السودان.. مجاعة وشيكة و100 مليار دولار خسائر
تاريخ النشر: 21st, April 2024 GMT
يشهد السودان الشقيق وضعًا كارثيًّا على كافة المستويات، بعد مرور عام على الحرب، التى توارت أخبارها خلف العدوان الصهيونى على قطاع غزة، على مدار مائتى يوم، الذى شغل المنطقة والعالم.
فى منتصف أبريل 2023، سقط السودان فى أتون الفوضى، عقب تصاعد التوترات بين الجيش وقوات الدعم السريع وتحولها إلى اشتباكات فى الشوارع فى العاصمة الخرطوم، وسرعان ما امتد القتال إلى جميع مدن وبلدات البلاد.
منذ ذلك الحين، أصبح السودان على شفا مجاعة حقيقية، بعد انهيار قطاعاته الاقتصادية الحيوية، حيث قُدرت خسائره بأكثر من 100 مليار دولار، أضف إلى ذلك نتائج الحرب الكارثية، التى تسببت فى أكبر أزمة نزوح فى العالم، إضافة إلى هروب رؤوس الأموال، ما أدى إلى تجفيف البلاد تقريبًا من النقد الأجنبى، وتعميق الأضرار الداخلية بفعل شحّ السيولة الأجنبية، لتهوى العملة الوطنية وتتآكل قدرتها الشرائية، وتقفز البطالة إلى مستويات قياسية، قدرها محللون بنحو 55%، فى وقت تغيب البيانات الرسمية بسبب الانهيار الذى لحق بالكثير من المؤسسات الحكومية.
كما تسببت الحرب المحتدمة منذ عام فى السودان الشقيق، فى نزوح أكثر من 8.5 مليون شخص من منازلهم، واضطرار عائلات للنزوح عدة مرات، بينما يكافح الناس للهروب إلى الدول المجاورة التى تعانى مشاكل اقتصادية وأمنية خاصة بها فى ظل انهيار شبكات إنتاج وتوزيع الغذاء وانعدام الأمن.
لذلك نتصور أن الحرب فى السودان أعادته عشرات السنوات إلى الوراء، وأضرَّت المعارك بالنشاط الاقتصادى، لينكمش الاقتصاد بنسبة 12% فى 2023، وفق تقديرات البنك الدولى، بينما يؤكد خبراء اقتصاد أن النسبة واقعيًا تصل إلى 20% فى ظل الأضرار الواسعة التى لحقت بمختلف الأنشطة الاقتصادية، ومن المتوقع أن يكون معدل الانكماش أكثر من مثلى ما حدث خلال الحروب فى اليمن وسوريا.
ما يشهده السودان هو شىء مؤسف، خصوصًا فى ظل تعرض البنية التحتية لأضرار بالغة، وانهيار خطوط الإمدادات، وإصابة النظام المصرفى الرسمى بالشلل، ما أدى إلى عدم دفع العديد من الرواتب، إضافة إلى أن ما يقرب من نصف السكان بلا دعم وفقًا لصندوق النقد الدولى.
لم تقف الأمور عند هذا الحد، بل قفزت الأسعار بشكل حاد فى معظم المناطق، فى حين أدى انقطاع التيار الكهربائى الذى ألقى باللوم فيه على الطرفين المتحاربين وتعطل شبكات المحمول إلى إعاقة عمليات الدفع عبر الهاتف المحمول التى يعتمد عليها كثيرون.
الآن، وبعد مرور عام من الحرب المدمرة، تنجرف أجزاء من البلاد إلى حافة المجاعة، حيث ترك الصراع قرابة 25 مليون شخص أو نصف عدد السكان تقريبًا فى حاجة للمساعدات، وفق البيانات الدولية، كما اختفت عن الوجود دولة المؤسسات، والآن نحن تحت شبح اللادولة، فلا مؤسسات اقتصادية ولا صحة ولا تعليم ولا خدمات.. فقط لا صوت يعلو فوق صوت الرصاص.
وبالعودة إلى طرفى الحرب، نجد قائد الجيش الفريق عبدالفتاح البرهان، الذى يعدّ الحاكم الفعلى للسودان منذ العام 2021، ونائبه السابق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتى»، بعد أن أطاح الحليفان السابقان بالمدنيين الذين كانوا يتقاسمون السلطة معهم، منذ خلعت الثورة الرئيس السابق عمر البشير فى العام 2019، لكنّهما اختلفا لاحقًا بشأن مسألة دمج قوات الدعم السريع فى الجيش.
الآن، لا تبدو ثمة حلول فى الأفق لإنهاء الاقتتال، رغم الجهود الدولية والإقليمية عمومًا، والمصرية على وجه الخصوص، بل يزداد الأمر تعقيدًا، بعد فرار مئات الآلاف إلى مصر وتشاد وجنوب السودان، فيما وصلت أعداد صغيرة إلى إثيوبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى.
وأسهمت عمليات النزوح الواسعة فى فرار رؤوس الأموال إلى خارج البلاد لتعمق الأزمة، كما أثرت على النقد الأجنبى وسعر الدولار مقابل الجنيه، وما استتبع ذلك من تأثيرات سلبية كبيرة على الإنتاج وحركة الأسواق والأسعار، التى تضررت بالأساس نتيجة تدمير المصانع وانخفاض القدرة الإنتاجية وتقليل الصادرات وبالتالى قلة عائدات البلاد من النقد الأجنبى.
لكن أقسى ما يمكن ملاحظته فى تداعيات الحرب، هو تلك التداعيات الإنسانية الكبيرة على السكان المتضررين منها، حيث تتفاقم معدلات الفقر، التى لم يجدِ معها نفعًا تحذيرات الأمم المتحدة من كارثة إنسانية وشيكة فى السودان، على خلفية انهيار البنى التحتية للاقتصاد وارتفاع معدلات البطالة وتفاقم انعدام الأمن الغذائى، بعد أن طال التدمير الكثير من المرافق الحيوية.
كما تسببت الحرب فى تهاوى الصادرات السودانية بنحو 60% مع إغلاق مطار الخرطوم ومعظم الموانئ الجافة ونقاط التجارة الحدودية، ما تسبب فى اضطراب سلاسل التوريد، تزامنًا مع تهاوى صادرات الذهب التى تعد مصدرًا مهمًا للنقد الأجنبى بنحو 50%، وبالطبع لم تنجُ كافة القطاعات الأخرى، مثل الطيران والبنوك وغيرهما.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: السودان السودان الشقيق كافة المستويات عام على الحرب العدوان الصهيوني قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
مصر وصندوق النقد الدولي.. اتفاق جديد يمهد لصرف 1.2 مليار دولار
توصلت مصر وصندوق النقد الدولي إلى اتفاق جديد على مستوى الخبراء في إطار برنامج الإصلاح الاقتصادي، ما يمهد الطريق لصرف دفعة جديدة بقيمة 1.2 مليار دولار.
ويأتي هذا الاتفاق ضمن خطة دعم صندوق النقد لاقتصاد مصر عبر برنامج تسهيل الصندوق الممدد، الذي يشمل حزمة من الإصلاحات المالية والاقتصادية بهدف تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي وتعزيز دور القطاع الخاص.
دفعة جديدة بقيمة 1.2 مليار دولارأعلن صندوق النقد الدولي، اليوم الأربعاء 25 ديسمبر 2024، عن إتمام المراجعة الرابعة لبرنامج تسهيل الصندوق الممدد مع مصر، مؤكدًا أن الاتفاق رهن بموافقة المجلس التنفيذي، وأوضح الصندوق أن صرف هذه الدفعة المالية يدعم الجهود المصرية في تنفيذ إصلاحات تهدف إلى تعزيز تعبئة الإيرادات المحلية وتنظيم النظام الضريبي.
وأشار البيان إلى أن مصر وافقت على تعزيز دور القطاع الخاص كالمحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي، مع التزامها بسعر صرف مرن لضمان استقرار السوق المالي وتقليل الأعباء على النقد الأجنبي.
بدأت مصر برنامجها مع صندوق النقد الدولي في ديسمبر 2022، حيث حصلت على قرض إجمالي بقيمة 8 مليارات دولار، يُصرف على دفعات حتى سبتمبر 2026. وحتى الآن، تسلمت مصر نحو 1.64 مليار دولار خلال العام الجاري مقسمة على دفعتين، الأولى في أبريل بعد مراجعة مؤجلة، والثانية في أغسطس بعد إتمام المراجعة الثالثة.
ويهدف البرنامج إلى دعم الاقتصاد المصري عبر إصلاحات شاملة تشمل توحيد سعر الصرف، تنظيم النظام الضريبي، وتعزيز استثمارات القطاع الخاص.
التحديات والإصلاحات المستقبليةرغم تحقيق تقدم ملحوظ، أكد صندوق النقد الدولي ضرورة إجراء المزيد من الإصلاحات لضمان تعبئة الإيرادات المحلية وتعزيز الشفافية المالية.
ويُتوقع أن تركز الإصلاحات المقبلة على إزالة العقبات أمام القطاع الخاص وتعزيز دوره في دعم الاقتصاد، بالإضافة إلى تبسيط النظام الضريبي لتحقيق العدالة والكفاءة.
ويمثل الاتفاق الجديد خطوة مهمة ضمن جهود مصر لتحقيق استقرار الاقتصاد الكلي وتعزيز مسار التنمية المستدامة. ومع استمرار الدعم الدولي، يبقى نجاح البرنامج معتمدًا على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة ودعم القطاع الخاص كأحد المحركات الأساسية للنمو الاقتصادي.
من جانبه، قال المحلل الاقتصادي، إسلام الأمين، إن الاتفاق الجديد بين مصر وصندوق النقد الدولي يمثل خطوة إيجابية وملموسة نحو تحقيق استقرار الاقتصاد المصري وتعزيز الثقة الدولية في برنامج الإصلاح الاقتصادي الوطني.
وأضاف الأمين في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن صرف الدفعة الجديدة بقيمة 1.2 مليار دولار يؤكد التزام مصر بتنفيذ إصلاحات هيكلية شاملة، تسعى إلى تحفيز دور القطاع الخاص وتبسيط النظام الضريبي.
ولفت إلى أن هذا الاتفاق يعكس نجاح السياسات الاقتصادية المصرية في الموازنة بين استقرار الاقتصاد الكلي ودعم التنمية المستدامة، كما يعزز مكانة مصر الاقتصادية عالميًا، ويدعم قدرتها على مواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة.
واختتم قائلًا: إنه "مع استمرار تنفيذ هذه الإصلاحات، أرى مستقبلاً أكثر إشراقاً للاقتصاد المصري، خاصة مع تركيز الجهود على خلق بيئة اقتصادية جاذبة للاستثمارات وداعمة للنمو المستدام".