أكاديميون وخبراء في المناخ: لا علاقة لعمليات الاستمطار بمنخفض «الهدير»
تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT
أبوظبي (وام)
أخبار ذات صلة الإمارات وعُمان.. تاريخ وروابط ومصير مشترك هيثم بن طارق.. سلطان الخير والمجدأكد عدد من الأكاديميين والخبراء في التغير المناخي والطقس أن الأمطار الشديدة وغير المسبوقة التي شهدتها دولة الإمارات يوم 16 أبريل الجاري هي جزء من التحولات المناخية الحادة والاستثنائية التي يشهدها العالم في ظل زيادة الانبعاثات الكربونية القياسية، مشددين على أن هذه الحالة المطرية المتطرفة لا يمكن ربطها علمياً بعمليات التلقيح الصناعي للغيوم (الاستمطار).
وفي هذا الصدد قالت الدكتورة ديانا فرانسيس، رئيسة قسم البيئة والعلوم الجيوفيزيائية في جامعة خليفة: إن الأحوال الجوية القاسية التي شهدتها الإمارات الأسبوع الماضي هي حالة استثنائية من حيث شدتها وآثارها واسعة النطاق، مشيرة إلى أن كمية المطر التي سقطت يوم 16 أبريل الجاري لم يسبق لها مثيل وتعادل كمية الأمطار التي تشهدها دولة الإمارات خلال عامين، وتعادل أيضاً كمية الأمطار التي تهطل على لندن في 7 أشهر في المتوسط.
وأضافت: أن عملية تلقيح السحب (الاستمطار) لم تسبب أو تسهم في هطول كمية الأمطار الاستثنائية التي شهدتها البلاد، ويعود ذلك لثلاثة أسباب، أولها أن هذه الحالة الجوية أثرت على عدة دول في المنطقة، وثانياً أنه تم التوقع بهذه الحالة قبل خمسة أيام على الأقل، بمعنى أن عملية تلقيح السحب لم تتسبب بحدوث هذه الحالة الجوية، وثالثاً وأخيراً أنه عندما يُتوقَّع حدوث مثل هذه الظواهر الخطيرة، لا يمكن إجراء عملية تلقيح للسحب لأنه يمثل خطورة كبيرة على الطيارين في ظل هذه الظروف الجوية.
وأوضحت أن عمليات تلقيح السحب تهدف إلى تعزيز هطول الأمطار عن طريق مساعدة بخار الماء على عملية التكثف في وجود السحب، ولا يمكنه بأي حال من الأحوال المساهمة في عملية خلق السحب أو تكوين بخار الماء نفسه، حيث من الضروري توفر كل هذه العناصر من أجل حدوث عملية تلقيح السحب، وخلال هذه الحالة الجوية توفرت كل العناصر الضرورية لسقوط هذه الكمية الكبيرة من الأمطار من دون الحاجة إلى عملية تلقيح السحاب.
وتوقعت الدكتورة ديانا فرانسيس أن تصبح الظواهر الجوية القاسية أكثر تواتراً وأكثر كثافة بسبب الاحترار الجوي الذي يسمح للغلاف الجوي بالاحتفاظ بقدر أكبر من الرطوبة.
ويتفق الدكتور منصور المزروعي، خبير التغير المناخي في المملكة العربية السعودية، مع طرح الدكتورة فرانسيس، حيث يتوقع أن تشهد الدولة خلال نهاية الشهر الحالي ومطلع مايو القادم أمطاراً قد تكون غزيرة، نتيجة ما تشهده دول العالم من تحولات مناخية عنيفة، كما أن هناك توقعات أن تشهد الدولة أمطاراً في الصيف، مؤكداً أن هذه التوقعات تأتي استناداً إلى التحليلات الجوية المعتمدة على نماذج عالية الدقة.
وأشاد الدكتور المزروعي ببرنامج الاستمطار الإماراتي ووصفه بالواعد والرائد في المنطقة، وقال: «البرنامج الإماراتي له خبرة طويلة في هذا المجال ونحتاجه وبشدة في المنطقة، داعياً إلى ضرورة تنفيذ استراتيجية وطنية للتكيف والصمود لمواجهة التحديات المناخية العنيفة، خصوصاً أن التوقعات التي جاءت بناء على تحليلات جوية وتم الاستناد إليها تشير إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد هطول أمطار غزيرة ومتطرفة وستزيد نسبتها إلى 30 في المئة».
من جانبه قال عمر الشوشان، مختص سياسات المناخ ورئيس اتحاد الجمعيات البيئية في الأردن: إن التغيرات المناخية تؤثر بشكل متزايد على أنماط الطقس في جميع أنحاء العالم، وأحداث الطقس المتطرفة مثل الأعاصير والفيضانات هي أبرز مظاهر هذا التأثير، مشيراً إلى أن التقييم السادس في تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية في التغير المناخي، الصادر عن منظمة الأرصاد العالمية، يؤكد أن زيادة الانبعاثات الكربونية القياسية ستؤدي إلى مثل هذه الظروف المناخية الاستثنائية، خاصة في ظل تغيير أنماط الهطول المطري، بحيث يصبح أكثر حدة وبكميات كبيرة في وقت قصير، والاحتمالات واردة في زيادة تكرار هذه الأحداث خلال الأعوام المقبلة.
وأضاف الشوشان: «تحدث الظواهر المناخية المتطرفة في أنحاء مختلفة من العالم بشكل متزايد، والدول في منطقة الخليج العربي ليست استثناءً من ذلك»، مشدداً على أن الحالة الجوية الاستثنائية التي تعرضت لها بعض دول الخليج العربي لا يمكن ربطها علمياً بعمليات الاستمطار، وإنما تُعزى بشكل وثيق لتداعيات التغير المناخي التي أصبحت أزمة في الآونة والأخيرة.
وأكد ضرورة الاستفادة من النموذج الإماراتي في التعامل الاستباقي مع هذه الظروف المناخية الاستثنائية، من حيث الإنذار المبكر وقوة البنية التحتية والإدارة الرشيدة التي مكنتها من التعافي بوقت قياسي.
وحذر من أن يصبح الاستثناء هو النمط السائد في ظل تراخي الالتزام الدولي في وقف زيادة الانبعاثات الكربونية التي تعد المسبب الرئيس في ظاهرة الاحتباس الحراري
ويتفق الدكتور عماد سعد، خبير الاستدامة والتغير المناخي، رئيس شبكة بيئة أبوظبي، مع طرح رئيس اتحاد الجمعيات البيئية في الأردن، ويشير إلى أن «منخفض الهدير» ليس حالة استثنائية بصفته أحد مخرجات التغير المناخي، إنما هو استثناء من حيث كمية الهطول المطري التي نزلت في يوم واحد على دولة الإمارات أو دول المنطقة.
ويرى أن منخفض «الهدير» له أسباب مباشرة وأخرى غير مباشرة، من الأسباب المباشرة وجود كتل هوائية رطبة وصلت من المحيط الهندي، بالتزامن مع منخفض جوي مع ارتفاع في حرارة الأرض، أما السبب غير المباشر، كما يوضح الخبير عماد سعد، وهو الأهم من وجهة نظره، فهو التغيرات المناخية في العالم الذي يشهد أكثر من عقدين تغيراً سريعاً في خريطة الهطول المطري حول العالم.
منخفض
أوضح حسن عبدالله، المدير التنفيذي لمركز وسم للأرصاد الجوية الإقليمية في الأردن، أن الحالة الجوية التي شهدتها الإمارات ناتجة عن منخفض جوي عميق ونادر كان يتمركز جنوب غرب الإمارات، ودفع كميات كبيرة جداً من الرطوبة من بحر العرب، وتزامن مع اندفاع كتلة باردة في مختلف طبقات الجو من جنوب أوروبا نحو الإمارات، مشيراً إلى أن حركة المنخفض الجوي كانت بطيئة لأسباب تتعلق بسلوك غير اعتيادي للغلاف الجوي، مما أتاح تشكل عدة موجات ممطرة غزيرة جداً نحو الإمارات.
وشدد كذلك على أنه لا علاقة لبرنامج تلقيح الغيوم بزيادة قوة الحالة الجوية، لأن تلقيح الغيوم الاصطناعي في هذه الحالات الشديدة لا يعطي تأثيراً مهماً في قوة الغيوم، وقال في هذا السياق: «إن ذرات الغبار المندفعة من الربع الخالي وكمياتها الكبيرة ساهمت في تلقيح (طبيعي) للغيوم الركامية وزيادة قوتها وسماكتها ومعدلات غزارة الأمطار»، مشيراً إلى أن التغيرات المناخية في منطقة الجزيرة العربية ومناطق واسعة من الشرق الأوسط بدأت بالفعل تظهر بوضوح، خاصة منذ 10 سنوات، على شكل معدلات أمطار كبيرة، وزيادة في مستوياتها، وارتفاع واضح في درجات الحرارة.
كفاءة
أشاد الخبير عماد سعد بكفاءة شبكات الصرف الصحي بالدولة، حيث استوعبت كمية الهطول الهائلة بأقل من 24 ساعة، وهذا بسبب تخطيط المدن الذي أخذ بعين الاعتبار استشراف التحديات المناخية، وفق خرائط النمذجة الرياضية باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وأوضح أن مسار منخفض الهدير بات معروفاً للجميع من خلال الأقمار الصناعية التي رصدت ونشرت مسار هذا المنخفض وغيره من الأعاصير والفيضانات عبر العالم.
علمياً
أكد أنه من الناحية العلمية لا علاقة بين برنامج الاستمطار ومنخفض «الهدير» نهائياً؛ لأن دولة الإمارات تقوم بتنفيذ برنامج الاستمطار الصناعي منذ أكثر من ثلاثة عقود، بالتعاون مع عدد من المنظمات، مثل المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي في كولورادو، الولايات المتحدة الأميركية، ووكالة الفضاء الأميركية «ناسا»، والأهم من ذلك هو عدم استخدام أي مواد كيماوية ضارة في هذه العمليات، حيث تعتمد على الأملاح الطبيعية، مثل كلوريد البوتاسيوم وكلوريد الصوديوم.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: التغير المناخي المنخفض الجوي الطقس الأمطار الإمارات التغیر المناخی دولة الإمارات الحالة الجویة التی شهدتها عملیة تلقیح تلقیح السحب هذه الحالة على أن إلى أن أن هذه
إقرأ أيضاً:
COP29.. الإمارات تكشف عن استراتيجية 2031 لتحالف القرم من أجل المناخ
كشفت معالي الدكتورة آمنة بنت عبدالله الضحاك، وزيرة التغير المناخي والبيئة، اليوم، عن استراتيجية 2031 لتحالف القرم من أجل المناخ، وذلك خلال الاجتماع الوزاري الثاني للتحالف الذي عقد خلال مؤتمر الأطراف COP29 في العاصمة الأذربيجانية باكو.
ترأست الاجتماع معالي الدكتورة آمنة الضحاك إلى جانب ناني هنديارتي، نائب وزير في وزارة تنسيق شؤون الغذاء في جمهورية إندونيسيا بحضور وزراء من الدول الأعضاء في تحالف القرم من أجل المناخ.
وجرى، خلال الاجتماع، استعراض استراتيجية 2031 والتوجه المستقبلي لتحسين الجهود الجماعية للتحالف من أجل استعادة أشجار القرم على مستوى العالم إلى جانب بحث تعزيز المبادرات المشتركة لتوسيع نطاق النظم الإيكولوجية لأشجار القرم في أنحاء العالم.
افتتحت معالي الضحاك الجلسة بإلقاء الكلمة الرسمية لدولة الإمارات العربية المتحدة والتي سلطت الضوء على جهود الدولة في حماية غابات القرم، مؤكدة مساهماتها في توسيع النظم الإيكولوجية لأشجار القرم على مستوى العالم ونوهت إلى فوائد تلك النظم في التخفيف من تداعيات تغير المناخ والتكيف معه، وحماية الكائنات البحرية والساحلية الأخرى.
وقالت معاليها إن «أشجار القرم تعمل خزانات طبيعية للكربون ويمكنها تخزين أربعة أضعاف كميات الكربون التي تخزنها الغابات المطيرة وتوفر حماية طبيعية من الفيضانات وتآكل التربة، وتساعد في الحد من ارتفاع مستوى سطح البحر. وندرك في دولة الإمارات الدور المحوري الذي تلعبه غابات القرم في مساعدتنا على تحقيق استراتيجية الإمارات للحياد المناخي 2050 وفي مؤتمر الأطراف COP26 عام 2021، عززنا طموحاتنا لتوسيع غطاء القرم في الإمارات، وتعهدنا بزراعة 100 مليون شجرة قرم بحلول عام 2030».
وأكدت معالي الضحاك أهمية التعاون والجهود المتسقة التي بذلتها الدول الأعضاء والتي ساهمت بشكل كبير في نجاح تحالف القرم من أجل المناخ.
وتوجهت معاليها بالشكر إلى إندونيسيا على دعمها الراسخ لصون غابات القرم في جميع أنحاء العالم، وأشادت بدور الأعضاء الآخرين في المساهمة بصون النظم الإيكولوجية لهذه الغابات.
في معرض حديثها عن استراتيجية 2031 لتحالف القرم من أجل المناخ، قالت معالي الدكتورة آمنة بنت عبدالله الضحاك إن «هذه الاستراتيجية تعد تجسيداً للجهود المشتركة لتعزيز النظم الإيكولوجية لأشجار القرم وتوفر مخططاً لقيادة الجهود العالمية في هذا المجال وتدعم أيضا تطلعات التحالف لصون أشجار القرم وتدفعنا إلى اتخاذ إجراءات واضحة ومتسقة في هذا السياق».
وأعقب كلمة معاليها، كلمة رئيسية ألقتها ناني هينديارتي، وعرض تقديمي لمبادرة تنمية القرم واختُتم الاجتماع بمداخلات من الدول الأعضاء وكلمة ختامية ألقتها معالي الدكتورة آمنة الضحاك وناني هينديارتي.
وتعهد أعضاء تحالف القرم من أجل المناخ بزراعة وإعادة تأهيل واستعادة غابات القرم في بلدانهم إضافة إلى دعم المساعي العالمية المبذولة في هذا السياق.
يهدف التحالف إلى الاستفادة من التزامات الدول الأعضاء وتعزيزها عبر مختلف المجالات بما في ذلك البحث العلمي، وإدارة السواحل والحفاظ عليها، والتعليم، والتخفيف من تداعيات تغير المناخ، والتكيف معه، وإرساء السياسات ذات الصلة.
وقبل الاجتماع الوزاري، اجتمعت اللجان الفنية الممثلة لأعضاء التحالف البالغ عددهم 45 عضواً خلال مؤتمر الأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي COP16 في مدينة كالي الكولومبية لمراجعة استراتيجية التحالف المقترحة لعام 2031، ووضع صيغتها النهائية للتداول الوزاري.
توفر هذه الاستراتيجية خريطة طريق لدعم الدول الأعضاء للوفاء بالتزاماتها في الحفاظ على أشجار القرم، وتعزيز العمل المناخي المستدام من خلال الحلول القائمة على الطبيعة.