الإمارات وعُمان.. تاريخ وروابط ومصير مشترك
تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT
سعيد أحمد (أبوظبي)
تكتسب زيارة «دولة» التي يقوم بها صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق، اليوم، إلى الإمارات، ولقاؤه أخاه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أهمية كبيرة للدفع بالعلاقات الثنائية إلى مزيد من التقدم والرفاهية للشعبين الشقيقين في جميع المجالات، وتحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة بينهما، إضافة إلى تبادل وجهات النظر بشأن التطورات الإقليمية والدولية.
وشهدت العلاقات الأخوية والشراكة الاستراتيجية بين الإمارات وسلطنة عُمان تطوراً ورسوخاً في ظل دعم ورعاية صاحب السُّمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق، حفظه الله ورعاه، وحرصهما على تعزيز التعاون والعمل المشترك، ودفعه إلى آفاق أرحب، بما يعزز المصالح المشتركة لكلا البلدين، ويعود بالنفع على الشعبين الشقيقين، وتعزيز الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة والعالم.
وتتميز العلاقات بين البلدين الشقيقين بميزات تضعها في مرتبة العلاقات الخاصة والمتميزة على مختلف المستويات، إضافة إلى الشراكات الاقتصادية والتجارية بينهما المبنية على التعاون البنّاء والاستثمار وتبادل المعارف والخبرات في شتى المجالات، وهي العلاقات التي تفردت منذ اللقاء الأول الذي جمع بين المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والسُّلطان قابوس بن سعيد بن تيمور، طيّب الله ثراهما، بالتوافق في القضايا المصيرية المشتركة للشعبين الشقيقين في مختلف الميادين، حيث شهدت تطوّراً ملاحظاً، وسطّرت مفاهيم الإخاء والتآلف على مدى السنوات الماضية.
وسلطنة عُمان والإمارات تعملان على تعزيز التعاون الفعّال بينهما على مبدأ المصلحة المتبادلة والمشتركة في مختلف المجالات، وتسعى اللجنة العليا المشتركة بين البلدين التي تم تأسيسها في عام 1991 إلى تعزيز سبُل التعاون والتنسيق بين الدولتين في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية والتربوية، والعمل على ربط شبكات الكهرباء، والاتصالات، وتنسيق خدمات النقل البري وإجراءات الانتقال بين الدولتين عبر مختلف المنافذ الحدودية، إلى جانب تعزيز فرص ومجالات الاستثمار المشترك، بما يعود بالخير على الشعبين العُماني والإماراتي في الحاضر والمستقبل.وتتجسد العلاقة الإماراتية العُمانية في الإرادة القوية والدعم المتواصل، من أجل دفع العلاقات العميقة والراسخة بينهما إلى آفاق رحبة، وتجمع بينهما روابط تاريخية وجغرافية، يميزها التقارب القائم على حسن الجوار والصلات الاجتماعية، وروابط الأصل والدم والنسب واللغة والدين، كما تدعمها روابط التاريخ والانتماء الإسلامي والعربي والخليجي المشترك التي تؤصل فيهم أواصر المحبة والتعاون والألفة المتجذرة بين الشعبين منذ آلاف السنين. وتستند العلاقة إلى أواصر الأخوة العميقة والجيرة الطيبة والتداخل العائلي والأسري، بجانب قاعدة كبيرة ومتنوعة ثرية بالمصالح المشتركة، وتعتبر نموذجاً يحتذى به لما ينبغي أن تكون عليه العلاقات بين الأشقاء، سواء على الصعيد الثنائي أو في إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وترتبط الدولتان بعلاقات وثيقة على مختلف الصُعد، يجسدها الحوار واللقاءات على أعلى المستويات بين البلدين والاجتماعات الوزارية والحكومية، ما يعكس حجم الاهتمام بين قيادتي البلدين في تطوير العلاقات الثنائية فيما بينهما.
مذكرات تفاهم
أثمرت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، إلى سلطنة عُمان، خلال الفترة الماضية، عن توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين البلدين في مجالات عدة، شملت: الطاقة، والنقل، والمواصلات واللوجستيات، والنقل البحري، والتعاون، والاستثمار في مجالات الصناعة، والمجال الثقافي والشبابي، والتعاون في مجالات الثروة الزراعية والحيوانية والسمكية وسلامة الغذاء، والتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار والتدريب المهني، والتعاون في مجال الأخبار، والتعاون بين شركة قطارات عُمان وشركة الاتحاد للقطارات، ومذكرات في الاتصالات وتقنية المعلومات وغيرها، وفي مجالات البورصة وأسواق المال، ويشكل حجم الاتفاقيات وشمولية مجالاتها وتنوع مشروعاتها انطلاقة نحو شراكة مصيرية.
مجلس التعاون
تشكل العلاقة بين البلدين ركيزة أساسية على صعيد العمل المشترك في إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وعلى المستوى العربي العام في إطار جامعة الدول العربية، بحكم الالتقاء في وجهات النظر والإيمان بالمبادئ والأسس التي ينبغي أن تستند إليها العلاقات والتعاون بين الدول الشقيقة والصديقة، وفي مقدمتها احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، والتعاون بحسن نية لتحقيق المصالح المشتركة والمتبادلة، وهي مبادئ تمثل إطار التعامل بين الدول وفق المواثيق الدولية.
شبكة نقل
أطلقت هيئة الطرق والمواصلات في دبي ومواصلات عُمان، خطاً دولياً للحافلات بين دبي ومسقط، في خطوة تهدف إلى تعزيز النقل البري وتسهيل تنقل الركاب بين البلدين، وتوسيع وتعزيز شبكة النقل الدولي بين البلدين، وبداية لمشروع تكامل في شبكة النقل بين البلدين، وتأتي تلك الخطوة حرصاً على سلامة وراحة الركاب المتنقلين بين سلطنة عُمان ودولة الإمارات على متن حافلات متطورة وآمنة ومريحة ومعدة خصيصاً لنقل الركاب على مسافات طويلة.
مواصفات عالمية
ترتبط الموانئ العُمانية والإماراتية بخطوط مباشرة لنقل مختلف المنتجات والصادرات، الأمر الذي أسهم في تحقيق الاستفادة الاقتصادية المتبادلة بين البلدين الشقيقين، كما تعد موانئ سلطنة عُمان والإمارات بوابة وحلقة وصل كبرى بين قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا وخدمة السفن العابرة، حيث تملك سلطنة عُمان 3 موانئ رئيسة «صحار وصلالة والدقم» تتمتع بمواصفات عالمية لتستقبل أضخم السفن، ومهيأة بأرصفة بعمق يصل في بعضها إلى 25 متراً، ومساحات تخزين كافية، ومحطات للحاويات وتقنيات متطورة لمناولة البضائع.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات عمان سلطنة عمان محمد بن زايد هيثم بن طارق بین البلدین حفظه الله فی مجالات آل نهیان
إقرأ أيضاً:
العلاقات العُمانية الإيرانية في 5 عقود
حيدر بن عبدالرضا اللواتي
haiderdawood@hotmail.com
تشهد العلاقات العُمانية الإيرانية مرحلة جديدة من التعاون والتنسيق، وذلك كما وصفها سعادة السفير موسى فرهنك سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية لدى سلطنة عُمان في خطابه الذي ألقاه بمناسبة احتفالات الجمهورية بيوم العيد الوطني لإيران، بحضور عدد من المسؤولين والدبلوماسيين ورؤساء البعثات الدبلوماسية والهيئات الدولية وشخصيات عسكرية وسياسية وإعلامية والضيوف العُمانيين والإيرانيين.
وقد أكد سعادته أن إيران وسلطنة عُمان يمثلان نموذجًا جيدًا للعلاقات المبنية على الثقة والصدق. وتناول في خطابه العلاقات الاقتصادية والسياسية بين البلدين ووصف عُمان بأنها إحدى أهم الدول الاستراتيجية في المنطقة، حيث تعد اليوم من أهم البلدان في المنطقة والعالم العربي والشرق الوسط بصوره عامة؛ باعتبارها من الدول القليلة التي تبني السلام والصداقة والتعاون بحكم قیادتها المحنكة ذات بعد النظر وبشعبها المثقف المتميز.
عُمان -كما وصفها السفير- لديها مواقف مُشرِّفة لا تنسى في العديد من الأحداث وخاصة إزاء الحدث الأخير في غزة الصامدة؛ حيث ينبع ذلك من الرؤى السامية للقيادة الحكيمة للبلد؛ فمواقف عُمان تُشكّل نموذجًا يُحتذى به للشعوب العربية الحرة والإسلامية، وتبرز عدم تبعيتها واستقلالها فيما تتجه مساعيها المتواصلة في مجال التنمیة ورقي البلاد في مختلف المحالات.
والعلاقات التجارية والسياسية بين البلدين قديمة وحديثة ومتميزة منذ ارتباطهما بزمن السومريين وحكام أرض مجان، وتعاونهما مستمر، فهما يعملان بالحفاظ على أمن المنطقة وسيادتها، واليوم فإن هذه العلاقات أصبحت مبنية على أساس الثقة والصداقة وحسن الجوار والوشائج التاريخية والعرقية والثقافية والدینیة الراسخة.
العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين البلدين بدأت في 26 أغسطس عام 1971، وشهدت زخمًا من التعاون البناء واستمرار التشاور والتبادل الهادف في مختلف المجالات، وفي تقريب المواقف تجاه مختلف التطورات الإقليمية والدولية وذلك من خلال الزيارات الرسمية بين رؤساء الدولتين. وهذه الزيارات تشكّل نقاط تحوّل، وتدعّم من تطوّر العلاقات في مختلف المجالات، خاصة في هذه المرحلة التي يشهد فيه العالم تحديات وتهديدات وأزمات أمنية على مختلف المستويات المحلية والإقليمية والدولية. فالعقوبات الأمريكية والغربیة الدولية تجاه إيران ما زالت تقوّض من عملية السلام في المنطقة، وتوسع من نفوذ الكيان الصهیوني، ورغم ذلك فإن سياسة الضغط الأقصى التي انتهجتها أمريكا تجاه إيران لم تتمكن أبدًا من عرقلة إیران عن تحقيق أهدافها السیاسیة والاقتصادیة والعسكرية. والمسؤول الإيراني يرى بأن أمريكا والغرب يعملان على تطوير وتوسيع نفوذهم العسكري في المنطقة، وتعزيز حضور الكيان الصهيوني في مسعى خبيث لاختراق المجتمعات المجاورة لإيران، بجانب العمل على تعزيز هيمنة النزعة الطائفية والإرهاب الحديث في المنطقة مع تأجيج الخلافات السياسية وتصعيد النزعات العرقية والمذهبية، والتي تعتبر جميعها من أهم التهديدات التي تحيط بدول المنطقة؛ الأمر الذي يتطلب تعزيز الخطاب وثقافة الحوار وإجراءات بناء الثقة، وزيادة مساحة الحوار والعمل على إزالة سوء الفهم، وتعزيز مبادئ التفاهم، وعدم السماح للظروف الفوضوية بالهيمنة على سياسات الدول.
وتحدث السفير الايراني عن عملية "طوفان الأقصى" التي جاءت كرد فعل طبيعي على 75 عامًا من الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين، مؤكدًا أن هذه العملية الجريئة تمكنت من وقف تصفية القضية الفلسطينية في المشروع الإقليمي الكبير وتسريع خطی التطبیع، بل أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة وأعطت لها الأولوية بالعالم الإسلامي. وهذا أدى إلى سقوط السردیة الإسرائيلية إلى الأبد، بالتوازي مع صدور قرار المحكمة الجنائية الدولیة بالقبض علی رئیس الوزراء الصهیوني بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
خلفية العلاقات بين البلدين الجارين عُمان وإيران ثابتة على مر التاريخ، والمشاورات والتعاون الاقتصادي الواسع والتبادل الهادف للوفود مستمرة؛ حيث يجري تبادل أكثر من 80 وفدًا سياسيًا واقتصاديًا سنويًا، فيما يتواجد اليوم على أرض سلطنة عمان أكثر من 25 ألف إيراني نتيجة لزيادة الرحلات الجوية بين البلدين التي وصلت إلى 50 رحلة جوية أسبوعيًا، فيما سجل حجم التجارة الخارجية نحو 2.5 مليار دولار.
إنَّ كلًا من سلطنة عُمان وإيران لها دور كبير في المنطقة ولا يمكن لبعض الدول تقليص هذا الدور في العلاقات الأمنية في المنطقة؛ باعتبارها بحاجة إلى مزيد من الترتيبات الأمنية المحلية لمواجهة التحالفات الخارجية المختلفة؛ الأمر الذي يتطلب مزيدًا من التعاون بين دول المنطقة، وتركيز الجهود الدبلوماسية في هذا الاتجاه، ودعوة الجيران إلى إقامة علاقات سلمية فیما بینها ومنع التدخل الأجنبي في مصير المنطقة، والمشاركة بشكل أكبر في ضمان أمنها.
رابط مختصر