مناوي: «قوات الدعم السريع» تسعى لترسيم دولة جديدة غرب السودان
تاريخ النشر: 22nd, April 2024 GMT
قوات الدعم السريع، بالتمادي وإستغلال هذا التسامح لتوسيع دائرة سيطرتها بغرض ترسيم دولة جديدة في غرب السودان، تحظى بالاعتراف الصامت
التغيير: الخرطوم
قال حاكم إقليم دارفور ورئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي، إن الدعم السريع تسعى لترسيم دولة جديدة غرب السودان تحظى بما أسماه “الاعتراف الصامت” من جهات لم يسمها.
وأوضح مناوي في تغريدة على منصة “إكس” اليوم الأحد، إن تساهل القوات المشتركة مع القتال جاء رغبة في الحوار والتعايش السلمي في السودان عموماً وإقليم دارفور خصوصاً.
وإتهم قوات الدعم السريع، بالتمادي وإستغلال هذا التسامح لتوسيع دائرة سيطرتها بغرض ترسيم دولة جديدة في غرب السودان، تحظى بالاعتراف الصامت كما خُطط لهم” على حسب قوله.
واعتبر مناوي اعتداء الدعم السريع على مدينة مليط يعتبر تطويق مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، من جميع الاتجاهات بغرض تجويعها ومنع انسياب المواد الإنسانية واحتياجات الحياة.
كما اعتبر أن تطويق الفاشر يعني إجبار أهل دارفور على قبول الواقع، ولفت إلى أن هذا الواقع سيدفع لاتخاذ قرار غير تقليدي على مدن دارفور الأخرى التي تعيش حالة من الاختطاف، بعد أن سيطرت عليها الدعم السريع، وجعلتها مدن للأشباح.
وارتفعت وتيرة المعارك العسكرية في مدينة الفاشر منذ مطلع هذا الشهر، كما نشب القتال في مدينة مليط الواقعة غربي عاصمة ولاية شمال دارفور الأسبوع الماضي.
واليوم الأحد، أعلنت حركة جيش تحرير السودان، جناح مني أركو مناوي، إغلاق جميع مكاتبها بمواقع سيطرة الدعم السريع وتجميد كل أنشطتها.
وقال الناطق الرسمي لحركة جيش تحرير السودان، الصادق علي النور، إن قرار الإغلاق يعود إلى التطورات الأخيرة والظروف الراهنة التي تشهدها البلاد.
والشهر الماضي أعلن مناوي، انخراط قواته لقتال الدعم السريع بالتحالف مع القوات المسلحة، في عدة جبهات تشمل الجزيرة والخرطوم والفاشر.
الوسومحاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي حرب الجيش والدعم السريع قوات الدعم السريعالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي حرب الجيش والدعم السريع قوات الدعم السريع قوات الدعم السریع غرب السودان دولة جدیدة
إقرأ أيضاً:
شهادات حية يرويها المتضررون.. كارثة إنسانية فى السودان بعد عامين على الحرب.. ميليشيات الدعم السريع ارتكبت إبادة جماعية ضد مجتمع المساليت فى دارفور
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
منذ يومين، مر عامان على الصراع فى السودان الذى بدأ فى ١٥ أبريل ٢٠٢٣، وبحسب الأمم المتحدة، فإن البلاد تشهد أكبر أزمة إنسانية فى العالم. خلفت الحرب فى السودان آلاف الضحايا و«١٣ مليون نازح ولاجئ»، ونصف سكان البلاد فى حاجة إلى مساعدات، بحسب مسئول فى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين. كما ارتكبت ميليشيات الدعم السريع إبادة جماعية خلال هذا الصراع ضد مجتمع المساليت فى دارفور.. بعد عامين فقط من اندلاع الحرب، تسلط إذاعة فرنسا الدولية الضوء، من خلال شهادات حية يرويها أبناء السودان لعدد من مراسلى الإذاعة، حول معاناتهم من هذه الحرب التى يكاد أن ينساها العالم تدريجياً.
وصلت رادا آدم عبدالرحمن مطر إلى أدري، على الجانب التشادى من الحدود، إلى مركز الإسعافات الأولية التابع للصليب الأحمر. وبعد أن غادرت نيالا، عاصمة جنوب دارفور على الجانب السوداني، قبل ثلاثة أيام، أصبحت مرهقة للغاية. وتقول إنها لم يكن أمامها خيار سوى الفرار وتضيف "الحرب لن تتوقف فأجبرنا على الرحيل. وبعد ذلك نشعر بالجوع، ونعانى كثيرًا بسببه. ليس لدى أطفالى ما يأكلونه. ولم نعد نتلقى أى أموال. هذه هى الأسباب التى دفعتنا إلى مغادرة البلاد. فى كثير من الأحيان، لا نأكل أى شيء طوال اليوم، ومن الممكن أن نستمر لمدة تصل إلى يومين أو ثلاثة أيام دون أن نأكل أى شيء. المجاعة منتشرة فى جميع أنحاء السودان وذلك بسبب الحرب".
نعمت هارون خميس محمد، ٢٦ سنة ولديها أربعة أطفال، وهى أيضاً من نيالا. لقد عبرت الحدود فى نفس الوقت مع رادا. تقصفنا طائرات الدعم السريع. غالبًا ما يحدث هذا فى منتصف الليل وأنت نائم، وعندما تستيقظ تكتشف من قُصف أثناء نومك. قصفٌ أودى بحياة عمتى وأطفالها الستة فى منزلهم".. وعلى مدار العام الماضي، يسافر محمود محمد بحري، وهو تشادى يبلغ من العمر ٥٦ عامًا، ذهابًا وإيابًا بين مدينتى الحدود: أدري، على الجانب التشادي، وأدينكون، على الجانب السوداني. هو من أحضر المرأتين على عربته كما أحضر الكثير من اللاجئين. وقد شهد وصول العديد منهم خلال الاثنى عشر شهرًا الماضية. يقول سائق العربة: "إنهم مفلسون. وضعهم مأساوي. لم يأكل بعض الناس شيئًا لمدة يومين أو ثلاثة أيام. إنهم جائعون جدًا لدرجة أنهم مستعدون لتناول أى شيء".
فى الأشهر الأخيرة، أدى التحول فى ميزان القوى بين المعسكرين إلى تحول الصراع، وفرض الجيش السودانى نفسه أواخر عام ٢٠٢٤ فى وسط البلاد. وحرر ولاية سنار، ثم الجزيرة، وأخيراً (فى نهاية مارس الماضى) العاصمة الخرطوم. فى قلب المدينة، أصبح القصر الرئاسى الآن تحت سيطرة الجيش. وكان من المقرر أن تعلن ميليشيا الدعم السريع وحلفاؤها عن تشكيل حكومتهم الموازية من هذا المبنى الرمزى للغاية، ولكنهم فوجئوا بالأمر.
بعد عامين من الحصار، كان رحيل قوات الدعم السريع بمثابة ارتياح لكثير من سكان العاصمة. تقول هناء، وهى شابة من أم درمان "لقد كان خبرًا رائعًا! استيقظنا ذات صباح وكان الجميع من حولنا يصرخون: هل سمعتم ذلك؟ لقد رحل رجال الدعم السريع!"، وتشرح كيف أطلق أفراد من القوات شبه العسكرية النار على حيّها، فدمروا المنازل والمدارس ومركزًا صحيًا. وتضيف: "خرجت أنا وأصدقائى للاحتفال فى الشارع . لقد مر وقت طويل لا أستطيع فيه الخروج"!.
وتقول دعاء، وهى أم شابة تعيش فى شرق العاصمة: "إن الأحياء التى احتلتها القوات شبه العسكرية فى الخرطوم هى التى عانى السكان منها أكثر من غيرها". وأضافت وهى تشعر بالارتياح: "فى السابق، كان من الممكن أن تُختطف المرأة، وكانت النساء دائمًا عرضة للاغتصاب. أما الآن، فيمكننا النوم بسلام، ويمكننى الخروج وشراء ما أتناوله". وتواصل "يمكنك أن تتخيل أن طفلى لم يشرب الحليب أو عصير الفاكهة أبدًا، لم نكن نعيش، بل كنا ننجو!".. هذه الشابة، التى تعمل فى مطبخ مجتمعى (مطابخ أُنشئت بأموال أرسلها المغتربون)، تُعرب عن أسفها للوضع الإنساني. وتضيف: "اليوم، نرى شبابًا فى الثلاثينيات من عمرهم يبدون وكأنهم فى الخمسينيات. إنهم نحيفون، مُرهقون، شاحبون، مجرد جلد وعظام.. لقد عشنا فى جو من الخوف الدائم، وهذا واضح على وجوه الجميع".
مدثر، مصور شاب، يرثى حالة العاصمة. يقول إن منطقة وسط المدينة، حيث يقع متجره، كان أشبه بمدينة أشباح: "لا أحد فى الشوارع، والأبواب مفتوحة على مصراعيها، والمبانى خالية تمامًا. نما النبات فى كل مكان، على الطرقات، وعلى الأسطح. أما المبانى المهمة أو التاريخية، فيتحسر قائلًا: لقد احترقت، ولم يبقَ شيء فى داخلها مثل المتحف الوطنى الذى تم نهبه وكان يضم أشياء لا يمكن تعويضها".
واعترفت قوات الدعم السريع مؤخراً ليس بسحب قواتها بل "بإعادة انتشارها"، وذلك بعد هزيمتهم فى العاصمة. لكن القتال يتركز حول مدينة الفاشر فى شمال دارفور. أغلبية أفراد قوات الدعم السريع الذين انسحبوا من الخرطوم ينتشرون فى هذه المنطقة. كما استهدفت البلدات المحيطة بالمدينة بقصف عنيف. وأعلنت قوات الدعم السريع الخميس الماضى سيطرتها على مدينة أم كدادة، التى تقع على بعد نحو ١٨٠ كيلومترا شرق الفاشر. وفى الأسبوع الماضي، أدت تفجيرات سوق نيفاشا ومعسكر أبو شوك إلى مقتل ٢٥ مدنياً وإصابة العشرات. لكن الفاشر لا تزال صامدة فى وجه هذه الميليشيات.
وتسيطر هذه القوات على بقية دارفور. وتعتبر مدينة الفاشر التى يحاولون السيطرة عليها منذ عام، آخر منطقة فى المنطقة لا تزال بعيدة عن متناولهم. وهى أكبر مدينة فى دارفور، بالنظر إلى مساحتها وعدد سكانها، فضلاً عن عدد النازحين الذين يعيشون فى المخيمات المحيطة بها منذ حرب عام ٢٠٠٣. أعلنت القوات شبه العسكرية، الأحد الماضى، سيطرتها على مخيم زمزم، أكبر مخيم للنازحين فى السودان. وبحسب عدد من المنظمات غير الحكومية، فإنه منذ ١١ أبريل، يصل ٢٠ ألف شخص يوميا إلى طويلة، وهى بلدة تقع على بعد نحو ٧٠ كيلومترا من زمزم. ولجأ آخرون إلى مدينة الفاشر الأقرب. وبحسب المنظمات الدولية فإن المخيم أصبح خالياً تماما من سكانه.
يقول عبد الكريم يحيى، أحد النازحين من زمزم: "بعد الهجمات الأخيرة، تدهور الوضع فى زمزم بشكل كبير. وتدهورت الحالة الطبية أيضًا. أما بالنسبة للمنتجات الغذائية فقد أصبحت نادرة. كل هذا بسبب حصار زمزم والفاشر الذى لا يسمح بنقل هذه المنتجات إلى المعسكر". يتابع قائلًا: "أصبحت الحياة صعبة، لأن قوات الدعم السريع أغلقت جميع مداخل المخيم وتمنع دخول المواد الغذائية. تعرضت القرى المحيطة بزمزم، والتى يزيد عددها عن ٧٠ قرية، للنهب والحرق على يد قوات الدعم السريع. فرّ سكانها. بعضهم جاء إلى زمزم، والبعض الآخر إلى الطويلة".
مرة أخرى تهدد قوات الدعم السريع وحلفاؤها بالاستيلاء على الفاشر، كما تزايدت دعواتهم لسكان المدينة بالبحث عن ملجأ فى أماكن أخرى. ويترافق ذلك مع تزايد عمليات القصف باستخدام المدفعية الثقيلة أو الطائرات المسيرة. وتتعالى الدعوات إلى ضمان توفير ممرات آمنة للمدنيين الذين يغادرون المدينة. والحال نفسه ينطبق على سكان مخيم زمزم وسكان أبو شوك.
ويتسم الصراع الذى اجتاح السودان بالعنف الشديد. فى ٧ يناير ٢٠٢٥، اتهمت واشنطن قوات الدعم السريع بارتكاب إبادة جماعية فى دارفور. وتتكون هذه الميليشيات فى معظمها من أفراد القبائل العربية من غرب السودان، وهى ورثة الجنجويد الذين زرعوا الرعب فى دارفور منذ عام ٢٠٠٣ لمواجهة ظهور الجماعات المتمردة. وتتهم الولايات المتحدة هذه الأطراف بأنها "قامت، فى هذه الحرب الجديدة، بقتل الرجال والفتيان - وحتى الرضع - على أساس عرقى بشكل منهجي"، ولكنها تتهمها أيضاً بأنها "استهدفت عمداً النساء والفتيات من مجموعات عرقية معينة بالاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسى الوحشي". وتابعت وزارة الخارجية الأمريكية: "إن هذه الميليشيات نفسها استهدفت المدنيين الفارين، وقتلت الأبرياء الذين يسعون إلى الفرار من الصراع، ومنعت المدنيين المتبقين من الوصول إلى الإمدادات الحيوية ".
روضة عبد السلام، ٤٤ عاماً، من مدينة الجنينة فى دارفور. تعيش فى مخيم جوروم بالقرب من جوبا، عاصمة جنوب السودان. لقد شهدت هذا العنف فى غرب بلادها. منذ عام ٢٠٠٣، تمكنت من البقاء على قيد الحياة على الرغم من التهديد المستمر من قبل الميليشيات الجنجويد. لكن عندما اندلعت الحرب فى أبريل ٢٠٢٣، ازداد عنف ورثتهم، قوات الدعم السريع، عشرة أضعاف، وتقول: "ما دفعنى للرحيل هو أن قوات الدعم السريع تقتل الرجال والأطفال، وتغتصب النساء. يغتصبونك أمام زوجك، ثم يضربونه ويقتلونه أمامك. وإذا كان لديك طفل ذكر، يقتلونه. حتى لو كان رضيعًا ما زلت ترضعينه، يقتلونه. أصبحت الحياة جحيمًا مع هذه الحرب. يضربونك ويمكنهم فعل ما يحلو لهم بك. أنت لست آمنًا فى أى مكان. لهذا السبب غادرت". لا تزال صور العنف تطاردها، وخاصة صور اغتيال حاكم غرب دارفور خميس عبد الله فى يونيو ٢٠٢٣. وكان قد أدان آنذاك الإبادة الجماعية. وأدى ذلك إلى اختطافه وقتله بالرصاص على يد قوات الدعم السريع، وتشويه جثته وسحلها فى شوارع الجنينة.
ولا تزال ذكريات هذه المجازر واستهداف المساليت تطارد مخيمات اللاجئين الواقعة فى شرق تشاد. إن قصص الفرار من دارفور مروعة. فايزة خاطر، ٢٠ عامًا، ولدت أيضًا فى الجنينة. وصلت فى عام ٢٠٢٣ إلى مخيم أدرى فى تشاد. تقول "غادرنا منازلنا، وجئنا سيرًا على الأقدام. مشينا ليومين للوصول إلى أدينكون، قبل أدرى مباشرةً.. كان هناك نهب على الطريق. يُقتل الناس، حتى الأطفال. رأيتُ ذلك بأم عيني. هؤلاء هم الجنجويد الجدد. يغتصبون فى شوارع السودان. بدأوا بالإبادة العرقية. سألوا عن عرقنا. على سبيل المثال، إذا كنتَ من المساليت، تُعامل معاملة قاسية. لم يُؤذَنى أحد، لكن الكثيرين عانوا. كثيرًا ما نفكر فى الحرب، رأينا الدماء تسيل، كثيرًا ما نفكر فى ذلك".
وقد أدى هذا السياق من الحرب والمجازر ضد المدنيين إلى إرباك اقتصاد البلاد وخلق حالة غذائية مثيرة للقلق بشكل خاص. وبحسب منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، فإن ما يقرب من نصف السكان يواجهون انعدام الأمن الغذائى الحاد. وتقدر المنظمة الأممية أنه سيكون من الضرورى هذا العام استيراد ٢.٧ مليون طن من الحبوب (القمح فى الغالب) لتغطية احتياجات الاستهلاك المحلي. وفى حين من المتوقع أن تكون المحاصيل القادمة، وخاصة الذرة الرفيعة، أفضل هذا العام، فإن قنوات التوزيع تعطلت بسبب الصراع المستمر.
وعلى أرض الواقع، فإن القتال والتدمير والسيطرة على الأراضى الصالحة للزراعة تمنع المزارعين من زراعة أراضيهم. وهذا هو الحال فى دارفور وكردفان، وخاصة فى ولاية الجزيرة، سلة الخبز فى البلاد. ولم تسلم من هذا الدمار الذى خلفته الميليشيات المستودعات والمختبرات وبنوك البذور والمعاهد الزراعية فى الخرطوم وود مدني، بحسب دراسة مفصلة أجراها مركز الأبحاث الهولندى كلينجندايل.
وأوضحت منظمة الأغذية والزراعة أن الصراع ألحق أضراراً بالغة بالبنية التحتية، وخاصة الطرق، مما أدى إلى تعطيل سلاسل التوريد. هناك عقبة أخرى: الحواجز و"القواعد" على الطرق التى تتغير باستمرار. ويقول أحد سائقى الشاحنات إن سير شاحنة محملة بالبضائع من بورتسودان إلى غرب دارفور قد يستغرق شهراً، حيث تمر عبر ٢٥ نقطة تفتيش.
ويضاف إلى ذلك القيود المالية، إذ تؤدى الأزمة الاقتصادية إلى تعطيل الترتيبات المعتادة مثل تسليم المدخلات عن طريق الائتمان للمزارعين الصغار. وبينما تمكن النظام المصرفى من التعافى جزئياً، فإن نقص السيولة وانخفاض قيمة الجنيه السودانى يفرضان ضغوطاً على المنتجين وسلسلة التوريد بأكملها، التى تعانى بالفعل من التضخم.
طوال عامين، فشلت كل محاولات الوساطة. لقد اقترحت كل من جنوب السودان ومصر وكينيا والصومال وأوغندا وإريتريا وجيبوتى وتركيا، فضلاً عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيجاد)، مبادرات أو عقدت قمم، ولكن كل هذه الوساطات لم تؤد إلى وقف الحرب.
خلال الأشهر الأولى من الحرب، عقدت قمم فى الدول الإفريقية والعربية المجاورة لإيجاد حل، ولكن لم يتم التوصل إلى وقف إطلاق النار. وأسفرت هذه الاجتماعات بشكل رئيسى عن إصدار بيانات تعبر عن القلق إزاء تدهور الوضع الإنسانى ودعوات إلى وضع حد للتدخل. لكنهم لم يتمكنوا من التوصل إلى حل.
والأمل فى الوقت الحالى لا يوجد إلا فى قدرة بعض السودانيين على الصمود والطاقة، كما هو الحال فى مخيم جوروم للاجئين. الآن تعمل روضة عبد السلام فى المطعم الصغير الذى افتتحته. عند مدخل الهيكل الخشبى المصنوع من الخيزران، والمغطى بالحديد المموج، وتخدم روضة موظفى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين واللاجئين على حد سواء. بعد أن فقدت كل شيء فى حرب السودان، بدأت هذا العمل بالأساس لكسب قوت يومها وتقول "عندما وصلنا إلى جوروم، كنا نفتقر إلى كل شيء. بدأت ببيع الشاى لشراء الطعام لعائلتي. ثم تمكنت من شراء خمسة كراسي. واصلت العمل، وشيئًا فشيئًا، تمكنت من افتتاح هذا المطعم. نطهو اللحوم وأنواعًا مختلفة من اللحوم فى الصلصة، والباذنجان والفاصوليا والكرشة والبامية.. الحمد لله، الآن أصبح هذا العمل مناسبًا لي. وإذا كان أحدهم جائعًا وليس لديه مال، أخدمه، لأننى لا أفعل هذا من أجل الربح، ما أريده هو مساعدة الناس".
تواصل رضوة أيضًا دعم عائلتها التى بقيت فى السودان: "لديّ عائلة باقية فى البلاد، والقليل الذى أكسبه أرسله لهم. أفضل البقاء هنا لأن الوضع فى السودان ليس جيدًا. ولا أعرف متى ستنتهى هذه الحرب".
ورغم الانتصارات الأخيرة التى حققها الجيش السوداني، وخاصة فى الخرطوم، لا تزال رضوة تتخوف من خطورة قوات الدعم السريع فى دارفور. لذلك فهى متمسكة بالحياة الجديدة التى بنتها لنفسها، هنا فى جوروم.