كانت الدراسة الثانوية في الإمارات والتابعة لدولة الكويت، قد قررت أن تكون الدراسة في القسم الأدبي بالشارقة، والقسم العلمي في دبي، وكنت من طلبة ثانوية دبي.
بعد أن أنهينا امتحانات السنة الرابعة من الثانوية في قسمها العلمي، في ثانوية الشويخ بالكويت في شهر يونيو عام 1965م، عدنا إلى الشارقة، حتى إذا ما قرب شهر سبتمبر من نفس السنة، تقرر سفرنا إلى الكويت بصرف تذاكر سفر من الشارقة إلى الكويت؛ لترتيب الدراسة الجامعية.
في الكويت، ذهبنا جميعاً إلى وزارة التربية والتعليم، وتم إعلام الطلبة كلهم بأنهم مقبولون في الجامعات المصرية، أما أنا فقد قال موظف البعثات: أما أنت يا سلطان، فقد تم قبولك في جامعة بغداد!!
وهنا ثارت ثائرتي، ورفعت صوتي، وقلت: في طلب الدراسة، كتبت: كلية الزراعة – جامعة القاهرة، كلية الزراعة – جامعة عين شمس، كلية الزراعة – جامعة الإسكندرية، ما الذي أتى ببغداد في طريقي؟
أرجعوا أوراقي من بغداد.
قال موظف البعثات: أنا لا أستطيع، اذهب إلى وكيل الوزارة.
قلت: أيّ وزارة؟
قال: وزارة التربية والتعليم لدولة الكويت.
قلت: لا أعلم: لا اسمه ولا مكانه.
قال موظف البعثات: معنا هنا في نفس المبنى، واسمه يعقوب يوسف الغنيم.
الاسم ليس بغريب عليّ.
أدخَلوني مكتب وكيل الوزارة بعد الاستئذان للدخول عليه، وإذا به ينظر إليّ بتمعن، بعد أن ألقيت التحية.
قال: سلطان؟؟
قلت: نعم.
قال: لم أنسَ ذلك الموقف في نهاية عام 1960م.
في نهاية عام 1959م، اختلفت مع قيادة حزب البعث في الكويت، فهددوني بتصفيتي، بعد أن هددتهم بكشف أسماء قيادة البعث في الكويت، وفي قطر، وفي الشارقة.
بعد محاولات الاعتداء عليّ (اقرأ كتاب سرد الذات، الصفحات 201-206)، قررت الهروب إلى السعودية، حيث لا وجود لهم هناك، فذهبت إلى دائرة المعارف في الكويت، لأخذ جواز سفري من هناك، فقابلت فيصل الصانع، والذي انهال عليّ بالشتم واللعن، ومما قال:
لا بارك الله فيكم، نطعمكم ونكسوكم ونعلّمكم، وترفسون النعمة !!. ونادى على يعقوب يوسف الغنيم، وقال: أعطه جواز سفره. (لم أكن أعلم أن فيصل الصانع، كان هو المسؤول عن البعثيين في ثانوية الشويخ).
كان يعقوب يوسف الغنيم، ومثل ما قدم لي اسمه، يسمع ذلك الصوت العالي من الشتم واللعن، فاعتذر لي، بعد أن عرف من أكون، وقال: لماذا تترك الدراسة ؟
قلت: والدي مريض، وأريد زيارته.
سلطان في إحدى التجارب في حقول الموالح الزراعيةقال: «إذا احتجت لأيّ شيء تعال عندي»، وقد كتب اسمه في ورقة وأعطاني إياها.
وفي مكتب وكيل وزارة التربية والتعليم، ذكّرت الأستاذ يعقوب يوسف الغنيم بعبارته الأخيرة: «إذا احتجت لأيّ شيء تعال عندي».
قال الأستاذ يعقوب يوسف الغنيم: نحن سنقوم بإرجاع الأوراق الخاصة بك من بغداد، ونرسلها إلى مصر حيث مكتب التنسيق والذي سيرد علينا.
قلت: لكنني سأذهب إلى القاهرة.
قال الأستاذ يعقوب يوسف الغنيم: سنصرف لك تذكرة سفر إلى القاهرة. فشكرته وقلت في نفسي: يا محاسن الصدف.
في القاهرة، مرت على الدراسة الجامعية خمسة أسابيع، ولم أستطع أن أعرف إلى أين وصلت أوراقي، وكنت أتردد على مكتب التنسيق، التابع لوزارة التعليم العالي في مصر، وسفارة الكويت في مصر، حتى ولو قبلت في إحدى الجامعات، فكيف سيخبرونني بذلك؟ هل سيرسلون إلى الشارقة، وأنا لست هناك.
كان أحد طلبة عُمان ويدعى محمود عبد النبي يدرس في كلية الزراعة بجامعة القاهرة، وكانت له معرفة بمدير شؤون الطلبة السيد حسين جاد ؛ وفي صباح أحد الأيام قال حسين جاد لمحمود عبد النبي: «اليوم قُبل في الكلية طالب من بلادكم».
فسأل محمود عن اسم الطالب، فقال حسين جاد بعد أن قلب في أوراقه: «سلطان بن محمد القاسمي»، (كنت قد كتبت في جواز سفري: ساحل عُمان بدلاً من الإمارات المتصالحة، وهو الاسم الاستعماري الذي لم نكن نقبله).
خرج محمود عبد النبي من كلية الزراعة، مسرعاً ليخبرني بذلك، أسرعت إلى كلية الزراعة بجامعة القاهرة لإكمال أوراق تسجيل التحاقي بالكلية وأنا أردد: يا محاسن الصدف.
سألت الأستاذ حسين جاد، مسجل كلية الزراعة بجامعة القاهرة، كيف يكون القبول في كلية عملية بعد مضي خمسة أسابيع من الدراسة ؟ وكيف أُعطى رقم: 63 في القسم: ج، وهو في وسط القسم؟
قال الأستاذ حسين جاد: هذا الرقم لطالب يدعى سعيد، وقد حصل على قبول في الكلية الحربية في مصر، فانسحب من الكلية، وترك مكانه شاغراً.
قلت: يا محاسن الصدف.
الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات حاكم الشارقة الإمارات الكويت جامعة القاهرة کلیة الزراعة فی الکویت بعد أن
إقرأ أيضاً:
داليا عبدالرحيم تنعى الدكتور سامي عبدالعزيز عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
نعت الكاتبة الصحفية والإعلامية داليا عبدالرحيم، رئيس تحرير مؤسسة «البوابة نيوز»، ببالغ الحزن والأسى، الدكتور سامي عبدالعزيز عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة الذي وافته المنية اليوم الأحد.
وقدمت «داليا» خالص العزاء والمواساة لأسرة الفقيد، داعيةً المولى عز وجل أن يغفر له ويرحمه ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم عائلته وذويه الصبر والسلوان.
وكانت كلية الإعلام بجامعة القاهرة، أعلنت منذ قليل عن وفاة الدكتور سامي عبدالعزيز عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة، بالإضافة إلى كونه أستاذًا بقسم العلاقات العامة والإعلان، كما يُعد أحد أكبر الخبراء البارزين في مصر والوطن العربي في مجال الاتصالات التسويقية المتكاملة منذ أكثر من 30 عامًا.
وكتبت إدارة الكلية عبر صفحتها: «بمزيد من الحزن والأسى تنعى كلية الإعلام - جامعة القاهرة الأستاذ الدكتور سامي عبد العزيز الأستاذ بقسم العلاقات العامة والإعلان، والعميد الأسبق للكلية، تغمده الله بواسع رحمته وجعله في جنات النعيم».