تعد زيارة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان الشقيقة اليوم الاثنين لدولة الإمارات، محطة بارزة في المسار التاريخي للعلاقات الثنائية بين البلدين التي ارتقت إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية الراسخة على مختلف الصعد وفي المجالات كافة.

وتجسد الزيارة طبيعة العلاقات الإماراتية – العمانية الخاصة والاستثنائية التي عززتها معطيات التاريخ المشترك، والتقارب الشعبي والمجتمعي، والرغبة الصادقة في الارتقاء بمستوى التعاون والتنسيق بينهما إلى آفاق أرحب وأشمل في ظل توجيهات ودعم القيادة الرشيدة للبلدين ممثلة في صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، وأخيه صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان الشقيقة.

وترتبط الدولتان بعلاقات وثيقة على مختلف الأصعدة يجسدها الحوار القائم بين الجانبين بشكل دائم، واللقاءات على أعلى المستويات بين البلدين، والاجتماعات الوزارية والحكومية المستمرة بصورة تبرهن مدى الاهتمام الكبير الذي يوليانه لتطوير العلاقات الثنائية فيما بينهما.

ويمثل تعميق العلاقات مع سلطنة عُمان أولوية رئيسية لدى القيادة الدولة، وهو ما عبر عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” بقوله: “الإمارات وعُمان، أخوّة متجذرة وعلاقات ممتدة لا تزيدها الأيام إلا رسوخاً وقوة ومحبة”، وبدوره جسد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي “رعاه الله”، خصوصية العلاقات الإماراتية العُمانية وعمقها التاريخي، حيث قال سموّه: “عُمان منا ونحن منهم، إخوتنا وأشقاؤنا وعضدنا”.

وتمتد العلاقات بين البلدين الشقيقين بجذورها إلى عمق التاريخ، وقد مرت خلال العقود الماضية بالعديد من المحطات البارزة ومنها اللقاء التاريخي بين المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والسلطان قابوس بن سعيد “رحمهما الله” في العام 1968، والزيارة التي قام بها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه” إلى سلطنة عمان في عام 1991 والتي شهدت تشكيل لجنة عليا مشتركة أسهمت في تعزيز التعاون والتنسيق بين الدولتين في مجالات الاقتصاد والتجارة والثقافة والتعليم والعمل والاتصالات والنقل، إلى جانب تعزيز فرص ومجالات الاستثمار المشترك.

وتعد زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله”، إلى سلطنة عمان الشقيقة، في سبتمبر 2022، علامة فارقة في تاريخ العلاقات بين البلدين، حيث شهدت توقيع نحو 16 اتفاقية ومذكرة تفاهم للتعاون المشترك في المجالات العلمية والاقتصادية، والسياسية، والأمنية، والثقافية، وغيرها من المجالات.

ويحرص البلدان على التنسيق والتشاور المستمر حيال القضايا الثنائية والعربية والدولية، وتجمعهما رؤية مشتركة للسلام والاستقرار في المنطقة، ورغبة صادقة في تعزيز وحدة وتماسك البيت الخليجي والعربي عموما.

وتبرز العلاقات الاقتصادية بين الإمارات وسلطنة عمان مستوى الشراكة الراسخة بينهما حيث يؤمن البلدان بأهمية التعاون الاقتصادي والتجاري المشترك وضرورة تفعيله عبر زيادة التبادل التجاري وتعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية في مختلف المجالات والصناعية والتجارية والاستثمارية على الصعيدين الخاص والعام.

وتشهد العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين نموا مستمرا، حيث بلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بينهما 48,7 مليار درهم في عام 2022.

وتعتبر الإمارات أكبر شريك تجاري للسلطنة، فهي أكبر مصدّر إلى عُمان وأكبر مستورد منها، وتستحوذ على أكثر من 40 في المئة من مجمل واردات عمان من العالم، فيما تستأثر بنحو 20 في المئة من صادرات عمان إلى الأسواق العالمية.

وتأتي الإمارات في مقدمة دول العالم التي تستثمر في سلطنة عمان عبر العديد من القطاعات مثل الصناعات التحويلية والأنشطة العقارية والإيجارية وأنشطة المشروعات التجارية والإنشاءات والوساطة المالية والنقل والتخزين والفنادق وغيرها، كما تأتي الإمارات في المرتبة الأولى بصفتها وجهة للاستثمارات العمانية المباشرة إلى الخارج.

وتمثل العلاقات الثقافية أحد أهم الركائز الأساسية في العلاقات الإماراتية العمانية التي اتسمت بالنمو والازدهار، وكانت على الدوام موضع اهتمام ومتابعة من قبل القيادة الحكيمة في كلا البلدين.

ويتقاسم البلدان موروثا ثقافيا مشتركا من فنون وآداب شكلت هوية ثقافية متجانسة لشعبيهما ولجميع شعوب منطقة الخليج العربي، فيما تنعكس العادات والتقاليد المشتركة بين الشعبين على الكثير من المفردات في الشعر والنثر والقصة والموروث الشفهي والأمثال والمرويات الشعبية، إلى جانب ما يتصل بأساليب وطرائق الحياة بصفة عامة.

ووقع البلدان في عام 2022 على مذكرة تفاهم نصت على أن يتبادل الطرفان الخبرات والمعلومات والخبراء في المجال الثقافي والشباب، خاصة ضمن قطاعات الفنون والمكتبات، بما يعزز من دور الحوار الثقافي واللقاءات الشبابية، وتبادل الزيارات بين المسؤولين عن قطاع الثقافة والشباب، والكتّاب والمفكرين والخبراء العاملين في مجال الشباب للتعاون في السياسات الشبابية والعمل الشبابي.

وتخدم مذكرة التفاهم واقع العمل في قطاع المكتبات، حيث ستعزز من مجالات التعاون وتبادل الكتب والمطبوعات التي تتناول ثقافة البلدين، كما تتيح المجال نحو تبادل زيارات مجموعات فنون الأداء، مثل: فنون السينما، والمسرح، والموسيقى، والفنون الشعبية، إلى جانب تبادل المشاركة في الأنشطة والفعاليات الثقافية والشبابية بين البلدين، وتسهيل الإجراءات المتعلقة بذلك.

ويمثل التعاون الرياضي أحد الجوانب المشرقة في العلاقات الإماراتية العمانية، إذ تحرص الهيئات الرياضية في البلدين الشقيقين على تعزيز التعاون المشترك بين العديد من الاتحادات الرياضية على كافة الجوانب الفنية والإدارية، وإقامة المعسكرات الخاصة بالمنتخبات الوطنية، وخوض المباريات الودية الرياضية بين مختلف الأندية، وغيرها من الأمور التي تصب في مصلحة الرياضة.

ويشهد التاريخ على أن أولى التجارب الاحترافية الخارجية لمدربي كرة القدم الإماراتيين، كانت في سلطنة عمان، عن طريق المدرب حسن علي في ثمانينيات القرن الماضي.

وأصبح دوري المحترفين الإماراتي مقصداً للاعبين العمانيين على مدى السنوات الماضية، مثل فوزي بشير مع أندية بني ياس والظفرة وعجمان، وحسن مظفر مع نادي الوحدة، وأرشد العلوي مع نادي الإمارات، وأحمد كانو مع نادي العين.

وتشهد الأيام الحالية مشاركة كبيرة للمنتخبات الرياضية العمانية المختلفة في دورة الألعاب الخليجية الأولى للشباب التي تستضيفها الإمارات، كما سيشارك المنتخب العماني لألعاب القِوَى في كأس آسيا التي تستضيفها دولة الإمارات في دبي من 24 إلى 27 أبريل الحالي.وام


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

أول لقاء رسمي بين أردوغان والشرع في أنقرة لبحث علاقات البلدين

استقبل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مساء اليوم ، الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع، وذلك في القصر الرئاسي بالعاصمة التركية أنقرة، في زيارة رسمية هي الأولى من نوعها منذ بدء المرحلة الانتقالية في سوريا. 

 

ووفقًا لمراسل "روسيا اليوم"، فقد انطلقت المحادثات الثنائية بين الجانبين، بحضور وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، الذي يرافق الشرع في زيارته الرسمية إلى تركيا. وتأتي هذه الزيارة في إطار مناقشة آخر التطورات السياسية في سوريا، وسبل تعزيز التعاون بين البلدين لتحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة. 

 

وبحث الطرفان خلال اللقاء آليات دعم الإدارة الانتقالية في سوريا، وسبل تحقيق التعافي الاقتصادي، بالإضافة إلى مناقشة الجهود الدولية والإقليمية الرامية إلى إنهاء الأزمة السورية. كما تم التطرق إلى الدور الذي يمكن أن تلعبه تركيا على الساحة الدولية لدعم الشعب السوري عبر المنصات الدبلوماسية متعددة الأطراف. 

 

وتُعتبر هذه المحادثات خطوة بارزة في العلاقات التركية السورية، حيث تسعى أنقرة ودمشق إلى تجاوز الخلافات السابقة والعمل على بناء مرحلة جديدة من التعاون المشترك في ظل التحولات السياسية التي تشهدها المنطقة.

 

صحف عبرية: إسرائيل قد تطلب مغادرة قادة "حماس" من قطاع غزة 

 

كشفت تقارير إعلامية عبرية أن إسرائيل قد تسعى إلى طلب مغادرة بعض أو جميع قادة حركة "حماس" من قطاع غزة، في إطار المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، وهي خطوة قد تشبه ما حدث مع منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عام 1982. 

 

وقالت هيئة البث الإسرائيلية، في تقرير لها الثلاثاء، إن المسؤولين الإسرائيليين أبدوا استعدادهم لقبول استمرار وجود "حماس" في مناطق أخرى، لكن خارج قطاع غزة، وأشارت الهيئة إلى أن إسرائيل تعترف بعجزها عن القضاء على الحركة في القطاع، والتي كانت قد رفضت سابقًا المقترحات الإسرائيلية المتعلقة بالانتقال إلى مناطق أخرى. 

 

وتأتي هذه التصريحات في وقتٍ حساس حيث تُجري مفاوضات بشأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، التي بدأت بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية بوساطة مصر وقطر والولايات المتحدة، في هذا السياق، يتم بحث اقتراحات من بينها نموذج تونسي مشابه لما حدث مع منظمة التحرير الفلسطينية، حيث تم نقل قادة المنظمة إلى تونس بعد مغادرتهم لبنان في عام 1982. 

 

وأضافت هيئة البث أن أحد المقترحات التي تم تداولها بين إسرائيل والإدارة الأمريكية يتضمن طرد قادة "حماس" من غزة إلى دولة ثالثة، على غرار ما حدث مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية بعد اجتياح لبنان، وأوضحت الهيئة أن هذا الاقتراح يأتي في إطار حل وسط لوقف القتال بشكل كامل، بحيث يمكن استمرار وجود الحركة ولكن خارج غزة. 

 

ومن غير الواضح ما إذا كان هذا العرض قد تم تقديمه إلى "حماس" عبر الوسطاء، أو ما هي الدول التي قد تقبل استقبال قادة الحركة في حال تنفيذ هذا المقترح. 

 

وفي السياق ذاته، نقلت صحيفة "هآرتس" العبرية عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى قوله، إن الحكومة الإسرائيلية تدرس تمديد اتفاق وقف إطلاق النار، بما يشمل إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم "حماس" في غزة، وأوضح المسؤول أن ترحيل قادة "حماس" هو أحد المقترحات التي يتم النظر فيها لضمان عدم استمرار سيطرة الحركة على القطاع، وهو ما يتطلع إليه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وإدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. 

 

ويأتي هذا في وقتٍ حساس أيضًا حيث من المقرر أن يلتقي نتنياهو مع ترامب في البيت الأبيض في وقت لاحق اليوم لمناقشة تفاصيل المرحلة الثانية من الاتفاق. 

 

وكان وقف إطلاق النار بين "حماس" وإسرائيل قد دخل حيز التنفيذ في 19 يناير 2025، ويستمر في مرحلته الأولى لمدة 42 يومًا، وهي فترة يتم خلالها التفاوض للانتقال إلى المراحل التالية من الاتفاق.

مقالات مشابهة

  • ولي العهد ورئيس الإمارات يبحثان تطوير التعاون
  • صقر غباش وأحمد الصفدي: علاقات تاريخية متجذرة بين الإمارات والأردن
  • ولي العهد يبحث الأوضاع الإقليمية والدولية مع رئيس دولة الإمارات
  • أول لقاء رسمي بين أردوغان والشرع في أنقرة لبحث علاقات البلدين
  • مجلس الأعمال الإماراتي القرغيزي يبحث تعزيز التعاون بين القطاع الخاص في البلدين
  • تجارية الجيزة تبحث مع وفد من غرفة الرياض سبل التعاون المشترك بين البلدين
  • «الصداقة البرلمانية الإماراتية الأوروبية» تبحث التعاون مع البرلمان الليتواني
  • مكتوم بن محمد: تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية مع ألمانيا
  • وزير الاستثمار ونظيره الكويتى يبحثان سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين
  • بالفيديو | سلطان: علاقات أخوية متجذرة بين الإمارات وعُمان