لم تكن "الإهانة" من مصدر الخبر فى يوم من الأيام وسيلة لحصول الصحفي على الانفراد باللقطة أو بالمعلومة، ولكن التقصي والدأب والمتابعة كانت كلها أدوات العاملين فى بلاط صاحبة الجلالة للخروج بموضوع مقروء ومتميز ويحقق سبقا مهنيا، هذا ما يحدث على مر التاريخ حتى أن الصحافة كان يطلق عليها "السلطة الرابعة" نظرًا لتأثيرها ومكانتها فى المجتمع، ولكن ما حدث خلال السنوات الأخيرة الماضية، أن انهارت تلك التقاليد المهنية بسبب التهافت غير المعقول بكاميرات الموبايل على أى حدث، ونشره بدون مراعاة حتى لخصوصيات أصحابه، بهدف ما يسمي بـ"الترند" أو "الريتش".
يتعرض الصحفي خصوصا فى جنازات الفنانين لكم كبير من "الإهانة" وتتكرر الواقعة، والحقيقة يختلط الحابل بالنابل- كما يقولون-، فمن يقومون بالتصوير قد لا تكون لهم علاقة بمهنة الصحافة ولكنهم أشخاص عاديون يصورون مقاطع فيديو بهدف الحصول على أعلى مشاهدة، وقد يكون بعضهم محسوبا على مواقع هنا أو هناك ولا ينتمي إلى منظومة العمل الصحفي، إلا أنه بالطبع هناك صحفيون ينتمون إلى مؤسسات صحفية كبيرة وللأسف يتم تكليفهم بتغطية جنازة أو عزاء لأحد المشاهير، بدون أن تتم توعيتهم بضرورة احترام خصوصيات لحظات الفراق الإليمة، فيتم التجاوز والإصرار على تصوير أدق التفاصيل وبشكل "مستفز" فى معظم الاحيان، وهو ما يثر غضب أهالى المتوفى ويثير أعصابهم.
خلال اليومين الماضيين حدث موقفان مشابهان، حيث قام الفنان أحمد السعدني نجل الفنان الكبير صلاح السعدني عمدة الدراما المصرية، بالاعتداء بالسب بألفاظ خارجة على الصحفيين أثناء تشييع جنازة والده، ونفس الأمر حدث مع الفنان أحمد عبد العزير قبلها بيومين عندما نهر مراسلا حاول توقيفه والحصول على صورة "سيلفي" معه أثناء عزاء الفنانة شيرين سيف النصر، وبعدها اعتذر عبد العزيز مبررا موقفه بقوله "للأسف الشديد سيطرت على أخلاقنا وشيمنا الكريمة المعهودة الفوضى الخلاقة، والتى اندثر معها مراعاة القيم واحترام قدسية الموت وخصوصية المشاعر، حتى أضحت ساحات الجنازة ومراسم العزاء حكرا أصيلا لهمج الميديا والتريندات الخادعة".
وكان الفنان أحمد السعدني قد توجه قبل ثلاث سنوات بطلب ورجاء لنقابة الصحفيين بتكليف صحفي ومصور واحد لتغطية جنازة أو عزاء أي نجم مشهور بسبب الفوضى التي تحدث خلال تغطية مثل هذه الأحداث الإنسانية بالدرجة الأولى، وذلك بعد جنازة النجم الراحل سمير غانم.
حضرت عزاءات كثيرة إما لمشاهير وإما لأقاربهم ورأيت بعيني ما يحدث من تجاوزات تعدت كل الحدود وانتهكت كل الخصوصيات فى مقام الحزن، فهل آن الأوان لنراجع أنفسنا لوقف هذه المهازل؟ وهل آن الأوان لتتخذ نقابة الصحفيين على وجه الخصوص اجراء فى مواجهة هذا الوضع المخزي، والذى لا يليق بمهنة تعلمنا منذ خطونا خطانا الأولى فيها أنها مهنة سامية تهدف فى المقام الأول إلى البحث عن الحقيقة، والدفاع عن حق المواطن والذى يعتبر البطل الأول فى كل معالجاتها الصحفية؟ وكفانا لهاثا خلف "الترند".
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
الصحفيين تستضيف أحمد العميد في حوار عن الصحافة الحربية بمناطق النزاع
تنظم لجنة الشئون العربية والخارجية بنقابة الصحفيين برئاسة الكاتب الصحفي حسين الزناتي وكيل النقابة، حوارا مفتوحا مع أحمد العميد، خبير ومدرب الصحافة الحربية وإدارة المخاطر حول "تحديات صحفيي الحروب فى مناطق النزاعات.. وسبل المواجهة".
وأشار الزناتي إلى أن الحوار الذى يعقد الثلاثاء المقبل ٤ فبراير يشارك فيه ممثلين من ٦ دول عربية، وهى: فلسطين، سوريا، لبنان، السودان، العراق، اليمن.
ويتناول أهمية دور الصحافة الحربية في توثيق الأحداث وتحليل النزاعات، فضلا عن تسليط الضوء حول التحديات والمخاطر التي يواجهها الصحفيون في هذه المناطق .
وأوضح أن المشاركين فى اللقاء هم من فلسطين: سلمان بشير، عضو مجلس نقابة الصحفيين الفلسطينية، ومنى خضر، مديرة مؤسسة فلسطينيات بقطاع غزة، ورولا الدرة، صحفية فلسطينية.
ومن سوريا: رامى عبد الرحمن، مدير ومؤسس المرصد السورى، ومسعود حامد، ممثل اتحاد الإعلام، ومن السودان: إيمان فضل، رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين السودانية.
ومن لبنان: علي يوسف، رئيس لجنة الحريات بنقابة الصحفيين اللبنانية، ومن اليمن الكاتب الصحفي توفيق المنصوري، ومن العراق: الصحفية والإعلامية چمانة ممتاز.
وقال الزناتى أن المشاركين سيتناولون التحديات التي تواجه الصحفيين في بلدانهم من مخاطر تهدد سلامتهم، مع سرد طرق الاستهداف المختلفة لهم ومناقشتها مع خبير ومدرب الصحافة الحربية أحمد العميد بخبرته العملية والعلمية الواسعة فى هذا المجال، ليطرح معهم آليات عمل ميدانية للتعامل مع هذه المخاطر في ميادين النزاع بهدف تجنب الأخطار أو التقليل من احتمالية وقوع الاستهداف وإصابة الصحفيين، مع تبادل وجهات النظر حول هذه الآليات وتعزيز التغطية الإعلامية الميدانية بمهنية وموضوعية.
وأكد الزناتى على أن اللقاء الذى أعدته الكاتبة الصحفية منار السويفى على أن اللقاء يطرح ضرورة التعاون العربي المشترك لدعم الصحفيين العاملين في بيئات النزاع وتوفير التدريب اللازم لهم، مع تعزيز القوانين التي تضمن سلامتهم أثناء أداء واجبهم، ووضع توصيات تهدف إلى تطوير الصحافة الحربية كوسيلة لنقل الحقائق وحماية الصحفيين العاملين في هذا المجال.
ومن المقرر أن يشارك في اللقاء عدد من الصحفيين المتخصصين في الشئون الدولية والسياسية، بالإضافة إلى عدد من ممثلي وسائل الإعلام المصرية، حيث سيتم خلاله تبادل الأسئلة والأفكار في نقاش مفتوح.
يعقد اللقاء فى مقر نقابة الصحفيين المصرية، بالقاعة المستديرة بالدور الثالث، الساعة الثالثة مساء.