التيار بين معارك شدّ العصب وديناميكية باسيل
تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT
كتب جان فغالي في"نداء الوطن": معبِّرة أن يستهل النائب جبران باسيل زيارته لمدينة جزين، بزيارته منزل النائب السابق في كتلة الرئيس نبيه برّي، إبراهيم عازار، وكأنه بهذه الإستهلالية أراد أن يوصِل رسالة إلى برّي أنه ليس خصماً لحيثيته في جزين.
باسيل بارع في توجيه الرسائل. يبدو أن جولات رئيس «التيّار» سيكون عنوانها في كلّ المناطق، والدوائر، «شدّ عصب» التياريين، خصوصاً أنّ حالات التململ تبدو عابرة للمناطق.
تحدّي «شد العصب» في المتن الشمالي، لن يكون سهلاً، فهذا القضاء الذي يشكِّل «خزّاناً» إنتخابياً للتيار، لم يعد كما كان، فالمبعَدون أكثر من الباقين: من الياس بو صعب إلى رئيس لجنة المال والموازنة، إلى نبيل نقولا، إلى منصور فاضل.
«شدّ العصب» في كسروان قد يكون أقل صعوبة منه في المتن الشمالي، فالوزير باسيل مرتاح إلى أداء النائب ندى البستاني مع النائب سيزار أبي خليل، مع النائب سيزار أبي خليل، والنائب السابق أدي المعلوف، والنائب اللاحق، ربما، وديع أبي عقل. «شدّ العصب» في جبيل ليس بسهولة كسروان، فليس سهلاً «قبع» النائب الحالي سيمون أبي رميا، حتى لترشيح المحامي وديع عقل أو الدكتور ناجي حايك الذي والحق يقال، ضرب باسيل «ضربة معلِّم» في اختياره نائباً له، ففي ما مضى، حين كانت الأولوية لـ»تفاهم مار مخايل»، كان الخطاب السياسي للدكتور حايك، مشكواً منه، اليوم يبدو أنّ هذا الخطاب «بيِّيع» سياسياً ومطلوب بقوة.
في المتن الجنوبي، يبدو «شدّ العصب» شبيهاً بجبيل، فالنائب آلان عون ليس «لقمة سائغة»، وحلفه داخل «التيار» يشكِّل حصانة له داخل التيار، بمفاعيل حصانته النيابية.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
حجج باسيل وحزب الله برفض ترشيح عون استمرار لسياسة التعطيل؟
المناخ الرئاسي هذه المرّة يختلف كليًا، شكلًا ومضمونًا، عن المناخ الذي كان سائدًا في العام 2016، وإن كان القاسم المشترك بين هذين المناخين عامل واحد يتمّثل بانتماء المرشحين الأوفر حظًا، ماضيًا وحاضرًا، إلى عائلة عون. فالرئيس ميشال عون انتُخب رئيسًا للجمهورية بفعل تداخل عوامل كثيرة، ومن أبرزها أن الشهيد حسن نصرالله عمل بكل ثقله على إيصال مرشحه إلى السدّة الرئاسية، وإن لم يقترن هذا التأييد المطلق بموافقة الرئيس نبيه بري على هذا الترشيح. وهذا ما أبلغه اياه شخصيًا عندما زاره "الجنرال"، وكان صريحًا معه عندما قال له إنه سيعمل على تأمين نصاب الثلثين لجلسة الانتخاب، "ولكنني لن انتخبك". وقد تكون عملية إعادة التصويت أكثر من مرّة نموذجًا مصغرًا عن طبيعة العلاقة بين "بعبدا" و"عين التينة" طيلة الست سنوات من عهد عون. وهذا ما حصل بالفعل.
أمّا العماد جوزاف عون وعلى رغم تقدّمه في السباق الرئاسي عن غيره حتى الآن لا يزال يحتاج إلى اقتناع كل من "حزب الله" بهذا الترشيح من جهة، وسير "القوات اللبنانية" بهذا الخيار من جهة أخرى لكي يستطيع أن يقطع الطريق الرئاسي من دون أن تدهسه سيارة "التيار". وإذا لم يحصل هذا النوع من تلاقي "المصالح" بين هذين المتناقضين في كل شيء كما حصل في انتخابات 2016 فإن حظوظ قائد الجيش بالوصول إلى القصر الجمهوري تبقى ضعيفة نسبيًا، مع الإشارة إلى أن الأسباب التي تدفع "معراب" بعدم "طحشتها" بالعماد عون تختلف كليًا عن أسباب "حزب الله". وقد تلتقي القيادة السياسية لـ "الحزب" في نظرتها إلى هذا الترشيح مع نظرة رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل. فالقاسم المشترك بين حليفي الأمس رفض "اللعب" بالدستور وعدم السير بأي تعديل دستوري حتى ولو جاء بصيغة استثنائية، ولمرة، واحدة، ووحيدة.
إلاّ أن هذه الحجّة لم تقنع الذين يرون أن الظروف الدقيقة والصعبة، بل الخطيرة، تفرض على الجميع تجاوز بعض الشكليات، إذ أن تعديل الدستور ليس بالأمر الجديد، خصوصًا أن الإطاحة به أو التقيّد ببنوده انتقائيًا ووفق ما تقتضيه مصالح البعض قد أصبح مثل "شربة المي" بالنسبة إلى كل من "التيار" و"الحزب" على حدّ سواء.
فـ "حجة" كل من "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" لن تقلي العجة الرئاسية هذه المرّة. فالبلاد على وشك الانهيار، وهي مثقلة بالأحمال الناتجة عن مرحلة عصيبة من عمرها، حيث كان التوافق قائمًا على أفضل وجه في عملية دفن "الشيخ زنكو" في أكثر من مكان وموضع.
فإذا كانت مصلحة لبنان، كما يراها البعض، تقضي بانتخاب العماد عون رئيسًا، سواء تم تعديل الدستور أو لم يتم كما حصل عندما انتخب العماد ميشال سليمان رئيسًا للجمهورية بعد اتفاق الدوحة، فإن التذرع بـ "حجة" عدم المسّ بالدستور وتعديله تصبح "حجة" واهية"، خصوصًا إذا كان المقصود الاستمرار في سياسة التعطيل وفي ممارسة سياسة "عنزة ولو طارت". وهذه السياسة هي التي أوصلت البلاد إلى ما وصلت إليه، أقّله بالنسبة إلى قرار "السلم والحرب" وإقحام لبنان بحرب مدمرة لم يكن يريدها، ولكن فُرضت عليه من دون أن يسأل أحد رأي أبنائه.
من جهة أخرى، يعيب بعض الذين لا يرون سوى القشة في عيون الآخرين على الأقطاب الموارنة عدم قدرتهم على التوافق على اسم الرئيس العتيد من خارج قيادة الجيش. فإذا صحّت التوقعات وتمّ التوافق على إيصال العماد عون إلى بعبدا يكون رقم خمسة في التسلسل الرقمي لرؤساء الجمهورية الذين خرجوا من المؤسسة العسكرية، وهم اللواء فؤاد شهاب، والعمداء أميل لحود وميشال سليمان وميشال عون مقابل تسعة رؤساء غير عسكريين.
ولأن البلاد تدخل في عطلة الأعياد فإن الاتصالات الرئاسية ستخف وتيرتها بعض الشيء لتعود إلى زخمها مطلع السنة الجديدة، من دون أن يعني ذلك أن الأمور آيلة إلى نتيجة إيجابية في جلسة التاسع من الشهر المقبل. المصدر: خاص "لبنان 24"