عندما وضع مجدى يعقوب قدميه فى الطائرة المتجهة إلى أمريكا من مطار هيثرو بالمملكة المتحدة فى يوليو من عام 1968، تساءلت شابة ألمانية، تعمل ممرضة فى برومبتون، إن كانت ستراه مرة أخرى فى يوم من الأيام، كان اسمها ماريان بويجل، وكانت فى الثامنة والعشرين من العمر، أنيقة، مستقلة، وشجاعة، وهكذا بدأت على مهل علاقتها بمجدى يعقوب، بنظرات متلهفة، دون أن يشفعها أى منهما بكلام.

حكى «يعقوب»، فى كتابه «مذكرات مجدى يعقوب.. جرَّاح خارج السرب» عن بداية العلاقة قائلاً: «أعجبتى.. كانت جميلة وأنيقة ولها ضحكة مُعدية»، وباشتراكهما فى حب الموسيقى كان يصطحبها إلى قاعة ألبرت الملكية، وقاعة المهرجان الملكية، وتعمَّق اهتمام «ماريان ومجدى» أحدهما بالآخر بمصاحبة الكلاسيكيات.

وبعد عدة أسابيع من وصوله إلى الولايات المتحدة، اتصل «مجدى» من شيكاغو بـ«ماريان» وطلب منها أن تلحق به فى الولايات المتحدة، وانتابتها فرحة عارمة، وهناك تسارع إيقاع علاقتهما، وسهل عليها الاستقرار فى الولايات المتحدة، وعملت مربية أطفال، حيث كانت مولعة بالأطفال، وبحلول نوفمبر من عام 1968 تقدم لـ«ماريان» طالباً الزواج، واشترى لها خاتماً بخمسة دولارات من متجر قريب من شقته.

وبعد شهر، وتحديداً فى الحادى والعشرين من ديسمبر سنة 1968، تزوجا فى كنيسة حجرية صغيرة وجميلة فى جامعة شيكاغو، كان العريس قد بلغ لتوه الثالثة والثلاثين، والعروس فى التاسعة والعشرين، وقضيا شهر العسل فى ناساو بالبهاماس.

وبعد أشهر، وبعد رفض عرض البقاء فى الولايات المتحدة، بدأ يخطط لعودتهما إلى بريطانيا، وكان قد حصل على الجنسية البريطانية بالفعل. وكانت ماريان وقتها مثقلة بحملها بطفلها الأول، وعادا بالفعل إلى لندن.

ووُلد للزوجين المولود الأول «أندرو» فى عام 1969 بعد رجوع أبويه من شيكاغو إلى لندن، ولأندرو أختان أصغر منه، «ليزا» التى وُلدت سنة 1971، و«صوفى» التى وُلدت بعدها بأربع سنوات.

تلقَّى الأبناء الثلاثة تعليماً خاصاً، فاز «أندرو» بمنحة فى سان بول، وهى مدرسة أكاديمية مرموقة على ضفاف التايمز فى بارنز غرب لندن، وفازت أختاه بالدراسة فى «نوتنج هيل» ومدرسة «إيلنج» الثانوية للبنات بالقرب من بيتهما.

فى عام 1981 انتقلت الأسرة من البيت المتواضع الذى اشتراه «يعقوب» فى «إيلنج» قبل عشر سنوات إلى بيت أكبر غير بعيد، كان البيت الجديد مقاماً على طراز تقليد «التيودور» بسقف شديد الانحدار وخشب مزخرف شبيه بمعمار القرون الوسطى، وكان يطل على حديقة عامة وله حديقة كبيرة احتوت بستاناً مليئاً بأشجار التفاح.

وجدَّد «يعقوب» البيت الذى يبدو وكأنه فى الريف رغم أنه فى وسط لندن، وكان يحتوى على فراغات كافية لإنشاء مكتبة، وفى قاعته الكبرى على مقربة من المدخل بيانو مهيب، وفى الخلف حديقة فكتورية حوّلها يعقوب إلى مسبح كان يسبح فيه كل يوم، فإما أن تكون السباحة أول ما يفعله صباحاً، أو تكون فى وقت متأخر من الليل.

كما أسس «البروفيسور» مكتبة موسيقية ضخمة، وقال عنها: «افتُتنت بالعديد من المؤلفين، فكنت مولعاً بيوهان سبستيان باخ، موسيقاه دقيقة وسامية وتُجرى دموعى فى بعض الأحيان، أحب أيضاً موتسارت، الموسيقى جزء جوهرى من حياتى، فأنا أسمع عندما أقرأ.. ولولا الموسيقى لا أعتقد أننى أستطيع العمل على الإطلاق».

وكان البيت للأسرة بمثابة ملاذ، أحبه الأبناء كثيراً، وجعلت ماريان منه بيتاً سعيداً، واعتزت به اعتزازاً عظيماً بوصفه «قلعتها» الإنجليزية، وكانت ماريان مثل أبنائها تعتز بمنجزات زوجها وتفخر بها فخراً عظيماً، قالت صوفى إنها «كانت راضية عن كونها أماً وربة للبيت».

وصفها بالجميلة وصاحبة «الضحكة المعدية».. وأنجبت له 3 أبناء عاشوا فى بيت من طراز القرون الوسطى

«ليزا» راودتها كثيراً فكرة دراسة الطب، ثم غلب عليها حب الإنجليزية والفرنسية، وفى النهاية درست التاريخ فى جامعة بريستول، ولاحقاً بعد العمل لفترة فى الصحافة وإكمالها الماجستير فى التنمية المستدامة ساعدت فى تأسيس جمعية أبيها الخيرية «سلسلة الأمل» التى توفر جراحات القلب للأطفال الفقراء فى العالم النامى.

وبرع «أندرو» فى اليونانية واللاتينية، وفاز بجوائز فى المدرسة، لكنه أصر على الانتقال إلى العلوم، وتعلَّم الطيران وأصبح طياراً فى شركة طيران. وعندما وصلت «صوفى» فى دراستها إلى مرحلة المستويات المتقدمة، انتقلت اهتماماتها العلمية إلى الطب، وقررت أن تسير على خُطى أبيها.

وبقى «يعقوب وماريان» معاً لأكثر من أربعين سنة من الزواج، إلى أن توفيت «ماريان» الوفية الحبيبة فى 2011، بعد صراع مع السرطان، استمر قرابة عقد. وعاشت فوق ما توقع الأطباء، ورأت حفيدتين لها من ابنتها «صوفى»، هما «أمايا» المولودة فى 2000، و«جولييتا» التى وُلدت فى 2011.

خضعت لجراحة، وفقدت شعرها بعد تلقيها علاجاً كيميائياً متكرراً، وفى عام 2006 حصل لها «يعقوب» على كمية من عقار جديد من الولايات المتحدة، وفى الوقت نفسه تقريباً تبينت إصابة مجدى يعقوب نفسه بسرطان البروستاتا، والذى تلقَّى علاجاً بالموجات فوق الصوتية المركزة عالية الكثافة، وتم إيقاف السرطان.

وعن فضلها يقول «يعقوب» فى المذكرات: «إنها هى التى صاغت حياتى، وحياة أبنائنا، ولعلى على قيد الحياة الآن بسببها، هى لم تكن تعتنى بالأولاد وحسب، ولكنها كانت تحمل عنى أثقالاً هائلة وتُرغمنى على الاعتناء بنفسى، لولاها لانتهيت قبل خمس عشرة أو عشرين سنة».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: ملك القلوب مجدى يعقوب ماريان الولایات المتحدة مجدى یعقوب

إقرأ أيضاً:

سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية تزور العريش ومعبر رفح

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

 زارت السفيرة هيرو مصطفى  سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية بالقاهرة، العريش ومعبر رفح الحدودي لمتابعة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار المستمر وفتح معبر رفح كما هو منصوص عليه في الاتفاق.

 خلال زيارتها، التقت السفيرة مع اللواء خالد مجاور، محافظ شمال سيناء، وعبرت عن امتنانها للحكومة المصرية لدورها كشريك رئيسي في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار.

 وأكدت على الدور الحاسم لمصر في ضمان الاستقرار الإقليمي، بالإضافة إلى ذلك، التقت السفيرة مع وكالات الإغاثة الإنسانية للتأكد من وصول المساعدات الغذائية الطارئة التي تقدمها الولايات المتحدة إلى السكان المدنيين في غزة، منوهة إلى أن الولايات المتحدة ستظل ملتزمة بالعمل من أجل تحقيق السلام والأمن الإقليمي وتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.

مقالات مشابهة

  • العراق يعزي الولايات المتحدة في ضحايا حادث تحطم طائرتين
  • داخل مجرى نهر... العثور على جثة متحللة
  • الكويت تعزي الولايات المتحدة في ضحايا حادث تصادم الطائرتين
  • مؤسسة مجدي يعقوب تكشف موعد افتتاح مركز القلب الجديد بالقاهرة
  • كانت تقل 60 راكبًا و4 من الطاقم.. تفاصيل الطائرة المنكوبة بواشنطن
  • سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية تزور العريش ومعبر رفح
  • نائب المحافظ يشارك تعليم سوهاج فى حفل لقاء العائلة بالتعاون مع المجلس القومي للطفولة والأمومة
  • مستر ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية
  • الولايات المتحدة تنقل 90 صاروخ باتريوت من إسرائيل إلى أوكرانيا
  • مرض شديد العدوى قادم من الولايات المتحدة