الصهيونية ليست مجرد فكرة عابرة تتبناها مجموعة أو أقلية سياسية وفدت إلى فلسطين لتطبيقها وحشدت الأقليات( اليهودية) اليها من جميع أنحاء العالم لتستوطن ما تسميه ( أرض الميعاد) ولكنها حركة استعمارية أوجدتها ومولتها ولاتزال تمولها وترعاها محاور استعمارية، محاور احتلت الوطن العربي لقرون لكنها أجبرت على مغادرة الوطن العربي، وقبل أن تستكمل القوى الاستعمارية انسحابها من الوطن العربي عملت على إيجاد( الكيان الصهيوني) ليكون لها بمثابة كلب حراسة، وقاعدة عسكرية، متقدمة لها بالمنطقة لحماية مصالحها الاستراتيجية والجيوسياسية، ولإبقاء نفوذ المحاور الاستعمارية على دول المنطقة، حيث الثروة النفطية والممرات والمضائق البحرية، التي من يسيطر عليها يسيطر على طرق التجارة الدولية،
وقد تعمدت القوى الاستعمارية، التي رعت وزرعت الكيان الصهيوني في فلسطين، حرصت على إنشاء أنظمة وظيفية في المنطقة وخاصة في منطقة الخليج بهدف تقديم الحماية اللوجستية للكيان الصهيوني، وقد ربط الاستعمار ديمومة وتطور هذه الأنظمة بديمومة وتطور كيانه اللقيط في فلسطين.
كانت اتفاقية ( سايكس _بيكو) قد تبلورت وأبرمت من قبل الدول الاستعمارية بوقت متزامن مع اطلاق بريطانيا لوعد ( بلفور) المشؤوم للصهاينة، الذي بموجبه أعطي من لا يملك وهي بريطانيا وعدا لمن لا يستحق وهم الصهاينة لتكون فلسطين وطنا قوميا لليهود..؟!
ذهبت الدول الاستعمارية مستغلة غباء وتخلف الأنظمة العربية وثقتها ببريطانيا إلى تطبيق اتفاقية ( سايكس -بيكو) وعملت على تأسيس أنظمة ورسم حدود المنطقة كما عمل الاستعمار علي تغيير جغرافية المنطقة العربية وإعادة هيكلة القبائل العربية، ودمج بعضها في إطار نظام سياسي بذاته كما حدث مع ( ابن سعود) بعد أن تم التخلص من كبير العائلة( عبد الرحمن بن فضل) ليحل محله بإرادة بريطانيا( عبدالعزيز) الشاب الطموح المطيع لضباط بريطانيا، الذين أسسوا له المملكة وساعدوه في توحيدها بالقوة وبارتكاب الجرائم بحق كيانات اجتماعية وسياسية في الجزيرة مثل( مملكة القطيف والأحساء) ، الخاضعة لسلطة ( آل جلوي) (ومملكة حائل) الخاضعة لسلطة (آل رشيد) وبعدهما إخضاع( مكة والمدينة) الخاضعتان لسلطة ( الشريف حسين ) وقد أرتكبت جيوش وقبائل ( آل سعود) أبشع الجرائم بحق سكان هذه النطاقات والمكونات السياسية والاجتماعية وخاصة في ( مكة والمدينة) ، فقد قتل فيهما الشيوخ والأطفال، وبقرة بطون النساء الحوامل، وجرت الدماء على شوارع مكة والمدينة وكأنها سيول أمطار وليست دماء بشر، وكانت هذه الجريمة هي أبشع الجرائم التي دشن بها( آل سعود) عهدهم، والثانية كانت في( حائل ضد آل رشيد) ، وللتغطية على هول مجزرة مكة والمدينة، عملت بريطانيا علn إقامة( دولة للشريف حسين) في شرق الأردن هي( المملكة الأردنية الهاشمية) ثم منحت بريطانيا لأحد أنجاله عرش العراق ولنجله الآخر عرش سوريا، بعد أن كانت بريطانيا قد وعدت الشريف حسين بتوحيد العرب وجعله ملكا عليهم إذا ما قادا ثورة ضد الدولة العثمانية وفعلا خاض الشريف حسين والعرب ثورة ضد الاتراك، ولكن مع تفكك الدولة العثمانية بالحرب العالمية الأولى وقيام مصطفى أتاتورك بإعلان الجمهورية التركية وتفكيك دولة الخلافة بعد أن تلقى هو الآخر وعدا بالانضمام إلى أوروبا، ولكن للأسف لا أتاتورك وتركيا أصبحوا جزءا من أوروبا، ولا الشريف حسين وحد الأمة العربية وأصبح ملكا عليها، بل استطاعت بريطانيا خداعهم معا..؟!
حدث هذا في وقت كانت ( الوكالة اليهودية) تعمل على نقل الجاليات اليهودية من بعض الدول العربية بالترغيب والترهيب وأستخدمت الوكالة اليهودية أقذر الوسائل لترويع الجاليات اليهودية من الدول العربية مستخدمة كل الوسائل والاساليب القذرة، بما في ذلك العنف ضد الجاليات اليهودية في العديد من البلدان العربية بما فيها التفجيرات في الأحياء اليهودية في المجتمعات العربية وأتهام العرب بها وأنهم يريدون قتل اليهود..؟!
فأثاروا الذعر في أوساط الجاليات اليهودية العربية، التي صدقت بعضها ورحلت إلى فلسطين، عبر رحلات جماعية أنظمتها (الوكالة اليهودية والصندوق القومي اليهودي) وبرعاية بريطانيا وبتواطؤ كامل من قبل الأنظمة القائمة على الدول العربية يومها..؟!
كان تأسيس بعض هذه الأنظمة العربية وخاصة أنظمة الجزيرة والخليج ومملكة شرق الأردن، وأيضا نظامي العراق وسوريا الملكيين، مقدمة أساسية لا بد منها قبل الإعلان عن قيام الكيان الصهيوني عام 1948م، والذي تم الإعلان عن قيامه بعد ترسيخ الأنظمة الوظيفية المعنية بحراسته حتى اليوم..؟!
أتخذ الطابع الديني لتأسيس الكيان ذريعة لمخاطبة الوعي الديني لدى الجاليات اليهودية ومنحهم شرعية تلمودية تجعلهم يقبلون فكرة (أرض الميعاد ووطن شعب الله المختار) ، وأن فلسطين هي الوطن الذي منحه الله لبني إسرائيل..؟!
كانت كل هذه المزاعم الكاذبة بمثابة تضليل زائف للوعي واستلاب الحقيقة التي تؤكد هوية فلسطين وعروبتها وأنها ليست أرضاً بلا شعب، بل أرض لها شعب ولها أهلها وأبناؤها العائشون عليها منذ آلاف السنين، وشعب متنوع الأديان فيه المسلمون، والمسيحيون، واليهود، والذين تتعدد ديانتهم، لكن (العروبة) تجمعهم، وهويتهم الفلسطينية توحدهم ولم يحدث أن اختلف هؤلاء على مدى أكثر من ألف وثلاثمائة عام وهم في حالة انسجام وتعايش.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
10 مساء.. الوثائقية تعرض فيلم «المسيرى.. مفكر ضد الصهيونية» فيديو
كشفت قناة الوثائقية، عن عرضها الفيلم الوثائقي «المسيري.. مفكر ضد الصهيونية»، مساء اليوم الاثنين في تمام الساعة 10 مساء.
الفيلم الوثائقي «المسيري.. مفكر ضد الصهيونية»ويوثق الفيلم رحلة المفكر المصري الكبير الدكتور عبد الوهاب المسيري، منذ ميلاده في ثلاثينيات القرن العشرين حتى وفاته عام 2008، بما فيها من المحطات الفكرية في حياة الدكتور عبد الوهاب المسيري، وعلى رأسها تخصصه في دراسة الفكر الصهيوني.
يستعرض الفيلم الوثائقي «المسيري.. مفكر ضد الصهيونية» الفيلم نحو 40 عاما من حياة «المسيري»، قضاها باحثا ومنقبا في الجذور الصهيونية، ونشأتها، وتطوراتها، وأهدافها، وتقاطعت مع أحداث مهمة في تاريخ الصراع العربي- الإسرائيلي.
موسوعة «اليهود واليهودية والصهيونية»ويستعرض الفيلم بعض التفاصيل عن موسوعة «اليهود واليهودية والصهيونية»، التي تعد تتويجا من المسيري لمؤلفاته عن الصهيونية والذي يعد مؤلفه الأهم في هذا المجال.
وصدرت موسوعة «اليهود واليهودية والصهيونية» في نهاية التسعينيات من القرن العشرين في ثمانية أجزاء، والتي تعد المصدر الأهم إلى اليوم لأجيال جديدة من الباحثين العرب والأجانب.
كما يقدم الفيلم الوثائقي بعض الكتابات الحصرية بخط يد الدكتور عبد الوهاب المسيري، وشهادات- تظهر لأول مرة- عن حياته وأعماله، يرويها عدد من طلابه، وأصدقائه، وأقاربه، وبعض المفكرين والباحثين.
اقرأ أيضاً«المسيري.. مفكر ضد الصهيونية».. قريبًا على شاشة «الوثائقية»
عبد الوهاب المسيري.. وزوال إسرائيل