صحيفة الاتحاد:
2025-07-11@23:31:33 GMT

الثقافة العُمانية.. هوية أصيلة

تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT

محمد عبدالسميع (الشارقة)
حين نقول الثقافة العُمانية، فإنّ أول ما يتبادر إلينا هو هذا الثراء الكبير في المفردة التراثية الأصيلة، وهذا التنوع الرائع في كل المفردات المصاحبة والمعبرة عن هوية أصيلة، والانطلاقة الواثقة نحو العلم والمعرفة والتأسيس الثقافيّ للأجيال. ويحمل الشعب العُماني ثقافته إلى كلّ البلاد التي يسافر إليها للدراسة والعمل ومشاركات التبادل الثقافي مع البلدان الخليجية في مجلس التعاون الخليجي، والبلدان العربية الشقيقة، وكلّ دول العالم الصديق، حيث تعبّر المشاركات الثقافية والفلوكلورية العُمانية عن الذائقة الأصيلة، ليس فقط في التراث العريق وتطوّره بين الأمس واليوم، وإنما أيضاً في وعي الأجيال وحفاظهم على هذا الرابط ومراكمتهم عليه.


وترتبط الثقافتان العُمانية والإماراتية برابطٍ قوي ومتين، نظراً للقرب الجغرافيّ أولاً بين البلدين، وكلاهما من أعضاء مجلس التعاون الخليجيّ العربي، وأيضاً للقرب التاريخي والتراثي على أكثر من صعيد، وللعلاقة الوطيدة تاريخيّاً بين قيادتي البلدين، من حيث الرؤى العميقة لكلّ القضايا الثابتة والمستجدة في المنطقة والإقليم والعالم ككُل.
تبادل ثقافي
وعملت الدولتان على الإعلاء من شأن الثقافة بين الأمس واليوم، من خلال الاتفاقيات والتعاون والتبادل الثقافي على المستوى الوزاري، لوزارتي الثقافة الإماراتية والعمانية، وعلى مستوى المهرجانات ووسائل التعبير الثقافي والأسابيع الثقافية، والاحتفاليات والجامعات وأنشطة الطلبة المعبّرة عن الاعتزاز بالهوية والتراث، وهذا الرابط الأصيل والمتجدد بين البلدين.
وحيث التراث العُماني، في الأزياء والشعر الشعبي وطرق إلقائه، وحيث سباقات الهجن، والمواقع الأثرية العديدة، والصناعات الحرفية، وحضور الدولة على قائمة الدول العربية والعالمية ذات التراث العريق، ظلّت الثقافة الإماراتية تمزج ما بين الماضي والحاضر، فتعطي المساحة التراثية حقّها من الاحتفاء والإشهار على المستوى الخليجي والعربي، والعالمي في منظمة اليونسكو وسواها من المنظمات ذات الاهتمام، وفي الوقت ذاته تولي إبداعات الشباب والأجيال الأدبية والفكرية كلّ الاهتمام.

واعتمدت الثقافة العمانية الرؤية المشتركة ذاتها في احترام تراثها وتشجيع شبابها على العطاء الفكري والثقافي، فكان أنّ اللوحات التراثية في الفرق الشعبية تتجلى بين البلدين بشكل متكامل يحمل التنوع الجميل، لاسيما وأنّ الإمارات وعُمان تشتركان في اللهجة الخليجية المتقاربة ذاتها، وفي الأزياء التراثية، مع وجود خصوصيات معينة، وكذلك لأنّ ألوان الغناء الشعبي تتقارب بشكل كبير، كما في فنون «الرزحة» و«العازي» الشعبيينِ، كما أن مساحة الشعر الشعبي والنبطي تنساب بروعة لافتة، ومن فترات قديمة، وهذا ما أعطى الثقافتين الإماراتية والعُمانية رونقاً جميلاً وقرباً يحمله الشعبان في هذا الالتقاء الروحي العميق، والأخوّة الصادقة المبنية على علاقات الأصالة والتطلع إلى المستقبل المشرق بعين الثقة والاعتزاز.
وتشترك كلٌّ من الثقافتين العُمانية والإماراتية في كثير من طبيعة المناسبات التراثية والأزياء والعادات والتقاليد، وكذلك في كون البلدين بارزينِ على صعيد الاحتفاليات الثقافية العربية، كما في فوز الشارقة بلقب عاصمة الثقافة العربية، وكذلك في فوز العاصمة العُمانية مسقط عاصمةً للثقافة العربيّة، وفوزها أيضاً عاصمة للتراث والثقافة الإسلامية.
وهكذا، فإنّ الشعور العربي الراسخ تجاه عُمان ذات التاريخ العميق والموقع الاستراتيجي من الحضارات القديمة والدول والشعوب الأخرى، يقابله أيضاً شعور عربي راسخ بمكانة دولة الإمارات العربية المتحدة، وصلتها بهذا العالم، من واقع الآثار الدالة والحصون والمواقع القديمة، ولذلك تُعتبر الحصون والقلاع والآثار التي يتم اكتشافها في الدولتين، دليلاً كبيراً ونوعيّاً على حضورهما، وقراءة الحضور العُماني والإماراتي وتأثيرهما في المنطقة منذ القدم، كتراث إنساني جدير بالاهتمام والترويج والتعريف به لكلّ الأجيال.
في الإمارات، هناك شعر «العازي» و«الرزحة» و«الطارج» وفن «الشلّة»، و«التغرودة»، و«العيّالة»، وغيرها من الفنون والألوان التراثية، والتي جاء بعضها نتيجة احتكاك الشعوب وبفعل السفر وتبادل الثقافات، وبخاصة عبر البحر، إلى بلدان عديدة في كلٍّ من آسيا وأفريقيا.

أخبار ذات صلة الجيل الجديد وسؤال الكتابة والأجناس الأدبية الإمارات وعُمان.. علاقات أخوية وشراكة استراتيجية راسخة

وفي عُمان، تنتشر فنون شعريّة، مثل شعر «الميدان»، و«الرزحة»، وفن «العازي»، وفن «الطارق»، وفن «النهمة»، وفنّ «التغرودة»، وإذا بحث المهتمّ والمتخصص في هذه الألوان، فسيحظى بألق المفردة وجمال تعبيرها ورونقها بين التراث الشعبي العُماني والإماراتي، حيث تشترك هذه الألوان في الروح والمضمون والآلة الموسيقية وطريقة الأداء، وتتميز بخصائص لكلّ دولة، وهو ما جعل من هاتين الثقافتين مميزتين، لدرجة أنّ الانسجام سريعاً ما يتمّ في التعبير الشعبي في المهرجانات والاحتفاليات وكل المناسبات الحاملة لهذا التراث أو لهذا التعبير الأصيل.
موروث عريق
وفي جانب التراث أيضاً، فإنّ سباق «الهجن»، كموروث عريق يدل على أصالة الإمارات وعُمان، وهو مفردة رائجة وحاضرة، ولنا أن نقيس على ذلك العديد من الأفكار التراثية ذات الاهتمام المشترك في كل أوجه الحياة ومناسباتها في الأفراح والزواج والأعياد الدينية والوطنيّة، وفي عالم الحرف اليدوية، وغيرها من المجالات والمفردات.
وفي معارض الكتاب يُعدّ معرض مسقط الدولي للكتاب ذا حضور ومتابعة للمثقفين والأدباء العرب، وتحديداً المثقف والأديب الإماراتي الذي تحتضن بلاده معرضين كبيرينِ للكتاب، هما معرض أبوظبي الدولي للكتاب، ومعرض الشارقة الدولي للكتاب، ولذلك كانت ولا تزال الإبداعات المشتركة لدور النشر العُمانية والإماراتية حاضرةً وبشكل جميل على منصات وأنشطة وأجنحة هذه المعارض.
وفي مجال الكتابة والأدب تقوم الجمعية العُمانية للكتّاب والأدباء بدور كبير في التشاركية العربية والخليجية في الاستضافات واللقاءات والبروتوكولات الثقافية، ونظراً للعلاقة المتميزة التي تربط الإمارات وعُمان، فإنّ اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، وكلّ الجمعيات الأدبية والفنية ذات العلاقة، على تواصل وتبادل ثقافي وفني في المهرجانات والتباحث حول الأدب والإبداع في مجالات كثيرة، منها على سبيل المثال، فوز الكاتب العُماني زهران القاسمي بجائزة البوكر العربية للرواية، عن روايته «تغريبة القافر»، وسط احتفال كبير بالفوز في العاصمة الإماراتية أبوظبي.
والأمثلة على حضور المثقف العُماني على منصات الشعر كثيرة، كما في برنامج «شاعر المليون،» بأبوظبي، وكذلك في العديد من مهرجانات الشعر النبطي والشعر الفصيح في الشارقة. ومن أمثلة ذلك، فوز الشاعرة العُمانية عائشة السيفي التي تُوّجت قبل فترة أميرةً للشعراء في برنامج «أمير الشعراء» الإماراتي في موسمه العاشر، وسط حفاوة عُمانية وإماراتية وعربية لافتة. ومثلما يزدهر الأدب والشعر وفنون التشكيل والمسرح والموسيقى التراثية وأدواتها القديمة والحديثة في كلٍّ من عُمان والإمارات، فإن للثقافة وأساليب الحياة وأعمال الزراعة والمباني والعمارة، اشتراكاً واضحاً بين الدولتين، حيث تتنوع بينهما البيئات السكانية ما بين البادية والحضر والزراعة، بما يجلبه هذا التنوع من ازدهار لفنون القول والتعبير الشعري الذي كان في الماضي يتنافذ على بعضه بحكم الجوار الجغرافي والتاريخي بين الإمارات وعُمان.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: عمان سلطنة عمان الثقافة التراث الإماراتي الثقافة الع الع مانیة الع مانی ع مانیة

إقرأ أيضاً:

أصيلة تحتضن الدورة الخامسة للأكاديمية المتوسّطية للشباب من 11 إلى 19 يوليوز

تحتضن مدينة أصيلة، خلال الفترة الممتدة من 11 إلى 19 يوليوز 2025، الدورة الخامسة من الأكاديمية المتوسّطية للشباب، احتفاءً بمرور عشرين سنة على تأسيس المنتدى المتوسطي للشباب (2005–2025). وتأتي هذه الدورة تحت شعار: « الشباب: الابتكار، المرونة والالتزام من أجل مستقبل مستدام قائم على حقوق الإنسان ».

وتهدف هذه التظاهرة الشبابية، التي يشارك فيها 120 شابًا وشابة من مختلف بلدان ضفتي البحر الأبيض المتوسط، إلى تعزيز انخراطهم الفاعل في قضايا السياسات العمومية، العدالة المناخية، التحول الرقمي، السلام، والاقتصاد المستدام، وذلك في سياق عالمي يتسم بتسارع التحولات الرقمية وتفاقم الأزمات المناخية والاجتماعية.

ويتم تنظيم هذه الدورة بدعم من قطاعات حكومية، مؤسسات منتخبة، جامعات ومراكز بحث، سلطات محلية وجهوية، إلى جانب فاعلين من المجتمع المدني ومؤسسات إعلامية، ضمن مقاربة تشاركية تسعى إلى تعبئة جماعية لتعزيز أدوار الشباب في تحقيق التنمية المستدامة.

ويتضمن برنامج الأكاديمية ورشات تكوينية، موائد مستديرة، أنشطة بيئية وفنية، ولقاءات « Café-Débats »، إضافة إلى فضاءات للتفكير الاستراتيجي في عدد من المواضيع الحيوية، من أبرزها:

-مشاركة الشباب في مواجهة التحولات الكبرى،

-الحقوق الرقمية والمواطنة في العصر الرقمي،

-الحكامة والذكاء الاصطناعي من منظور حقوق الإنسان.

-الدبلوماسية الثقافية.

-التحديات المناخية في المدن المتوسطية الإفريقية.

-اقتصاد المستقبل والابتكار المقاولاتي،

-أخلاقيات الذكاء الاصطناعي،

-الصحة النفسية كركيزة للاستدامة.

ويشارك في أشغال الدورة نخبة من الخبراء والمسؤولين وممثلي منظمات وطنية ودولية، في أفق تمكين الشباب من أدوات التغيير، وتعزيز مشاركتهم في الحياة العامة، وتنمية قدراتهم الرقمية والمقاولاتية، ضمن رؤية شاملة ترتكز على الكرامة، المواطنة، وحقوق الإنسان.

 

كلمات دلالية أصيلة أكاديمية الشباب

مقالات مشابهة

  • مسؤولون ومختصون: استحقاق يعزز مكتسبات الموروث الإنساني
  • تعاون بين شرطة الشارقة و«العربية للطيران»
  • وجهة طنجة-أصيلة تسجل ارتفاعاً في ليالي المبيت السياحية
  • الإيسيسكو: إدراج الْفَايَة على لائحة التراث العالمي إنجازٌ جديد للشارقة
  • مدرب المنتخب: تحسين الأداء الفني والتقني وتأهيل المواهب العُمانية
  • محمية الإمام تركي تحتفي بالسدو بعمل توثيقي يُجسّد هوية المجتمع المحلي
  • «الاتحادية» تطلق «برنامج المستشارين الماليين الشباب»
  • الإمارات العربية المتحدة ترحب بقرار إزالة الدولة من قائمة الاتحاد الأوروبي للدول الثالثة عالية المخاطر في مجال غسل الأموال وتمويل الإرهاب
  • أصيلة تحتضن الدورة الخامسة للأكاديمية المتوسّطية للشباب من 11 إلى 19 يوليوز
  • دعم الحرف التراثية وإقامة مهرجانات دولية ننشر توصيات مهرجان الأراجوز المصري في دورته الرابعة