لاسيما وأن تلك المسيّرات شبيهة بالتي استخدمتها ايران خلال هجومها على «إسرائيل». أخيراً، أشار تقرير قناة التلفزيون الإسرائيلية إلى أن روسيا أطلقت ما اعتبرته «إسرائيل» تطوّراً كبيراً بقدرات الأقمار الاصطناعية الإيرانية، بالإضافة إلى الدعم الدبلوماسي الروسي لإيران في المجال النووي، ولحقِها في تخصيب اليورانيوم.
صحيح أن نتنياهو يريد استمرار حرب الإبادة التي يشنها على الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، لكنه يتفادى إغضاب حليفه بايدنكل الحقائق والوقائع، آنفة الذكر، تكشف تطوراً وازناً في مشهد الصراع الدائر حاليّاً، لاسيما بشأن التعاون السياسي والأمني المتزايد بين روسيا وإيران وانعكاسه إيجاباً لمصلحة موازين القوى لدى أطراف محور المقاومة وروسيا من جهة، مقابل الكيان الصهيوني والولايات المتحدة من جهة أخرى. غير أن ثمة حقيقة لم يشر إليها لا الاستطلاع الذي أجرته الجامعة العبرية في القدس المحتلة، ولا التقرير الذي بثته قناة التلفزيون الإسرائيلية 12.. إنها الحقيقة التي تتضمن السبب الكامن وراء دعم إدارة الرئيس بايدن لحكومة نتنياهو في استمرار حربها الإبادية ضد فصائل المقاومة الفلسطينية خصوصاً، فقد أكدت مصادر سياسية وإعلامية رصينة في أمريكا وأوروبا أن حرص بايدن ونتنياهو على ديمومة الحرب مردّها، إلى اقتناعهما بأن من شأنها تعزيز جهودهما الرامية إلى الاحتفاظ بالسلطة، ذلك أن الضغط على نتنياهو لوقف الحرب سيؤدي إلى سقوط حكومته نتيجةَ معارضة الوزراء اليمينيين المتطرفين لوقفها، وتهديدهم بالاستقالة من الحكومة، إذا ما أذعن نتنياهو لمطلب الداعين لوقفها، بغية إطلاق الأسرى الإسرائيليين لدى «حماس» وسائر فصائل المقاومة الفلسطينية، ولتفادي خسارة بايدن أصوات مؤيدي «إسرائيل» في جولة الانتخابات الرئاسية مطلعَ شهر نوفمبر المقبل.
في غمرة تكهنات متعددة ومتناقضة حول موعد الردّ الإنتقامي الإسرائيلي على الردّ الإيراني في 14 أبريل الماضي، وقع حدث غامض في مدينة أصفهان الإيرانية لم يعترف أيّ من العدوين اللدودين بالمسؤولية عنه. ففي فجر يوم الجمعة الماضي ترددت أصداء انفجارات في المدينة الإيرانية وصفتها مصادر متعددة بأنها هجوم إسرائيلي، لكن طهران شككت في ذلك، وأشارت إلى أنها لا تعتزم الانتقام تفادياً لنشوب حرب على مستوى المنطقة برمتها. وسائل إعلام إيرانية أفادت بأن الانفجارات نجمت عن إسقاط الدفاعات الجوية الإيرانية ثلاث طائرات مسيّرة فوق أصفهان، في سياق هجوم نفذه «متسللون»، وليس «إسرائيل»، ما ينفي الحاجة إلى ردّ انتقامي. «إسرائيل» التزمت الصمت، ومثلها فعلت الولايات المتحدة، إذ أنكرت أيّ دور لها في الحدث الغامض. وعندما سُئل وزير خارجيتها انطوني بلينكن عن الأمر في مؤتمر صحافي في إيطاليا، قال إنه لن يعلّق باستثناء القول إن الولايات المتحدة ملتزمة أمن «إسرائيل»، لكنها لم تشارك في أيّ عمليات هجومية. وحده وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير كشف علاقة كيان الاحتلال بالانفجارات بقوله على منصة إكس كلمة واحدة: «ضعيفة»! لماذا التقت جميع الأطراف ذات الصلة بالصراع المتصاعد بين إيران و»إسرائيل» على موقف «عدم مسؤولية» أيّ منهما عمّا حدث في سماء أصفهان؟ الجواب: لأن أياً من الأطراف المعنية ليس لها مصلحة في تطوير الصراع إلى حرب واسعة تشمل كل أرجاء المنطقة في هذه الآونة.
صحيح أن نتنياهو يريد استمرار حرب الإبادة التي يشنها على الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، لكنه يتفادى إغضاب حليفه بايدن الحريص على عدم خسارة أصوات مئات آلاف الأمريكيين المعارضين لسياسة نتنياهو المتوحشة ضد الشعب الفلسطيني. أما إيران فيبدو أنها حريصة على عدم إحراج أغلبية الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي أدانت سياسة «إسرائيل» العدوانية من جهة، ودعت من جهة اخرى إلى وقف تصعيد الصراع في المنطقة تفادياً للانزلاق إلى حرب شاملة اكثر ضراوة.
في ضوء هذه الواقعات والتطورات، يرد سؤال: كيف سيكون وضع المنطقة والتناقضات المتزايدة بين مختلف الأطراف المتصارعة فيها؟ بحذرٍ وتحفظٍ شديدين يمكن الخروج بالاستنتاجات الآتية:
ستثابر إدارة بايدن على تزويد حكومة نتنياهو بالأسلحة الثقيلة لمتابعة حربها في قطاع غزة والضفة الغربية، شريطة عدم التسبّب بمزيد من تهجير الفلسطينيين إلى خارج وطنهم السليب، مع مراعاة التزام أمريكا بما تسميه «حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها».
قيام الولايات المتحدة وحلفائها في الغرب الأطلسي بمحاصرة الجهود الرامية إلى توسيع نصرة الشعب الفلسطيني ودعمه في عالم العرب وعالم الإسلام.
التحضير لحملة أممية واسعة من أجل تسوية قضية فلسطين على أساس إقامة دولة للفلسطينيين في سياق مصالحة شاملة بين العرب و»إسرائيل».
توسّع مشاركة أطراف محور المقاومة في الصراع ضد الكيان الصهيوني وحلفائه الإقليميين والدوليين.
انخراط أوسع لكل من الصين وروسيا في الصراع إلى جانب قوى المقاومة العربية والإسلامية المناهضة للكيان الصهيوني وحلفائه في الغرب الأطلسي.
إلى ذلك كله، تتوجب الإحاطة بنتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر المقبل، وبتداعيات الصراعات الداخلية المتفاقمة داخل كيان العدو الصهيوني كي يصار في ضوئها، وضع سياساتٍ وممارسات كفيلة بمواجهة تحديات الغرب الأطلسي لقوى المقاومة العربية المناهضة للاحتلال الإسرائيلي والهيمنة الأمريكية.
المصدر: القدس العربي
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه بايدن نتنياهو الفلسطينية امريكا فلسطين نتنياهو بايدن مقالات مقالات مقالات صحافة من هنا وهناك سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الکیان الصهیونی فی المئة من جهة
إقرأ أيضاً:
كاتب أميركي: الجمع بين رأيي بايدن وترامب مهم لنا في سوريا
لم تكد طائرة الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد تهبط في موسكو حتى اندلع جدل داخل أروقة الحكومة الأميركية وجماعات الضغط (اللوبيات) وأجهزة الإعلام حول ما ينبغي للولايات المتحدة أن تفعله في سوريا.
وكتب ستيفن كوك، الباحث في دراسات الشرق الأوسط وأفريقيا بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي، في عمود الرأي بمجلة فورين بوليسي، أنه لم يتفاجأ بهذا الجدل الذي بدأ بعد نشر الرئيس المنتخب دونالد ترامب مدونة على وسائل التواصل الاجتماعي أكد فيها أن "سوريا ليست معركتنا".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2جدعون ليفي: إسرائيل غارقة في الكارثة ومصابة بالعمىlist 2 of 2نيويورك تايمز: تجارة المخدرات بأفغانستان تنهار تحت حكم طالبانend of listوتزامن ذلك تقريبا مع تصريح للرئيس الحالي المنتهية ولايته جو بايدن بأن الولايات المتحدة ستعمل مع شركائها والأطراف المعنية في سوريا لمساعدتها على اغتنام الفرصة لإدارة المخاطر التي تواجهها.
الجمع بين الرأيينومن وجهة نظر كاتب المقال، فإن واشنطن بحاجة إلى الجمع بين وجهتي نظر الرئيسين المنتهية ولايته والمنتخب من أجل وضع إستراتيجية معقولة للشرق الأوسط، خاصة أنهما -بتصريحاتهما تلك- قدما خطوطا تقريبية عريضة لكيفية تعامل الولايات المتحدة "بشكل لائق" مع سوريا.
وما إن ظهرت مدونة ترامب وتصريح بايدن حتى بدأ المعلقون في تحليلهما، إذ رأى بعضهم أن انتهاج سياسة على نحو ما اقترحه الرئيسان قد يضيع "فرصة تاريخية" من واشنطن، لأن التلميحات المبكرة للإدارة الجديدة تشي بأنها ستتوخى "الشمولية والاستقرار" في تعاملها مع الشأن السوري، وفق مقال فورين بوليسي.
إعلانوجادل معلقون آخرون -بحسب كوك- بأن سياسة عدم التدخل الأميركية في الحرب السورية هي التي ساعدت في إطالة أمد معاناة السوريين على مدار 13 سنة.
ويفترض الباحث الأميركي في مقاله أن هذا هو السبب الذي جعل صانعي السياسات يرون أنه من الضروري أن تساعد الولايات المتحدة في ضمان انتقال سلس ومستقر في دمشق.
فكرة حمقاءلكنه يعتقد، مع ذلك، أن الاقتراح بأن يكون للولايات المتحدة دور ما في صياغة نظام جديد في سوريا هي "فكرة حمقاء"، لأنها "لا تستند إلى أي رؤية أو فهم معين لتلك الدولة، بل بالأحرى إلى عادات بعض أفراد مجتمع السياسة الخارجية الذين يجدون صعوبة في تصديق أن أميركا لا تملك حلا لكل مشكلة تقريبا".
فإذا كانت رسالة ترامب بأن سوريا "ليست معركتنا"، تعني -وفق تفسير كوك لها- أن على الولايات المتحدة ألا تتورط في تشكيل السياسة السورية، فإن تصريحه يعد أكثر حكمة مما قد يصدع به منتقدوه.
وحول التقارير الصحفية التي تحدثت عن تصريحات القائد العام للإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع بشأن الأقليات، وتأكيده أن سوريا لكل السوريين، فقد قال كوك إن الشرع آثر الابتعاد عن تنظيم الدولة وتأسيس هيئة تحرير الشام، التي تجنبت بالفعل بعض أسوأ تجاوزات التنظيم.
خبر سارإن الخبر السار في سوريا -كما يبشر الباحث الأميركي في عموده بفورين بوليسي- هو أن "أسوأ" أتباع بشار الأسد ومموليه قد غادروا إلى روسيا ودول أخرى، ولكن لم يرحل الجميع، وربما لا ينزوي بالضرورة أنصار النظام الأقل شهرة إلى غياهب النسيان في صمت مع تبلور النظام السياسي الجديد.
ومن المهم -برأي كوك- لفت الانتباه إلى أن معظم عمليات الانتقال إلى الديمقراطية تفشل، فإن التنوع العرقي والديني في سوريا يضفي على التحول إلى نظام ديمقراطي قدرا من الصعوبة مما يجعل النتيجة "غير مبشرة كثيرا".
وحسب الكاتب، فإن احتمال أن تنزلق سوريا إلى حالة من عدم الاستقرار مع انتهاز من وصفهم بـ"المتطرفين" حدوث فراغ في السلطة، يجعل مهمة القوات الأميركية في تلك الدولة، والبالغ عددها 900 جندي، "أكثر إلحاحا" مما كانت عليه قبل بضعة أشهر فقط.
إعلانويعتقد كوك أن سحبهم الآن، في لحظة عدم الاستقرار القصوى في سوريا، سيكون نوعا من الحماقة.