الجيل الجديد وسؤال الكتابة والأجناس الأدبية
تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT
هزاع أبوالريش (أبوظبي)
في الآونة الأخيرة شهدت الساحة المحلية إبداعات لافتة للجيل الجديد من الأدباء، وبلا شك فإن هذا الزخم من الإصدارات الشبابية يمثل إضافة نوعية رغم تفاوت مستوى الطرح بين كاتب وآخر، ولكن وسط هذا الحضور والمشاركات الأدبية بشتى أنواعها، ما هي الأجناس الأدبية التي يميل إليها الشباب للتعبير والكتابة؟، وما هي الإصدارات الأكثر رواجاً خلال المشاركات المتنوعة في الفعاليات الثقافية؟.
يقول الكاتب سيف محمد المنصوري:«لا نستطيع تحديد توجه الشباب في الطرح وما يقدمونه خلال مشاركاتهم، لأنه هناك تنوعاً في الإصدارات ما بين المجموعات القصصية والروايات والكتابات الأدبية بشتى فروعها، بالإضافة إلى القصائد». مشيراً إلى أن الحضور الشبابي الذي نشاهده في معارض الكتب، وتنوّع الطرح، وكثرة الإصدارات تجعلنا نقف أمام مشهد جميل، وحلم ربما تحقق أخيراً ونستطيع أن نقول عبارة «الشباب يقرأ»، لأنهم لو لم يقرأوا لما أنتجوا هذه الإبداعات الأدبية، ولم تكن لديهم الجرأة لاقتحام القاعات الثقافية ومقارعة كبار المثقفين والأدباء ولكن الجرأة لديهم لم تأتِ من فراغ وإنما من ثقة منبثقة من إطلاع وعلم ومعرفة.
وتابع المنصوري: الشباب اليوم لم يكتفوا فقط بإصدار المؤلفات، وإنما توّسعت مشاركاتهم لأن يشاركوا في محاضرات وندوات ويتحدثون بما يخدم الشاب المبدع. ويضيف: «هذا ما نشاهده من الشباب كذلك خلال مشاركاتهم الدولية وليست المحلية فقط، أصبحوا يمثلون الوطن بكل فخر وجدارة، ناهلين من تجارب الآخرين، متمسكين برؤية قيادتهم الرشيدة وما ترنو إليه لأن يكونوا دائماً في المقدمة، وهذا ما يجعل لديهم الثقافة حالة متجددة».
الأكثر قراءة
ومن جهتها، تقول الكاتبة الدكتورة وفاء أحمد: «أعتقد أن الرواية هي الأكثر قراءة بين جيل الشباب اليوم، وأيضاً القصة القصيرة، لأنه ومع الدراسات الأدبية وكذلك النفسية للعقل البشري فالإنسان يميل دائماً إلى الأسلوب القصصي. وكوني محاضرة فدائماً ما ننصح المحاضرين وكتاب المقال بأن يبدأوا محاضراتهم أو مقالاتهم بقصة قصيرة لجذب المستمع والقارئ، لكن لا ننكر أهمية الأعمال الأدبية الأخرى فكل نوع أدبي لديه أهميته التي قد لا يحققها النوع الأدبي الآخر. ويجب أن نعلم يقيناً أن جزءاً كبيراً من أهمية العمل الأدبي يعتمد على تنضيد الكلمات بشكل متسق متجانس، يمنح القارئ مشاعر انسيابية في السرد والاتزان، وهذا أول ما يجب أن يجيده الكاتب من مهارات الكتابة لأنها جزء كبير من الكتابة الإبداعية، وهي البوابة التي تثير اهتمام الشباب أو القراء على حد سواء فالكاتب يجب أن يثير إعجاب الآخرين ويقدم ما هو مدهش ومميز».
وتضيف: «الكاتب مهما كان النوع الأدبي الذي يكتبه يجب أن يكون موسوعي الاطلاع، ويملك قدرة ملاحظة عالية، ويمنح نصه الحرية الكافية لعرض القضية، فالتاريخ جزء من الحاضر، ويحمل مخزون المعرفة والتجربة الإنسانية، ومنها تُبنى عوالم النصوص الأدبية. أما عن التجريب فأرى أن المقدرة الأدبية تحتاج إلى محاولات حثيثة من الأدباء للإضافة عليها، والبحث المثابِر عن قوالب مختلفة للتعبير عن الإنسان وقضاياه بشكل معاصر وقريب، وهذا يأتي من خلال التجريب والخبرة ليكون الكاتب مبدعاً بأي نوع من الأنواع الأدبية».
وتقول الكاتبة مريم المزروعي: «تنوعت الأجناس الأدبية بين الشباب ما بين الرواية والقصة، فأصبحت الروايات على اختلاف مواضيعها تجذب فئة اليافعين، وبالأخص إذا تطرقت حول الشخصيات البطولية والتاريخية والغموض والرومانسية، بالإضافة إلى سير الشخصيات والسياحة والكتب المترجمة وكتب الفلسفة».
غذاء العقل
أكدت الكاتبة مريم المزروعي، أن التزود بالمعرفة عبر الكتب يجعل القراءة جزءاً من حياتنا، كما يقول الفيلسوف الإنجليزي جون لوك: القراءة تمد العقل بلوازم المعرفة أما التفكير يجعلنا نملك ما نقرأ، فالقراءة تغذي عقولنا بالمعرفة وتقوي حضورنا وشخصياتنا نحو التفكير والإبداع وتفتح باب المغامرات وتعلمنا الأشياء الجديدة ومهارات اللغة وتنمي القدرة على الكلام والحديث وبناء المفردات، وهذا ما نراه في هذا الجيل، لأن الاطلاع والقراءة أصبح أمراً ضرورياً بالنسبة لهم، ولا نستغرب من حضورهم الإبداعي في المحافل الثقافية وتميّزهم فيما يقدمونه من إصدارات متميّزة».
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الثقافة الأدب الروايات العربية القصائد
إقرأ أيضاً:
التفاصيل الصغيرة تصنع الحكايات الكبيرة.. أسرار الكتابة الإبداعية في معرض جدة للكتاب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في أمسية ملهمة ضمن فعاليات "معرض جدة للكتاب 2024"، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة، أُقيمت ورشة عمل بعنوان "من أين تأتي الفكرة؟". قاد الورشة المهندس بدر السماري، الذي حثّ الحضور على أهمية القبض على التفاصيل البسيطة في حياتهم اليومية وتدوينها باستمرار، مشيراً إلى أنها تُعد منطلقاً لفكرة كتابات مميزة ومليئة بالتفاصيل الباهرة.
وافتتح سعود المقحم الورشة بتقديم لمحات من سيرة السماري، ثم أفسح له المجال للإجابة عن السؤال المركزي للورشة حول مصادر الأفكار لدى الكاتب.
استهل السماري حديثه باستدعاء مقولة للمؤلف المسرحي الروماني أوجين يونسكو، الذي يرى أن حياة الكاتب تنقسم إلى قسمين: الكتابة، والرصد من أجل الكتابة. وأكَّد أن معظم الكُتّاب يُنشئون دفاتر أو ملفات لتدوين الأفكار والملاحظات العابرة، مشيرًا إلى أن هذه العادة قد تسهم في صنع أعمال أدبية مميزة، حتى وإن لم تُستخدم كل تلك التدوينات.
أوضح السماري أن كل كاتب محترف يحتفظ بملف يحتوي على شذرات من أفكار متنوعة: جملة قالها سائق أجرة، أو موقف في السوق، أو حتى وصف غريب سمعه في مكان عام.
وأكَّد أن هذا الملف، وإن بدا بلا قيمة لشخص آخر، يُمثِّل أداة ثمينة لتحفيز مخيلة الكاتب واسترجاع أفكار قابلة للتطوير.
وفي استطراده، شدَّد السماري على أهمية تدوين التفاصيل التي نمر بها في حياتنا اليومية، مثل وقوفنا في طابور طويل، أو شجار عابر في متجر، أو رائحة المطر في الصحراء، أو حتى شعور الإنسان أثناء الإقلاع بالطائرة، وقال: "دعونا نكتب عن الشخصيات الغريبة التي نقابلها، عن المشاعر التي نختبرها للمرة الأولى، فهذه التفاصيل هي روح الكتابة".
عزَّز حديثه بمقولة للروائي الإيطالي أنطونيو تابوكي، الذي وصف الكاتب بأنه "مُتلصِّص على الجميع، وكل شيء متاح له".
وأضاف السماري مقتبساً من حوار تابوكي مع جمانة حداد: "الكاتب سارق لطيف، يسرق من الواقع ليُعيد تشكيله، وكلنا نمارس هذا الفعل بشكل أو بآخر عندما نرصد تفاصيل الحياة من حولنا".
يُذكر أن "معرض جدة للكتاب 2024" يستقبل الزوار يومياً من الساعة 11 صباحاً حتى 12 منتصف الليل، باستثناء يوم الجمعة حيث تبدأ الزيارة من الساعة 2 ظهراً، ويستمر حتى 21 ديسمبر الجاري